التاريخ: آذار ١٣, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
تظاهرات الجزائر ترفض "تمديد" بوتفليقة لنفسه
تجمع آلاف الطلاب في وسط العاصمة الجزائرية أمس، وفي مدن أخرى، رافضين صيغة إعلان الرئيس عبد العزيز بوتفليقة العدول عن الترشح، معتبرين ذلك "تمديداً" لحكمه.

وردّد الطلاب هتافاً واحداً: "طلبة صامدون للتمديد رافضون"، بينما استبدلت لافتات رفض الولاية الخامسة التي تراجع عنها بوتفليقة، لتحل محلها لافتات كتب فيها الرقم "4+" وقد شطب، دلالة على رفض تمديد الولاية الرابعة، كما ظهرت لافتة كبيرة كتب فيها: "يجب إنقاذ الشعب وليس النظام".

وفي تظاهرتهم الثالثة لهذا الأسبوع، حمل أكثر الطلاب أعلاماً جزائرية أو توشحوا بها وهم يسيرون عبر شارع ديدوش مراد، وكان عدد منهم يصيح: "بركات بركات من نظام العصابات"، وبركات باللهجة الجزائرية تعني "كفى".

وتنقل الطلاب في مسيرات بين ساحتي البريد المركزي ومريس أودان حيث انتشرت أعداد كبيرة من رجال الشرطة ولكن من غير أن تتدخل. وغلب على المتظاهرين هتاف "سلمية، سلمية" أو "أيها الشرطي انزع قبعتك والتحق بنا".

وكان الرئيس بوتفليقة أعلن الاثنين، غداة عودته من رحلة علاج في سويسرا، عدوله عن الترشح لولاية خامسة، وفي الوقت نفسه إرجاء الانتخابات الرئاسية التي كانت مقررة في 18 نيسان الى أجل غير مسمّى. وبذلك مدَّد بوتفليقة ولايته بحكم الأمر الواقع.

وكتبت صحيفة "الخبر" الصادرة الاثنين أن بوتفليقة "سيبقى رئيساً دون انتخابات" وهو بذلك "مدّد" ولايته الرئاسية الرابعة. وقالت: "رضخ رئيس الجمهورية لمطلب عدم الترشح... لكن بالطريقة التي تضمن له البقاء رئيساً دون انتخابات" و"ترتيب انسحابه من الحكم... دون الإشارة إلى السند الدستوري الذي اعتمد عليه".

وعمَّت الجزائر منذ 22 شباط تظاهرات واسعة وحاشدة غير مسبوقة في أنحاء البلاد رفضاً لترشح بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة. وعاد الرئيس الأحد الى الجزائر بعد غياب مدة أسبوعين في جنيف أجريت له خلالهما "فحوص طبية"، استناداً إلى الرئاسة.

وقال بوتفليقة في خطاب مكتوب إلى الشعب الجزائري إن الانتخاب الرئاسي "سينظم عقب الندوة الوطنية الجامعة المستقلة تحت الإشراف الحصري للجنة انتخابية وطنية مستقلة". وتعهّد تسليم "مهام رئيس الجمهورية وصلاحياته للرئيس الجديد الذي سيختاره الشعب الجزائري بكل حرية".

وتشكل تظاهرة الطلاب الثلثاء مقياساً أولياً لمدى رفض أو قبول الشارع الجزائري قرارات بوتفليقة الذي يواجه أكبر موجة احتجاج منذ وصوله إلى الحكم عام 1999.

وشهدت ولايات أخرى تظاهرات طالبية بمشاركة الأساتذة وتجمعات في الكليات، كما في قسنطينة حيث تظاهر نحو ألف طالب، استناداً صحافي محلي، أو في بجاية حيث كانوا بضعة آلاف.

وفي مواقع التواصل الاجتماعي نشرت مقاطع فيديو لمسيرات طالبية في تيزي وزو والبويرة المتجاورتين بمنطقة القبائل.

وبدأ التحضير لتظاهرة كبرى الجمعة 15 آذار بحجم تظاهرات 22 شباط والأول من آذار و8 منه، وذلك عبر نداءات تصدر من مواقع التواصل الاجتماعي.

وستجيب تظاهرة الجمعة عن سؤال صحيفة "الخبر" الثلثاء: "كيف سيتفاعل معه الشارع الجزائري الذي دعا إلى رحيله من الحكم؟".

ومنذ الاعلانات التي وردت في خطاب بوتفليقة الذي ظهر أمس على التلفزيون الحكومي للمرة الاولى منذ بداية الاحتجاجات وعودته من سويسرا، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتعليقات.

وظهر وسم "هاشتاغ" جديد على صفحات عدة: "لا للتحايل على الشعب، موعدنا الجمعة" تحضيراً لتظاهرة 15 آذار.

وبدا الطلاب المشاركون في تظاهرات الثلثاء رافضين تماماً لما جاء به الرئيس، معتبرين الامر بمثابة "تمديد لحكمه"، كما قال ماسينيسا حماد طالب الدكتوراه في المدرسة العليا للزراعة.

وإلى قراره العدول عن الترشح وتأجيل الانتخابات، عين بوتفليقة وزير الداخلية نور الدين بدوي رئيساً للوزراء، خلفا لأحمد أويحيى المستقيل. كما عيّن رمطان لعمامرة نائباً لرئيس الوزراء، ولم يعين أحد في هذا المنصب منذ 2012. وسيتولى لعمامرة، وهو ديبلوماسي مخضرم يحظى باحترام في الخارج، أيضا منصب وزير الخارجية.

وفي رد فعل أول، صرح لعمامرة أن "الخطأ غير مسموح" بالنسبة إلى الشعب الجزائري، وقال لإذاعة فرنسا الدولية إنّ الانتخابات المقبلة ستكون "حرة تماماً"، داعياً الجزائريين كافة في ضوء هذه "المسؤولية التاريخية" للعمل معاً "من أجل مستقبل أفضل".

وكما كان منتظراً، رحب الحزبان الحاكمان جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديموقراطي بانسحاب بوتفليقة واعتبراه "استجابة لطموحات الشعب الجزائري"، في حين رفضته المعارضة.

واعتبرت حركة مجتمع السلم، أكبر حزب إسلامي معارض، أن ما أعلنه بوتفليقة "لا يرقى إلى طموحات الشعب الجزائري الذي خرج بالملايين... يطالب بتغيير فعلي"

ورفض رئيس حزب طلائع الحريات علي بن فليس في تصريح مكتوب "التمديد للرابعة من دون ترخيص أو إذن أو موافقة من الشعب". ولاحظ أن "القوى غير الدستورية تقرر تمديد العهدة الرابعة لرئيس غائب عن صنع القرار والاستيلاء على صلاحياته".

وعلى المستوى الدولي، حيا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من جيبوتي قرار بوتفليقة عدم الترشح لولاية خامسة، داعياً الى "مرحلة انتقالية بمهلة معقولة".