التاريخ: آب ١٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
البرهان رئيساً انتقالياً للسودان... وحمدوك للحكومة
واشنطن تمنع دخول قوش... وبومبيو: أنضم إلى السودانيين في مطالبتهم بتشكيل حكومة مدنية
الخرطوم: أحمد يونس - واشنطن: هبة القدسي
اختار المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، 5 من بين أعضائه (الـ7 الحاليين) ليصبحوا أعضاء في «المجلس السيادي» الذي سيحل محل المجلس العسكري بعد غد. وسيصبح الفريق عبد الفتاح البرهان رئيساً للمجلس السيادي المرتقب، الذي سيضم أيضاً 5 مدنيين، ترشحهم «قوى الحرية والتغيير»، بالإضافة إلى شخصية مدنية سادسة، يتم الاتفاق عليها من الطرفين.

وسيمثل العسكريين في المجلس السيادي كلٌ من محمد حمدان دقلو (حميدتي)، وشمس الدين كباشي، وياسر العطا، وصلاح عبد الخالق.

من جانبه، أعلن تحالف «قوى الحرية والتغيير» أمس عن اختياره الخبير الاقتصادي الأممي، عبد الله حمدوك، لتولي رئاسة الحكومة الانتقالية، وأنه سيصل إلى الخرطوم اليوم. كما من المقرر أن يعلن التحالف اليوم أسماء مرشحيه لعضوية مجلس السيادة، الذي سيتم تشكيله رسمياً يوم الأحد 18 أغسطس (آب) الحالي، ثم يتم تعيين رئيس الوزراء في 20 من الشهر الحالي، وأخيراً تشكيل الحكومة المدنية في 28 من الشهر ذاته.

واكتملت الاستعدادات لاحتفالات التوقيع النهائي على الوثيقتين الدستورية والسياسية، اللتين ستحكمان السودان خلال المرحلة الانتقالية لمدة 3 سنوات، وذلك بحضور عدد من زعماء الدول المجاورة وممثلين لمنظمات دولية.

إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، أمس، منع وزير الاستخبارات السابق، صلاح قوش وعائلته من دخول الولايات المتحدة بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان. وقال بيان الخارجية الأميركية إن لدى إدارة الرئيس دونالد ترمب معلومات موثقة تفيد بأن قوش كان متورطاً في التعذيب خلال فترة رئاسته جهاز الأمن والمخابرات الوطني.

وقال بومبيو في بيان: «إنني أنضم إلى السودانيين في مطالبتهم بحكومة انتقالية بقيادة مدنية حقيقية».

وقال بومبيو، عبر حسابه على موقع «تويتر»، إنه تم رسمياً منع صلاح قوش وأفراد عائلته من دخول الولايات المتحدة، وفقاً للمادة 7031 من القانون الأميركي، بسبب تورطه في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في السودان. وشدّد على أن بلاده ستستمر في محاسبة أولئك المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان. وأضاف أن قوش، واسمه الكامل صلاح عبد الله محمد صالح، ممنوع من الدخول إلى الولايات المتحدة وكذلك زوجته، عواطف محمد، وابنته شيماء.

وقال بومبيو: «إنني انضم إلى السودانيين في مطالبتهم بحكومة انتقالية بقيادة مدنية حقيقية مختلفة بشكل أساسي عن حكومة البشير، خاصة ما يتعلق بسجل حقوق الإنسان والانتهاكات التي ارتكبها قوش وآخرون».

واستند وزير الخارجية الأميركي إلى المادة 7031 ج، التي تنص على أنه في الحالات التي يكون لدى وزير الخارجية الأميركي معلومات موثقة حول تورط مسؤولين أجانب في فساد كبير أو انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، فإن هؤلاء الأفراد وأسرهم يصبحون غير مؤهلين لدخول الولايات المتحدة، ويقضي القانون بتسمية هؤلاء الأشخاص وأفراد عائلتهم.

