التاريخ: آب ١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المعارضة تصد هجومين في حماة واللاذقية والنظام وروسيا يكثفان القصف ومحادثات آستانة تنطلق اليوم وسط توقعات محدودة
موسكو تقر بمشاركتها في معارك ريف اللاذقية
دمشق - لندن: «الشرق الأوسط»
كثفت قوات النظام السوري قصف مناطق في شمال غربي سوريا، وزجت روسيا بقوات خاصة لتحقيق «تقدم بأي ثمن» في ريف اللاذقية، بعدما أعلنت قوات المعارضة السورية الثلاثاء تصديها لهجومين شنتهما القوات الحكومية السورية والقوات الروسية الخاصة، في ريفي حماة واللاذقية، من أجل انتزاع مواقع من فصائل المعارضة.

وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس، إن «مروحيات سورية ألقت أكثر من 15 برميلاً متفجراً على مناطق في محور كبانة بجبل الأكراد، وبلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي، بينما ارتفع إلى 28 عدد الغارات التي نفذتها طائرات روسية على مناطق في محيط وأطراف مدينة خان شيخون، وأطراف كفرسجنة الجنوبية الشرقية، وجبالا والعامرية وتحتايا، وأطراف التح بالقطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، وكفرزيتا ولطمين شمال حماة، والسرمانية بريف حماة الشمالي الغربي، بالإضافة لمحور كبانة في جبل الأكراد، بينما ارتفع إلى 33 عدد الغارات التي نفذها الطيران الحربي التابع للنظام السوري منذ صباح اليوم (أمس) مستهدفاً أماكن في كل من اللطامنة وكفرزيتا ولطمين ودوير الأكراد بريفي حماة الشمالي والشمالي الغربي، وكفرزيبا وخان شيخون ومحيطها بريف إدلب الجنوبي، ومحور كبانة في جبل الأكراد. كذلك تواصل الفصائل استهداف مناطق خاضعة لسيطرة قوات النظام بالريف الحموي؛ حيث استهدفت بالقذائف الصاروخية أماكن في الرصيد والجيد والعزيزية، وسط معلومات عن خسائر بشرية».

وأضاف أنه «مع سقوط مزيد من الخسائر البشرية، يرتفع إلى 2860 شخصاً من قتلوا منذُ بدء التصعيد الأعنف على الإطلاق، ضمن منطقة (خفض التصعيد) في 30 أبريل (نيسان)».

وقال قائد عسكري في الجبهة الوطنية للتحرير، التابع لـ«الجيش السوري الحر» لوكالة الأنباء الألمانية: «تصدت فصائل المعارضة لهجوم واسع شنه الجيش السوري والمجموعات المسلحة الموالية له، والقوات الروسية الخاصة، على محوري وادي حسمين شرقي قرية تل ملح بريف حماة الشمالي».

وأضاف أن القوات الحكومية «تكبدت خسائر فادحة في محاولتهم الثالثة، وجثث قتلى القوات الحكومية تملأ الوادي بعد وقوعهم في كمائن، ما دفعهم إلى وقف العمليات العسكرية مساء اليوم، وسط استمرار القصف الجوي على مدن وبلدات ريفي حماة وإدلب. وألقى الطيران المروحي التابع للقوات الحكومية براميل متفجرة في محيط قرية الزكاة، وقصفت الطائرات الحربية الروسية بالصواريخ مدينة اللطامنة بريف حماة الشمالي».

وأكد القائد العسكري «قصف فوج المدفعية في الجبهة الوطنية للتحرير مواقع القوات الحكومية والروسية، في حاجز شليوط بريف حماة الشمالي، وبلدة شيزر بريف حماة الشمالي الغربي. كما استهدف مواقع القوات الحكومية في قرية الجبين غرب قرية تل ملح براجمات الصواريخ، وحقق إصابات في صفوف عناصر القوات الحكومية، واحترق عدد من الآليات».

وأضاف القائد العسكري: «الهجوم الذي تشنه القوات الحكومية المدعومة من القوات الروسية والطيران الروسي يأتي قبل يومين من انعقاد اجتماعات آستانة، وتريد من الهجوم في اللاذقية وحماة أن تحقق شيئاً على الأرض قبل بدء الاجتماعات».

من جانبها، اعتبرت القوات الروسية الخاصة في سوريا، أن تصدي المعارضة لهجوم على مواقعها يعود لامتلاك فصائل المعارضة لصواريخ مضادة للدروع.

