التاريخ: تشرين الثاني ١٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تكنوقراطي مستقل لرئاسة الحكومة المقبلة في تونس
سعيّد كلّف الحبيب الجملي مهمة تشكيل الوزارة الأولى في عهده بناء على ترشيح «النهضة»
تونس: المنجي السعيداني
كلّف الرئيس التونسي، قيس سعيّد، المهندس الحبيب الجملي، وهو تكنوقراطي مستقل، تشكيل الحكومة المقبلة، وسلّمه تكليفاً رسمياً بذلك إثر لقاء جمع رئيس الدولة براشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، أكبر الأحزاب الممثلة في البرلمان، بقصر قرطاج في العاصمة التونسية. وبذلك تنطلق مرحلة جديدة لاختيار أعضاء الحكومة الأولى في عهد سعيّد الذي تولى منصبه في 23 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وتحديد الشخصيات التي ستتولى الحقائب الوزارية فيها.

وكانت المنافسة على رئاسة الحكومة مفتوحة بين الحبيب الجملي وعدد من المرشحين الآخرين من بينهم منجي مرزوق. وتواصل الغموض حول هوية الشخص الذي سترشحه «النهضة» إلى اللحظة الأخيرة. والجملي مهندس فلاحي سيحل محل مهندس فلاحي آخر هو يوسف الشاهد. وأشارت وكالة الصحافة الفرنسية إلى أن الحبيب الجملي (60 عاماً) كاتب دولة سابق لدى وزير الفلاحة (2011 - 2014) وشارك في حكومتين بصفة تكنوقراطي مستقل.

وكانت حركة «النهضة» قد أجرت جملة من المشاورات حتى أمس مع الأحزاب السياسية المعنية بتشكيل الحكومة المقبلة. وتركزت المشاورات على الشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة وسيقع تكليفها من قبل رئيس الجمهورية.

وأعلن مجلس شورى «النهضة» الذي عقد الخميس اجتماعاً استثنائياً للنظر في ملف رئاسة الحكومة بعد فوز الغنوشي برئاسة البرلمان يوم الأربعاء. وتوافق أعضاء مجلس الشورى البالغ عددهم 150 عضواً، على اختيار رئيس للحكومة لم يُكشف اسمه رسمياً، لكن مصادر عديدة قالت إن الحبيب الجملي سيكون الرجل المكلف هذه المهمة الصعبة في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعرفها تونس. وتأكد هذا الاختيار أمس خلال لقاء الغنوشي رئيس الجمهورية.

ووفق ما ينص عليه الدستور التونسي، يكون تكليف شخصية مقترحة من الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية بتشكيل الحكومة الجديدة، متبوعاً بتقديم رئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد استقالته لتصبح حكومته حكومة تصريف أعمال إلى حين منح البرلمان الثقة للتشكيلة الحكومية الجديدة. ويمنح رئيس الجمهورية الشخصية المقترحة من «النهضة» فترة زمنية لا تزيد على الشهر وتجدد لمرة واحدة فقط لتشكيل حكومته.

وفي السياق ذاته، أكد أسامة الخليفي، القيادي في حزب «قلب تونس» الذي يتزعمه نبيل القروي، وهو الحزب الحاصل على الكتلة الثانية في البرلمان بـ38 مقعداً، أن حركة «النهضة» أعلمتهم باسم الشخصية التي اقترحتها لترؤس الحكومة المقبلة. وأضاف الخليفي، في تصريح صحافي، أن مشاورات جرت بين «قلب تونس» و«النهضة» محورها الحكومة المقبلة وبرنامجها الاقتصادي والاجتماعي على وجه الخصوص.

وفي مقابل رفض التصويت لصالح راشد الغنوشي مرشح «النهضة» لرئاسة البرلمان، عبّر كل من حزب «التيار الديمقراطي» (يسار) و«حركة الشعب» (حزب قومي) عن استعدادهما للمشاركة في الحكومة المقبلة. وأكد زهير المغزاوي رئيس «حركة الشعب» أن «النهضة» قدمت لحزبه قائمة بالأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة ودعته لإبداء الرأي فيها وتقديم وجهة نظره في المرشحين.

وعلى مستوى التحالفات السياسية المقبلة، خلّف التصويت على رئاسة البرلمان التي فاز بها راشد الغنوشي، تحالفاً سياسياً جديداً يجمع «النهضة» و«قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة» وحركة «تحيا تونس»، علاوة على بعض النواب المستقلين، وهو ما يجعل الحكومة الجديدة المرتقبة تحظى بدعم سياسي قوي في المرحلة المقبلة. أما المعارضة فهي تشمل خاصة حزب «التيار الديمقراطي» و«حركة الشعب» (37 مقعداً في البرلمان)، و«الحزب الدستوري الحر» (17 صوتاً) في انتظار تموقع بقية الأطراف السياسية، خصوصاً الأحزاب الحاصلة على أقل من أربعة نواب في البرلمان.

وفي حال الاتفاق على توزيع الحقائب الوزارية بين مختلف الأحزاب المنضمة للائتلاف الحاكم الذي تتزعمه «النهضة»، فإن الحكومة المقبلة ستنال ثقة البرلمان بغالبية مطلقة لكنها لن ترقى إلى مستوى ما حصلت عليه حكومات سابقة من دعم بلغ أكثر من 170 صوتاً، وستكون، في المقابل، في مواجهة معارضة قوية داخل البرلمان.

- من هو الحبيب الجملي؟
> ولد الحبيب الجملي، كاتب الدولة لدى وزير الفلاحة، بمعتمدية نصر الله في ولاية القيروان وسط تونس، في 28 مارس (آذار) 1959. وأكمل تعليمه الابتدائي بمدرسة الكبارة والثانوي بنصر الله وزغوان.

حاصل على دبلوم تقني رفيع مختص في الزراعات الكبرى ودبلوم مهندس أشغال دولة في الفلاحة ودبلوم مرحلة ثالثة في الاقتصاد الفلاحي والتصرف في المؤسسات ذات الصبغة الفلاحية.

تابع دورات تكوينية مختلفة بتونس وفي الخارج تعلقت بمنظومات الإنتاج الفلاحي وسياسات تنمية القطاع الفلاحي وهيكلته في عدد من البلدان الأجنبية.

شغل الحبيب الجملي طوال مسيرته المهنية وظائف إدارية وفنية وبحثية في ديوان الحبوب (وزارة الفلاحة) وشارك في أشغال لجان عدة داخلية ووطنية ومجالس إدارة شركات عمومية ذات صلة بالقطاع الفلاحي.

غادر الوظيفية العمومية بمحض إرادته سنة 2001 والتحق بالقطاع الخاص، حيث شغل منصب مدير للدراسات والتنمية بشركة «المتوسطية للحبوب» ثاني أكبر شركة وطنية مختصة في توريد وتوزيع الأعلاف بتونس.

وقد شغل منصباً في الحكومة بعد الثورة إثر الانتخابات التي عرفتها تونس في 23 أكتوبر 2011، وفي هذا الإطار، شغل الجملي وزير دولة للفلاحة من 2011 إلى 2014 خلال حكومتي حمادي الجبالي وعلي العريض.