التاريخ: شباط ٢٨, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: اشتباكات سياسية تسابق فتح الملفات المالية
تنعقد جلسة مجلس الوزراء اليوم عادية مبدئياً في السرايا الحكومية برئاسة رئيس الوزراء سعد الحريري، لكنها ستتخذ طابعاً اختبارياً اضافياً نظراً الى التداعيات التي لا تزال تتردد للجلسة السابقة التي انعقدت في قصر بعبدا وسط أجواء متشنجة بفعل ملفات مثيرة للخلافات اتخذ منها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون مواقف محددة ولم يحدد الرئيس الحريري أي موقف مماثل منها. ومع ان جدول أعمال الجلسة اليوم لا يحتوي على أمور مثيرة للتباينات كما يبدو، فان أوساطاً وزارية أوضحت لـ"النهار" ان الملفات المثيرة للجدل تنتظر بدء جدولة المشاريع المتصلة بتنفيذ مقررات "سيدر" والتي ستكون الاسابيع المقبلة فرصة اساسية لبدء برمجتها.

ذلك ان الموفد الفرنسي السفير بيار دوكين، وهو المندوب المشترك بين الوزارات من أجل المتوسط والمسؤول عن تنفيذ مقررات مؤتمر "سيدر"، سيجري في الساعات المقبلة محادثات كثيفة في بيروت مع المسؤولين اللبنانيين المعنيين بتنفيذ مقررات "سيدر" قبل ان يحدد في مؤتمر صحافي الجمعة مسار تنفيذ هذه المقررات. أما في ما يتعلق بالملفات المالية والادارية المفتوحة، فيبدو ان ثمة مؤشرات غير مشجعة لكون معظم الاتجاهات التي تقف وراء المقاربات التي تعتمد لفتح هذه الملفات ستثير اشتباكات سياسية على غرار ما بدأت تثيره حملة "حزب الله" ضد الرئيس فؤاد السنيورة. وعلم في هذا الاطار ان الرئيس السنيورة أعد رداً مفنداً ومفصلاً بالوقائع السياسية والمالية والارقام من شأنها ان تبين على نحو حاسم وجهة الانفاق العام لمبلغ الـ 11 مليار دولار خلال ولاية حكومته بعد حرب 2006 وابان الاعتصامات التي نفذتها قوى 8 اذار.

التوظيف

وفي نموذج آخر عن الاشتباكات السياسية التي تثيرها ملفات مالية وادارية مفتوحة وبعد الاتهامات التي طاولت وزارة التربية بتوظيف عشوائي وغير قانوني، رأى وزير التربية السابق النائب مروان حمادة ان النائب إبرهيم كنعان روبيسبيير القرن الحادي والعشرين فلت على التوظيف حالياً لكن أحداً لا يغبر علينا في وزارة التربية".

وقال حمادة إنه "لم يتم توظيف أحد في الوزارة إلّا بقرار من مجلس الخدمة المدنية الذي لا يريده الطرف الآخر اذ انه كان هناك مئات المعلمين الناجحين في مباريات المجلس ومن الواجب توظيفهم لكنهم رفضوا ذلك لاسباب طائفية".

واعتبر "ما يجري محاولة لذر الرماد في العيون وتحويل الأمور عن فضائحهم الكهربائية وغيرها عبر استهداف وزارة من الوزارات". وشدد على ان "كل من دخل التربية موافَق عليه من مجلس الخدمة المدنية بقرار مجلس الوزراء وبتوقيع العماد ميشال عون وبدأ توظيفهم من أيام سلفي الوزير الياس بوصعب الذي أوضح ذلك ".

وكانت لجنة المال والموازنة النيابية واصلت درس ملف التوظيف وأعلن النائب ابرهيم كنعان "توجيه كتاب الى ديوان المحاسبة للتحقيق ووقف الصرف عن المخالفين في ملف التوظيف بموجب المادة ٨٦ من قانون ديوان المحاسبة الذي بدأ التحقيق مشكوراً". واكد ان "متابعة ملف التوظيف مساره سيكون جديا ونتائجه أكبر من المخالفات". وجدد "المطالبة بالمسح الشامل، فهو ما يحدد حاجات الملاك". ثم قال: "سمعت بعض الوزراء يتحدثون عن انني تراجعت عن أرقامي، ولهم أقول لا تختبئوا لان الارقام هي أرقامكم التي زودتم بها أجهزة الرقابة". وأعلن ان 15200 بين موظف ومتعاقد جرى التعامل معهم خارج التوصيف الوظيفي المطلوب، وما يخالف القانون يجب ان يتوقف"، منوها "بعمل التفتيش الذي يزودنا يوميا بتفاصيل إضافية رغم قلة امكاناتهم".

