التاريخ: آب ٢, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
ميليشيات موالية لـ «الوفاق» تصعّد تهديداتها لسلامة وتعتبر بقاءه «خيـانة لليبيين»
«الجيش الوطني» يستعد لشن «هجومه الأكبر» على طرابلس
القاهرة: خالد محمود
وسط مخاوف أمنية من احتمال إقدام الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس على اغتيال رئيس بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة، تصاعدت أمس لليوم الثاني على التوالي حدة التهديدات الرسمية، التي وجهتها له ميليشيات موالية لحكومة «الوفاق»، التي يترأسها فائز السراج، وذلك بسبب رفضها لإحاطة سلامة أمام مجلس الأمن الدولي؛ حيث اعتبرت قوة أمنية موالية للسراج أن بقاءه في ليبيا يعد «خيانة لدماء الشهداء».

واعتبرت ما تسمى «القوة المساندة» بطرابلس في بيان، وجهته مساء أول من أمس إلى جميع الميليشيات الموالية لحكومة السراج، أن ‎المبعوث الأممي «أصبح جزءاً رئيسياً من الأزمة الحالية لبلادنا». وبعدما اتهمته بأنه «لم يفرق بين الحق والباطل، وبين المعتدي والمعتدى عليه»، أثناء إحاطته بالوضع في مدينة طرابلس أمام مجلس الأمن في جلسته الأخيرة، اعتبرت أن بقاءه «هو طعن في ظهور الرجال، وخيـانة لدماء شهدائنا الأبـرار»، وطالبت من أسمتها «جهات الاختصاص»، بالتدخل فوراً «قبل فوات الأوان»، على حد تعبيرها.

وكانت عملية «بركان الغضب»، التي تشنها قوات السراج، قد سجلت «استياءها واحتجاجها» على كلمة سلامة، التي وصفتها بأنها «غير موفقة» أمام مجلس الأمن، ودعته إلى «تصحيح ذلك بما هو مناسب»، إعلامياً ورسمياً.

وانضم مهند يونس، وزير شؤون الشهداء والجرحى في حكومة السراج، إلى حملتها ضد سلامة؛ حيث وصف إفادته أمام مجلس الأمن بأنها «مليئة بالمغالطات والكذب»، وقال في تغريدة له عبر موقع «تويتر»، إنه «لا يمكن السكوت عن هذه الممارسات، وأحرار ليبيا سيكون ردهم في الميدان»، على حد تعبيره.

وكان سلامة قد أبدى قلقه من استمرار الهجمات التي تستهدف مطار معيتيقة بطرابلس، المنفذ الوحيد بغرب ليبيا، والذي أغلق عشرات المرات خلال الأشهر الأربعة الماضية جراء القصف.

ودعا سلامة في إحاطته أمام مجلس الأمن، الاثنين الماضي: «السلطات في طرابلس إلى التوقف عن استخدام المطار لأغراض عسكرية، والقوات المهاجمة إلى التوقف فوراً عن استهدافه». في إشارة لقوات حفتر. كما تحدّث عن «مزاعم غير مؤكّدة بوقوع تجاوزات ضد حقوق الإنسان في غريان»، عقب سيطرة قوات حكومة السراج عليها قبل شهر، واستعادتها من قبضة قوات الجيش الوطني، مشيراً إلى «قيام البعثة حالياً بتحري هذا الأمر».

ودخل «الجيش الوطني» على خط الأزمة بين المبعوث الأممي وحكومة السراج، إذ قال اللواء أحمد المسماري، الناطق باسم الجيش، إن إحاطة سلامة «تسببت في هرج كبير في صفوف الإرهابيين في طرابلس»، وتساءل في مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس في بنغازي: «كيف يمكن للسراج الاحتجاج على إحاطة سلامة، وصلاح بادي وأسامة الجويلي، المطلوبان للعدالة الدولية يقاتلان معه؟». في إشارة إلى أنهما يعتبران من أبرز قادة الميليشيات. كما عرض المسماري مقاطع مسجلة لعناصر أجنبية، ومن تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين، وهم يقاتلون في صفوف ميليشيات السراج، موضحاً أن لدى الجيش «سجلاً كاملاً بالإرهابيين المطلوبين للعدالة الدولية». وبعدما أكد أن سلاح الجو «يفرض سيطرته الكاملة على كافة التراب الليبي»، أعلن المسماري أن قوات الجيش «أحرزت تقدماً في أغلب خطوط التماس مع ميليشيات (الوفاق) والجماعات الإرهابية».

ميدانياً، خاضت أمس قوات «الجيش الوطني»، التي تستعد بحسب مصادر عسكرية لشن ما وصفته بـ«الهجوم الأكبر على الميليشيات الموالية لحكومة السراج»، معارك عنيفة في مختلف محاور القتال؛ خصوصاً جنوب العاصمة طرابلس.

واتهم سكان في طرابلس ميليشيات عبد الغني الككلي، الشهير بغنيوة، والذي يقود ما يعرف بـ«قوات الأمن المركزي أبو سليم»، بقصف الأحياء المدنية بعد عجزه عن مواجهة قوات الجيش. وقالت سيدة طلبت عدم تعريفها، إن قذيفة اخترقت جدار إحدى غرف منزلها بضاحية سيدي المصري، مقابل مقر المفوضية العليا للانتخابات.

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، إنهم شاهدوا الصواريخ لحظة خروجها من موقع تابع لميليشيات غنيوة في منطقة سيدي حسين.

ومع ذلك تبدو الحياة اليومية تسير بشكل عادي في العاصمة طرابلس، على الرغم من تصاعد حدة القتال، الذي أوشك أن يكمل شهره الرابع خلال اليومين المقبلين؛ حيث قال أحد المواطنين: «الوضع في العاصمة عادي جداً. الناس تذهب إلى العمل، والشوارع مزدحمة كالعادة، وإن كان ذلك بدرجة أقل»، لافتاً إلى أنه تم تخفيف الحراسة حول مبنى رئاسة الوزراء، دون سبب معلن أو أي تفسير.