التاريخ: تشرين الأول ٧, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الذعر يهيمن على القوى المعارضة للحكومة العراقية والموالية لها
حزمة قرارات استجابة للمتظاهرين... واستقالة محافظ بغداد
بغداد: فاضل النشمي
ساد هدوء نسبي شوارع بغداد نهار أمس، غداة ليلة دامية من المواجهات بين الشباب المحتجين وقوات الأمن، سقط فيها 18 قتيلاً، حسب مصادر من الشرطة العراقية وأخرى طبية.

ورغم الهدوء كان الترقب سيد الموقف؛ خصوصاً أن الاحتجاجات تشتد ليلاً، بينما استمر الاستنفار الأمني؛ خصوصاً في ظل مخاوف من نزول أتباع الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى الشارع.

وفي مدينة الناصرية؛ حيث لقي ما لا يقل عن 18 شخصاً حتفهم خلال الأيام الماضية، أطلقت الشرطة الرصاص الحي على متظاهرين، وقالت مصادر طبية إن 24 شخصاً أصيبوا في الاشتباكات التي وقعت ليلاً، بينهم سبعة من رجال الشرطة.

ونقلت وكالة «رويترز» عن الشرطة أن المحتجين أضرموا النار أيضاً في مقار عدد من الأحزاب السياسية في الناصرية. ومن بين هذه المقار مكتب حزب الدعوة بزعامة نوري المالكي، الذي هيمن على الحكومة منذ عام 2003 حتى انتخابات عام 2018.

وذكرت الشرطة أن العنف اندلع مجدداً في الديوانية، وهي مدينة أخرى جنوبي بغداد، ما أدى لمقتل شخص واحد على الأقل.

إلى ذلك استنكر «مركز ميترو» للدفاع عن حقوق الصحافيين، اقتحام مقرات عدد من القنوات الفضائية وإغلاق بث أخرى، مضيفاً: «نحن على تواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، للكشف عن الممارسات الوحشية ضد المدنيين وحرية الصحافة والرأي في العراق». وقال مدير «مركز ميترو»، رحمن غريب، لشبكة «رووداو» الإعلامية: «نتابع الأوضاع الأخيرة في بغداد والمحافظات الأخرى التي تشهد مظاهرات متواصلة، والعنف الممارس من قبل القوات الأمنية الحكومية والقوات غير المنضبطة وغير المعروفة التي تمارس العنف ضد المدنيين والصحافيين».

وأوضح أن «هنالك حملة تستهدف القنوات الناقلة للحقيقة، فالحكومة تريد حجب المعلومات عن المواطنين، وكذلك الحصيلة الدقيقة للضحايا وما يدور في المستشفيات، وهذا دليل على العنف الممارس ضد المتظاهرين». وتابع: «نحن ندين هذه السلوكيات، ونطالب بفتح القنوات المغلقة لإتاحة المعلومة للمواطنين، وحتى لم تم غلق القنوات، فإن هذا السلوك عقيم؛ لأن شبكات التواصل كفيلة بالكشف عن الحقيقة».

وحول اتهام مسلحين مجهولين باقتحام مقرات عدد من القنوات، قال غريب: «حتى لو لم تكن قوات حكومية، فإنها مدفوعة من الحكومة لممارسة العنف بقرار حكومي غير رسمي». وأشار إلى أن «(مركز ميترو) على تواصل مع الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الصحافيين، للكشف عن الممارسات الوحشية ضد المدنيين وحرية الصحافة والرأي في العراق».

ويتداول الشارع العراقي معلومات عن أن الملثمين الذين اقتحموا مكاتب القنوات الفضائية وحطموا أجهزة البث «ميليشيات إيرانية»، بينما أكدت مصادر أن قناصة يتموضعون فوق أسطح مبانٍ على جانبي الشارع المؤدي من مقر وزارة النقل إلى منطقة «الباب الشرقي» الذي يسلكه عادة المحتجون.