"اللقاء الديموقراطي"

وفي المقابل، خصصت كتلة "اللقاء الديموقراطي" اجتماعاً لمناقشة أزمة الكهرباء وقد إنضم إلى جانب من الإجتماع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وتمسكت الكتلة "بمقاربة ملف الكهرباء بموضوعية ومنطلق علمي وخطاب هادئ ولكن باصرار شديد على إنجاز الإصلاحات الأساسية انطلاقاً من تطبيق القوانين المعمول بها في هذا القطاع".وشددت على "السير قدماً في مسيرة الإنقاذ والإصلاح الجدي والفعلي وأولى الخطوات تكون من الملف الذي يرهق الخزينة اللبنانية أي الكهرباء". وأعلنت انها "لن تتساهل في موضوع تعيين مجلس إدارة كهرباء لبنان وتشكيل الهيئة الناظمة للقطاع ومراعاة كل القوانين فهناك مجلس أعلى للخصخصة ودائرة مناقصات وليس هناك اثنان في البلد يختلفان على ضرورة تطبيق القوانين".

بري والدور الرقابي

في غضون ذلك، أكد رئيس مجلس النواب نبيه بري في "لقاء الاربعاء" النيابي ان المجلس "سيمارس دوره الرقابي بأقصى الدرجات"، معتبراً "أن ما قبل جلسة الثقة شيء وما بعدها شيء آخر".

وقال: "ان إجماع 54 نائباً من كل الكتل النيابية على مكافحة الفساد يفترض قرن القول بالفعل والذهاب في هذا الموضوع الى النهاية".

ونقل النواب عنه انه تشاور مع رئيس الوزراء سعد الحريري وسيدعو الى جلستين متتاليتين في النصف الاول من اذار واحدة لإنتخاب المجلس الاعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء والثانية تليها مباشرةً وهي جلسة تشريعية لإقرار مشاريع القوانين المنجزة والملحّة.

وأضاف: "ان المجلس سيعقد جلسة رقابية في النصف الثاني من آذار في إطار ما التزمه لعقد جلسات رقابية شهرية". ولفت الى انه "لا يوجد إهانة على الإطلاق في طلب اي وزير للمساءلة او التحقيق في اي ملف من الملفات".

وبالنسبة الى موضوع التعيينات قال الرئيس بري إن على الحكومة إعتماد الآلية التي اتبعت سابقاً. وجدد تأكيده لتطبيق القوانين، مشيراً الى ان اللجنة التي شكلها برئاسة النائب ياسين جابر ستتابع عملها ولقاءاتها في إطار العمل على تطبيق القوانين التي لم تنفذ.

الى ذلك لم يغب ملف النزوح السوري عن الاهتمامات والمواقف. وفي هذا السياق، قال البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي إن "خدمة الخير العام تتأثر اليوم بسبب الازمة الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت جراء الازمات السياسية المتلاحقة. لكننا نرجو حلول الاستقرار مع تأليف الحكومة الجديدة". وأضاف: "لا ننسى التأثير الاقتصادي والاجتماعي والانمائي والثقافي والامني الذي اوجده المليون ونصف مليون نازح من سوريا، بالاضافة الى نصف مليون لاجىء فلسطيني. ما يشكل نصف سكان لبنان، غير المهيأ لاستقبال مثل هذا العدد الكبير على رقعة جغرافية مساحتها فقط 10452 كيلومتراً مربعاً، وهي أصلاً غير قادرة على استيعاب سكانه الاربعة ملايين". وأبرز خلال افتتاح "مؤتمر البطاركة والأساقفة حول كاريتاس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" الذي انعقد بحضور رئيس الجمهورية في دير سيدة الجبل في فتقا "الضرورة الملحة ان يعود النازحون السوريون الى وطنهم لكي ينعموا فيه بحقوقهم المدنية ويواصلوا تاريخهم ويحافظوا على ثقافتهم وحضارتهم. ومن الواجب بالتالي حماية لبنان من مخاطر هذا الوجود المرهق فيما ثلث سكانه تحت مستوى الفقر، و40% من ابنائه في حالة بطالة. ويجب على المجتمع الدولي ان يفصل بين الحل السياسي في سوريا وعودة النازحين والا كان مصيرهم مثل اللاجئين الفلسطينيين الذين ينتظرون الحل السياسي منذ 71 سنة، والكل على حساب لبنان وشعبه. وهذا لا يمكن قبوله"