التاريخ: نيسان ٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
قائد السبسي لن يترشح لولاية ثانية ونقابة العمال تعرض «برنامجاً انتخابياً»
تونس: المنجي السعيداني
كشف أبو علي المباركي، القيادي في الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال) عن إعداد المنظمة النقابية برنامجاً اقتصادياً واجتماعياً، وتقديمه إلى الأحزاب السياسية التي ستخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المبرمجة نهاية السنة الحالية.

وقال المباركي إن اتحاد الشغل سيدعم الحزب السياسي الذي سيتبنى برنامجه الانتخابي الذي يراعي الظروف الحالية في تونس، معتبراً أن هذا البرنامج يمثل «إجراء اجتماعياً تأسس على ضوء دراسات معمقة للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وقضايا التنمية» في تونس.

ويتضمن هذا البرنامج الانتخابي خصوصاً إقرار إجراءات صارمة ضد التهرب من الجباية، وتنفيذ برنامج تنمية يعتمد على التمييز الإيجابي للمناطق الفقيرة، ومعارضة شروط صندوق النقد الدولي في مجالات رفع الدعم عن المواد الاستهلاكية والمحروقات، والتخلي عن فكرة التخلص من المؤسسات العمومية وبيعها إلى القطاع الخاص. ويتماشى هذا الموقف مع تصريحات سابقة أدلى بها نور الدين الطبوبي، رئيس نقابة العمال، عن اهتمام النقابة ببرنامج مشاركتها في الانتخابات المقبلة، باعتبارها «معنية مباشرة بهذا الاستحقاق الانتخابي».

ولئن استبعد الطبوبي المشاركة بقوائم انتخابية في الاستحقاق البرلماني، أو التقدم بمرشح للانتخابات الرئاسية، فإنه عبر عن ضرورة مشاركة اتحاد الشغل في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، على اعتبار أن الاتحاد مثل خلال السنوات الماضية قوة اقتراح وطرح بدائل اقتصادية واجتماعية، لتجاوز الصعوبات التي تعرفها تونس.

وتخشى قيادات نقابية من الانغماس المباشر للتنظيم النقابي في الشأن السياسي. وترى أطراف نقابية نافذة أن المشاركة غير المباشرة، ودعم أحزاب سياسية وشخصيات مرشحة للانتخابات الرئاسية أفضل بالنسبة لها، لإبعاد شبهة «التخلي عن المطالب النقابية والانهماك في السياسة».

وفي هذا الشأن، قال جمال العرفاوي، المحلل السياسي التونسي، لـ«الشرق الأوسط»، إن اتحاد الشغل يرغب في لعب دور سياسي، وقد انشغل بهذا الأمر من خلال توقيعه على «وثيقة قرطاج» التي انبثقت عنها حكومة الوحدة الوطنية سنة 2016، التي تولى رئاستها يوسف الشاهد. كما أنه اتخذ مواقف سياسية من حكومة الشاهد، حين دعم مطلب حزب النداء بزعامة حافظ قائد السبسي، الداعي إلى الإطاحة بحكومة الشاهد، ولكنه لا يرغب في ممارسة السلطة مباشرة، نظراً لتبعاتها المعقدة، على حد تعبيره.

ويرى العرفاوي أن بقاء اتحاد الشغل في صفوف المعارضة وخارج دائرة السلطة الرسمية وتقديمه بدائل اجتماعية واقتصادية، قد يخدم مصلحته أكثر، ومع ذلك فقد عينت الحكومات المتتالية قيادات نقابية في خطط وزارية، من بينها عبيد البريكي الذي شغل منصب وزير للوظيفة العمومية، ومحمد الطرابلسي وزير الشؤون الاجتماعية الحالي.

على صعيد آخر، أكد معز السلامي، رئيس «الجامعة التونسية للنقل» (تابعة نظرياً لمجمع رجال الأعمال) أنها ستشرع بداية من اليوم (الاثنين) في سلسلة من الاحتجاجات الاجتماعية في عدد من المدن التونسية، للمطالبة بتراجع الحكومة التونسية عن الزيادة التي أقرتها قبل نحو أسبوع على أسعار المحروقات.

