التاريخ: حزيران ٢٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الدستوري طليعة المحاصصات وصندوق النقد يراقب
نفّست" بين الاشتراكي و"المستقبل" ولكن جمر الخلاف باق تحت الرماد
يمكن القول إن الموقف اللبناني الرسمي والسياسي من "صفقة القرن" الذي تميز باجماع نادر على رفضها عشية مؤتمر البحرين الذي يقاطعه لبنان شكل تطوراً فريداً ووحيداً دون باقي الاستحقاقات الداخلية والخارجية التي يواجهها لبنان. وهو اجماع ترجمه خصوصا صدور بيان مشترك عن مجموعتي العمل اللبنانية والفلسطينية حول قضايا اللجوء الفلسطيني في لبنان اثر اجتماع مشترك لهما أمس في السرايا برئاسة رئيس لجنة الحوار اللبناني – الفلسطيني حسن منيمنة واعلنتا فيه رفض "صفقة القرن" واعتبرتا "كل ما يترتب عنها لاغياً وباطلاً بما فيها ورشة العمل المقبلة في البحرين ". واتخذ هذا الاعلان دلالات بارزة في ظل مشاركة واسعة لممثلي الاحزاب اللبنانية من كل الاتجاهات في الاجتماع كما ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية.

أما على صعيد الاستحقاقات الداخلية، فان بداية الاسبوع اتسمت بالاستعدادات للجلسة التشريعية لمجلس النواب غداً والتي "سينتخب" خلالها الاعضاء الخمسة من حصة المجلس للمجلس الدستوري ايذانا بفتح ملف التعيينات على الغارب، علماً ان الحكومة ستعين الاعضاء الخمسة الاخرين في جلسة مجلس الوزراء الخميس المقبل. كما ان الاستعدادات للجلسة التشريعية لم تحجب تطورات ملف الموازنة الذي كان لافتاً أمس الموقف الذي اعلنه وزير المال علي حسن خليل من ضرورة استعجال اقرارها قبل صدور التقرير الجديد لصندوق النقد الدولي. واجتمع وزير المال مع بعثة من صندوق النقد الدولي برئاسة كريس جارفيس وجرى عرض للوضع الاقتصادي والمالي في لبنان والتطورات الأخيرة التي طرأت على الموازنة والإصلاحات التي تتضمنها. وأفادت وزارة المال ان جارفيس تمنى أن يقرّ مجلس النواب الموازنة في أقرب وقت والتي جرى العمل فيها لخفض العجز إلى 7.6%، مما سيساعد على تحرير الأموال التي يحتاج اليها لبنان من مؤتمر "سيدر".

وقد ذكر الوزير خليل أنه "من المفترض إنجاز تقرير صندوق النقد الدولي حول وضع لبنان النقدي والمالي قبل منتصف تموز وهو محطة أساسية تؤثر كثيراً على تقدير الوضع واستقراره وتصنيف لبنان، خصوصاً أن جميع المؤسسات الدولية رحبت بإجراءات موازنة 2019 ". وافادت معلومات ان الوفد ابدى اسفه للخلافات السياسية الداخلية التي تنعكس سلباً على الوضع الاقتصادي وأبدى اهتماماً بارزاً بتنفيذ خطة الكهرباء كما بالتزام الحكومة نسبة العجز لهذه السنة وخفضه للسنة المقبلة.

تقرير وارقام
في غضون ذلك وبعد تأخير خمسة أشهر على اعلان الارقام التي أقفلت عليها المالية العامة في 2018، اصدرت وزارة المال تقريرها أمس الذي بيّن ارتفاعاً في حجم الانفاق بنسبة 16,21 في المئة ليبلغ 24,664 الف مليار ليرة مقابل 21,223 الف ملياراً في 2017. وبرزت الزيادة في الانفاق في مؤسسة كهرباء لبنان في شكل اساسي (32,6 في المئة) ونفقات على حساب موازنات سابقة (23,5 في المئة)، فيما زادت النفقات العامة بنسبة 8,20 في المئة.