ونقلت صفحات تابعة للقوات الروسية على مواقع التواصل الاجتماعي «فشل الهجوم باتجاه عدة نقاط في ريف حماة، بسبب امتلاك المجموعات الإرهابية لصواريخ مضادة للدروع، بالإضافة لضعف معلوماتي لدى القوات الحكومية في تضاريس المنطقة، والقوات الروسية تشن عدة غارات الآن على مواقع الإرهابيين في المنطقة، لتغطي عمليات الإخلاء لقتلى وجرحى القوات الحكومية».

وأكدت القوات الروسية مشاركتها مع القوات الحكومية في الهجوم باتجاه عدة مناطق في منطقة ريف حماة.

وفي محافظة اللاذقية، قال قائد مصدر في الجبهة الساحلية التابعة لـ«الجيش السوري الحر»: «تصدت فصائل الجبهة الساحلية للهجوم الذي بدأته القوات الحكومية السورية والقوات الموالية لها، باتجاه تلال كبينة بريف اللاذقية، وبدعم وإسناد جوي من الطائرات الحربية الروسية».

وأكد المصدر: «شاركت في الهجوم طائرات مروحية جديدة، ولكنها لم تستطع تحقيق تقدم بسبب الطبيعة الجغرافية الوعرة والتحصين الجديد، ووجود شبكات أنفاق تحت التلال يصعب استهدافها».

وأقرت القوات الروسية الخاصة الروسية بمشاركتها في الهجوم بريف اللاذقية، ونقلت صفحاتها: «قواتنا الجوية تشارك بدعم مجموعات المشاة بشكل فعال؛ حيث قدمت أكثر من 100 طلعة جوية باتجاه تلال كبينة، بالإضافة لمشاركة مروحيات القوات الحكومية في العملية. يواجه تقدمنا تعثراً ملحوظاً رغم كثافة القصف، بسبب وجود إرهابيين قوقاز يقودون المعارك، لديهم كفاءة عالية في حرب الجبال».

وأضافت القوات الروسية الخاصة: «قواتنا تحاول عبر 10 مجموعات من المشاة عالية التدريب، اقتحام تلال كبينة الاستراتيجية في مقاطعة اللاذقية؛ لكننا نتعرض لمواجهة عنيفة جداً من قبل الإرهابيين؛ لكننا نحاول التقدم بأي ثمن كان».

الجولة الـ13 من محادثات آستانة تنطلق اليوم وسط توقعات محدودة
موسكو: رائد جبر
تنطلق اليوم في العاصمة الكازاخية نور سلطان جولة المحادثات الـ13 في إطار «مسار آستانة»، وسط توقعات محدودة بتحقيق تقدم على صعيد الملفات المطروحة. ويحضر العراق ولبنان للمرة الأولى بصفة مراقب جلسات «مسار آستانة»، فيما قلص الإعلان عن غياب المبعوث الدولي إلى سوريا غير بيدرسن (ربما لأسباب صحية) من احتمالات ترددت سابقاً بشأن إعلان الأطراف الضامنة وقف النار في سوريا رسمياً عن تشكيل وإطلاق عمل اللجنة الدستورية.

وبات مؤكداً حضور وفدي الحكومة والمعارضة بالتركيبة السابقة ذاتها تقريباً؛ إذ يرأس وفد دمشق السفير لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، فيما يرأس وفد المعارضة أحمد طعمة، الذي أكد، أمس، أن المعارضة اتخذت قراراً بالمشاركة بعد التداول مطولاً على المستويين العسكري والسياسي. وزاد أنه «في غياب مفاوضات جنيف، فإن (مسار آستانة) ما زال المنصة الوحيدة التي تجري فيها مناقشة الملفات السياسية للتسوية في سوريا». وكانت المعارضة أعلنت في وقت سابق احتمال مقاطعتها هذه الجولة على خلفية العمليات العسكرية المتواصلة في إدلب ومحيطها.

ولفت الأنظار الإعلان المفاجئ من جانب الجهة المستضيفة في كازاخستان عن تغيب بيدرسن عن هذه الجولة، علماً بأنه كان أعلن نيته المشاركة في أعمالها ومنح الأولوية في النقاشات للملفات الإنسانية، خصوصا ملفي «المعتقلين لدى النظام» و«المساعدات الإنسانية»، فضلاً عن توقعات بتطلعه إلى إثارة مسألة استهداف المستشفيات والمراكز الصحية خلال العمليات العسكرية.

