التاريخ: أيار ١٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: إضرابات تعود والحريري يحذّر من المتاريس السياسية
مع "وعد " جديد بامكان التوصل الى نهاية المناقشات الماراتونية التي يجريها مجلس الوزراء في شأن الموازنة منذ ثلاثة أسابيع وبعد 14 جلسة عقدها حتى البارحة، لا يمكن الجزم بعد بان الجلسة الـ15 التي ستعقد مساء الاحد وتستمر حتى الفجر كما يرجح وزراء، ستكون الحاسمة حتماً. ذلك انه على رغم ايجابيات سجلت في الجلسة التي انعقدت أمس، فان سقف الخفوضات الذي تسعى اليه الحكومة لم يتحقق بعد ولا تزال دونه عقبات ومطبات ابرزها بت مسائل تتصل في نهاية الامر بملفات التعويضات والرواتب وإن يكن الامر لا يمس جوهر الرواتب في القطاع العام.

وفي المقابل، ستجد الحكومة نفسها مجددا أمام موجة جديدة متسعة ومتصاعدة من الاضرابات والاعتصامات النقابية والقطاعية بالاضافة الى الاضراب القضائي، وهي موجة عادت تسابق الجلسات المتعاقبة لمجلس الوزراء والتي تثير بوتيرتها البطيئة والطويلة ردود فعل استباقية سلبية تنذر بمزيد من السخونة في المواجهة الصاعدة بين قطاعات نقابية والدولة.

في أي حال، عكست كلمة القاها رئيس الوزراء سعد الحريري مساء أمس في افطار أقامه في السرايا الحكومية وجمعت حشداً سياسياً ودينياً وديبلوماسياً واقتصادياً دلالات بارزة من حيث المخاض السياسي الشاق الذي يظلل عملية انجاز الموازنة وسواها من الاستحقاقات، وما قال إن "اتفاق الطائف اعاد تجديد العمل بالمفاهيم الكاملة للشراكة، لكن الممارسة السياسية تقدم أحياناً صورة مشوهة عن الشراكة. فاللبنانيون توافقوا على صيغة للوفاق الوطني وعلى دستور جديد، ولم يعلنوا التوافق على صيغة للائتلاف بين الطوائف أو لاقتسام الدولة بين الجماعات الطائفية". وأوضح انه "عندما نقول ان السلطة التنفيذية هي مجلس الوزراء مجتمعاً، فهذا يعني أن طاولة مجلس الوزراء محكومة بان تكون طاولة للحوار المسؤول والقرارات المسؤولة، وخط الدفاع الاول عن تطبيق القوانين وحماية حقوق اللبنانيين. عندما يتحول مجلس الوزراء الى متاريس سياسية، على صورة العديد من التجارب السابقة، تتعطل السلطة التنفيذية وتتوقف الدولة عن العمل. الكل في مجلس الوزراء مسؤول، يعني الكل مسؤول، وما من جهة على طاولة مجلس الوزراء تستطيع ان تتنكر للقرارات التي تتخذ، سواء بالتوافق أو بالتصويت". ولاحظ ان "هناك بياناً وزارياً جرى التوافق عليه، فقرة فقرة، والمسؤولية توجب ترجمة البيان في السياسات العامة للدولة وفي البرنامج المالي والاصلاحي والاقتصادي. لدينا برنامج توافقنا عليه وعرضناه في مؤتمر سيدر يشكل فرصة للبلد، ويحتاج لقرارات جريئة ولارادة من كل الشركاء لوقف النزف الاداري والمالي، وما نتوصل اليه اليوم، سيكون بلا جدوى اذا قررنا تأجيل القرارات الملحة ستة اشهر أو سنة".

موجة الاضرابات

في غضون ذلك يستمر الاضراب القضائي، بينما أعلنت هيئة التنسيق النقابية امس الإضراب العام الشامل الإثنين المقبل، ودعت الأساتذة والمعلمين والموظفين إلى المشاركة والاعتصام الثالثة بعد ظهر اليوم عينه في ساحة رياض الصلح، "دفاعاً عن الحقوق والمكتسبات"، على أن يليه اجتماع لهيئة التنسيق النقابية لتحديد الخطوات المقبلة.

وأمس اعتصم الضباط والعسكريون المتقاعدون في ساحة رياض الصلح، حيث نصبوا خيمة أطلقوا عليها اسم "خيمة شهداء الوطن"، ورفعوا لافتات كتب فيها: "حقوق العسكر خط أحمر".

