التاريخ: آب ١١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
طرفا الصراع في ليبيا يعلنان قبول الهدنة الأممية بمناسبة عيد الأضحى
مقتل اثنين من موظفي بعثة الأمم المتحدة خلال عملية إرهابية في بنغازي
القاهرة: خالد محمود
وافق طرفا النزاع العسكري في العاصمة الليبية طرابلس على إبرام هدنة، برعاية بعثة الأمم المتحدة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، حيث أعلن المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني»، وقف جميع العمليات العسكرية التي تخوضها قواته في ضواحي العاصمة طرابلس، وذلك بعد ساعات من إعلان حكومة «الوفاق»، التي يرأسها فائز السراج، قبولها هدنة مشروطة لوقف إطلاق النار.

وجاء موقف حفتر في بيان تلاه اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات «الجيش الوطني» الليبي، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس، تضمن الموافقة على «الهدنة الإنسانية»، التي دعت إليها الأمم المتحدة خلال عيد الأضحى، حسبما أعلنه في مؤتمر صحافي.

وقال المسماري إنه «تقديراً لما لهذه المناسبة من مكانة في نفوسنا، والتزاماً بتعاليم الإسلام السمحة، وتمكيناً لمواطنينا من الاحتفال بهذا العيد في ظروف هادئة، يعلن القائد العام للقوات المسلحة عن وقف جميع العمليات الحربية، التي يخوضها الجيش الوطني في ضواحي العاصمة طرابلس بدءاً من تاريخ اليوم (أمس) السبت، وحتى الاثنين».

وحذر حفتر في بيانه من أن رده «سيكون قاسياً وفورياً في جميع الجبهات ضد أي عمليات أو تحركات من أي طرف، تمثل خرقاً لهذه الهدنة». وقال إنه «يُطمئن الليبيين المتطلعين إلى يوم تحرير العاصمة بأن القوات المسلحة، بجميع صنوفها، في حالة استعداد تام للرد المناسب على كل من تسول له نفسه استغلال الهدنة لتحقيق أي مكسب ميداني، أو إلحاق الضرر بقواتنا المسلحة».

كانت حكومة السراج قد أعلنت مساء أول من أمس، موافقتها المشروطة على هدنة، تتضمن «مناطق الاشتباكات كافة، بحيث تتوقف تماماً الرماية المباشرة وغير المباشرة، أو أي تقدم للمواقع الحالية»، بالإضافة إلى «حظر نشاط الطيران وطيران الاستطلاع في الأجواء كافة، وفي القواعد الجوية كافة التي ينطلق منها».

كما تضمنت هذه الضوابط «عدم استغلال الهدنة لتحرك أي أرتال، أو القيام بأي تحشيد»، وأن «تتولى البعثة الأممية ضمان تنفيذ الهدنة ومراقبة أي خروقات».

ولم تتمكن قوات الجيش التي تتقدم منذ الرابع من شهر أبريل (نيسان) الماضي، صوب طرابلس، من تحطيم المقاومة الشرسة لقوات حكومة السراج، حيث تسببت المعارك التي دخلت شهرها الخامس في سقوط نحو 1100 قتيل، وإصابة 5762 بجروح بينهم مدنيون، فيما اقترب عدد النازحين من 120 ألف شخص، حسب وكالات الأمم المتحدة.

في غضون ذلك، أكدت مصادر طبية مقتل اثنين من موظفي الأمم المتحدة في انفجار سيارة ملغومة في مدينة بنغازي بشرق البلاد.

وقالت مصادر طبية وأمنية إن شخصين لقيا حتفهما، وأصيب ثمانية آخرون في انفجار سيارة مفخخة، استهدف موكباً تابعاً لبعثة الأمم المتحدة في منطقة الهواري غرب مدينة بنغازي.

وأظهرت قائمة بأسماء الضحايا في مستشفى بنغازي قتيلين يعملان لدى بعثة الأمم المتحدة في ليبيا، لكن لم يصدر على الفور أي تعقيب من البعثة.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش الوطني، عن مصدر أمني قوله إن أحد القتيلين مواطن ليبي من طرابلس، والآخر من جزر فيجي، فيما قال مصدر أمني آخر إنه تم تطويق المكان بالكامل، تحسباً لوقوع أي اختراق أمني.

وفى مدينة مرزق بجنوب البلاد، عبّرت بعثة الأمم المتحدة عن قلقها من استمرار أعمال العنف والقتل، وتأثيرها على سكان المدينة بعد أقل من أسبوع على مقتل أكثر من 40 شخصاً من المدنيين جراء قصف جوي. وقالت بهذا الخصوص: «لقد قامت الأمم المتحدة مع شركائها بمساعدة 2150 نازحاً من خلال تقديم الرعاية الصحية، والغذاء والمأوى والإجلاء الطبي للجرحى». ودعت البعثة الأممية «الجميع في مرزق إلى تبني مبادئ التسامح المتبادل، وتقديم مساعيها الحميدة للجمع بين الأطراف». وسقط أكثر من 40 قتيلاً، وأُصيب أكثر من 50 شخصاً جراء قصف جوي في مدينة مرزق، الأحد الماضي، اتهمت حكومة السراج قوات الجيش الوطني بالمسؤولية في تنفيذ القصف.

وكان «الجيش الوطني» قد أكد تنفيذه ضربات جوية استهدفت مواقع المعارضة التشادية في ضواحي مرزق، لكنه لم يشر صراحة إلى استهداف موقع يضم مدنيين.

وفرضت قوات الجيش الوطني سيطرتها على المدينة نهاية فبراير (شباط) الماضي، بعدما شهد جنوب ليبيا تصعيداً عسكرياً غير مسبوق، ويتهم الجيش الليبي المعارضة التشادية بمحاولة توسيع نفوذها في مدن الجنوب، كما يتهمها بنقل الأسلحة والاتجار بالبشر لتمويل عملياتها.