وشدّد بيان وزارة الخارجية الأميركية على أن تصنيف قوش وعائلته، ومنعه من دخول الولايات المتحدة، يؤكد الإصرار على مساءلة المتورطين في الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، ويدعم أيضاً جهود الشعب السوداني. ويأتي القرار الأميركي كجزء من حملة الولايات المتحدة للضغط على السودان للانتقال إلى حكومة مدنية، وفي الوقت نفسه يوجّه رسالة قوية تستهدف عرقلة أي محاولات لعرقلة الانتقال إلى حكومة مدنية. وكان وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية، ديفيد هال، قد زار الخرطوم مؤخراً، حيث التقى ممثلين من المجلس العسكري الانتقالي و«قوى الحرية والتغيير» وعدداً من ممثلي منظمات المجتمع المدني والمعارضة، وشدّد خلال الزيارة على الحاجة لتشكيل سريع لحكومة انتقالية مدنية، استناداً على المواثيق السياسية والدستورية التي تم الاتفاق عليها، وتدعمها الولايات المتحدة.

وكان رئيس جهاز المخابرات والأمن الوطني، صلاح قوش، قد قاد حملة قمع شاملة ضد المتظاهرين الذين شاركوا في المظاهرات الواسعة التي أدت إلى إطاحة الرئيس عمر البشير بعد 30 عاماً في الحكم. وألقى عملاء جهاز الأمن والمخابرات الوطني القبض على آلاف المتظاهرين ونشطاء المعارضة والصحافيين في الحملة التي أدت إلى مقتل العشرات وإصابة المئات. وعمل قوش في جهاز الأمن والمخابرات منذ عام 1989 حينما وصل البشير إلى السلطة، وساهم قوش في بناء جهاز الأمن والمخابرات، الذي كان أهم ركائز نظام البشير.

واتهم قوش مراراً باستخدام أساليب تعذيب بشعة ضد المعارضين، وعلى مدى 4 عقود خلال عمله في أجهزة المخابرات، كوّن قوش شبكة قوية مع رؤساء أجهزة الاستخبارات الإقليميين ومع الولايات المتحدة. وتعززت العلاقات والتعاون الاستخباراتي في عهده بين السودان والولايات المتحدة في مجال مكافحة الإرهاب خلال حكم الرئيس الأسبق جورج بوش. وقد تم إقالة قوش في عام 2009 وتولى منصب مستشار سياسي، لكنه أُقيل من هذا المنصب في عام 2011 وسجن لاتهامه بالتخطيط لانقلاب، لكن لم يتم العثور على أدلة ضده، فأصدر البشير أمراً بالعفو عنه في 2013. وأشرف قوش على عدة حملات قمع متكررة ضد المعارضين للحكومة ووسائل الإعلام.

وحينما اندلعت المظاهرات بشكل موسع، استعان البشير بمدير مخابراته مرة أخرى، وعيّنه رئيساً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني في فبراير (شباط) 2018، لكنه أُجبر على الاستقالة بعد سقوط البشير في 11 أبريل (نيسان) الماضي.

وحثّت منظمة العفو الدولية، المدافعة عن حقوق الإنسان، المجلس العسكري السوداني على مراجعة وفحص تصرفات وأساليب قوش أثناء حملة القمع التي قادها ضد المتظاهرين ودوره في قتل العشرات من المتظاهرين السودانيين على مدار الأربعة الأشهر التي اندلعت فيها المظاهرات. وورد اسم قوش في لائحة قدّمت إلى مجلس الأمن، تضم 17 شخصاً من المتهمين بارتكاب جرائم حرب في دارفور، وقد رحّبت حركة «العدل والمساواة» المسلحة في إقليم دارفور بالقرار الأميركي، وطالبت بمحاسبة بقية المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان في السودان.

الاستعدادات اكتملت للتوقيع النهائي غداً على وثيقة التحول للحكم المدني

الخرطوم: أحمد يونس
توافقت «قوى إعلان الحرية والتغيير» في السودان على تسمية الخبير الاقتصادي الأممي عبد الله حمدوك رئيساً لوزراء الحكومة الانتقالية، الذي من المنتظر تعيينه رسمياً من قبل مجلس السيادة بعد غدٍ (الأحد)، وتسمية كل من عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء، ومحمد الحافظ نائباً عاماً، وينتظر صدور مراسيم رئاسية بتعيينها، في حين ينتظر تسمية أعضاء مجلس السيادة اليوم.

