التاريخ: نيسان ١٧, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«تحالف الإصلاح» يطالب بموقف عراقي موحّد حيال تصنيف «الحرس» الإيراني إرهابياً
ضجة بعد اعتقال رجل دين قادم من إيران بشبهة الاتجار بالمخدرات
بغداد: حمزة مصطفى
في وقت دخل فيه تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني إرهابياً طبقاً للقائمة الأميركية، حيز التنفيذ أول من أمس، دعا «تحالف الإصلاح والإعمار»؛ (ثاني أكبر تحالف في البرلمان العراقي)، إلى اجتماع عاجل للرئاسات الثلاث والقيادات السياسية بهدف بلورة موقف عراقي موحد حيال هذه التطورات.

وقال بيان للتحالف إن الهيئة السياسية «لتحالف الإصلاح والإعمار عقدت اجتماعها الدوري، وناقشت عدداً من الملفات المدرجة على جدول أعمالها؛ وعلى رأسها مساعي إغاثة أهالي ميسان، وكذلك المخطط التشريعي للفصل التشريعي الثاني للبرلمان العراقي. وفي المحور الدولي والإقليمي ناقش المجتمعون التصعيد الأميركي الأخير ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية». وأشار البيان إلى أنه «في الوقت الذي تحيي فيه الهيئة السياسية لتحالف الإصلاح والإعمار الروح الوطنية العالية لدى المواطنين وحالة التلاحم والنخوة تجاه أبناء شعبنا المتضررين من السيول، ولا سيما في محافظة ميسان، فإنها تدعو الحكومة المركزية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين والقوى السياسية للاستمرار بدعم المتضررين من السيول، وضرورة تعويض المتضررين ونقلهم إلى أماكن آمنة، وأهمية أخذ الحيطة والحذر والاستعداد لمواجهة السيول القادمة في محافظة ميسان والمحافظات الأخرى».

كما شدد المجتمعون على «أهمية إقرار التشريعات اللازمة للحد من ظواهر الفساد، والتي تساعد الحكومة في مساعيها بهذا الاتجاه، كما أكدت الهيئة السياسية على أن تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات يمثل أولوية قصوى، وضرورة إعطاء الأولوية أيضا للقوانين التي تمت دراستها وصياغتها (في دورات سابقة) ووصلت إلى مراحل متقدمة وتوقفت لأسباب سياسية».

وفي المحور الدولي والإقليمي، عبرت الهيئة عن «قلقها إزاء التطورات والتصعيد في الموقف الأميركي في قضايا القدس والجولان و(الحرس الثوري) الإيراني، ودعت إلى اجتماع عاجل للرئاسات الثلاث والقيادات السياسية لدراسة تداعيات هذا التصعيد الخطير واتخاذ ما يلزم من مواقف تجاه ذلك، كما دعا المجتمعون الحكومة العراقية للاستمرار بسياسة الحياد الإيجابي وتجنيب العراق مضاعفات هذا الصراع، مشددين على أهمية الوحدة والتماسك لدرء جميع الأخطار عن عراقنا الحبيب».

وفي هذا السياق، أكدت ندى شاكر جودت، عضو البرلمان عن تحالف الإصلاح والإعمار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهم بالنسبة لنا ألا نكون منطقة وسطى بين كتلتين متصارعتين كلتاهما تريد أن تستخدم أرضنا ساحة لتصفية حساباتها مع الأخرى، وأقصد بذلك إيران والولايات المتحدة الأميركية»، مبينة أنه «حان الوقت لكي نتخذ مواقف حاسمة حيال مثل هذه الأمور، لأننا لسنا منصة أو بديلاً لهذا أو ذاك، وهو ما يتعين علينا توضيحه بشكل لا يقبل الجدل حيال ما يمكن أن تشهده المنطقة من تطورات خلال الفترة المقبلة بسبب المواقف التي اتخذتها إدارة ترمب حيال إيران».

وأشارت النائب إلى أن «العراق يجب أن يتخذ موقفاً حيادياً مسؤولاً ينسجم مع سياسة الحياد الإيجابي في وقت يتعين فيه علينا ألا نقبل بأن تتخذ إيران من العراق منطقة لتصفية حساباتها مع أميركا بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تربطنا مع إيران وهي علاقة جوار وصداقة». وتابعت: «حان الوقت لأن نفرق بين العلاقات الطبيعية بين الدول وبين ميل هذه العلاقة لصالح هذا الطرف بالضد من ذاك أو بالعكس، خصوصاً في حال بدت العلاقة غير متكافئة».

