التاريخ: أيلول ١٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
قائد الجيش الجزائري يوجّه تحذيراً شديداً لـ«الحراك الشعبي»
«حمس» تلمّح للمنافسة على الرئاسة
الجزائر: بوعلام غمراسة
في خطوة بدت وكأنها مؤشر إلى تصعيد خطير محتمل في الأزمة التي تعيشها الجزائر، أمر قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح بمصادرة السيارات والحافلات التي تلتحق بالعاصمة يوم الجمعة للمشاركة في المظاهرات المعارضة لخطة تنظيم انتخابات رئاسية قبل نهاية العام.

وقال قائد الجيش، في خطاب بمناسبة زيارته منشأة عسكرية بأقصى الصحراء، أمس، إنه أصدر أوامر لقوات الدرك، التابعة للجيش، بفرض غرامات على أصحاب العربات التي تنقل المتظاهرين، إلى ساحات الحراك في العاصمة، بعد مصادرتها.

ومما جاء في خطابه الحاد: «لاحظنا ميدانياً أن هناك أطرافاً من أذناب العصابة (رموز نظام الرئيس السابق، بعضهم في السجن) ذات النوايا السيئة، تعمل على الجعل من حرية التنقل ذريعة لتبرير سلوكها الخطير، والمتمثل في خلق كل عوامل التشويش على راحة المواطنين، من خلال الزج الأسبوعي بعدد من المواطنين يتم جلبهم من مختلف ولايات الوطن إلى العاصمة، بهدف تضخيم الأعداد البشرية في الساحات العامة التي ترفع شعارات مغرضة وغير بريئة تتبناها هذه الأطراف». وكان يشير، على ما يبدو، إلى شعارات معادية ترفع ضده في المظاهرات، وأخرى رافضة لتنظيم الانتخابات المقرر أن تجري يوم 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

واعتبر قايد صالح أن «الغرض الحقيقي من وراء كل ذلك (توافد المتظاهرين على العاصمة يوم الجمعة)، هو تغليط الرأي العام الوطني بهذه الأساليب المخادعة، لتجعل من نفسها أبواقاً ناطقة كذباً وبهتاناً باسم الشعب الجزائري. وعليه فقد أسديت تعليمات إلى الدرك الوطني، بغرض التصدي الصارم لهذه التصرفات، من خلال التطبيق الحرفي للقوانين السارية المفعول». ويهاجم صالح في خطابه، وكعادته، جهة أو أشخاصاً في الحراك، أو من خارجه، من دون أن يحددهم، ما يترك انطباعاً بأنه يستهدف أشخاصاً يتلقون أوامر من «العصابة»، بالتهجم عليه. و«العصابة» وصف أطلقه هو شخصياً على الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة وشقيقه السعيد (مسجون)، ومقربين منهما، وذلك في خطاب شهير يوم 02 أبريل (نيسان) الماضي، أمر فيه بوتفليقة بالتنحي وهو ما كان.

ويتوقع مراقبون حملة اعتقال واسعة يوم الجمعة، بناء على ما جاء في خطاب قائد الجيش. ودأبت قوات الأمن على تنفيذ أوامر صالح بحذافيرها، كلما طلب شيئا يخص مراقبة المظاهرات. فقد تم اعتقال العشرات من حاملي الراية الأمازيغية، منذ شهرين، مباشرة بعد أن أمر بذلك. ولاحت في الأفق، في المدة الأخيرة، مؤشرات إلى إمكان فرض حالة الطوارئ قياسا إلى الانتشار المكثف للدرك وجهاز الشرطة بالعاصمة، والمدن الكبيرة التي تشهد مظاهرات حاشدة. ويشبه الوضع في العاصمة يوم الجمعة، حالة «الحصار» التي أقامها الجيش خلال حربه على الإرهاب، في تسعينات القرن الماضي. وليس واضحاً كيف سيكون رد المتظاهرين يوم الجمعة إذا ما تعرض حراكهم لأي ضغوط من قوات الأمن.

وأكد قائد الجيش في خطابه، بخصوص الانتخابات الرئاسية، أن «كافة الظروف الملائمة لإجرائها في جو من الثقة والشفافية قد تحققت، من خلال تشكيل السلطة الوطنية وانتخاب رئيسها وتنصيبها بكافة أعضائها الخمسين، من بين الكفاءات الوطنية التي يشهد لها بالنزاهة والإخلاص». وأشار إلى أن «سلطة تنظيم الانتخابات»، التي يرأسها وزير العدل السابق محمد شرفي «تتمتع بكامل الصلاحيات من أجل تنظيم العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها، والتي نؤكد أن الجيش الوطني الشعبي سيرافقها. وعليه، فلا مبرر لأي كان أن يبحث عن الحجج الواهية، للتشكيك في نزاهة العملية الانتخابية، أو عرقلة مسارها».

وتحدث صالح عن «مؤامرة تحاك في الخفاء ضد الجزائر وشعبها، وكشفنا عن خيوطها وحيثياتها في الوقت المناسب، ووضعنا استراتيجية محكمة تم تنفيذها على مراحل، وفقاً لما يخوله لنا الدستور وقوانين الجمهورية، إذ واجهنا هذه المؤامرة الخطيرة التي كانت تهدف إلى تدمير بلادنا، فقررت القيادة العليا للجيش الوطني الشعبي، من موقع مسؤوليتها التاريخية مواجهة العصابة، وإفشال مخططاتها الدنيئة».