وكانت قناة «العربية الحدث»، قد أعلنت الليلة قبل الماضية، أن مسلحين ملثمين هاجموا مكتبها في بغداد مستقلين 3 سيارات، واعتدوا على الصحافيين، وحطموا المعدات والهواتف، ما أدى إلى إصابة أحد العاملين فيها بجروح خطيرة، بعد «تعرضه للضرب».

وفي السياق نفسه، أعلنت قناة «دجلة» اقتحام مبناها من قبل 50 عجلة، وإبرام النار فيه، والاعتداء على الإعلاميين وطردهم من القناة.

كما قالت «إن آر تي عربية»، إن «مهندسين تابعين لميليشيات مسلحة مرتبطة بهيئات نظامية، دخلوا المبنى وأوقفوا ترددات البث».

كما هوجم مقر قناة «الفرات» التابعة لتيار الحكمة المعارض، بزعامة عمار الحكيم، بقذيفة «هاون».

وبعد شعورها بأن مطالبات المحتجين تتجاوز تحسين الخدمات وإيجاد فرص العمل ومحاربة الفساد إلى تغيير النظام، بات الذعر يهيمن على القوى السياسية، سواء المعارضة للحكومة (مثل تيار الحكمة) أو الموالية لها (مثل كتلة الفتح)، وحتى تلك التي تسعى لترك مسافة من عدم الرضا، وبينها تحالف «سائرون» الذي يدعمه مقتدى الصدر.

وفي هذا السياق، يؤكد قيادي في تحالف «سائرون» طلب عدم نشر اسمه، أن «الاحتجاجات هدفها إسقاط النظام وليس إصلاحه كما هو معلن». وأضاف: «جميع القوى السياسية تشعر بالقلق؛ خصوصاً أن الاحتجاجات تتركز في بغداد والمحافظات الشيعية». وقال: «إن العملية السياسية فقدت شرعيتها في نظر أغلب الأوساط الشعبية».

حزمة قرارات استجابة للمتظاهرين... واستقالة محافظ بغداد
منح للعاطلين وبرنامج لبناء 100 ألف وحدة سكنية... وعبد المهدي يتعهد بمحاسبة الفاسدين

الأحد 06 أكتوبر 2019 
بغداد: «الشرق الأوسط أونلاين»

فيما صوت مجلس محافظة بغداد على قبول استقالة المحافظ فلاح الجزائري، أصدر مجلس الوزراء العراقي حزمة قرارات وصفت بـ«المهمة» خلال جلسة استثنائية دعا إليها رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، عقدت مساء أمس (السبت) «استجابة لمطالب المتظاهرين وعموم المواطنين»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء العراقية (واع). 

وشهد العراق احتجاجات دامية على مدار الأيام الأخيرة، إذ قتل نحو 100 شخص، وأصيب نحو 4 آلاف بجروح، في 5 أيام من المظاهرات التي بدأت في بغداد للمطالبة بتحسين الخدمات الأساسية وتوفير فرص عمل، ثم امتدت إلى مدن جنوبية، وارتفع سقف المطالب ليصل إلى استقالة الحكومة وتغيير النظام برمته. 

وذكر التلفزيون العراقي الرسمي في خبر عاجل اليوم أن «مجلس محافظة بغداد صوت على قبول استقالة المحافظ فلاح الجزائري من منصبه». وأفادت وسائل إعلام عراقية بأنه المجلس فتح باب الترشح للمنصب.

ووفقاً لما نشرته «واع» في وقت مبكر، اليوم (الأحد)، فقد أصدر مجلس الوزراء (الحزمة الأولى) من القرارات بإجمالي 17 قرارا، أبرزها كما يلي:

- فتح باب التقديم على الأراضي السكنية المخصصة لذوي الدخل المحدود، والفئات الأخرى في المحافظات كافة.

