 | | التاريخ: حزيران ٢٢, ٢٠١٢ | المصدر: جريدة الحياة |  | اقتراح خطة انتقالية إلى سورية ديموقراطية - سليم أديب |
بعد ما يقارب السنتين على اندلاع الثورة السورية، لم يعد السؤال حول بقاء نظام القتل قائماً بل تحول إلى البحث عن البديل المقبول بعد سقوط النظام. من الواضح أن 50 سنة من نظام حكم منحرف قد أفسدت هيكلية الإدارة العامة ومساحات واسعة أخرى من البنية الأساسية للمجتمع السوري. وهناك قطاعات مهمة تحتاج إلى إعادة بناء بشكل كامل مثل العدل والشرطة والتربية والاقتصاد... وفي ظل هذا الاهتراء تحتاج سورية إلى فترة إعادة تأهيل يصعب القيام بها بالمعطيات القائمة. ومن هنا، لعل من المفيد أن توضع البلاد تحت انتداب إداري غير منحاز لنحو أربع إلى خمس سنوات انتقالية بما يضمن الانتقال السلمي إلى سورية ديموقراطية قابلة للنجاح. وستسمح فترة الانتداب الإداري تلك بظهور جيل جديد من موظفي القطاع العام مع مقدار كاف من التأهيل يمكنهم من القيام بالخدمة المطلوبة بعيداً عن عقلية الفساد والاستغلال والإرهاب التي سادت في الماضي. يتم إقرار مبدأ الانتداب الإداري على سورية وآلياته من جانب جامعة الدول العربية، وفي ما بعد من جانب الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتشكَل لجنة لمتابعة الانتداب على سورية («اللجنة») مؤلفة من 5 أعضاء من جامعة الدول العربية ومن الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن، تراقب مجريات الانتداب وتعلن نهايته في الوقت المناسب. ويكون رأس الإدارة الانتدابية («المدير») شخصية عربية غير سورية، ولعل أفضل خيار هو أحد الأمراء الهاشميين من سلالة رسول الله ومن أحفاد فيصل ملك سورية (1918-1920). ويعلَن اسم المدير في القرار الأساسي الصادر عن جامعة الدول العربية. ويكون دوره تشريفياً بحتاً: يترأس المجلس التنفيذي الانتقالي («المجلس») من دون حق التصويت، على أن يلعب دور الحكم في حالة اختلاف الآراء بين الأعضاء، ويترأس المراسم الرسمية ويوقع القرارات التنفيذية الصادرة عن المجلس. وينتهي دور المدير عند إعلان جامعة الدول العربية نهاية الانتداب. يؤلف المدير المجلس التنفيذي الانتقالي بعد استشارة مختلف المجموعات السورية في الداخل والخارج وفق الممكن. بعد اعتماد المجلس، يصبح بمثابة الحكومة الشرعية الوحيدة لسورية، أياً كان وضع النظام القائم في دمشق. وتعتبر مؤسسات النظام السابق ودستوره غير قائمة. ويصبح المجلس المحاور المعتمد للمساندة الدولية الديبلوماسية والمالية والعسكرية. ينتقل المجلس إلى مركز أي من المحافظات السورية عندما يصبح الأمر ممكناً، ومنذ ذلك الوقت يبدأ العد الزمني للانتداب «الفعلي». تساند عمل المجلس قوات حفظ سلام دولية مقابل تعهد واضح من المجلس للتقيد من دون تحفظ بكل المعاهدات والاتفاقات الدولية التي سبق أن وقعتها سورية. ويحتاج المجلس إلى قوات دولية لتأكيد سلطته أمام فلول النظام السابق ولمنع حصول مذابح عرقية والمساعدة في جمع الأسلحة غير النظامية، وتدريب أجهزة الأمن للدولة السورية الديموقراطية. تكنوقراط أعضاء المجلس التنفيذي الانتقالي هم تكنوقراطيون سوريون لم يتورطوا مع النظام السابق، على