التاريخ: حزيران ١٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
المغرب: «العدل والإحسان» المعارضة ترفض اتهام الحكومة لها بالتحريض
تزايد التوتر بين الطرفين إثر توقيف 3 أساتذة أعضاء في الجماعة
الرباط: لطيفة العروسني - الدار البيضاء: «الشرق الأوسط»
انتقدت جماعة العدل والإحسان الإسلامية المغربية (شبه محظورة) الاتهامات التي وجهتها إليها الحكومة المغربية بالوقوف وراء احتجاجات الطلبة الأطباء ومقاطعتهم الامتحانات، واعتبرتها «محاولة للهروب من تحمل المسؤولية في إيجاد حلول منصفة» لمشاكل الطلبة الأطباء، التي وصفتها بأنها ذات «طبيعة مهنية وأكاديمية صرفة».

وكانت الحكومة المغربية قد اتهمت، مساء أول من أمس، الجماعة بتحريض طلبة كليات الطب والصيدلة وطب الأسنان على مقاطعة الامتحانات، ولوحت باتخاذ إجراءات قانونية ضدها، وقالت إن جماعة العدل والإحسان «استغلَّت هذه الوضعية لتحريض الطلبة لخدمة أهداف لا تخدم مصالحهم»، مؤكدة أنها «لن تتوانى في اتخاذ الإجراءات القانونية المعمول بها ضد كل من سعى إلى عرقلة السير العادي لهذه الامتحانات».

من جانبها، ربطت الجماعة في بيان أصدره مجلس الإرشاد، التابع لهذا التنظيم المعارض، بين اتهامات الحكومة لها، وقرار السلطات المغربية توقيف ثلاثة أساتذة في كليات الطب والصيدلة ينتمون للجماعة، فضلاً عن تشميع أربعة بيوت لأعضائها الأربعاء الماضي. ونددت الجماعة بموقف السلطات المغربية، وقالت إنه «يحاول تحريف الوقائع والنيل من ذكاء نخبة مهمة من المجتمع بمحاولة اتخاذ (العدل والإحسان) شماعة تعلق عليها السلطات فشلها المتواصل»، كما أدانت الجماعة قرارات التوقيف في حق الأساتذة، وقالت إن «التوقيف لا يتعلق بالإخلال بالتزاماتهم المهنية كما ادعت الوزارة، بل يتعلق بنشاطهم النقابي، وتميزهم الأكاديمي وانتمائهم السياسي»، مطالبة السلطات بـ«رفع يدها عن بيوت أعضاء العدل والإحسان، وفتح البيوت المشمعة منها أمام أصحابها وذويهم وأبنائهم»، كما أعربت عن احتفاظها بحقها في الدفاع عن حقوقها بجميع الوسائل المشروعة. وحملت أصحاب القرار «مسؤولية الأضرار الناجمة عن هذه الانتهاكات، التي تسوق بلدنا نحو المجهول، وتزج به في مسار التأزيم».

في سياق متصل، قال أنس الدكالي وزير الصحة إن وزارته وافقت على الاستجابة لـ14 مطلباً من بين 16 من مطالب طلبة الطب، ودعاهم إلى العودة إلى مدرجات الدراسة لاجتياز الامتحانات واختبار الإقامة.

وقاطع طلبة الطب الامتحانات بعد سلسلة من الاحتجاجات ضد ما وصفوه بـ«سوء جودة التدريب»، بسبب الاكتظاظ، وعدم استيعاب مراكز التدريب لأعداد الطلبة، ونقص أعداد الأساتذة الجامعيين ممن باتوا يُدرّسون بكليات الطب الخاصة، في وقت دعوا إلى «تحصين الجامعة العمومية».

وأثارت الاتهامات المباشرة للجماعة من طرف الحكومة موجة من التساؤلات داخل أحزاب الغالبية، حيث عبر عدد من أعضاء الأحزاب المشكلة للائتلاف الحكومي، الذي يضم 6 أحزاب، عن رفضهم لها في تعليقات على صفحاتهم بمواقع التواصل الاجتماعي. ونفى مصدر من داخل الغالبية الحكومية في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن تكون مكونات الغالبية قد اتفقت على الصيغة النهائية التي جرى بها توجيه الاتهام لجماعة «العدل والإحسان» بخصوص ملف الطلبة الأطباء.

وقال قيادي في الغالبية (لم يرغب في ذكر اسمه) إن الاجتماع الذي عقده قادة التحالف ليلة الأربعاء تدارس الموضوع، لكن لم يتم الاتفاق على الصيغة التي خرج بها بيان الحكومة، مؤكداً أن هذا الموقف «اتخذته الحكومة، وليس أحزاب الغالبية»، الأمر الذي يؤشر بشكل جلي على عدم رضا بعض أحزاب التحالف على موقف الحكومة ورئيسها.

وفي تعليقه على القرار، اعتبر النائب عمر بلافريج، المنتمي لفيدرالية اليسار المعارضة، أن تصريحات الحكومة بشأن احتجاجات الطلبة الأطباء «هروب إلى الأمام»، مؤكدا أن المغاربة «لن يصدقوا الاتهامات التي وجهتها الحكومة لجماعة العدل والإحسان بالوقوف وراء مقاطعة الطلبة الأطباء للامتحانات».

وأضاف بلافريج في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة تبين أن هذه الأخيرة «لم تعد قادرة على تتبع ما يجري في الساحة من احتجاجات اجتماعية»، مشدداً على أنه من غير المعقول أن «نستبلد الرأي العام والطلبة الأطباء بهذه المبررات غير المنطقية».

وحذر بلافريج من استمرار المزيد من الاحتقان الاجتماعي في البلاد، بقوله: «اقتربنا من الانفجار، إذ لا يمر شهر دون أن يخرج مواطنون أو فئة للاحتجاج والتعبير عن عدم رضاها عن الأداء الحكومي»، لافتاً إلى أنه «لو كنا في دولة ديمقراطية لأسقطت الحكومة وأجريت انتخابات مبكرة»، حسب تعبيره.

من جانبه، رفض نور الدين مضيان رئيس الفريق البرلماني لحزب الاستقلال المعارض، إبداء موقف واضح من اتهامات الحكومة لجماعة «العدل والإحسان»، مؤكداً أن الأهم بالنسبة لفريق حزبه وباقي الفرق النيابية هو «البحث عن مخرج للأزمة».

في السياق ذاته، يرى المحلل السياسي محمد شقير اتهام السلطات لجماعة «العدل والإحسان» بتحريك احتجاجات الطلبة الأطباء «ليس أمراً جديداً، بل تابعناه في ملف الأساتذة المتعاقدين واحتجاجات الريف وجرادة»، معتبراً أن هذا التطور الحاصل في الملف يمهد الطريق أمام «وزارة الداخلية من أجل التدخل لحسم نتائج الملف والاحتجاجات التي طال أمدها».