التاريخ: آذار ٢٤, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
السيناريوهات المحتملة أمام النظام الجزائري
«التجمع الوطني» ينفي استقالة أمينه العام
الجزائر: «الشرق الأوسط»
نفى حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ثاني أكبر الأحزاب السياسية في الجزائر، أمس السبت، استقالة أمينه العام أحمد أويحيى، رئيس الوزراء الجزائري السابق، حسب تقرير أوردته وكالة الصحافة الألمانية، أمس. وقال الحزب، في بيان له نشره على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس: «لقد فاجأتنا قناة تلفزيونية وطنية خاصة، تدّعي تحري مصداقية المعلومة، بنقل إشاعة مغرضة، مفادها تأهب السيد أحمد أويحيى لتقديم استقالته من رأس التجمع الوطني الديمقراطي. وعليه يكذّب التجمع الوطني الديمقراطي تكذيبا قاطعا صحة هذه المعلومة». وأكد الحزب، أن أويحيى مستمر في أداء مهمته، التي انتخب لها بالأغلبية المطلقة عن طريق الاقتراع السري من طرف المؤتمر الخامس، الهيئة السيّدة للحزب. كما نوه بالالتفاف القوي للهياكل النظامية ولمنتخبي وإطارات الحزب حول قيادة التجمع الوطني الديمقراطي، وعلى رأسها السيد أحمد أويحيى، الأمين العام.

ويواجه أويحيى غضبا متصاعدا من معارضيه، الذين دعوه إلى التنحي، على خلفية دعم الحزب لترشح رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة لولاية خامسة، رغم وضعه الصحي الصعب، مما تسبب في ظهور حراك شعبي غير مسبوق يطالب برحيل النظام بالكامل. وقد قام منتخبون ومناضلون في التجمع الوطني الديمقراطي في ولاية باتنة، الواقعة شرق الجزائر أمس، بغلق المقر الولائي للحزب، مؤكدين أن هذه الخطوة «من أجل التغيير وتحرير الحزب». وطالب المكتب الولائي في بيان له بـ«استقالة أويحيى فورا وإعادة الحزب إلى مساره وأهدافه التي أنشئ من أجلها».

السيناريوهات المحتملة أمام النظام الجزائري
الجزائر - القاهرة: «الشرق الأوسط»
دفعت الاحتجاجات، التي شارك فيها مئات الآلاف من الجزائريين خلال الشهر المنصرم، الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى التخلي عن الترشح لولاية خامسة، معلنا تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة أساسا في أبريل (نيسان) المقبل، وأن خبراء سيشرفون على الانتقال إلى «نظام جديد» في الأشهر المقبلة. لكن رغم ذلك استمرت المظاهرات التي أصبحت حدثا مألوفا في جل المدن الجزائرية، وأصبح معها السؤال التالي ملحا وفي غاية الأهمية: ما هي السيناريوهات المحتملة في الجزائر؟

قبل أيام أعلن بوتفليقة أن مؤتمرا وطنيا مستقلا وشاملا سيضع دستورا جديدا للبلاد، ويحدد موعدا للانتخابات، على أن يختتم عمله بحلول نهاية العام. وتشكلت حكومة جديدة مؤقتة من الخبراء. لكن هذه الخطة أصبحت موضع شك بسبب ضعف موقف بوتفليقة، في ظل إصرار المتظاهرين على تنحي الرئيس عندما تنتهي فترة ولايته، ومدتها خمس سنوات في أبريل المقبل، مشددين على أن هدفهم مواصلة الضغط ومنع تسلل «نظام بوتفليقة».

أما الجيش فقد نأى بنفسه عن التدخل في الأحداث السياسية، كما ينص على ذلك دستور البلاد، وقد قال رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح إن على الجيش أن يتحمل مسؤولية حل الأزمة، لكنه يترقب الموقف حتى الآن. غير أن الجيش يبدو في الوقت الراهن أكثر ترددا في التدخل مباشرة عن الماضي، خاصة أن قرار الجيش إلغاء الانتخابات البرلمانية عام 1992، والتي كان الإسلاميون على وشك الفوز فيها قد أطلق شرارة الصراع، الذي خلف ما يصل إلى 200 ألف قتيل.

وفي ظل تراجع التيار الإسلامي، فقد يأتي زعيم جديد من التيار السياسي الرئيسي. ومن بين من برزوا كقادة للاحتجاجات رئيس الوزراء الأسبق أحمد بن بيتور، والناشط الحقوقي والمحامي مصطفى بوشاشي.
ثمة سؤال آخر يطرح نفسه بقوة: ما هي المخاطر التي تنتظر الجزائر إذا لم يتم إيجاد حلول للأزمة السياسية؟

الحقيقة أنه يصعب تقديم أجوبة في الوقت الراهن، لكن الانعكاسات ستكون سلبية بكل تأكيد، على اعتبار أن الجزائر أكبر دولة في أفريقيا من حيث المساحة، ويربو عدد سكانها على 40 مليون نسمة. وهي منتج رئيسي للنفط والغاز، وعضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ومورد رئيسي للغاز إلى أوروبا. كما أن دول الغرب تنظر للجزائر على أنها شريك في مكافحة الإرهاب، وتلعب دورا عسكريا مهما في منطقة شمال أفريقيا والساحل الأفريقي، وتبذل جهودا دبلوماسية في الأزمات في مالي وليبيا. كما تدعم الجزائر جبهة البوليساريو في الصحراء في خلاف مع جارها المغرب.

وفي ظل استمرار الاحتجاجات فإن التحديات التي تواجه المحتجين تكمن في خوفهم من أن تدفع فصائل داخل قوات الأمن المتظاهرين إلى العنف لتشويه سمعتهم، أو من أن تنحى المظاهرات منحى عنيفا، عندما لا تتم تلبية مطالب المحتجين. وهناك أيضا تحد آخر يتمثل في العثور على قادة يتمتعون بخبرة كافية، ودعم واسع النطاق في ظل افتقار من خدموا في عهد بوتفليقة للمصداقية في أعين المحتجين. كما يخشى المحتجون أن تتطلع الفصائل، التي تمسك بالسلطة وشبكات المحسوبية المرتبطة بها، إلى البقاء حتى عندما تتخلى عن بوتفليقة. فيما يعتقد معظم المراقبين بأنه عندما يترك بوتفليقة وجماعته السلطة، سيبقى النظام.