التاريخ: أيار ٢٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
مخاوف من تحول النفط إلى ورقة ضغط للمتحاربين في ليبيا
حرب طرابلس تجعل «قُوت الليبيين» عرضة للنهب ووسيلة للاثراء السريع
القاهرة: جمال جوهر
بينما عبّر سياسيون وخبراء ليبيون عن تخوفهم من وصول تداعيات الحرب الدائرة في الضواحي الجنوبية للعاصمة الليبية طرابلس، إلى الصراع على الموارد النفطية التي تعد «قوت الليبيين»، قالت المؤسسة الوطنية للنفط إن «آليات ومعدات إحدى شركاتها تعرضت للنهب».

ومنذ اندلاع المعركة العسكرية في الرابع من أبريل (نيسان) الماضي، بين «الجيش الوطني» بقيادة المشير خليفة حفتر، وقوات موالية لحكومة «الوفاق»، ما انفكت المخاطر تقترب من قطاع النفط؛ حيث سبق لرئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله، القول إن «استمرار حالة عدم الاستقرار في البلاد قد تؤدي لفقدان 95 في المائة من الإنتاج». بينما عبرت المؤسسة عن «قلقها البالغ إزاء تواصل انعدام سيادة القانون في ليبيا، الناجم عن الصراع السياسي والعسكري المستمر، وتأثيرات ذلك على عمليات قطاع النفط».

وقالت المؤسسة في بيان إن «تحرّيات أمنية كشفت هذا الأسبوع أن مقر شركة (شمال أفريقيا للاستكشاف الجيوفيزيائي)، الذي ظلّ مغلقاً منذ تعرّضه للقصف في العاشر من أبريل الماضي، شهد سرقة قطع مختلفة من الآليات والمعدات الرئيسية، ما يعني أن الشركة خسرت مقرها بشكل كامل». كما نوّهت المؤسسة إلى وقوع حادث آخر، بقولها إنه «تم العثور مطلع الأسبوع الجاري، على شاحنة لإمداد الوقود، تنقل 40 ألف لتر من الوقود، من مستودع سبها إلى حقل الفيل النفطي، في منطقة جرمة، بعد أن تم الاستيلاء عليها من قبل مجهولين، كما عُثر على جثة شخص مجهول الهوية داخل الشاحنة».

من جهته، قال مليودي سلمان، الخبير في قطاع البترول الليبي، إن قطاع النفط «سيُعد هدفاً حيوياً خلال الأيام المقبلة من قبل كلا المتحاربين»، محذراً من «تحول هذا القطاع الحيوي، الذي يهم جميع الأطياف الليبية، إلى ورقة ضغط من هذا الفريق أو ذاك». وأضاف سلمان لـ«الشرق الأوسط» أن الحرب ستنتقل من جبهات الاقتتال حول طرابلس إلى جبهات الآبار النفطية؛ حيث التحكم في إدارة الموارد، وحرمان الطرف الآخر من مخصصاته، مشدداً على أن «أي تحركات في هذا الاتجاه ستضر جميع الليبيين، الذين يعتمدون على النفط مورداً وحيداً للإنفاق».

وحققت المؤسسة الوطنية للنفط إيرادات بلغت قيمتها 6.27 مليار دولار خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري، وتمثل هذه الإيرادات إجمال الدخل العام للمؤسسة من النفط الخام والغاز، والمكثفات، والمنتجات النفطية، والبتروكيماويات.

وحسب بيانات صادرة عن مؤسسة النفط، فقد ارتفع الدخل العام للمؤسسة الوطنية للنفط لشهر أبريل بنسبة 16.8 في المائة، مقابل ما حققته في يناير (كانون الثاني) من العام الجاري، إذ زاد دخل المؤسسة بقيمة 270.56 مليون دولار، ليصل إلى 1.87 مليار دولار مقابل 1.602 مليار دولار.

وكان صنع الله قد صرح للصحافيين في جدة، قبيل اجتماع لجنة المراقبة الوزارية المشتركة لمنتجي النفط من (أوبك) وخارجها: «للأسف إذا استمر الوضع على هذا المنوال، فأخشى أننا قد نفقد 95 في المائة من الإنتاج». معتبراً أن تواصل الأعمال العدائية يؤدّي إلى عرقلة عمليات المؤسسة الوطنية، ويعيق «قدرتنا على خدمة الشعب الليبي».

وقال سياسي ليبي لـ«الشرق الأوسط» إن عدداً كبيراً من الميليشيات المسلحة «أصبحوا من الأغنياء، بعدما استفادوا من تهريب النفط إلى حدود تونس، وإمداد السفن العابرة أمام سواحل ليبيا خلال السنوات الماضية»، مشيراً إلى أن مكتب النائب العام قد أصدر أوامر عدة بضبط عدد من قادة الميليشيات المتورطين في تهريب النفط وسرقته. لكن إلى الآن لم يتم اعتقال أحد.

وأضاف السياسي، الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن «الصراع في الأيام المقبلة سيتركز من الجانبين على من له حق إدارة قطاع النفط، وكيفية التحكم في موارده»، وذهب إلى أن «عدم حسم المعركة العسكرية سيخلق نوعاً من الفوضى، وربما تقترب من آبار النفط بهدف الحصول على أي مكاسب مادية تعوض ما مضى من خسائر».

وسبق للمبعوث الأممي الدكتور غسان سلامة القول أكثر من مرة، إن «هناك مليونيراً جديداً كل يوم في ليبيا»، مبرزاً أن «هناك من يجني ثروات طائلة من المناصب، يجري استثمارها خارج ليبيا».