التاريخ: نيسان ٢٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السلطات المغربية تلجأ للقوة لفض اعتصام أساتذة التعاقد ورئيس الحكومة يلتقي الاتحادات العمالية
الحكومة اشترطت وقف الإضراب لاستئناف الحوار
الرباط: لطيفة العروسني
وجه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية، دعوة إلى ممثلي المركزيات النقابية (الاتحادات العمالية) الأكثر تمثيلية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، لعقد اجتماع مساء أمس بمقر رئاسة الحكومة.

وكان متوقعا أن يتم خلال هذا الاجتماع التوقيع على الاتفاق، الذي تم التوصل إليه بين الأطراف الثلاثة يوم الخميس 11 أبريل (نيسان) الجاري، والذي يتضمن تحسين الدخل والزيادة في الأجور، من خلال زيادة 500 درهم (50 دولارا) للموظفين العموميين، للسلالم ما دون العاشر والرتبة 5، و400 درهم (40 دولارا)، ابتداء من السلم العاشر والرتبة 6.

وسيتم تنفيذ هذا الاتفاق على ثلاث مراحل، الأولى ابتداء من الأول من مايو (أيار) المقبل، والثانية ابتداء من يناير (كانون الثاني) 2020. أما المرحلة الثالثة فستنطلق ابتداء من يناير 2021.

من جهة أخرى، قال رئيس الحكومة المغربية إن مشاريع القوانين والمراسيم، التي تدارستها الحكومة في اجتماعها الأسبوعي، أمس، لها أهمية اقتصادية واجتماعية، وستحظى بالاشتغال اللازم لتنفيذها، وتطبيقها عمليا على أرض الواقع.

وأوضح العثماني خلال اجتماع الحكومة أمس أن مشروع القانون المتعلق بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، والذي سيعدل القانون المعمول به حاليا، سيمكن من رفع ميزانية الاستثمار عن طريق الشراكة مع القطاع الخاص، وتسريع وتيرة عدة مشاريع ذات بعد اقتصادي مهم، على غرار البنيات التحتية والأساسية والتجهيزات وغيرها.

كما أشار العثماني إلى أهمية مشروع المرسوم المتعلق بالضمانات المنقولة في أفق إرساء السجل الوطني الإلكتروني للضمانات المنقولة، لأنه تتميم للقانون المهم الخاص بالضمانات المنقولة، الذي سبق للبرلمان أن صادق عليه لتمكين المقاولات، بما فيها الصغرى والمتوسطة، من الحصول على تمويلات عن طريق الضمانات المنقولة، حتى لو لم تكن مالكة للعقارات.

أما المشروع الثالث، يضيف العثماني، فهو مشروع المرسوم المتعلق بالصفقات العمومية الذي سيمكن لأول مرة المقاولين الذاتيين والتعاونيات، واتحاد التعاونيات من الولوج إلى الصفقات والطلبيات العمومية في حدود قدراتها، بعدما كان ذلك مطلبا لها منذ سنوات.

في هذا السياق، أوضح العثماني أن مشروع المرسوم يضع مقتضيات تحمي الحق في الولوج إلى الطلبيات العمومية وشروط ذلك، مبرزا «أهمية الدور الذي يقوم به المقاولون الذاتيون، الذين يتزايد عددهم سنويا (نحو 100 ألف حاليا)، في التشغيل وفي إدماج الشباب في الدورة الاقتصادية، والذين ستقوم الحكومة قريبا لفائدتهم بإصلاحات أخرى».

كما أوضح العثماني أهمية التعاونيات والعمل التعاوني بالمغرب، بالنظر للدور الكبير الذي يلعبه اقتصاديا واجتماعيا، إذ بفضله «يتم تشغيل عدد من النساء والرجال، وتوفير العيش الكريم لهم».

وانطلاقا من منظور الحكومة للعمل على تقليص الفوارق المجالية، ودعم الدورة الاقتصادية بالمناطق الأقل استفادة من ثمار النمو، شدد العثماني على ضرورة فتح المجال أمام التعاونيات للاستفادة من الطلبيات العمومية، وقال إن هذا الإجراء «سيثمن عملها، خاصة في المناطق الفقيرة والبعيدة والنائية، التي تحتاج إلى دعم خاص من قبيل استفادتها من جزء من الطلبيات العمومية للجماعات الترابية التي توجد بها».

السلطات المغربية تلجأ للقوة لفض اعتصام أساتذة التعاقد
الحكومة اشترطت وقف الإضراب لاستئناف الحوار

الرباط: «الشرق الأوسط»
منعت السلطات المغربية بالقوة الليلة قبل الماضية اعتصاما لأساتذة التعاقد كانوا يعتزمون المبيت فيه أمام مبنى البرلمان في الرباط، وذلك في إطار الاحتجاجات التي يخوضونها ضد الحكومة ووزارة التربية والتعليم من أجل إسقاط نظام التعاقد، والمطالبة بالإدماج في الوظيفة العمومية.

وكما كان متوقعا، تدخل الأمن المغربي لمنع الأساتذة المتظاهرين من المبيت في الشارع العام، بعد تحذيرات وجهها لهم مسؤول أمني أمرهم فيها بالانصراف، قبل اللجوء للقوة لفض الاعتصام؛ حيث استخدمت السلطات خراطيم المياه والهراوات لتفريق الأساتذة المتعاقدين، الأمر الذي أدى إلى حدوث عدة إصابات متفاوتة في صفوفهم.

