التاريخ: تشرين الثاني ١٧, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
انقسام جزائري على جدوى الانتخابات مع انطلاق حملة «الرئاسية» اليوم
5 متنافسين على خلافة بوتفليقة يتعهدون بـ«احترام وثيقة أخلاق»
الجزائر: بوعلام غمراسة
وقَّع المترشحون الخمسة لـ«رئاسية» الجزائر المقررة في 12 من الشهر المقبل، «ميثاق أخلاقيات الممارسات الانتخابية»، فيما تنطلق اليوم حملة الانتخابات في ظروف غير عادية يميزها انقسام حاد وسط الجزائريين، حول جدوى تنظيم الانتخابات، فيما يتوقع مراقبون تعرُّض المتنافسين الخمسة لمضايقات شديدة في أثناء محاولاتهم لقاء الناخبين في الميدان.

والتقى المترشحون الخمسة عبد المجيد تبون وعلي بن فليس وعبد القادر بن قرينة، وعبد العزيز بلعيد وعز الدين ميهوبي، أمس، في مقر «السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات» في العاصمة، وأمضوا على وثيقة تعهدات يتقيدون بموجبها بـ«عدم التلفظ بعبارات فيها شتم وقذف تجاه بعضهم، خلال الحملة الانتخابية»، التي تدوم 21 يوماً.

ويتضمن «الميثاق» تعهداً بـ«تفادي استعمال أي وسيلة إشهارية تجارية لأغراض الدعاية الانتخابية، أو الاستعمال المغرض لرموز الدولة». ويتناول أيضاً عدم استعمال لغات أخرى غير العربية، في أثناء التجمعات الشعبية المرتقبة والتدخلات في وسائل الإعلام. وأكدت الوثيقة «عدم نشر أي إعلان أو مادة إشهارية تتضمن عبارات أو صوراً تحرّض على الكراهية والتمييز والعنف، أو تدعو إلى فقدان الثقة في مؤسسات الدولة».

وتبدأ، اليوم، حملة سادس انتخابات رئاسية تعددية منذ الاستقلال، وسط مخاوف من انزلاقات، قياساً إلى حالة من الرفض الشعبي للانتخابات، واحتمال تعرض المترشحين لاعتداءات خلال نزولهم إلى الميدان. واضطر المرشح الإسلامي عبد القادر بن قرينة إلى مغادرة مدينة تندوف الصحراوية، الخميس الماضي، حينما حاول تنظيم تجمع في إطار الدعاية لبرنامجه. فقد تجمع عشرات المتظاهرين عند مدخل قاعة خصصتها السلطات المحلية له، للقاء أنصاره، وهاجموه ووصفوه بـ«مرشح العصابات». وقد جرى اللقاء في ظروف غير عادية، واختصره بن قرينة عائداً إلى العاصمة.

وعاش رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس نفس المشهد قبل أسبوعين، حينما منعه متظاهرون بالعاصمة من دخول مطعم، حيث كان سيلتقي أنصاره. وهوَّن المترشح من ذلك قائلاً إن «الشعب الجزائري منقسم بين مؤيد ومعارض للانتخابات»، داعياً إلى «احترام الذين اختاروا الإدلاء بأصواتهم».

وتعهد رئيس «السلطة» محمد شرفي، بـ«العمل بكل جدية من أجل ضمان اقتراع نظيف وديمقراطي، مع الحرص على المساواة بين المترشحين خلال العملية الانتخابية»، مشيراً إلى أن أعضاء هذه الهيئة، «مجندون لفرض احترام خيار الشعب». وأكد أن الإدارة العمومية (وزارة الداخلية) «لن يكون لها أي أثر في تنظيم الانتخابات، وهذا لأول مرة في تاريخ البلاد». يشار إلى أن «سلطة الانتخابات» استُحدثت بقانون، وعدّتها السلطات «أحد مطالب الحراك الشعبي».

من جهته، دعا الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح، في خطاب بمناسبة احتفالات اندلاع حرب التحرير (1 نوفمبر «تشرين الثاني» 1954) إلى «جعل الانتخابات الرئاسية عرساً وطنياً، مع حرصنا على قطع الطريق عن كل من يضمر حقداً لأبناء وأحفاد شهداء نوفمبر». وحث على «التجند من أجل إنجاح هذه الانتخابات المصيرية، وستتصدى الدولة لكل المناورات التي يقوم بها بعض الجهات، وعلى الشعب أن يتحلى بالحيطة والحذر، وأبناؤه المخلصون مدعوون لأن يكونوا على أتمّ الاستعداد للتصدي لأصحاب النيات والتصرفات المعادية للوطن». وتقول المعارضة، التي تقاطع الانتخابات، إن السلطة «تبحث عن إطالة عمرها بهذه الانتخابات، وذلك بترشيح أشخاص تابعين لها».

وقال حسن رابحي، وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة، إن السلطات «اتخذت كل الإجراءات اللازمة، لضمان سير الحملة الانتخابية في أحسن الظروف، وأملنا أن يتعاطى المترشحون مع المواطنين ومع كل الفاعلين في هذه الانتخابات، بكل مسؤولية والتزام وثقة». وأكد أنه «يتوقع مشاركة قوية للمواطنين في هذا الاستحقاق الرئاسي».

وتعهد قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، بعدم انحياز المؤسسة العسكرية لأي من المترشحين. ويشاع في الأوساط السياسية والإعلامية، أن رئيس الوزراء سابقاً عبد المجيد تبون هو مرشح السلطة. وقد رفض المعني أن يوصف كذلك، وقال: «أفضَّل أن أكون مرشح الشعب».