وقالت وزارة الخارجية الكازاخية أمس إنها «تأسف لأن الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في سوريا سيضطر لعدم حضور المحادثات المقبلة لأسباب صحية... وسيرأس وفد الأمم المتحدة نائبه».

وأضاف بيان الوزارة أن «ممثلي لجنة الصليب الأحمر الدولية ومكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، سيصلون إلى العاصمة نور سلطان لحضور الاجتماع الدوري لمجموعة العمل حول المحادثات بخصوص سوريا».

وقلص غياب بيدرسن من توقعات سابقة بأن تستخدم الأطراف الضامنة وقف النار في سوريا (روسيا وإيران وتركيا) جولة المحادثات الحالية للإعلان بشكل رسمي عن تشكيلة وآليات إطلاق عمل اللجنة الدستورية، التي كانت كل من الأمم المتحدة وروسيا وتركيا أعلنت في وقت سابق «تسوية كل المشكلات العالقة حولها واقتراب إعلان تشكيلها».

في حين يشكل حضور لبنان والعراق بصفة مراقب للمرة الأولى في هذه المحادثات انتصاراً دبلوماسياً لموسكو، التي سعت إلى توسيع الحضور العربي في «مسار آستانة»، علماً بأن الأردن كان البلد العربي الوحيد الذي شارك بصفة مراقب في الجولات الأخيرة. وأعلن في لبنان أن السفير غدي خوري، مدير العلاقات الخارجية في وزارة الخارجية اللبنانية ومدير مكتب وزير الخارجية جبران باسيل، كُلف بتمثيل بيروت في المحادثات، مما عكس اهتماماً لبنانياً بهذه المشاركة.

في المقابل؛ غابت واشنطن التي سبق أن حضرت عدداً محدوداً من جولات النقاش في إطار «آستانة»، وأعلنت الخارجية الأميركية أن الولايات المتحدة «لن تشارك في أي عمليات تفاوضية تجري خارج إطار الأمم المتحدة ومن دون رعايتها».

وينتظر أن تجرى في اليوم الأول لأعمال الجولة سلسلة من المشاورات الثنائية ومتعددة الأطراف خلف أبواب مغلقة، فيما تعقد الجلسة العامة في اليوم التالي غداً الجمعة، وسيتم تقديم النتائج الرئيسية للمحادثات التي تستمر يومين في بيان مشترك للضامنين في عملية «آستانة».

لكن التوقعات تبدو محدودة باحتمال التوصل إلى تفاهمات حول الملفات الأساسية المطروحة؛ إذ ما زالت الخلافات حول آليات التعامل مع الوضع في إدلب تعرقل التوصل إلى تفاهمات كاملة بين موسكو وأنقرة، وكانت وزارة الدفاع الروسية استبقت اللقاء بإطلاق تحذيرات قبل يومين قالت فيها إن «الهجمات الإرهابية ما زالت متواصلة» ولفتت إلى معطيات لديها عن «إعداد المسلحين لهجمات جديدة ضد قاعدة حميميم والمناطق المدنية المحيطة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب». وتلا ذلك إعلان المندوب الروسي لدى الأمم المتحدة أن «البلدان الغربية تدعم الإرهابيين في إدلب، بهدف استخدام هذه المنطقة ضد القوات الشرعية في وقت لاحق». وعكست هذه التصريحات درجة التباعد في المواقف بين موسكو وأنقرة، ودفعت إلى ترجيح عدم تحقيق تقدم على صعيد تقريب وجهات النظر.

ومع تراجع فرص التقدم في ملف إدلب، وعدم وضوح استعداد الأطراف لإطلاق مسار تشكيل اللجنة الدستورية في الجولة الحالية، ينتظر مراقبون أن يشكل الإعلان عن تفاهمات على إجراءات لإطلاق متبادل للمعتقلين، واحداً من النتائج المتواضعة المتوقعة في هذه الجولة، علماً بأن هذا الملف ظل معلقاً خلال جولات سابقة، وتم تشكيل مجموعة عمل لمتابعته برعاية من الأطراف المختصة لدى الأمم المتحدة، لكن المجموعة فشلت في تقريب وجهات النظر وتحقيق تقدم ملموس في هذا الشأن خلال الجولات السابقة.