من جانبه، اختار المجلس العسكري الانتقالي في السودان، أمس، 5 من بين أعضائه (الـ7 الحاليين) ليصبحوا أعضاء في «المجلس السيادي» الذي سيحل محل المجلس العسكري بعد غد. وقرر «العسكري» أن يتولى الفريق عبد الفتاح البرهان رئاسة المجلس السيادي الذي سيضم أيضاً 5 مدنيين ترشحهم «قوى الحرية والتغيير» بالإضافة إلى شخصية مدنية يتم الاتفاق عليها من الطرفين. وسيمثل «العسكري» في المجلس السيادي كل من الفريق محمد حمدان «حميدتي»، والفريق شمس الدين كباشي، والفريق ياسر العطا، والفريق صلاح عبد الخالق.

وعلمت «الشرق الأوسط»، أن قوى إعلان الحرية أجمعت على تسمية عبد الله حمدوك رئيساً للوزراء، واختارت كلاً من القاضي السابق عبد القادر محمد أحمد رئيساً للقضاء، والمحامي الحقوقي محمد الحافظ نائباً عاماً، وتسمية ثلاثة مساعدين للنائب العام. وبحسب المصدر الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» أمس، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير، ستكشف عن أسماء مرشحيها الخمسة لمجلس السيادة اليوم (الجمعة)، وسط توافق كبير على الأسماء المطروحة، وكانت «الشرق الأوسط» قد نقلت في وقت سابق أن كلاً من فدوى عبد الرحمن علي طه، وصديق تاور قد تم التوافق عليهما ليكونا عضوين لمجلس السيادة.

وبحسب المصدر، فإن قوى إعلان الحرية والتغيير توافقت مع المجلس العسكري الانتقالي، على العضو الحادي عشر بالمجلس السيادي، متجاوزين بذلك تكهنات بأن التوافق عليه واحد من تعقيدات تكوين الحكومة الانتقالية. وأرجعت المصادر تأخير تسمية مرشحي مجلس السيادة إلى تمسك كتلة «نداء السودان»، بتكوين المجلس القيادي لـ«قوى الحرية والتغيير» لإجازة الأسماء المرشحة.

من جهته، أكد المجلس العسكري الانتقالي في نشرة صحافية أمس، أن مراسم توقيع وثائق السلطة الانتقالية ستتم بقاعة الصداقة بالخرطوم الواحدة ظهراً، بحضور عدد من رؤساء الدول وممثلي المنظمات الدولية، ورؤساء الأحزاب وقادة المجتمع المدني. وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين كباشي في تصريحات، إن السلطات اتخذت الإجراءات التأمينية والتنظيمية لاستقبال رؤساء الدول من المطار إلى قاعة الصداقة بوسط الخرطوم.

بدوره، قال تجمع المهنيين السودانيين في بيان، إنه سيقدم الدعم اللازم للحكومة الانتقالية، بجانب ممارسة دوره الرقابي للوصول إلى ديمقراطية كاملة. ويتوقع أن يعود عبد الله حمدوك للبلاد خلال فترة وجيزة، بعد إبلاغه بتوافق قوى الحرية والتغيير عليه رئيساً للوزارة. يوقع المجلس العسكري الذي يتولى الحكم في السودان وقادة حركة الاحتجاج غداً (السبت) اتفاقاً مهماً تمّ التوصل إليه بعد أشهر من المظاهرات المطالبة بتسليم الحكم إلى مدنيين. وسيضفي التوقيع الطابع الرسمي على الوثيقة الدستورية التي وقع عليها المجلس العسكري وتحالف «قوى الحرية والتغيير» في 4 أغسطس (آب).

وينهي الاتفاق 8 أشهر من الانتفاضة التي شهدت خروج مئات الألوف ضد الرئيس السابق عمر البشير الذي حكم البلاد 30 عاماً قبل أن يطاح به في 11 أبريل (نيسان) الماضي. وتم التوصل للاتفاق بواسطة من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا، واحتفل المحتجون به وعدّوه انتصاراً «للثورة»، في حين تباهى جنرالات الجيش بأنهم جنّبوا البلاد حرباً أهلية. وفي حين يستجيب الاتفاق للكثير من المطالب الرئيسية لحركة الاحتجاج، فإنه يترك سلطات واسعة في أيدي المجلس العسكري وتحديات هائلة أمام الحكومة المدنية. ومع التوقيع الرسمي على الاتفاق غداً، ستطلق السودان فوراً عملية تتضمن خطوات أولى مهمة من أجل إطلاق الحكم المدني بالبلاد.