«حمس» تلمّح للمنافسة على الرئاسة
مظاهرات حاشدة للطلبة رفضاً لتنظيم الانتخابات في ديسمبر

الأربعاء 18 سبتمبر 2019
الجزائر: بوعلام غمراسة

لمّحت «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، وهي أحد أكبر أحزاب المعارضة في الجزائر، إلى ترشيح رئيسها لانتخابات الرئاسة المقررة في 12 ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فيما خرج طلاب جامعات في مظاهرة حاشدة، أمس، تعبيراً عن رفضهم الاستحقاق باعتباره «التفافاً على مطلب التغيير الجذري».

وقالت «مجتمع السلم»، المعروفة اختصاراً باسم «حمس»، في بيان، عقب اجتماع لقيادتها أمس، إن «تنظيم الانتخابات الرئاسية في الجزائر، ممر ضروري لضمان مستقبل الحريات والديمقراطية وتحويل المطالب الشعبية إلى سياسات تنموية واجتماعية، تنهي الأزمة الاقتصادية وتحسن معيشة المواطنين وتحقق نهضة البلد».

وأكدت أن الانتخابات «ليست إجراء شكلياً لتسكين آثار الأزمة من دون معالجتها، وعليه يجب توفير الشروط السياسية الضرورية التي تمنح هذا الاقتراع المهم الشرعية الحقيقية؛ كرحيل الحكومة، وتوفير الحريات الإعلامية وعلى مستوى المجتمع المدني، والتوقف عن تخوين وتهديد المخالفين، خصوصاً حياد الإدارة ومختلف مؤسسات الدولة فعلياً، في السر وفي العلن، وفي كل المسار الانتخابي، قبل الانتخابات وأثناءها».

وأعلنت أن «الفصل في مشاركة الحزب من عدمها، بخصوص الرئاسية، يفصل فيها مجلس الشورى» التابع لها، خلال اجتماع مرتقب قبل نهاية الشهر.

ويحيل حديث الحزب الإسلامي عن «الشروط السياسية» و«الحريات الإعلامية» إلى قيود تفرضها السلطة على نشاط أحزاب المعارضة، وضغوط كبيرة على وسائل الإعلام لمنعها من التعاطي مع المظاهرات المعادية للنظام. أما عن «التخوين»، فيقصد به تصريحات متتابعة لرئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح اتهم فيها المعارضين لمسعى تنظيم الانتخابات بـ«الخيانة» و«العمالة لجهات أجنبية مشبوهة».

وفهم مراقبون من بيان الحركة التي تملك ثقلاً معتبراً في الساحة السياسية، إرادة للمشاركة في الاستحقاق برئيسها عبد الرزاق مقري. وقاطع الحزب استحقاق 2014، بعدما غادر الحكومة في سياق «الربيع العربي». وكان التحق بالمعارضة بانتقال رئاسة الحزب من الوزير السابق أبو جرة سلطاني إلى مقري.

وحذر بيان الحزب من «إفراز الانتخابات لرئيس مخدوش الشرعية، ما سيجعل مؤسسات الدولة معزولة وغير قادرة على مواجهة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية والدولية المتوقعة، وأي خلل في هذه المناسبة الانتخابية تتحملها السلطة الحاكمة وحدها، إن لم توفر البيئة السياسية اللازمة».

وأعلن حزب «طلائع الحريات» بزعامة رئيس الحكومة السابق علي بن فليس و«حركة البناء الوطني» الإسلامية بقيادة الوزير السابق عبد القادر بن قرينة، مشاركتهما في الانتخابات، وهما حزبان مقرّبان من الجيش. ويرجح بأن «النواة الصلبة» في المعارضة ستقاطع الاستحقاق، خصوصاً «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية» و«جبهة القوى الاشتراكية». وشهدت مدن الجزائر العاصمة وقسنطينة (شرق) ووهران (غرب)، أمس، مظاهرات كبيرة لطلبة الجامعات، احتجاجاً على «تنظيم الانتخابات من طرف العصابات»، وهو شعار ردده عدد كبير من المتظاهرين. ومن الشعارات الأكثر تداولاً في المسيرات التي جابت شوارع عدة: «لن نمسح بالانتخابات وخذونا جميعاً للحبس»، وذلك تضامناً مع رموز الحراك الذين سجنهم الجيش بتهم «الإساءة» إليه. وعقدت نقابات المحامين في مناطق عدة من البلاد، اتفاقاً على مقاطعة مسار التحقيق القضائي مع معتقلي الحراك، بحجة أن المحاكمات المرتقبة «لن تكون عادلة لأن المتابعات تمت على أساس سياسي».

إلى ذلك، قال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة حسن رابحي، أمس، إن «الصحافة في القطاعين العام والخاص معوَل عليها في التوجه عاجلاً إلى انتخابات رئاسية ديمقراطية، تحقيقاً للمصلحة العليا للوطن». وأوضح أن الحكومة «وضعت لبنات عهد جديد، قائم على الحوار كأسلوب حضاري للنقاش والاقتراح الإيجابي، حول أولويات الأمة، وفي طليعتها تنظيم انتخابات رئاسية في ديسمبر (كانون الأول) المقبل، للخروج من الأزمة التي يسعى أعداء الجزائر خائبين لإطالة أمدها».