واسترعى الانتباه استمرار التراجع في الواردات في الشهر الاخير من السنة اذ بلغ مجموع الايرادات في 2018 ما مجموعه 16،189 الف مليار ليرة مقابل 16,247 الف ملياراً في 2017 ما يرفع العجز الى 8475 الف مليار ليرة أو ما يعادل 5,6 مليارات دولار. كما استرعى الانتباه تراجع واردات الاتصالات في كانون الاول الماضي الى 225،7 مليار ليرة مقابل 859,8 مليار ليرة في كانون الاول 2017. وبرز بوضوح حرص الحكومة على خفض الانفاق في كانون الاول الماضي الى 1,712 مليار ليرة مقابل 2,370 مليار ليرة في كانون الاول 2017 وذلك من أجل خفض نسبة العجز التي كانت تجاوزت في الاشهر الاولى من السنة ستة مليارات دولار.

وأقرت لجنة المال والموازنة في جلستها أمس اعتمادات وزارة الدفاع في مشروع موازنة 2019، في حضور وزيري المال علي حسن خليل والدفاع الوطني الياس بوصعب.

وأوضح رئيس اللجنة النائب ابرهيم كنعان أن "موازنة وزارة الدفاع هي من أكثر الموازنات التي لحق بها خفضٌ ضمن مشروع الموازنة المحال من الحكومة، والحديث هنا ليس عن التقاعد وضريبة الدخل وتجميد التطويع والتسريح التي هي ضمن مواد القانون المعلقة على خلفية اعادة النظر فيها، وفقا لمبدأ ايجاد بديل من كل إيراد يُشطب، خصوصا اننا دخلنا الى أكثر من صندوق وهيئة وعلّقنا بنوداً لها علاقة بصناديق لها استثمارات كبيرة يمكن تأجيلها أو خفضها".

وأفاد أن "الخفض لحق بكل بنود موازنة وزارة الدفاع، من التغذية والتعليم والمحروقات وسواها، فيما ارجئت اعتمادات قانون برنامج التسليح الى السنة المقبلة، لكن اضفنا تعديلا على مشروع الحكومة بناء على اقتراح وزير الدفاع لنقل التأجيل من 2021 الى 2020". وأضاف أنه "ستكون لنا جولة أخرى مع الجيش وباقي الاسلاك العسكرية، في جلسة مخصصة للمواد المعلقة التي يستوهم منها البعض، فيما انا كرئيس لجنة مال وموازنة لا استوهم منها، لأننا نعرف ماذا حققنا والى أين نحن ذاهبون".

"الصفقة"

أما في ملف التعيينات وعشية انعقاد الجلسة التشريعية غداً، فتعقد اليوم هيئة مكتب المجلس اجتماعا علم انه ستوضع خلاله خمسة اسماء من المرشحين الـ59 للمجلس الدستوري. وتحمل الورقة التي ستتفق عليها الهيئة خمسة اسماء وفق التوزيع الطائفي الآتي : ماروني وشيعي وسني وارثوذكسي ودرزي على ان تعين الحكومة لاحقا الاعضاء الخمسة الآخرين بينهم العضو الكاثوليكي. ومن حق النواب ان ينتخبوا من يريدون ولكن يبدو واضحاً من خلال التحركات والمعطيات المتوافرة عن طبيعة الاسماء المطروحة ان صفقة المحاصصة باتت شبه ناجزة في تعيينات المجلس الدستوري، فيما ليس هناك أي ضمان لاعتماد آلية التعيينات التي اتبعت سابقاً في التعيينات المقبلة وسط خلافات على اعتمادها.