فسيعلن في اليوم التالي عن أعضاء المجلس العسكري المدني الحاكم، ثم الثلاثاء يؤدي رئيس الوزراء القسم. وسيتم الإعلان عن تشكيل الحكومة في 28 أغسطس، ثم يلتقي الوزراء مع المجلس السيادي في 1 سبتمبر (أيلول) لأول مرة. وستجرى انتخابات عامة بعد المرحلة الانتقالية البالغة 39 شهراً والتي بدأت في 4 من الشهر الحالي.

بروفايل: قوش... رجل الإسلاميين القوي في أضعف حالاته
كان اليد الباطشة لنظام عمر البشير


الخرطوم: محمد أمين ياسين
عاد مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني السابق، صلاح عبد الله، الشهير بـ«قوش»، إلى صدارة بورصة الأخبار العالمية، إثر رفض الولايات المتحدة الأميركية منحه تأشيرة دخول لأراضيها وأفراد أسرته؛ لتورطه في ارتكاب انتهاكات شاملة لحقوق الإنسان خلال قيادته الجهاز الذي أرعب السودانيين على مدى ثلاثة عقود، هي فترة حكم الرئيس المعزول عمر البشير. واعتبرت إعادة تعيين «قوش» مديراً لجهاز الأمن والمخابرات للمرة الثانية في فبراير (شباط) 2018 مفاجأة من العيار الثقيل لكثير من المراقبين؛ لأنه كان قد اتهم بالتورط في محاولة انقلابية مع عدد من ضباط الجيش ضد رئيسه آنذاك، البشير.

اعتقل قوش في الزنانين ذاتها التي بناها بيده، وقبع فيها لثمانية أشهر تعرض خلالها لمحاكمة عسكرية قبل أن يفرج عنه بعفو رئاسي لعدم كفاية الأدلة بمشاركته في المحاولة الانقلابية. ورغم ما لاقاه قوش خلال فترة اعتقاله، فإنه رفض قطع شعرة معاوية مع «إخوانه» في الحكم وفي الحركة الإسلامية التي ينتمي إليها. والكل يذكر تصريحه الشهير عقب إطلاق سراحه مباشرة بأنه «ابن الإنقاذ منها وإليها وفيها»، ولم تتغير مبادئه، وإنه ما زال ابن الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني الحاكم، الذي كان في الماضي يُسمى «الجبهة الإسلامية».

سخّر قوش كل إمكانات الأجهزة الأمنية لقمع الاحتجاجات التي اندلعت في البلاد في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وسقط خلالها عشرات القتلى والجرحى، وآلاف المعتقلين ظلوا في السجون حتى سقوط النظام في 11 أبريل (نيسان) من هذا العام. ويحتفظ جهاز الأمن السوداني خلال تولي قوش إدارته طوال الفترتين، بسجل حافل من التجاوزات الجسيمة في حق معارضي حكم الإسلاميين الذي استمر منذ 30 يونيو (حزيران) 1989 حين استولوا على السلطة الديمقراطية في انقلاب عسكري بقيادة البشير، حتى أبريل 2019.

قُتل خلال تلك السنوات الكثيرون، جراء التعذيب الوحشي فيما أطلق عليها «بيوت الأشباح»، وهو اسم أطلقه السودانيون على مقار جهاز الأمن السرية المخصصة للتعذيب والمنتشرة في أنحاء البلاد كافة. وتولى قوش إدارة الجهاز أول مرة في عام 1999 حتى 2009 تاريخ إعفائه، وخلال تلك الفترة شهد الجهاز توسعاً وتمدداً كبيراً، وأصبح قوة أمنية واقتصادية وسياسية ضاربة، وتغلغل في جميع مفاصل ومؤسسات الدولة، وأصبح له دور كبير في اتخاذ القرارات، فضلاً عن إنشائه شبكة ضخمة من الشركات الاستثمارية التي كانت تموّله خارج ميزانية الدولة الرسمية.

