التاريخ: تموز ٢٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
حراك الجزائر «يُصعّد» مع السلطات في الجمعة الـ22 بشعار: «إما نحن أو أنتم»
طالب بضرورة الإفراج عن معتقلي الرأي شرطاً لبدء الحوار
الجزائر: بوعلام غمراسة
عكست مطالب الحراك الشعبي بالجزائر في جمعته الـ22 مطالب قطاع واسع من النشطاء وأحزاب المعارضة، شرطاً لبدء الحوار مع السلطة، وأبرزها إطلاق سراح المساجين السياسيين، و«معتقلي رايات الأمازيغ»، ووقف المضايقات على وسائل الإعلام، التي توقفت منذ أسابيع كثيرة عن البث المباشر للمظاهرات؛ وذلك بسبب تحذيرات وصلتها من «السلطة الفعلية».

وخرج أمس آلاف المتظاهرين حاملين شعار «ياحنا يا انتوما.. ماراناش حابسين» (إما نحن أو أنتم.. ولن نوقف مظاهراتنا). وتردد هذا الشعار في العاصمة وفي غالبية مدن البلاد، التي خرج إلى شوارعها أيضاً آلاف الأشخاص مطالبين بـ«التغيير الحقيقي»، ورحيل رموز النظام، الذين يقصد بهم أساساً الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح (كان أمس في مصر لمتابعة نهائي كأس أمم أفريقيا لكرة القدم)، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.

وهاجم المتظاهرون في العاصمة بن صالح بخصوص قضية الحوار، الذي يروج له «منتدى التغيير» (جمعيات وتنظيمات)، والذي تبين أن رئاسة الدولة هي من تقف وراءه. وعبّر الحراك في معظمه، أمس، عن رفض مسعى التقارب مع السلطة بحجة أنها «لا تبدي نية حسنة للحوار»، بسبب استمرار سجن شخصيات سياسية معروفة، أهمها رجل الثورة لخضر بورقعة، ومرشحة رئاسية 2014 لويزة حنون، وهما يعتقلهما الجيش. زيادة على سجن عشرات المتظاهرين في قضية «الراية الأمازيغية»، وبسبب مناوشات وعراك مع رجال الأمن أثناء مظاهرات خلال الأسابيع الماضية.

وقال ناصر جابي، أستاذ علم الاجتماع الشهير، الذي كان أمس وسط المتظاهرين بساحة موريس أودان، إنه «لا مصداقية لأي مسعى للحوار والتفاوض مع السلطة ما دامت تهاجمنا، وتعتقلنا وتسجن شخصيات سياسية.. ولا يمكن أن يكون بن صالح جاداً في تعهداته بالحوار، بينما السلطة الفعلية تخنق حرية التعبير، وتمنع وسائل الإعلام من بث المظاهرات... ولا يمكننا أن نثق في أي شيء يأتي منها».

وتم وضع اسم جابي على لائحة تضم 13 شخصية وطنية، اختارتها السلطة للحوار معها حول مسألة واحدة هي تنظيم انتخابات رئاسية في أقرب وقت. وهو أمر يتحفظ عليه المحامي مصطفى بوشاشي، أحد أبرز نشطاء الحراك، الذي قال في اتصال مع «الشرق الأوسط» أمس «لا يمكن أن نقبل أبداً أن تحدد لنا سلطة تعاني من فقدان شرعية خريطة طريق، هي من تضع آلياتها، وتطالب من الحراك أن ينخرط فيها... فالانتخابات الرئاسية ليست هاجساً لدينا، ولا نريدها أبداً قبل تحقيق مطالبنا، وأولها إطلاق سراح المعتقلين».

من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية، محمد هناد، بشأن الجدل حول الحوار «فكرة الحوار الرائجة حالياً يمكن أن تثمر، شريطة توفير عنصر الثقة المفقود عندنا بشكل مأساوي، بين مختلف القوى السياسية والاجتماعية والسلطة. لذلك؛ لا غنى لهذه السلطة أبداً عن إطلاق تدابير تثبت حسن نيتها. ومن جملة هذه التدابير الهادفة إلى بناء الثقة الضرورية في كل حوار أو تفاوض، هناك السماح لوسائل الإعلام، وبخاصة العمومية منها، بممارسة عملها بكل حرية، وعدم مضايقة المواطنين واحترام حقهم في حضور مسيرات وتحركهم أثناءها، وكذا تخفيض حضور قوات الأمن (المدجّجة) إلى أبسط قدر ممكن، ما دامت المسيرات مصرّة على التمسك بطابعها السلمي والحضاري. لقد حضرت شخصياً مسيرة في تيزي وزو (شرق) ولم أشاهد أكثر من ثلاثة أفراد شرطة أمام محافظتهم».

ولتجاوز هذه الإشكالية، يقترح هناد «حسن اختيار الشخصيات المديرة للحوار الوطني، والحرص على نيل رضا الحراك الشعبي، وعليها التركيز على وجوه جديدة وعلى شباب من الجنسين. كما يجب الكف عن النظرة الأبوية؛ لأنها تضر أكثر مما تنفع. المستقبل هو مستقبل الشباب، وهؤلاء ليسوا في حاجة إلى وصاية، بل إلى حسن النصيحة بحكم التجربة. ولكل عصر فاعلوه!».

بدوره، قال الحقوقي البارز، مقران آيت العربي «لا يهمني أن تنظم الانتخابات بعد ستة أشهر أو سنة. لكن ما يقلقني بالدرجة الأولى هو الخروج من سلطة عصابة للدخول في سلطة عصابة أخرى. وهذا ما قد يحدث إذا كان الهدف من أي حوار هو مجرد الاتفاق حول الانتخابات الرئاسية، من دون ضمانات مسبقة لاحترام الحقوق والحريات. لقد عدّل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الدستور ليبقى في الحكم مدى الحياة، ووجد في أحزاب الموالاة –وغيرها - سندا له عن طريق تعميم الفساد. وقد عدّل الدستور عن طريق البرلمان، الذي اتفق الجميع على أنه جاء نتيجة التزوير والمال الفاسد. فمن يضمن أن الرئيس القادم لن يفعل ما فعله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة؟».