وكان انتخاب اعضاء الدستوري من أبرز الامور التي عرضها رئيس مجلس النواب نبيه بري مع وزير شؤون رئاسة الجمهورية سليم جريصاتي أمس والذي صرح بأنه "كان لا بد من التشاور مع الرئيس بري كالعادة في المحطات الوطنية الكبيرة، وهي محطة اليوم أن نبدأ بمعالجة ملف التعيينات وخصوصاً في المجلس الدستوري، ومن ثم بالتأكيد نواب حاكم مصرف لبنان، القضاء، الإدارات العامة والمؤسسات العامة، ودولته قوي بين أقوياء وشريك أساس في السلطة وفي دولة القانون والمؤسسات. كان الرأي متفقاً على أن نظرية المحاصصة نظرية ساقطة بالمفهوم والمبدأ، وليس لسبب إلاّ لأن كل الأطراف ممثلون في مجلس النواب، وبالتالي نظرية المحاصصة "بدّن يسمحولنا فيها". النقطة الثانية أين المحاصصة في الإختصاصات الرفيعة؟ كيف نحاصص بنواب الحاكم؟ ثم القضاء في ذاته خارج عن اي آلية، في القضاء يجري إختيار الأفضل للمواقع الحساسة في الدولة. من هذا المنطلق إتفقنا على أن تجري الأمور وفقاً لمعايير الجدارة والإختصاص والكفاءة، انه هكذا سوف يكون. وإن توقفنا عند بعض الأسماء، فأستطيع ان اؤكد ان دولة الرئيس بري يلتزم التزاماً وثيقاً الجدارة والكفاءة وان غداً لناظره قريب".

"نفّست" بين الاشتراكي و"المستقبل"... حمادة يتحدث لـ"النهار" عن التهدئة و"استهداف الجمهورية"
وجدي العريضي
 كان هذا التحالف المقدس بين الفريقين المذكورين قد أصيب بخدوش وأضرار بالغة وجرى استغلاله من قبل بعض حلفاء دمشق وحزب الله للتوتير وزرع الفتنة. وفي هذا الإطار، يقول أحد الوزراء السابقين في مجالسه ساخرًا من استشهاد الأمين العام لتيار المستقبل بتغريدة الوزير السابق وئام وهاب: "هل يقبل الحريري أن يستشهد بإحدى التغريدات التي قال فيها المحكمة وصرمايتي سوى؟"...

أمّا ماذا جرى وفق معلومات "النهار" في الساعات الماضية بعدما هدأت الحرب الباردة بين الزعيم الجنبلاطي والرئيس سعد الحريري، فلا بد من الإشارة إلى الدور الهادئ الذي اضطلع به عضو اللقاء الديموقراطي النائب مروان حمادة بعد لقاء مثمر مع رئيس المجلس النيابي في عين التينة، إذ ما إن انتهى الاجتماع بين "أبو مصطفى" و"أبو كريم" حتى حمل رئيس المجلس النيابي هاتفه وبدأ باتصالاته لوقف التصعيد بين الاشتراكي والمستقبل. وكانت النتيجة السريعة لقاء في كليمنصو جمع وزير الصناعة وائل أبو فاعور والوزير السابق غطاس خوري، لتبدأ رحلة المساعي لعلها تصل إلى ترتيب لقاء بين "البيك" و"الشيخ" وإن كان ذلك واردًا أو ربما يحتاج إلى وقت وظروف مؤاتية. لكن رئيس الحزب التقدمي وليد جنبلاط كان أول من بادر إلى دعوة محازبيه ومناصريه لوقف المساجلات والتغريدات والحملات التي ألهبت مواقع التواصل الاجتماعي، وبالتالي إنّ الوزير أبو فاعور لم يصعّد بل قال إنّ العلاقة ليست على ما يرام مع المستقبل، وهذا ما يعرفه القاصي والداني، ولا يحتاج وفق المتابعين لمسار الأوضاع إلى هذه السخونة أو إلى "حرب داحس والغبراء".

وبالعودة إلى دور الرئيس نبيه بري، يشير النائب حمادة لـ "النهار" إلى أنّه لجأ إلى رئيس المجلس النيابي لأنّه يدرك ما يتمتع به بري من حكمة ورأي سديد وخبرة، "وقد خبرناه وكنا سويًّا معه ومع وليد بك في أصعب المحطات والظروف المفصلية التي اجتازها لبنان وتحديدًا في حقبة الاجتياح الإسرائيلي في العام 1982 يوم أسقطنا اتفاق السابع عشر من أيار وفتحنا طريق المقاومة من الجبل إلى الجنوب"، لافتًا إلى أنّ بري هو "حكيم الجمهورية" وبتنا أكثر من أي وقت مضى في هذه الظروف الاستثنائية بحاجة ماسة إلى خبرته وعقلانيته وحكمته.

