التاريخ: آذار ١٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
الميليشيات المسلحة تتخوف من دخول قوات حفتر العاصمة الليبية
وزير دفاع أسبق قال إن مصيرهم «الاعتقال والمحاكمة»
القاهرة: خالد محمود
تسود حالة من الهلع والخوف بين بعض قادة الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية طرابلس من احتمال إقدام المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، على إصدار التعليمات إلى قواته بالتحرك لتحرير العاصمة التي تهيمن عليها الميليشيات المتنازعة على مناطق السلطة والنفوذ منذ نحو 5 سنوات.

وتوقع وزير الدفاع الليبي السابق محمد البرغثي، لـ«الشرق الأوسط»، الذي حدد أسماء 20 من قادة الميليشيات المطلوبين للعدالة بتهمة ارتكاب جرائم حرب ضد المدنيين العزل وتهديد استقرار البلاد، الاعتقال والمحاكمة لقادة الميليشيات، في حال لم يتمكنوا من مغادرة طرابلس قبل دخول قوات الجيش الوطني إليها، وأضاف موضحاً: «مصيرهم إما قتلهم أو هروبهم، أو القبض عليهم ومحاكمتهم».

وتضمنت مذكرة كتبها البرغثي بخط يده، وحصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها، «أسماء العشرين، بعضهم موالٍ لحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، والتي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة. وتشمل المذكرة قائمة أسماء قادة يوصفون بأنهم (خطرين)، وأعدت بتاريخ 15 فبراير (شباط) عام 2013». وقال البرغثي: «الآن، منهم من قتل، ومنهم من هرب إلى الخارج، ومنهم من يحكم العاصمة طرابلس بمجلس رئاستها، وسوف يكون مصيرهم كسابقيهم»، مضيفاً أن «المجلس الرئاسي لحكومة السراج بالعاصمة تحت رحمة الأحياء في هذه القائمة».

ورغم أن مصادر عسكرية وأمنية في طرابلس أبلغت أمس «الشرق الأوسط» أن ثمة اتصالات سرية يجريها منذ بضع أسابيع بعض قادة الميليشيات المسلحة مع المشير خليفة حفتر، فإنها نفت في المقابل تقارير غير رسمية عن هروب بعض قادة هذه الميليشيات إلى خارج ليبيا.

وقال مسؤول عسكري رفيع المستوى لـ«الشرق الأوسط» إن بعض هؤلاء القادة «يحاول التواصل مع القيادة العامة للجيش الوطني، ومنهم من يقوم بترتيب إقامته بالخارج، لكن ليس بالشكل المتداول، الذي يوحي بأنه لم يعد هناك أي قيادي ميليشياوي في طرابلس.

لكن في الوقت نفسه، هناك مجموعات مسلحة ونظامية ومدنيون يتبعون القيادة العامة، ويعملون من داخل طرابلس مستقلين، ولديهم اتصالات مع الميليشيات».

لكن مصدراً عسكرياً آخر قال إن ما يحدث هو رحيل أبرز معاوني بعض قادة تلك الميليشيات. وأضاف المصدر، الذي طلب عدم تعريفه لأنه غير مخول بالحديث إلى وسائل الإعلام: «حتى الآن كل رؤوس الميليشيات ما زالت موجودة بالعاصمة طرابلس، لكن أفراداً مقربين منهم غادروا، مثل جلال الورشفاني، أحد أهم معاوني هيثم التاجوري، قائد ما يعرف بميليشيات كتيبة ثوار طرابلس، وشخص آخر لقبه المشاي، وهو من معاوني عبد الغني الككلي، الشهير بأغنيوة، والمسؤول الأول عن قوة الردع والتدخل السريع الموالية لحكومة السراج».

وأضاف موضحاً: «هناك بالطبع تحفظ على أسماء الذين يتواصون مع القيادة. لكن حسب معلوماتي، فإن هناك ميليشيات من الزاوية، وأخرى من غريان، وأخرى من طرابلس، وكلما ضاق الخناق سيقفز آخرون خارج السفينة للنجاة».

وقال مصدر عسكري مسؤول لـ«الشرق الأوسط»: «الناس داخل العاصمة في انتظار الجيش، والميليشيات تستعد لمواجهة عسكرية وشيكة... إنهم يحاولون رص الصفوف»، لافتاً إلى اجتماع بعض قادة ما يسمى بـ«ثوار فبراير»، واتفاقهم على مقاومة الجيش إذا حاول الدخول إلى طرابلس، وأضاف بهذا الخصوص: «لقد تم عقد أكثر من اجتماع لبحث التصدي لتحرير قوات الجيش الوطني للمدينة، لكن الاجتماع الأكبر كان في غريان... إنهم يعملون تحت اسم الجيش الليبي التابع للسراج».

وتزامنت هذه المعلومات مع ما نشره موقع «استيراتيجي بيج» الإلكتروني الأميركي، وتداولته صحف ليبية، حيث قال إن كثيراً من قادة ميليشيات طرابلس البارزين غادروا البلاد مع عائلاتهم، لكنه زعم في المقابل أن الجيش سيدخل إلى طرابلس، بناءً على طلب من حكومة السراج، وهو ما نفته أمس مصادر رسمية مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط».

وقالت المصادر إن الحديث عن أن حكومة السراج ستتعاون مع الجيش في هذا الصدد أمر خيالي، ولا يمت لصلة بما يجري على الأرض.

ونقلت أمس وسائل إعلام محلية عن حفتر قوله إن تأمين طرابلس، وما تبقى من مدن ليبيا، عبر القوات المسلحة «أمر حتمي»، لافتاً إلى أن قوات الجيش تتمنى دخول هذه المدن دون إراقة قطرة دم واحدة، لكنه تعهد أيضاً بأن كل من سيحاول مواجهة هذه العملية سيتم سحقه دون هوادة.