وأشار إلى برمجة مجموعة من التحركات الميدانية لمدة نصف يوم في مرحلة أولى، وتشمل تلك التحركات إغلاق الطرقات، والتوقف عن العمل على مستوى منطقة باب سعدون بالمدخل الغربي للعاصمة التونسية، وأمام البرلمان التونسي، علاوة على باب عليوة الواقع بالمدخل الجنوبي للعاصمة.

وأكد انضمام عدة أطراف نقابية أخرى إلى موجة الاحتجاجات خلال يومي الأربعاء والخميس. وأشار إلى أن المتضررين من الزيادة في أسعار المحروقات سيعتصمون في تلك المواقع إلى حين التراجع عن القرار الحكومي، على حد قوله.

وكانت المنظمات النقابية التونسية الكبرى، قد أعلنت يوم السبت الماضي عن معارضتها للقرار الحكومي المتعلق بالزيادة في أسعار المحروقات، التي خلفت احتجاجات متنوعة وغلقاً لعدد من الطرقات، ودعوات للتراجع عنها. وأكد كل من اتحاد الشغل (نقابة العمال) واتحاد الصناعة والتجارة (مجمع رجال الأعمال) واتحاد الفلاحين، عن استنكارهم الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات، معبرين عن «مساندتهم كل التحركات الاحتجاجية السلمية باعتبارها حقاً دستورياً وتعبيراً مشروعاً عن الصعوبات التي يجابهها الأجراء والفلاحون والمهنيون وأصحاب المؤسسات».

واعتبرت هذه المنظمات الوطنية الثلاث ذات الثقل الاجتماعي والاقتصادي المهم، أن هذه الزيادة غير المنطقية وغير المبررة لأسعار المحروقات، ستكون لها «انعكاسات سلبية جداً على القدرة الشرائية للأجراء، وعلى نشاط الفلاحين والبحارة، وعلى المؤسسات الاقتصادية، وخصوصاً في قطاعي الصناعة والنقل بكل أصنافهما»، وطالبت الحكومة بالتراجع الفوري عنها.

قائد السبسي يؤكد عدم رغبته في الترشح لولاية ثانية
مؤتمر «النداء» ينطلق برفع تجميد عضوية رئيس الحكومة في الحزب

الأحد  07 أبريل 2019 
المنستير(تونس): كمال بن يونس والمنجي السعيداني

فاجأ الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي نحو 10 آلاف من أنصار حزبه، الذين تجمعوا في موطن الزعيم الحبيب بورقيبة بالمنستير، خلال افتتاح مؤتمرهم الوطني، بالإعلان أنه لا يعتزم الترشح للرئاسة نهاية العام الحالي، وطلب من المؤتمرين التراجع عن قرار تجميد عضوية رئيس الحكومة يوسف الشاهد وأنصاره «الوسطيين» من الحزب. ووافق المؤتمرون بالإجماع على هذا الطلب، في خطوة من المقرر أن تؤثر في المشهد السياسي، وفي التحضيرات للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقررة نهاية العام الحالي.

وتعهد الرئيس بدعم أحد المرشحين للرئاسة، بعد أن نوه بالشاهد، وطلب من المؤتمر «لم شمل» كل كوادره ومناضليه، الذين انسحبوا من الحزب، وبينهم رئيس الحكومة. وأوضح السبسي في هذا السياق أن 3 قوى تتحكم في المشهد السياسي والانتخابي؛ هي اليسار المتجمع حول «الجبهة الشعبية» بزعامة حمة الهمامي، و«حركة النهضة» الإسلامية، وتيار الأغلبية، التي وصفها بـ«قوى الوسط»، معتبراً أن حزبه يتزعمها، وطلب من المواطنين دعمها والانخراط في مشروعها السياسي خلال السباق الانتخابي المقبل.

