التاريخ: تشرين الأول ١٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الحكومة المغربية تشيد بالعفو الملكي عن الصحافية الريسوني
الرباط: «الشرق الأوسط»
قوبل العفو الذي أصدره العاهل المغربي الملك محمد السادس، مساء أول من أمس، في حق الصحافية هاجر الريسوني وخطيبها السوداني الجنسية، والطاقم الطبي في القضية المتعلقة بـ«الإجهاض»، بترحيب واسع داخل البلاد، واحتفى به المغاربة، حكومة وشعباً، في وسائل التواصل الاجتماعي، ونوهوا بحكمة القرار الملكي.

وأشادت الحكومة المغربية بقرار العفو الملكي عن الصحافية الريسوني، واعتبرت على لسان الناطق الرسمي باسمها، الوزير حسن عبيابة، العفو ملكي «قرار سامٍ فيه عطف وعمل إنساني»، موضحا أن مفهوم العفو في «الثقافة المغربية والعربية والإسلامية، وارتباطه بمفهوم أمير المؤمنين يبقى مليئاً بالعواطف والجانب الإنساني».

وأضاف عبيابة في لقاء صحافي، عقب اجتماع المجلس الحكومي أمس، أن القرار الملكي «خلف ارتياحا كبيرا في أوساط الشعب المغربي، ونحمد الله أن يكون في الدستور وتقاليدنا هذا العفو»، معبرا عن إشادة الحكومة بـ«حكمة وتبصر جلالة الملك وقراره الحكيم».

وعمت حسابات المغاربة في مواقع التواصل الاجتماعي فرحة عارمة بخبر الإفراج عن الصحافية الريسوني، التي أدانتها المحكمة بالسجن النافذ مدة سنة، رفقة خطيبها رفعت الأمين، بتهمة «الإجهاض والمساهمة فيه»؛ حيث تداولوا صور الصحافية عند مغادرتها سجن «العرجات» ضواحي العاصمة الرباط.

وبدت الصحافية الريسوني مسرورة بالقرار الملكي؛ حيث اعتبرت في تصريحات صحافية، عقب مغادرتها السجن مساء أول من أمس «أنه كان مفاجئا وغير متوقع، وجاء في وقته بعد صدور الحكم الظالم والجائر، وقد جاء العفو الملكي لتصحيح مسار المحاكمة، والظلم الذي تعرضنا له»، وعبرت عن شكرها للمتضامنين معها في محنتها، من صحافيين وحقوقيين وفعاليات مدنية وسياسية.

وأضافت الريسوني أن الصيغة التي ورد بها قرار العفو الملكي «تقر ببراءتي وضد بيان النيابة العامة، الذي اتهمني بتهم ما زلت لم أستوعبها حتى الآن»، معبرة عن أملها في أن تكون آخر امرأة وصحافية مغربية تتعرض لما تعرضت له من تشهير وظلم.

وتعليقا على قرار العفو الملكي، قال مصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف حقوق الإنسان والعلاقات مع البرلمان، إن الملك محمد السادس كعادته «يأبى إلا أن يعيد الأمور إلى نصابها، ويتجاوب في التفاتة إنسانية متميزة مع أماني وتطلعات كافة محبي الخير لهذا البلد، الحريصين على مسيرته الحقوقية الثابتة».

وأضاف الرميد أن العاهل المغربي أصدر «عفوه الكريم على الصحافية الريسوني وخطيبها، وأفراد الطاقم الطبي المتابعين في نفس القضية»، معتبرا القرار «التفاتة تعبر عن حكمة وبصيرة قل نظيرها»، وذلك في إشادة واضحة بالقرار الملكي.

وعبر رواد مواقع التواصل الاجتماعي المغاربة في تدوينات مختلفة عن الشكر والامتنان للملك محمد السادس على قرار العفو، الذي كان مفاجئاً للكثير منهم، واعتبروه انتصاراً وإنصافاً للصحافية وباقي المتابعين في القضية، التي حظيت باهتمام واسع من طرف الشارع المغربي.

في غضون ذلك، رأى مراقبون أن قرار العفو الملكي كان محكوما بالبعد الإنساني للقضية، التي شغلت الرأي العام الوطني والدولي؛ حيث حاولت أطراف خارجية استثمارها لضرب صورة البلاد وترويج أحكام «مسبقة وغير موضوعية». في إشارة إلى المنظمات الحقوقية الدولية التي أصدرت بيانات ودعوات تطالب بالإفراج الفوري عن الصحافية الريسوني.

واستغرب هؤلاء المراقبون «مستوى وحجم تدخل الأطراف الخارجية في هذه القضية، التي ارتبطت بالإجهاض»؛ خصوصاً أن المغرب «لم يعتد على التدخل في القضايا المجتمعية للدول الأخرى».

وأفاد ذات المراقبين بأن القرار الملكي يأتي ليؤكد مرة أخرى أن النقاش حول القضايا، التي تهم المجتمع المغربي، تبقى «خاصة بالمغاربة، وترفض أي وصاية أو تدخل من الخارج»، مؤكدين أن مكونات المجتمع المغربي «قادرة على مناقشة قضاياه بهدوء، والتوصل إلى حلول متوافق عليها، مهما كان تباعد وجهات النظر فيما بينها».