الجلسة الـ 14

أما أبرز القرارات التي اتخذها مجلس الوزراء أمس، فاجملها وزير الاعلام جمال الجراح بضبط الإنفاق والتهرب الضريبي والجمركي "اذ باتت هناك جملة إجراءات منها اعتماد الموازنة المصدقة، لكي تتمكن الشركة أو أي أحد الحصول على قرض من المصارف، يجب أن تكون ميزانيته مصدقة من وزارة المال. كما خفضنا إلى الخمسين مليون ليرة الشركات الخاضعة للضريبة على القيمة المضافة، بعدما كانت مائة مليون ليرة. هناك بعض الإجراءات التي بدأت بتطبيقها وزارة المال والتي تشمل موضوع التخمين العقاري. كما ألزمنا البلديات أن تصرح لوزارة المال عن كل المؤسسات التجارية أو مؤسسات الأعمال التي تفتح في نطاقها البلدي لكي تتمكن وزارة المال من متابعة موضوع التهرب الضريبي".

وأفاد انه في "موضوع التهرب الجمركي، هناك جملة إجراءات اتخذت، وهناك ضبط للتهريب عبر المعابر غير الشرعية، وكلفت وزارة الدفاع وضع آلية لهذا الموضوع.". وأعلن ان وزير المال وزع المواد القانونية بعد تعديلها وأدرجها في الموازنة" وزود الأمانة العامة لمجلس الوزراء قرصاً مدمجاً بهذا الخصوص، وسيتم طبعها وتوزيعها على الوزراء، لكي تكون جاهزة لاستكمال بحثها في جلسة الأحد".

وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الجلسة شهدت ايجابيات على رغم المماطلة والمراوغة في النقاش، إن غالبية النقاط التي تمت مناقشتها في الجلسات الاخيرة لم تؤثر بنسبة ٩٥ في المئة في خفض ارقام الموازنة، لكن هناك تصحيحات واجراءات بنيوية اصلاحية قد اتخذت علما انها قد لا تترجم كليا او تماما في موازنة ٢٠١٩ باعتبار ان السنة الجارية غدت في منتصفها وان هناك إمكانات لان تكون في جوهر الموازنة للسنة المقبلة.

وقالت مصادر وزارية في "القوات اللبنانية" لـ"النهار" إن الخطوات التي اتخذت لها اثر ايجابي لكن وقعها لن يكون كبيرا في الواقع الراهن. وهناك إجراءات اتخذت ضمن قطاعات مهمة وعائدات استثنائية كعائدات المرفأ والاتصالات والحدود البرية والتحصيل الضريبي والجمركي لكن تحتاج الى المزيد على صعيد اعادة النظر ايضا في المؤسسات والمرافق العامة اما من خلال تفعيلها وإما الغائها أو ربما تخصيصها على ان يتم ذلك بأسرع وقت ممكن لكي تكون في أساس موازنة ٢٠٢٠ نظراً الى وجوب العمل لتحقيق الأهداف ولجم اي زيادة في العجز لا بل العمل على خفضه.

وجاء في المعلومات ان الرئيس الحريري أبلغ الوزراء ان موضوع تدبير الحجز الرقم 3 في الجيش وقوى الامن الداخلي سيبته المجلس الاعلى للدفاع ثم يبلغ مجلس الوزراء القرار النهائي. وناقش مجلس الوزراء عدداً من النقاط التي قدمها وزير الخارجية جبران باسيل في جلسة سابقة.

وتحدثت معلومات عن تعبير وزير المال علي حسن خليل عن سخطه في نهاية الجلسة من إعادة الموازنة اكثر من مرة، ونقل عنه قوله : "أنا مستعدّ لأن أقوم بأكثر من موازنة ولكن لا يجوز العمل بهذه الطريقة لاننا نعيد العمل ونعيد طرح بنود سبق لها أن نوقشت".

"قطر اذا وعدت وفت"
التقى وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل، في قصر بسترس، وزير الدولة القطري حمد بن عبد العزيز الكواري الذي أشار الى أن "الاجتماع تناول العلاقات الثنائية التي لا تزيدها الايام إلا تطورا في كل المجالات". وأكد رداً على سؤال عن الهبة القطرية، "ان قطر اذا وعدت وفت والامور ستسير على خير ان شاء الله".