وعاينت «الشرق الأوسط» تفاصيل الليلة الطويلة التي عاشتها شوارع الرباط، بعدما استمرت مطاردة رجال الأمن لآلاف الأساتذة المتعاقدين في شوارع المدينة، حتى الساعات الأولى من صباح أمس، في عملية كر وفر مشابهة لما حدث في ليلة 23 مارس (آذار) الماضي.

وأعلنت تنسيقية الأساتذة المتعاقدين أن التدخل الأمني أسفر عن إصابة أزيد من 40 شخصا، واتهمت رجال الأمن باستخدام «القوة المفرطة» في تفريق الاعتصام السلمي.. ما أدى إلى نقل المصابين إلى المستشفى لتلقي العلاج.
وأعلنت التنسيقية أيضا في صفحتها الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» عن إصابة منسق الدار البيضاء، ربيع الكرعي خلال التدخل الأمني بكسر في عموده الفقري، قبل أن تتراجع وتنفي ذلك في وقت لاحق، وتؤكد إصابته ببعض الرضوض والكدمات فقط.

وسبق ذلك تنظيم مسيرة حاشدة لأساتذة التعاقد بالشموع، جابت الشوارع الرئيسية للرباط، ردد فيها المتظاهرون الغاضبون شعارات مناوئة للحكومة، ووزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي سعيد أمزازي، الذي حملوه مسؤولية تدهور أوضاع المدرسة العمومية، واستمرار إضرابهم المفتوح بعد إلغاء حوار الثلاثاء الماضي، الذي كان يتوقع أن يتوصل فيه إلى حل لملفهم.

في غضون ذلك، أعلنت التنسيقية تمديد الإضراب إلى غاية يوم الأحد، مع التأكيد على أنه قابل للتمديد. بالإضافة إلى استمرار الإنزال الوطني للأساتذة المتعاقدين، الذي تنفذه في الرباط منذ الإثنين إلى اليوم الجمعة، كما دعت إلى تنظيم مسيرة احتجاجية جديدة، مساء أمس، كان مرتقبا أن تجوب شوارع المدينة الرئيسية.

في سياق ذلك نفى مصدر أمني الأخبار، التي تداولتها بعض المواقع المحلية وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي عن وفاة أحد الأساتذة المتعاقدين خلال عمليات إخلاء الشارع العام، وفض الاعتصام الليلي في ساعات متأخرة من الليلة قبل الماضية.

وأضاف المصدر الأمني في تصريح مكتوب، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن «الصورة التي تداولتها صفحات على فيسبوك لشخص تم تقديمه على أنه أستاذ متعاقد تعرض لإصابات قاتلة، إنما تتعلق في حقيقتها بسقوط عرضي لشخص يبلغ من العمر 62 سنة، تعرض لحادث تلقائي بشارع الكفاح بالقرب من المحطة الطرقية، وتم نقله إلى المستشفى الجامعي ابن سينا، دون أن تكون له أي علاقة بالتجمهر، باستثناء علاقة الأبوة التي تجمعه بأستاذة متعاقدة».

واعتبر ذات المصدر أن الترويج لمثل هذه الأخبار «الزائفة والمضللة من طرف حسابات وصفحات وهمية، يمس بالأمن والنظام العام، ويدخل في خانة الإشاعات، التي تروم تأجيج الاحتقان»، مبرزا أن تدخل مصالح الأمن «اقتصر على تغليب المقاربة الوقائية عبر الركون لشاحنات ضخ المياه، وذلك عندما أصر المتجمهرون على رفض فض الاعتصام الليلي، وعدم التجاوب مع الإنذارات القانونية، الصادرة عن ممثلي القوات العمومية».

ولفت المصدر الأمني ذاته إلى أن «حالات الإصابات المفترضة في صفوف المتعاقدين، التي تم نقلها إلى المستشفى، تمثلت جميعها في حالات للتظاهر بالإغماء، وقد غادرت المؤسسة الاستشفائية»، مؤكدا في المقابل تسجيل إصابات في صفوف رجال الأمن، وقال إنها طالت «رائد شرطة، وعددا من عناصر القوة العمومية»، حسب تعبيره.

من جانبها، أعلنت الحكومة المغربية، أمس، أن استئناف الحوار مع الأساتذة المتعاقدين رهين بوقفهم الإضراب والعودة إلى الأقسام الدراسية؛ إذ قال مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة، إنه تقرر تأمين الحصص المقررة للتلاميذ في مختلف المؤسسات التعليمية، ولا سيما في القرى، بدءاً من الأسبوع المقبل لضمان حقهم في التدريس وطمأنة الأسر.

وعزا الخلفي تعليق الحوار مع الأساتذة المتعاقدين، الذي كان مقرراً الثلاثاء الماضي، إلى أن عدداً منهم لم يلتزموا بشرط استئناف الدراسة، كما جرى الاتفاق على ذلك، مشدداً على أن «الحكومة ليست في صدام مع الأساتذة».

ورداً على سؤال بشأن المواجهات التي جرت بين الأساتذة المضربين وقوات الأمن اللية قبل الماضية، قال الخلفي إن قوات الأمن لم تتدخل عندما نظّم الأساتذة المتعاقدون المظاهرات طوال الأيام الماضية، ولم يتقرر التدخل إلا عندما قرر المضربون الاعتصام في الشارع. مشيراً إلى أن «حق التظاهر مكفول بالقانون، وعمل المتدخلين مؤطر أيضاً بالقانون».

وفي موضوع منفصل يتعلق بالاتفاق المرتقب بين الحكومة والنقابات العمالية، قال الخلفي إن نتائج الاتفاق الذي سيتضمن «أخباراً سارة» سيعلن عن تفاصيله من طرف رئيس الحكومة.