وهل ما جرى يصب في خانة ما يتعرض له جنبلاط من استهداف سياسي؟، يردف النائب حمادة متابعًا: "لا شك في أنّ هناك محاولات بائسة وحاقدة من قبل النظام السوري لتوكيل أعوانه في لبنان لخلق فتنة في الجبل واستهداف وليد جنبلاط، وذلك ما تبدى من قانون الانتخاب وخلال الانتخابات وما بعدها، وصولاً إلى المرحلة الراهنة حيث هذه المحاولات قائمة ومستمرة ولكنّها وُلدت ميتة لأنّ الأفياء في الجبل وفي جبل كمال جنبلاط إلى جانب وليد جنبلاط والحزب التقدمي الاشتراكي واللقاء الديموقراطي".

ويضيف: "لكن في موازاة ذلك، الجمهورية بكاملها مستهدفة وباتت في خطر وترقص على حافة الهاوية من الفريق الحاكم، حيث سياسة الاستفزازات متنقلة من قبل صهر الحزب الحاكم الوزير جبران باسيل الذي يحمل معه "عدّة" الاستفزاز إلى أية منطقة يزورها. وبالأمس قال له الدكتور سمير جعجع "حل عن سمانا"، فقد سبق وصعد إلى بشري ومعه ناسه وجمهوره وموكبه، وهو يدرك أين تصب بشري، كما صعد إلى الجبل لينبش دفاتر الماضي ويذكّر بحقبات سوداء، والأمر عينه حصل في زغرتا عندما استفز سليمان فرنجية، وصولاً إلى البقاع ولاحقًا إلى النبطية، وربما إلى الشحار الغربي في الجبل". سائلاً: "هي ديبلوماسية قصر بسترس العريق من الكبار أمثال فؤاد بطرس وفيليب تقلا وخليل بو حمد وغيرهم؟ أم تحوّل إلى محمية لتيار سياسي يستفز الناس ومن كل الطوائف من دون أن يقرأوا التوازنات والتاريخ لأنّه من ليس له تاريخ فلا حاضر ولا مستقبل له".

من هذا المنطلق، يخلص النائب حمادة مشيرًا إلى أنّ الجمهورية بأكملها مستهدفة ومحاصرة في السياسة والاقتصاد والشؤون الحياتية والاجتماعية والبيئية. نعم الجمهورية في خطر بفعل هذه السياسات الحمقى والمواقف الشعبوية تحت شعارات بائدة وغباء عبر التعرض للأشقاء والأصدقاء وتحديدًا المملكة العربية السعودية الداعم الأساسي للبنان واللبنانيين على حد سواء، وذلك من قبل الفريق الحاكم المتناغم مع الممانعة، لذا السؤال الكبير إلى أين يأخذنا هذا الفريق؟. 

جمر الخلاف باق تحت الرماد
رضوان عقيل
لم تفض الاتصالات السريعة بين "تيار المستقبل" والحزب التقدمي سوى الى تهدئة وتيرة الردود القاسية من هنا وهناك، من دون ان تعالج بالطبع مساحة الخلافات والتباعدات السياسية بين حليفين خاضا اكثر من معركة ومواجهة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري في شباط 2005. ويصف قيادي في التقدمي حال العلاقة بين الطرفين بأن حزبه لم يعد يعرف الى أين يتجه الرئيس سعد الحريري بسياساته، و"يا ما أحلى حزب الله" في اشارة منه الى عدم استقرار التواصل في الاونة الاخيرة بين المختارة وحارة حريك.

ولم يكن من المستغرب للمتابعين وصول العلاقة بين التقدمي و"المستقبل" في الأشهر الاخيرة الى ان تؤدي الامور بينهما الى هذا المستوى من السخونة والقفز فوق جملة من التفاهمات بين الطرفين وخوضهما معا تحديات وتضحيات عدة، ولا سيما انهما يلتقيان على الوتيرة نفسها من الخصومة مع النظام السوري، وان كان النائب السابق وليد جنبلاط ليس في حاجة الى حرق كل مراكبه مع دمشق بحسب قيادي سابق ومخضرم في التقدمي بحيث ان أوهامه اخذت تتغلب على أرقامه السياسية التي أحسن جيداً في حساباتها في محطات عدة ونجح.

