التاريخ: أيار ٣, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«الرئاسي الليبي» يربط وقف إطلاق النار بانسحاب الجيش
القاهرة: خالد محمود
اعتبر فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق» المدعومة من بعثة الأمم المتحدة، أمس، أن الأوضاع على الأرض «جيدة» بالنسبة للقوات الموالية لحكومته في المعارك، التي تشهدها جنوب العاصمة الليبية طرابلس، بينما أعلن الجيش الوطني أنه أحبط مساء أول من أمس، محاولة التفاف جديدة، شنتها قوات السراج على تمركزاته في منطقتي السبيعة ومطار طرابلس.

وبينما شهدت العاصمة اشتباكات متقطعة أمس على بعض محاور القتال، بحسب شهود عيان، أعلن متحدث باسم جهاز الإسعاف والطوارئ نقل 63 عاملا من مستشفى السبيعة من جنسيات فلبينية وأوكرانية، موضحا في تصريحات تلفزيونية أن فرق الإسعاف تمكنت من الدخول إلى منطقة خلة الفرجان من وسط منطقة عين زارة بشكل استثنائي.

بدوره، قال السراج في بيان وزعه مكتبه أمس، عقب اجتماع لحكومته في طرابلس، «إن الحديث كثر عن وقف إطلاق النار والعملية السياسية... لكننا أوضحنا موقفنا لجميع الأطراف الداخلية والخارجية بأن أي حديث عن وقف إطلاق النار يجب أن يرتبط بانسحاب القوة المعتدية، والعودة من حيث أتت... وبدون ذلك فالحديث يصبح نوعا من العبث».

وبخصوص العودة للعملية السياسية، لفت السراج إلى أن الوضع قبل 4 أبريل (نيسان) «يختلف تماماً عن الوضع بعد هذا التاريخ، لأن هناك بعض المتغيرات. نحن لم ندع لنسف العملية السياسية، بل كنا أحد أطراف العملية السياسية ونعمل على استمرارها، واستمرار التشاور». وأضاف السراج مستدركا «لكن هناك من نسف العملية السياسية، وتسبب في أضرار كبيرة للنسيج المجتمعي. بالإضافة إلى الأضرار المادية والمعنوية»، مجددا التأكيد على أن موضوع العودة للعملية السياسية «سيكون مختلفا لما كان عليه».

وانتقد السراج ضمنا إحجام بعض المسؤولين في حكومته على الظهور الإعلامي، وتساءل «هل يعقل أن يموت شبابنا على الجبهات، ونفتقر للشجاعة لنظهر إعلامياً، ونعلن عن موقفنا ونسمي الأشياء بمسمياتها»، متوعدا بأنه يتابع ذلك، وسيكون هناك موقف واضح تجاهه في الوقت المناسب.

كما طمأن السراج وفداً، التقاه أمس من شيوخ وأعيان المنطقة الغربية على وضع قواته، والأجهزة الأمنية، الذين زعم أنهم «يدافعون بشجاعة وبسالة عن العاصمة، وعن حق الليبيين في بناء الدولة المدنية الحديثة».

إلى ذلك، وضعت سفارة الفلبين لدى طرابلس علمها فوق مقرها بالعاصمة الليبية بهدف تفادي التعرض للضربات الجوية عن طريق الخطأ، لافتة في بيان مقتضب إلى أنها واحدة من السفارات القليلة التي ما زالت تعمل في المدينة. وكانت السفارة قد أعلنت في وقت سابق أنها أمرت رعاياها بالإجلاء الإجباري بسبب المعارك الضارية بطرابلس.

ميدانيا، أعلن اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني، خلال مؤتمر صحافي، عقده مساء أول من أمس بمدينة بنغازي في شرق البلاد، أن قوات الجيش خاضت معارك عنيفة في محور السبيعة، وتم أسر بعض الإرهابيين وقتل بعضهم، مشيرا إلى أن الهجوم استهدف ميلشيات كانت تحمي مستشفى «علي عمر عسكر» بالمنطقة.

وأضاف المسماري «كشفنا داعمي الإرهاب في ليبيا، بعدما كان الدعم يتم في الخفاء»، معتبرا أن المؤامرة الإرهابية على ليبيا «بدأت تنكشف بعد تصريحات الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وفتحي باش أغاـ وزير داخلية السراج، وأبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش الإرهابي».

في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية، مساء أول من أمس، أن محتجين اعترضوا موكب رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، أثناء مروره بوسط مدينة صبراتة وأوقفوا سيارته، احتجاجا على ما سموه «صمت الأمم المتحدة عن عدم تدخلها لحماية المدنيين من القصف الجوي، الذي تشنه القوات التابعة لحكومة السراج على مدن غرب البلاد».

وحاولت البعثة الأممية، أمس، التخفيف من أهمية الواقعة، وقالت في بيان مقتضب إن سلامة التقى في طريق عودته إلى طرابلس أول من أمس، عددا من المتظاهرين في صبراتة، واجتمع مع ممثلين عنهم، حيث «استمع إلى مشاغلهم ومطالبهم بشأن حماية المدنيين».

في شأن آخر، أظهرت صور فوتوغرافية نشرتها وسائل إعلام ليبية محلية أول من أمس، وجود شحنة من الصواريخ ضمن حمولة السفينة الإيرانية التي احتجزت قبالة ميناء مصراتة في غرب البلاد بعد الاشتباه بها.

وكان باش أغا قد أعلن توقيف السفينة، وطلب من النائب العام التحفظ عليها لحين استيفاء التحقيقات، وذلك عقب اكتشاف السفينة المدرجة ضمن قائمة العقوبات الأميركية الأوروبية.

في سياق متصل، تعتزم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تكثيف العمل من أجل اتخاذ موقف موحد للتوصل لحل سياسي للأزمة الليبية، إذ قالت ميركل أمس لدى زيارتها لجامعة واجادوجو في بوركينا فاسو إن ألمانيا لديها مسؤولية مشتركة عن الوضع الحالي في ليبيا بعد الامتناع عن التصويت سابقا بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. مؤكدة أنها ستقوم بإسهامها كي تتوصل مثلا فرنسا وإيطاليا لموقف موحد، وألا تظهر أوروبا بعد الآن بموقفين مختلفين في حل الأزمة الليبية.

كما أعلنت الإمارات أمس أن «الأولوية» في ليبيا هي «مواجهة الإرهاب ودعم الاستقرار»، مشيرة إلى أن «الميلشيات المتطرفة» تواصل سيطرتها على العاصمة طرابلس.

من جهته، قال وزير الخارجية والتعاون الدولي الإيطالي إينزو موافيرو ميلانيزي إن بلاده تعمل على الإبقاء على حوار شامل مع جميع الأطراف في ليبيا، وذلك خلال كلمته الافتتاحية لأعمال الدورة التاسعة لمؤتمر «وضع الاتحاد»، الذي عقد أمس في الحرم الجامعي الأوروبي ببلدة فييسولي وسط إيطاليا،بحسب وكالة آكي الإيطالية للأنباء.