التاريخ: تشرين الثاني ١٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحريري يشدد على حكومة تكنوقراط... ولا يتمسك برئاستها
بيروت: «الشرق الأوسط»
تستقر عوائق تكليف رئيس جديد للحكومة اللبنانية المزمع تأليفها، عند مربع الخلاف على شكل الحكومة، وسط إصرار رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على تشكيل حكومة من الاختصاصيين (تكنوقراط)، ليس من الضرورة أن تكون برئاسته، في مقابل إصرار «الثنائي الشيعي» و«التيار الوطني الحر» على تأليف حكومة «تكنوسياسية»، بينما يمضي الرئيس ميشال عون بمشاورات مع الأطراف للتفاهم على شكل الحكومة.

ونقلت مصادر عن الحريري تأكيده خلال رئاسته اجتماع المكتب السياسي لـ«تيار المستقبل»، أمس، حرصه الشديد على «ضرورة ولادة الحكومة في أسرع وقت، واليوم قبل الغد، لإخراج البلد من الأزمات المتنوعة». وأضافت لـ«الشرق الأوسط» أنه شدد على أن «لا ضرورة لأن تكون الحكومة برئاسته». وأوضحت أنه كان مصراً على «أن نأتي بحكومة تكنوقراط، وأنا أؤيدها لأنها السبيل الوحيد لإخراج البلد من أزماته المتنوعة، ويجب الإسراع بإجراء الاستشارات النيابية الملزمة؛ لأنها الطريق الجدي الوحيد للخروج من الأزمة».

وترأس الحريري في «بيت الوسط»، أمس، اجتماعاً للمكتب السياسي لـ«تيار المستقبل»، تمحور النقاش خلاله حول مجمل الأوضاع السياسية العامة، ولا سيما الظروف المتعلقة بعملية تشكيل الحكومة الجديدة. ونقلت المصادر عن الحريري قوله إنه ليس المهم بالنسبة إليه من يأتي لرئاسة الحكومة؛ بل المهم أن تكون حكومة تكنوقراط «لإحداث صدمة، ومحاكاة الحراك الشعبي». وأضاف أن «البلد لم يعد يتحمل أزمات، وبات بحاجة إلى إنقاذ؛ لأن الفراغ قاتل له ولنا».

وقال الحريري، بحسب ما نقلت عنه المصادر: «أنا من جهتي حريص على التجاوب مع مطالب الحراك الشعبي؛ لأنه كما قلت البلد لا يتحمل مزيداً من الخضات، ونحن في غنى عنها؛ لأن هذه المطالب هي مطالب كل اللبنانيين، وعلينا التجاوب معها والتعامل بإيجابية، ولم أسمع من أحد أنه يرفضها».

وتطرق الحريري إلى موضوع طرح اسم الوزير الأسبق محمد الصفدي، لتكليفه برئاسة الحكومة، وقال: «أنا على موقفي الذي تم التعبير عنه في البيان الصادر عن مكتبي الإعلامي (أول من أمس) وما ورد في البيان دقيق جداً، ولو ذهبوا إلى الاستشارات لسميته وكنت صادقاً معه بضرورة المجيء بحكومة اختصاصيين». وكرر تأكيد أنه اقترح اسمه إلى جانب اسم القاضي نواف سلام «لكن باسيل أصر على الصفدي، وأنا مشيت بالاسم». وأشار إلى اتصالات جارية لكن «لا نتائج ملموسة حتى الآن».

وفي ظل هذا الانغلاق السياسي، الذي أحيط بتأزم إضافي إثر السجالات بين «التيار الوطني الحر» و«تيار المستقبل» على خلفية سحب الصفدي اسمه من التداول كشخصية محتملة لتأليف حكومة برئاسته، أكدت مصادر وزارية مطلعة على أجواء القصر الرئاسي لـ«الشرق الأوسط» أنه «حتى الآن لا دعوة للاستشارات النيابية الملزمة». ولفتت إلى أن «المشاورات بخصوص التكليف والتأليف مستمرة، واستؤنفت بعد موقف الوزير الصفدي الذي أعلن سحب اسمه من التداول كمرشح لموقع رئاسة الحكومة، وبالتالي ستتابع المفاوضات للاتفاق على صيغة لموضوع التكليف حتى تتسهل عملية التأليف». وأوضحت أن إجراء مشاورات لتكليف أي شخصية «يتم لتجنب أي عوائق تؤخر تأليف الحكومة فيما بعد، وكي لا نقع في مشكلة لاحقة إذا لم يتمكن الرئيس المكلف من تأليف حكومة»، لافتة إلى أن المشاورات التي يقوم بها الرئيس عون «تسعى للوصول بالحد الأدنى إلى شكل الحكومة وليس الأسماء». ولفتت إلى أن «وجود وجهتي نظر بين حكومة تكنوقراط وأخرى تكنوسياسية يحتاج إلى توضيح؛ لأن المواقف لم تُحسم بعد، ولم تعلن الكتل مواقفها؛ لكن عندما تصبح حصيلة المشاورات واضحة، ستتم الدعوة للاستشارات النيابية التي يليها التكليف والتأليف بلا عوائق، بعد أن يتم التفاهم على خطوطه العريضة قبل التكليف».

ووسط إصرار الحريري على تشكيل حكومة تكنوقراط ترضي الشارع المنتفض منذ 32 يوماً، استغربت مصادر مواكبة لمشاورات التكليف عبر «الشرق الأوسط» رفض الحريري الولوج في مهمة الإنقاذ بحكومة ذات أغلبية تكنوقراط، في رد على إصراره على تشكيل حكومة تخلو من الحزبيين، لمحاكاة الشارع المُطالب بحكومة تكنوقراط.

وكانت مصادر مواكبة للتشكيل قالت لـ«الشرق الأوسط» إن الفريق المطالب بحكومة تكنوسياسية مختلطة «لا يطالب بتولي وزراء حزبيين لحقائب وزارية مهمة، ولا يعارض أن يتولى ممثلو الأطراف السياسية وزارات دولة، بهدف تقديم تسهيلات إضافية وإنقاذ الوضع».