وكان الوزير وائل ابو فاعور والوزير السابق غطاس خوري قد تمكنا في التوصل الى تهدئة اعلامية بعد نقاش مباشر حيال القضايا الخلافية بينهما، خصوصاً ان المشكلة سياسية بينهما، وهي أبعد بالطبع من تفصيل مجلس بلدية شحيم في الشوف، بعدما اعتبر التقدمي ان الوزير جبران باسيل قد طوق الدائرة السياسية للحريري في سعيه الى الإمساك بمفاتيح السلطة. وان كثيرين من حلقة " التيار الازرق" وداخل البيئة السنية يعترفون بذلك، اضافة الى قوى اخرى رئيسية أخذت تعبّر عن هذا الواقع وباتت تخشى من تبعاته على مسار العملية السياسية الشاقة في البلد، وهي بالكاد تستطيع الخروج من كل ما يحيط بالموازنة العامة في البرلمان الى ان تحل التعيينات في الوظائف الاولى. ويحصل كل ذلك في وقت لا يريد "حزب الله" تطويق الحريري وتوجيه النيران السياسية الى حقله المليء بالألغام. وثمة من يوجه النصيحة هنا الى "المستقبل" أن ليس من مصلحته رفع متاريس وصنع قواعد اشتباك مع التقدمي و"القوات اللبنانية"، اذ تصبح عندها الساحة مفتوحة امام باسيل في رسم سياسات مجلس الوزراء وخططه وعندها ستكون لـ "التيار الوطني الحر" حصة الأسد من التعيينات المسيحية. واذ لم تمر كما يشاء ففي امكانه عرقلة التعيينات السنية ولا سيما القضائية منها، وابرزها عند "المستقبل" موقعي النائب العام التمييزي والمدير العام لوزارة العدل وما يمثلانه في السلم الأعلى للقضاء.

وعن حفلة الردود بين التقدمي و"المستقبل"، يعترف متابعون ان الانفلات الاعلامي وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بينهما أشعله قياديون من الطرفين. وبعد معاينة السجالات الاخيرة التي ساهم الرئيس نبيه بري في عملية اطفائها، الا ان جمر اسبابها ما زال مشتعلاً تحت الرماد في انتظار لقاء يعقد على مستوى الرئيس سعد الحريري والنائب السابق وليد جنبلاط، - جرى اتصال بينهما بجهود من بري - وان اجتماعاً من هذا النوع يبقى وارداً لفتح صفحة جديدة من التقارب بين الطرفين والمساهمة في إيجاد حلول للمشكلة السياسية المطروحة. ولا يريد التقدمي قطع هذه العلاقة، بل الابقاء عليها رغم التباينات الموجودة. وان الملاحظات والتغريدات التي تصدر عن المختارة ليست شخصية ولا تستهدف موقع الحريري، بل تأتي نتيجة الاداء السياسي في الدولة الذي لا يوحي بأن الامور تسير الى الامام على اكثر من مستوى. ومع استفحال السجالات بين الطرفين قبيل سير قطار التعيينات بدءاً من يوم غد الاربعاء، حيث سيكون الافتتاح في انتخاب البرلمان الاعضاء الخمسة في المجلس الدستوري، ومن بينهم العضو الدرزي حيث ترشح المختارة القاضي رياض أبو غيدا ولا تقبل بالتنازل عن مركز حساس وفي هذا الحجم.

ويوجه التقدمي هنا رسالة الى كل من يعنيه الأمر وخصوصاً الى الحريري وباسيل وخلفهما الرئيس ميشال عون في زحمة غربلة التعيينات، وهي انه لا يمكن احداً ان يحاصر التقدمي "فنحن نمثل الاكثرية الدرزية ومن يستطع تجاوز وليد بك فليفعل".