وتعاون جهاز الأمن والمخابرات في عهد قوش بشكل كبير مع الولايات المتحدة الأميركية وأجهزة استخباراتها، ولا سيما في ملف مكافحة الإرهاب، رغم الضغوط التي واجهها نظام البشير والتي استمرت لسنوات بسبب اتهامه بالضلوع في عمليات إرهاب حول العالم، بما فيها استضافته زعيم تنظيم القاعدة السابق، أسامة بن لادن، حتى لقب قوش برجل وكالة الاستخبارات الأميركية (CIA) في السودان، وهو لقب على ما يبدو كان يحبه لأنه لم ينفِه. ويتهم قوش بتقديم معلومات وفيرة عن التنظيمات الإسلامية المتطرفة في المنطقة الجهادية في المنطقة، كما كان وراء تسليم الكثير من عناصرهم النشطة لمن يطلبونهم، دون حصول السودان على مقابل لهذا التعاون الكبير، وبخاصة ملف الإرهابي الدولي «كارلوس» الذي سلمه للمخابرات الفرنسية.

واستطاع الرجل خلال تسلمه قيادة جهاز المخابرات، بناء علاقات وطيدة مع أجهزة المخابرات في الإقليمين الأفريقي والعربي، وعلاقات وثيقة مع أجهزة الاستخبارات الغربية الأخرى. ومع بداية الاحتجاجات الشعبية في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تناقلت وسائط الإعلام السودانية تسريبات، بأن وكالة المخابرات الأميركية (CIA) قد تدعم ترشيح قوش، بديلاً للرئيس عمر البشير الذي تزايد الرفض الشعبي ضده وأصبح نظامه آيلاً للسقوط. ورغم هذه التسريبات والإشاعات، ووسط دهشة الجميع فإن الرجل ظل محتفظاً بمنصبه، يواصل مهامه في قمع المظاهرات المنادية بإسقاط حكم البشير.

وفي الأيام الأخيرة التي سبقت سقوط النظام، حاول قوش عبر قواته الأمنية فض الاعتصام من أمام قيادة الجيش بالخرطوم، لكنه تراجع في اليوم الأخير الذي سبق سقوط النظام، وذلك بحسب روايات متداولة، أبرزها المنسوبة إلى رئيس حزب الأمة الصادق المهدي، بأنه لعب دوراً كبيراً في سقوط نظام البشير، وفي منع ميليشيات الإسلاميين من قتل المعتصمين. ونقل عن الرئيس المخلوع عمر البشير بعد سقوطه حين استفسر عن الضحايا الذين سقطوا خلال الاحتجاجات، قوله: «اسألوا عنها صلاح قوش»، لكن الرجل ورغم دوره في قمع الاحتجاجات لم يسلم من اتهامات تنظيمات الإسلاميين له بـ«الخيانة» والتآمر على نظامهم الذي ظل يحكم قبضته الأمنية على البلاد، طوال الثلاثين عاماً الماضية.

غوتيريش و8 رؤساء لحضور توقيع اتفاق السودان السبت
البرهان يؤكد حماية القوات المسلحة للتحول الديمقراطي والدفاع عنه

الخميس 15 أغسطس 2019 
الخرطوم: أحمد يونس

يستعد السودان لأحد أكبر الأحداث في تاريخه الحديث، وهو توقيع الاتفاق بين «قوى إعلان الحرية» والمجلس العسكري الانتقالي؛ على وثيقة الإعلان السياسي، ووثيقة الإعلان الدستوري، اللتين تمهدان لإعلان تشكيل الحكومة، وبداية الفترة الانتقالية. وسيتم التوقيع بعد غد (السبت)، في مراسم رسمية بحضور رؤساء ثماني دول على الأقل، والأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي، وقادة أفارقة وعرب وغربيين. وفي هذه الأثناء، أكد رئيس المجلس العسكري الانتقالي السوداني عبد الفتاح البرهان، على دور «القوات المسلحة» في الدفاع عن التحول الديمقراطي وحمايته، وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة.

وعلمت «الشرق الأوسط» أن من بين رؤساء الدول الثمانية، الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بصفته رئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، والرئيس الكيني أوهورو كنياتا، والأوغندي يوري موسيفيني، والرئيس التشادي إدريس ديبي، إلى جانب رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فقيه.