على صعيد آخر، أعلنت «اللجنة الوطنية للإفراج عن معتقلي الحراك»، عن اعتقال 60 متظاهراً، أمس، في وهران (450 كلم غرب العاصمة)، عندما حاولوا منع مظاهرة مؤيدة للانتخابات. وأوضحت أن 14 متظاهراً، جرى اعتقالهم في «حراك الجمعة 39» بمدينة الشلف (200 كلم غرب)، سيُعرضون اليوم على النيابة. وفي العاصمة ستجري غداً محاكمة 20 متظاهراً، يوجد بينهم من يُعرفون بـ«حاملي الراية الأمازيغية».

«الحراك» الجزائري يهاجم المرشحين الخمسة عشية انطلاق حملة الانتخابات الرئاسية
صحافيون يستنكرون «مضايقات السلطة» لوسائل الإعلام

السبت 16 نوفمبر 2019 
الجزائر: بوعلام غمراسة

بينما تنطلق حملة انتخابات الرئاسة في الجزائر غداً (الأحد)، هاجم آلاف المتظاهرين في «حراك الجمعة 39» المرشحين الخمسة للاقتراع المقرر في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، واعتبروهم «جزءاً من حكم العصابات»، في إشارة إلى مشاركتهم في نظام الحكم السابق. وتميّزت مظاهرات أمس باحتجاج نظمه عشرات الصحافيين وسط المتظاهرين، حيث نددوا بما اعتبروه «مضايقات السلطة» لهم وضغوطها على مؤسسات الإعلام التي يشتغلون بها، لمنعها من تغطية الحراك الشعبي ونقل مطالبه.

ولم تمنع الأمطار التي هطلت أمس على العاصمة ومناطق شمال البلاد المتظاهرين من النزول إلى الشوارع، حاملين لافتات رافضة لتنظيم الانتخابات وهاجم بعضهم قائد الجيش الفريق قايد صالح. وكرر المحتجون مطالبهم الأساسية، وهي تنحية رئيس الوزراء نور الدين بدوي المحسوب على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، والإفراج عن ناشطين سياسيين، ورفع القيود الأمنية على المظاهرات. وعدّ المحتجون تلبية هذه المطالب شرطاً لتنظيم الانتخابات.

وكما جرت العادة، نشرت قوات الأمن رجالها في كل المدن التي جرت بها المظاهرات، وكان وجودهم أقل كثافة بمدن القبائل (شرق) حيث يتعامل سكانها بحساسية شديدة مع القوات الأمنية لاعتبارات تاريخية مرتبطة برفض السلطة، في سبعينات وثمانينات القرن الماضي، الاعتراف بالأمازيغية كلغة وثقافة تميّزان قطاعاً من سكان البلاد. واستدرك بوتفليقة الموقف قبل نهاية حكمه عندما جعل الأمازيغية لغة وطنية (عام 2016).

وعبّر المتظاهرون عن عزمهم على منع المرشحين من تنظيم تجمعات خلال الحملة الانتخابية، التي تنطلق غداً وتدوم 3 أسابيع، بحسب ما ينص عليه قانون الانتخابات.

وتجمّع بوسط العاصمة عدد كبير من الصحافيين، يحملون شارات كتب عليها «صحافي حرّ»، واستنكروا ما وصفوها بـ«مضايقات السلطة» التي منعت الفضائيات الخاصة والتلفزيون والإذاعة الحكوميين من تغطية الحراك، على عكس ما كان يجري في الأسابيع الأولى للمظاهرات التي انطلقت في 22 فبراير (شباط) الماضي، كردّ فعل على ترشح بوتفليقة لولاية رابعة.

وشهدت بعض المناطق، طوال الأسبوع الماضي، مظاهرات مؤيدة للجيش ولمسعى تنظيم انتخابات دعت إليها تنظيمات وجمعيات محلية مقرّبة من السلطة. وهاجم المتظاهرون المعارضة التي أعلنت مقاطعة الانتخابات، وأشادوا بالجيش «الذي جنّب البلاد الوقوع في الانزلاق»، على أساس أنه دفع بوتفليقة إلى الاستقالة وسجن أهم رموز نظامه.

من جهتها، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية، في تقرير نشرته أمس، إن السلطات الجزائرية «اعتقلت العشرات من نشطاء الحراك المؤيد للديمقراطية منذ سبتمبر (أيلول) 2019، وما زال الكثيرون محتجزين بتهم غامضة، مثل المساس بسلامة وحدة الوطن وإضعاف الروح المعنوية للجيش». واعتبرت أن «على السلطات الإفراج فوراً عن النشطاء السلميين، دون قيد أو شرط، واحترام حقوق حرية التعبير والتجمع لجميع الجزائريين». وذكرت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بالمنظمة الحقوقية، أن «هذه الموجة من الاعتقالات تبدو كجزء من نمط، يقضي بمحاولة إضعاف المعارضة للحكام المؤقتين في الجزائر، ولعزمهم على إجراء انتخابات رئاسية في 12 ديسمبر (كانون الأول). وتدّعي السلطات أن الانتخابات المزمعة تستهل حقبة جديدة من الديمقراطية في الجزائر، لكن لا شيء يبدو ديمقراطياً في هذه الحملة الواسعة النطاق ضد المنتقدين». وأفاد التقرير بأن السلطات «استهدفت الصحافيين الذين غطوا الاحتجاجات».

وأضافت المنظمة أن تقارير الشرطة في ملفات المحكمة، «تبيّن في بعض القضايا أن فرقة خاصة بالجرائم الإلكترونية ترصد أنشطة بعض قادة الحراك على وسائل التواصل الاجتماعي. وقد شكلت تقارير المراقبة أساساً لتهم الإخلال بأمن الدولة أو المساس بسلامة وحدة الوطن، ذات الصياغة الغامضة».