جلسة الأربعاء مزدحمة تشريعياً... تُستهل بمداخلات وتُختم بانتخاب أعضاء الدستوري
منال شعيا
غداً الأربعاء يعود مجلس النواب الى التشريع من خلال جلسة عامة على جدول اعمالها 17 بنداً. وليس في هذه البنود ما يُعتبر خارج المألوف، وإن كان معظمها يصب في خانة الضروري والملحّ، مثل البند الرابع المتعلق بتشريع الإنفاق على القاعدة الاثني عشرية.

هذا البند الذي يعدّ مبرراً لعدم وجود موازنة عامة او لتأخرها عن موعدها الدستوري أكثر من نصف سنة، سيضع النواب مجدداً أمام تشريع لإنفاق خارج الموازنة والمهل.

واذا كان رئيس المجلس نبيه بري مصراً، كما دوماً، على إبراز صورة العمل المستمر للبرلمان، على رغم الجمود في أكثر من مرفق، فان هذا ما سيثبته المجلس في الاسابيع الفاصلة المقبلة، بدءاً من جلسة الاربعاء، مروراً بجلسة مساءلة نيابية، وانتهاء بجلسة اقرار الموازنة. واذا صدق هذا الجدول، سيكون مجلس النواب، خلال تموز المقبل، حافلاً بجلسات ومناقشات واقرار قوانين.

غداً ستفتتح الجلسة بالاوراق الواردة وبمداخلات لن تخلو من السخونة والحدة، وسط "حرب التويترات"، وإن كان بري سيعمد كعادته الى "اخماد النيران" داخل القاعة العامة للمجلس.

ومن بين البنود المهمة التي يتضمّنها جدول الاعمال، مشروع قانون تسوية مخالفات البناء، اقتراح قانون مكافحة الفساد في القطاع العام، اقتراح قانون التعليم المستمر الالزامي للممرضات والممرضين، اقتراح قانون تعديل قانون العقوبات، اقتراح قانون تمديد ولاية الهيئتين الشرعية والتنفيذية للمجلس الاسلامي العلوي، اقتراح قانون سرية المصارف (الذي أعدّه النائبان سامي الجميل وبولا يعقوبيان) كتعديل لاقتراح قانون سبق للوزير والنائب جبران باسيل أن قدمه في هذا الصدد.

ومن بين الاقتراحات المهمة أيضاً، اقتراح قانون معجّل مكرر يعفي أولاد المرأة اللبنانية المتزوجة من غير لبناني والحائزين إقامات، من الإستحصال على إجازة عمل.

ويختتم جدول الاعمال باقتراح قانون معجل مكرر قدّمه النائب‏ جورج عقيص يهدف الى تعديل المادة 419 من قانون العقوبات، "من خلال تشديد العقوبة على جرم التدخل في القضاء، لا سيما متى كان المرتكب من الموظفين العامين او متولّي المناصب الرسمية"، حسبما ورد في نص الاقتراح، كما يوفّر التعديل حمايةً لكاشفي تلك الجرائم وفقاً لقانون حماية كاشفي الفساد الذي أقرّه مجلس النواب اخيرا.

الا ان هذا الاقتراح كان قد عمل عليه سابقاً الوزير السابق زياد بارود، وهو من سلّم عقيص الاقتراح المذكور باسم جمعية "بالنظام".

عند هذا الحد ينتهي التشريع. تقفل الجلسة العامة لتفتتح جلسة ثانية بعدها مباشرة، تكون مخصصة لانتخاب خمسة اعضاء للمجلس الدستوري. تُتلى اسماء المرشحين (وقد تم التوافق عليهم)، ويُجرى التصويت وتعلن النتيجة. وكما هو معلوم، فان المجلس الدستوري، المؤلف من عشرة اعضاء، انتهت ولايته، وعلى مجلس الوزراء ان يعيّن الاعضاء الخمسة الآخرين بعد انتخاب مجلس النواب للاعضاء الخمسة، على ان تتم مراعاة التوزيع الطائفي.

هكذا، تأتي جلسة الاربعاء وسط ازدحام تشريعي، وتختتم بانتخاب اعضاء المجلس الدستوري... فهل سينسحب الأمر "توافقاً" على مجلس الوزراء وينجح في اتمام "صفقة" التعيينات، ام ان في الامر استحالة حتى الآن؟!