ويشارك في أشغال المؤتمر الانتخابي الأول لحزب النداء، الذي ينعقد تحت شعار «مؤتمر الإصلاح والالتزام»، أكثر من 1800 نائب، تمّ انتخابهم على مستوى المكاتب المحليّة في ظل غياب كامل لممثلي مختلف الأحزاب التونسية. وسيتم خلال المؤتمر الذي يمتد على يومين، المصادقة على التقريرين الأدبي والمالي والمصادقة على اللوائح، وتنقيح النظام الداخلي لحزب النداء. وسيشمل التنقيح التركيبة الجديدة للحركة، وهياكل جديدة للحزب. ومن المقرر أن ينتخب المؤتمر هيئة قيادية موسعة من 217 شخصية، بينها وزراء سابقون ومسؤولون كبار في الدولة.
وتتنافس 3 قائمات انتخابية على قيادة حزب النداء؛ هي قائمة حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس الحالي، وقائمة ناجي جلول وزير التربية السابق، وقائمة سلمى اللومي مديرة ديوان رئاسة الجمهورية.

لكن إلى أي حد سوف يسهم «العفو» عن المنشقين والغاضبين في لم شمل كوادر حزب قائد السبسي، وتحسين إشعاعه رغم الأزمات الحادة التي مر بها خلال الأعوام الأربعة الماضية، وتطورت إلى قطيعة سياسية بين رئاسة الجمهورية والحكومة؟ وهل سيقبل الشاهد عرض المصالحة الذي عرضه عليه مؤتمر حزب الرئيس قائد السبسي، مقابل وعد بدعمه في الانتخابات المقبلة؟

القيادي في حزب النداء مصدق بسباس اعتبر أن تفاعل رئيس الحكومة يوسف الشاهد مع عرض السبسي ومؤتمر حزب النداء «يمكن أن يؤثر في المشهد السياسي والانتخابي الجديد، ويضعف حركة النهضة وأقصى اليسار». كما يمكن، حسبه، أن يفتح الباب أمام الشاهد ليخوض الانتخابات المقبلة باسم كل الدستوريين، وحلفائهم المعارضين للنهضة وأقصى اليسار، تحت يافطة حزب «النداء» الذي فاز بالأغلبية في انتخابات 2014.

إلا أن هذا التطور سوف يضعف مشروع حزب «تحيا تونس»، الذي يتزعمه الوزير السابق سليم العزابي، وعدد من الوزراء وكوادر الدولة والبرلمانيين، والذي يسمى في وسائل الإعلام والصالونات السياسية التونسية «حزب يوسف الشاهد»، رغم عدم إعلانه الانضمام إليه حتى الآن.

لكن بعض القياديين في حزب «تحيا تونس»، المحسوب على رئيس الحكومة، استبعدوا أن يتخلى الشاهد والموالون له عن مشروعهم السياسي والحزبي والانتخابي الآن. وفي هذا السياق أورد البرلماني الصحبي بن فرج، القيادي بحزب «تحيا تونس» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «مبادرة الباجي قائد السبسي تجاه يوسف الشاهد والغاضبين، جاءت متأخرة جداً، وكان يمكن أن تؤثر فعلاً في المشهد السياسي، ولمّ شمل رفاق الأمس، لو صدرت قبل عام أو عامين على الأقل»، معتبراً أن السبسي أصبح منذ مدة يقدم تنازلات علنية للشاهد والغاضبين في محاولة لاستمالتهم، بعد أن انحاز ضدهم خلال خلافاتهم مع ابنه حافظ قائد السبسي.

ووصف بن فرج المبادرة الجديدة التي قدمها قائد السبسي الأب بمثابة «رمي المنديل»، كما أن كل استطلاعات الرأي ترجح فوز الشاهد في الانتخابات بفارق كبير، بما في ذلك في حالة مشاركة الرئيس في السباق.

وتوقع بن فرج أن يتغير المشهد الحزبي والسياسي والانتخابي في الاتجاه المعاكس، عبر انضمام غالبية من تبقى في حزب النداء إلى حزب «تحيا تونس»، الذي تأسس الشهر الماضي بزعامة الوزير سليم العزابي، ويعتبر يوسف الشاهد زعيمه السياسي ومرشحه الافتراضي لرئاسة الجمهورية أو الحكومة، بعد انتخابات نهاية العام الحالي. وقد دخل هذا الحزب منذ شهور في تحالف استراتيجي مع عدة أحزاب، بينها «النهضة»، و«مشروع تونس» و«المبادرة الدستورية»، استعداداً للانتخابات المقبلة، وانسحاب الشاهد سيعني إعادة خلط كاملة للأوراق، وتغييراً جوهرياً للمشهد السياسي.