ذكرى تأسيس الجيش الليبي تمر «باهتة» بسبب الانقسام
السراج قال إن الآباء المؤسسين لم يتدخلوا في شؤون الحكم

القاهرة: جمال جوهر
ألقت الحرب على العاصمة طرابلس بظلالها على كيفية التعاطي مع الذكرى 79 لتأسيس الجيش الليبي، التي توافق 9 من أغسطس (آب) من كل عام، إذ استغل المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» هذه المناسبة ليوضح أن «الآباء المؤسسين لم يتورطوا في السياسة، أو يتدخلوا في شؤون الحكم»، فيما قال الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي إن «الليبيين لن يرضوا إلا بحكم مدني ديمقراطي، ومؤسسة الجيش العريقة ستعود حتماً إِلى المسار والأسس التي قامت عليها».

وينقسم الليبيون إلى فريقين، كل منهما يدعم «قوته العسكرية» سواء في شرق أو غرب ليبيا، وينتصر لها، خاصة على خلفية المعركة العسكرية، التي شنها «الجيش الوطني» على طرابلس لـ«تطهيرها» من الجماعات الإرهابية.

وقال المجلس الرئاسي لحكومة «الوفاق» في بيان مساء أول من أمس: «نحتفل بذكرى تأسيس الجيش الليبي في التاسع من أغسطس عام 1952 بعد إعلان الاستقلال في الرابع والعشرين من ديسمبر (كانون الأول) 1951»، مشيراً إلى أن «الآباء المؤسسين حرصوا على بناء الجيش على عقيدة الولاء للوطن، والمحافظة على استقلاله دون تورط في السياسة، أو التدخل في شؤون الحكم، ليبقى دائماً فوق المصالح والتجاذبات والمناورات».

وأضاف المجلس موضحا «في هذه المناسبة العزيزة على نفوس الليبيين جمعياً نعرب عن اعتزازنا وفخرنا بتضحيات الآباء والأجداد»، معبراً عن «تقديره واعتزازه بالمقاتلين البواسل في محاور القتال».

وعلّق على هذه الذكرى الدكتور محمد عامر العباني، عضو مجلس النواب الليبي الذي ينتمي إلى مدينة ترهونة، ويدعم «الجيش الوطني»، بالقول: «في ذكرى تأسيسك أيها الجيش العظيم، نبارك مجهوداتك وتضحياتك، ونترحم على كل من قضى من أبطالك، والتحية والتقدير لقياداتك».

وكان الأمير محمد الحسن الرضا المهدي السنوسي، قد قال إن الجيش الليبي «تأسس بحيث يكون ولاؤه لله ثم للوطن، بعيداً عن أي انتماءات جهوية أو حزبية، ويكون ملكاً لكل المواطنين ولا ينحاز لطائفة دون غيرها، أو يعقد تحالفاً مع جماعة، دون سواها من أبناء الشّعب».

وأضاف السنوسي في بيان مساء أول من أمس أنه منذ 79 عاماً تأسست قوات ليبية في المنفى عرفت بـ«جيش التحرير»، شاركت في الحرب العالمية الثانية إلى جانب قوات الحلفاء بهدف تحرير البلاد من المستعمر الإيطالي، وتحقيق الاستقلال، مشيرا إلى أنه بعد تحرير الأرض أعلن الملك إدريس السنوسي من شرفة قصر المنار في مدينة بنغازي في 24 ديسمبر (كانون الأول) 1951 استقلال البلاد وتحريرها، وأصبحت ليبيا منذ ذلك اليوم دولة مستقلة ذات سيادة. لافتا إلى أنه «بعد فترة وجيزة من إعلان الاستقلال، احتفل رسمياً بتأسيس الجيش الليبي في 9 أغسطس 1952، معتمداً على النواة الأولى التي تشكلت في المنفى بمصر في التاسع من أغسطس 1940».

وتابع السنوسي قائلا: «الدستور والجيش، اللذان قامت عليهما دولة ليبيا الحديثة، كانا من ضحايا الانقلاب على السلطة، الذي تم في الأول من سبتمبر (أيلول) 1969، حيث ألغى الانقلابيون الدستور فور استيلائهم على السلطة، وتم حل الجيش بعد سنوات من عمر الانقلاب، وتحول إلى كتائب أمنية تحمي السلطة القائمة».

ورأى السنوسي أن «المصالحة والتسامح والعفو أساس بناء الدول، وليست الأحقاد والكراهية والانتقام والثأر بين الأشخاص، والقبائل والمناطق المختلفة»، لافتاً إلى أن «التجربة الليبية العظيمة كانت يوم حرر آباؤنا المؤسسون ما عرف بـ(ميثاق الحرابي)، بدعوة من الأمير إدريس السنوسي، عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، وطرد المستعمر الإيطالي من ليبيا، وانتصار جيش التحرير، ليبدأ مشروع بناء الدولة بالدعوة إلى التسامح والتصالح ونبذ العنف».

ويذهب المؤرخون إلى أنه في عام 1957 قررت الحكومة الليبية حينها إنشاء الكلية العسكرية في مدينة بنغازي، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 1962 جرى تكليف الأدميرال منصور بدر بتأسيس قوات البحرية الليبية، بينما تأسس في أغسطس 1963 السلاح الجوي بقيادة مجموعة من الضباط، وعلى رأسهم الضابط الهادي الحسومي، والضابط محمد شنيب والضابط صلاح الدين الهنشيري، وفي سنة 1968 أنشئت وحدة للدفاع الجوي.