- استكمال توزيع 17 ألف قطعة سكنية للمستحقين من ذوي الدخل المحدود في محافظة البصرة، خلال فترة زمنية لا تتجاوز 4 أسابيع.

- إعداد وتنفيذ برنامج وطني للإسكان يشمل بناء 100 ألف وحدة سكنية موزعة على المحافظات، مع منح الأولوية للمحافظات والمناطق الأكثر فقراً.

- منح 150 ألف شخص من العاطلين، ممن لا يملكون القدرة على العمل، منحة شهرية قدرها 175 ألف دينار (نحو 150 دولاراً) لكل شخص، لمدة 3 أشهر.

- إنشاء مجمعات تسويقية حديثة (أكشاك) في مناطق تجارية في بغداد والمحافظات تتوزع على المشار إليهم في الفقرة السابقة خلال مدة 3 أشهر، بتكلفة كلية قدرها 60 مليار دينار، على أن يتعهد صاحب الكشك بتشغيل اثنين من العاطلين عن العمل لضمان توفير ما لا يقل عن 45 ألف فرصة عمل للمواطنين، مع مراعاة إعطاء الأولوية لمن أزيلت أكشاكهم.

- وتضم القرارات الأخرى إعداد برنامج لتدريب وتأهيل العاطلين عن العمل، بعدد 150 ألفاً من شباب الخريجين، وغير الخريجين مع صرف منحة مالية خلال فترة التدريب البالغة 3 أشهر، ومنح الناجحين في تلك الدورات التدريبية قروضاً ملائمة لتأسيس مشروعات متوسطة أو صغيرة.

- تتولى وزارة الدفاع فتح باب التطوع للشباب من عمر (18 - 25)، وتتخذ وزارتا الدفاع والداخلية «الإجراءات الأصولية» لإعادة المفسوخة عقودهم في المحافظات كافة.

وشملت القرارات اعتبار الضحايا من المتظاهرين والأجهزة الأمنية «شهداء»، وشمولهم بالقوانين النافذة، ومنح عوائلهم الحقوق والامتيازات المترتبة على ذلك.

وتتولى وزارة الصحة تقديم الخدمات العلاجية للجرحى من المتظاهرين والقوات الأمنية وتوفير كامل الاحتياجات على نفقة الحكومة.

ووجه المجلس الوزارات والجهات المعنية الأخرى بتنفيذ القرارات السابقة بحسب الاختصاص. كما قرر مناقشة الحزمة الثانية من القرارات المتعلقة بالإصلاحات ومطالب المتظاهرين خلال الجلسة المقبلة.

ونقل التلفزيون العراقي، كلمة لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي خلال جلسة الحكومة، أفاد فيها بأن الحكومة تلتزم بتقديم الفاسدين للقضاء. وأضاف: «ندعو القوى السياسية إلى التعاون لتوفير جميع شروط الإصلاح».

ونوه عبد المهدي بأنه كانت هناك مقترحات لتقديم حزمة من إصلاحات تشريعية ومالية وأخرى إدارية، مضيفاً: «سنبحث دعم المشاريع وتخصيص قروض للمشاريع الصغيرة وفتح التطوع للجيش».

وكان رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي أكد، أنه سوف يتم النظر في تعديل وزاري إذا طلب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي ذلك. وأضاف في تصريح خاص له مع «العربية» و«الحدث»: «إذا لم يتم تنفيذ مطالب المتظاهرين، سوف أنزل معهم للشارع». وتابع أنه يجب وضع «الحيتان الكبيرة» من الفاسدين في السجون.

وكان زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد دعا، الجمعة، حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، للاستقالة وإجراء انتخابات مبكرة بإشراف أممي.

وارتفع عدد قتلى الاحتجاجات التي يشهدها العراق منذ أيام إلى أكثر من 100. معظمهم من المتظاهرين، وأصيب نحو 4 آلاف آخرين، وفق ما أفادت مفوضية حقوق الإنسان، السبت.