أن يوافقوا على عدم الترشح للانتخابات أثناء خدمتهم أعضاء في المجلس. ويختص الأعضاء بملفات عريضة قد تتناسب مع الصلاحيات العادية لوزارة أو أكثر أو لتقاطع وزارات عدة. يعاون أعضاء المجلس مستشارون غير سوريين ترشحهم اللجنة، دورهم تقديم الإرشاد الفني العملي وتقويم النشاطات وفق المطلوب. ويفضل اختيار المستشارين من الانتشار السوري أو من الخبراء ذوي الخبرة في شؤون الشرق الأوسط والناطقين بالعربية. يدير المجلس شؤون البلاد من خلال قوانين موقتة يجب إعادة النظر فيها بعد قيام المجلس النيابي الأول وفق الدستور الجديد. وأثناء فترة النشاط، هناك أولويات للعمل: 1. العملية السياسية: إجراء انتخابات حرة لمجلس دستوري خلال السنة الأولى من الانتداب الفعلي دوره الوحيد مناقشة المشروع الدستوري المقدم من المجلس التنفيذي في جلسات داخلية واجتماعات علنية في كل المناطق ومع كل الأفراد أو المجموعات التي تعبر عن الرغبة في المناقشة. ينتج من هذه المشاورات تعديلات ومراجعات للنص المطروح الذي يجب أن يوافق عليه المجلس الدستوري ويطرحه على الاستفتاء الشعبي العام، على أن يجري إقرار الدستور في مدة لا تتعدى ثلاث سنوات من بداية الانتداب الفعلي. 2. الإصلاح الإداري: إحالة كوادر النظام السابق على التقاعد مباشرة بعد اتخاذ الإجراءات الإدارية التأديبية الضرورية، وإعادة تأهيل مهني للكوادر محترفة المتبقية، وتأهيل وتوظيف موظفين جدد، وإطلاق التحول الإلكتروني للخدمات الإدارية. 3. التدقيق والموازنة: إعداد الموازنات العامة، تعزيز مصادر الإيرادات، تدقيق حـسابات الإدارة الـسـابقة لاسـتـرداد المـمتـلكات والخدمات والأصول المنهوبة، إطلاق الإصلاح الضريبي. 4. العدالة والتعويض: إقرار العفو العام عن كل الحالات السياسية الناشئة في ظل النظام السابق وإطلاق جميع الموقوفين من دون تهمة، تحديد مستويات المسؤولية الجزائية لجميع أعضاء النظام السابق ووضع آليات التحقيق تمهيداً لتقديمهم إلى محاكمة أمام ما يصلح من محاكم سورية أو المحكمة الجزائية الدولية، التعويض عن ضحايا القمع أو ورثتهم، إطلاق إصلاح النظام العدلي. 5. الحقوق المدنية وحقوق الإنسان: توثيق كل الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان للأجيال القادمة، وضع قانون موقت للنشاطات السياسية يسمح بإطلاق أحزاب سياسية تشارك في الانتخابات، وضع قانون لحرية التعبير، إطلاق إصلاح القوانين السورية. 6. المؤسسات المسلحة: إصلاح الجيش، الشرطة، وسائر قوى الأمن مع أولوية تأمين انتخابات عادلة وآمنة للمجلس الدستوري. تبقى الإدارة الانتقالية قائمة إلى حين إقرار دستور يجري على أساسه انتخاب مجلس نواب ورئيس للجمهورية. يقدم المجلس الإداري استقالته إلى رئيس الجمهورية المنتخب الذي يؤلف حكومة وفق أصول الدستور الجديد. يفضل اعتماد هذه الخطة الانتقالية من جانب المجلس الوطني السوري وسائر الهيئات السورية الأخرى العاملة على تغيير النظام. فهذا الاعتماد يعطي مصداقية للخطة ويحفز الشركاء الدوليين على اعتمادها تمهيداً لإطلاق عمل جدي يقود إلى نهاية مقبولة للأزمة سورية. * عضو الأمانة العامة للائتلاف الديموقراطي العلماني السوري
| |
|