وتوقع المصدر أن يشارك في مراسم التوقيع كل من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، ورئيس مفوضية الاتحاد الأوروبي جان كلود يونكر، إلى جانب ممثل عن الخارجية الأميركية، ووزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي الست، وشخصيات أخرى من القادة الخليجيين لم تُحدّد بعد.

وتبدأ مراسم الاحتفال باستقبال ضيوف البلاد في مطار الخرطوم، ليتم التوقيع عند الحادية عشرة صباحاً بتوقيت السودان، وكان المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي شمس الدين الكباشي، قد ذكر، في وقت سابق، أن مراسم التوقيع ستُنقل للساحات الشعبية والميادين والأحياء التي تحمل دلالات الثوار، فيما تنظم قوى إعلان الحرية والتغيير «احتفالات شعبية» في أنحاء البلاد كافة، لم تكشف عن تفاصيلها بعد. وبعد التوقيع النهائي، وبحسب الخريطة الزمانية لتشكيل الحكومة الانتقالية، يشهد يوم الأحد، 18 أغسطس (آب)، مراسم تعيين مجلس السيادة، وحل المجلس العسكري الانتقالي، فيما يؤدي المجلس المعيَّن اليمين الدستورية أمام رئيس القضاء، الاثنين المقبل، الذي يعقد خلاله مجلس السيادة أول اجتماعاته.

وفي 19 أغسطس، يعين مجلس السيادة رئيس مجلس الوزراء، الذي يؤدي اليمين الدستورية أمام رئيس القضاء والمجلس السيادي في اليوم التالي لتعيينه.

وتسلم «قوى إعلان الحرية والتغيير» رئيس الوزراء ترشيحاتها للحقائب الوزارية، وعلمت الصحيفة أنها رشحت لكل حقيبة ثلاثة أشخاص يختار رئيس الوزراء أحدهم ليعلن وزارته، في 28 أغسطس الحالي، ليعتمدها مجلس السيادة في اليوم التالي، وتؤدي اليمين الدستورية، نهاية الشهر، وتعقد الوزارة اجتماعها الأول. وينتظر أن يشهد مطلع سبتمبر (أيلول) أول اجتماع مشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة، إيذاناً بانطلاق عملية السلام الشامل في السودان، وبداية عهد جديد في البلاد، ينهي دولة الحزب ويقيم دولة الوطن، وذلك بحسب ما نص عليه الإعلان الدستوري والإعلان السياسي.

من جهته، قال رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان، في خطاب بثه التلفزيون الرسمي احتفاء بالذكرى الخامسة والستين لتأسيس الجيش السوداني، إن الجيش السوداني وأفراده سطّروا ملاحم بطولية، في الحفاظ على أمن واستقلال البلاد، وإنهم قادرون على حماية التحول الديمقراطي وأهداف ثورة ديسمبر المجيدة.

ويُتوقع أن تكون كلمة البرهان، أمس، هي الأخيرة له، بصفته رئيساً للمجلس العسكري الانتقالي الذي يُنتظر حلّه عقب توقيع الإعلان السياسي والإعلان الدستوري الحاكمين للفترة الانتقالية، ليترأس مجلس السيادة.

وربط البرهان بين تزامن الاحتفال بذكرى تأسيس القوات المسلحة السودانية، والتوقيع النهائي على الوثيقة الدستورية الحاكمة للمرحلة الانتقالية، بعد غدٍ (السبت)، وتأسيس مرحلة وصفها بأنها «مهمة» تنتقل بموجبها البلاد لدولة الحرية والعدالة. وتعهد البرهان بالحرص على بناء قوات مسلحة مهنية، تؤدي واجبها في حماية أمن البلاد وسلامتها، دون موالاة لأي جهة أو فئة.

ويحتفل السودان بعيد الجيش سنوياً في 14 أغسطس (آب)، وهو اليوم الذي تسلم فيه الفريق الركن أحمد محمد الجعلي القيادة من قائد «قوة دفاع السودان» الجنرال البريطاني اسكونز، في عام 1954، لتصبح «الجيش السوداني».