وأوضحت جودت أن «العراق يعاني مشكلات كثيرة يجب الالتفات إليها من قبل القوى السياسية؛ حيث لا يزال اقتصادنا هشاً ويتطلب منا التركيز، كما أننا خرجنا تواً من الحرب ضد الإرهاب وهو ما يتطلب العمل على ترصين الجبهة الداخلية، ولذلك فإننا لسنا في وضع يسمح لنا بأن ندخل في أي محور مع أي طرف، لأننا سنكون الطرف الخاسر في مثل هذه المعادلة».

في السياق نفسه، يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار الرئيس الأميركي تصنيف (الحرس الإيراني) منظمة إرهابية أدخل العراق في منطقة الحرج على مستوى الدولة، وعلى مستوى صانع القرار السياسي، وكذلك على صعيد القوى السياسية»، مبيناً أن «هناك تبايناً في طبيعة التعاطي مع القرار». وقال إن «العراق غير الرسمي لا يمكنه اتخاذ موقف موحد حيال هذا الأمر؛ بل حتى القرار الرسمي سيبقى في إطار الحياد بين الموقفين، وهو ما يعني أن العراق سيبقى في المنطقة الرمادية». ويرى الشمري أن «العراق على مستوى الحكومة يريد أن يوجه رسالة بأنه دولة توازن ودولة فاصلة في طبيعة الصراع، حيث لا يريد أن يكون دولة ضد حيال أي من الطرفين».

وبشأن اجتماع الرئاسات والقوى السياسية بناء على دعوة تحالف الإصلاح، أكد الشمري أن «هذا الاجتماع إن حدث فلن يخرج عن دائرة التصريحات والمواقف الوسطية، حيث سيضع في حساباته تداعيات القرار على المنطقة والعراق، وبالتالي فإنه لن يخرج برؤية يمكن أن نتلمس فيها موقفاً يمكن أن يبعد العراق عن دائرة الحياد بأي حال من الأحوال».

ضجة بعد اعتقال رجل دين قادم من إيران بشبهة الاتجار بالمخدرات
زعيم ميليشيا مرتبطة بطهران يتوعد معتقليه... و«الداخلية» تلاحقه

بغداد: فاضل النشمي
تفاعلت على المستويات الرسمية والشعبية والدينية، أمس، قضية رجل الدين الذي اعتقلته مفرزة أمنية بمنفذ الشلامجة الحدودي مع إيران بمحافظة البصرة، وأظهر تسجيل مصور انتشر على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي عناصر الأمن وهم يوجهون إهانة إلى رجل دين شيعي ويتهمونه بالمتاجرة بمادة «الزئبق الأحمر».

وانتقد نائب رئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي ما سماها «تصرفات غير مسؤولة»، قام بها عناصر أمن يعملون في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران بمحافظة البصرة.

وقال في بيان: «تابعنا بقلق بالغ حادثة اعتقال رجل دين في محافظة البصرة، وما تخللها من تصوير فيديوي، والمقطع يوضح تصرفات غير مسؤولة من قبل عدد من الأفراد المنسوبين (على) المنافذ الحدودية في المحافظة».

وأشار الكعبي إلى أن «الاعتقال جاء دون استكمال الإجراءات الأولية المتبعة ضمن السياقات القانونية بحق رجل الدين، كما جاء منافياً لمبادئ حقوق الإنسان، وبعيداً عن قوانين وأساسيات الضبط الأمني والعسكري، وفيه الكثير من التشهير بحق شخص لم تثبت التهمة عليه».

وتباينت ردود الفعل الشعبية حيال إلقاء القبض على رجل الدين؛ بين مستهجن للعملية، ومؤيد، ومطالب بمعاملة رجال الدين كالأشخاص العاديين في حال ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون.

ولا يزال الغموض يحيط بملابسات الحادث وما إذا كان رجل الدين منتمياً إلى عصابة تقوم بتهريب البضائع الممنوعة بانتظام - كما تفيد اعترافات مفرزة الأمن الحدودية - أم إن الأمر يتعلق بسوء تصرف من عناصر المفرزة الأمنية وبقية العناصر في النقاط الحدودية المختلفة.

وحالة الغموض هذه دفعت بوزارة الداخلية إلى إصدار بيان أعلنت فيه توقيف جميع أفراد المفرزة التي اعتقلت رجل الدين. وذكرت الوزارة في بيان أن مفتشها العام جمال الأسدي وجّه بإجراء تحقيق في الملابسات التي رافقت عملية إلقاء القبض على رجل دين في محافظة البصرة، وأن اللجنة المشكلة «قامت باستدعاء آمر المفرزة الرائد (ع.ش.س) والمنسوب إلى قسم المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة البصرة التي نفذت عملية إلقاء القبض». وأشارت الوزارة إلى أن آمر المفرزة وأعضاءها «أفادوا بأن عملية القبض جرت بصورة قانونية أصولية وجاءت بعد ورود معلومات واعترافات من قبل عصابة تم إلقاء القبض عليها سابقاً».

وطرأ بعد ظهر أمس تحول دراماتيكي في قضية رجل الدين المعتقل، بعد تدخل رجل دين آخر اسمه واثق البطاط، قائد ما يسمى «جيش المختار»، وتحولت الانتقادات والبيانات المنددة لتركز على البطاط الذي هدد في تسجيل فيديو الضابط والمفرزة بالقول: «سنخلع عيونك، وسنجعل رأسك منفضة سكائر، وسنسحلك وأهلك والمجموعة التي نفذت عملية القبض، وعوائلهم».

وعدّ البطاط؛ المعروف بولائه المعلن لإيران، ما حصل «إهانة لعمامة كل رجل دين في العالم، وعمامة رسول الله والمرجعية، والمتاجرة بالزئبق الأحمر تهمة أسطورية»، على حد تعبيره.

ووجهت وزارة الداخلية برفع دعوى قضائية ضد واثق البطاط، مشيرة إلى أنه «استخدم لغة بربرية انتقامية لا تختلف عن منطق (الدواعش)». وذكرت الوزارة في بيان أن «المدعو واثق البطاط صرح مهدداً ومتوعداً لأحد ضباط الوزارة والمجموعة التي كانت بإمرته، حيث استمر المدعو البطاط بكيل التهديدات بالقتل وفقء الأعين والوعيد بأساليب يمجها المنطق والشرعة الإنسانية والقانونية». وأكدت أنها «قامت بالإيعاز إلى الدائرة القانونية فيها باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المدعو واثق البطاط، وإقامة دعوى قضائية بحقه تمهيداً لتقديمه للعدالة إزاء ما صدر عنه من تهديدات تمس سيادة القانون في البلاد». ودعا بيان الداخلية «المؤسسة الدينية إلى الاستمرار بدعم المؤسسة الأمنية».

ودخل على خط أزمة رجل الدين والبطاط شخصيات برلمانية وطلبة علوم دينية في حوزة النجف. وفيما عدّ النائب عن «سائرون» صباح العكيلي أن تحالفه «لا يتعامل مع الشخصيات غير المحترمة»، في إشارة إلى البطاط، ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحقه، أعلنت مجموعة من طلبة العلوم الدينية في حوزة النجف، أمس، البراءة من واثق البطاط وتهديده مفرزة أمنية. وقالت مجموعة الطلبة في بيان: «في الوقت الذي ندين ونستنكر تصرف منتسب وزارة الداخلية الذي تصرف بصبيانية وحقد وعدم مهنية مع أحد رجال الدين الذي لم تثبت إدانته، والقيام بالتشهير به في وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك نستنكر وندين تصريحات واثق البطاط التي يهدد بها ويتوعد بالانتقام وهو أسلوب مرفوض ولأنه يؤدي إلى الإخلال بالأمن العام». وأشاروا إلى أن البطاط «معروف بتصريحاته غير المنضبطة، وقد سبق أن اعتقلته الأجهزة الأمنية جراء أمثال تلك التصريحات التي تمس سيادة الدولة وتهدد أمن المواطن».

وفي موضوع ذي صلة بحالات الفساد والتهريب في الموانئ والمنافذ الحدودية، كشف عضو مجلس النواب فائق الشيخ علي، أمس، عن فساد في الموانئ بإشراف ميليشيات ومهربين. وقال الشيخ علي في تغريدة على «تويتر»: «أيها الإعلام... إليكم هذا الفساد!... ما تزال السيارات القديمة تدخل العراق ببواخر! يشتريها المهرب بثمن شبه مجاني من أوروبا، ليدخلها إلى العراق بالاتفاق مع سلطات موانئنا». وأضاف: «ثم تقوم ميليشيات الموانئ بمصادرتها، لتبيعها إلى المهرب نفسه، فيقوم هو بدوره ببيعها أصولياً داخل العراق».

يذكر أن منفذ الشلامجة الحدودي في البصرة شهد في غضون الأسابيع الماضية القبض على عدد من المسافرين العراقيين والإيرانيين لحيازتهم مخدرات، من نوع «الكريستال»... وغيره.