التاريخ: شباط ٢٥, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تونس: حزب «المبادرة» يتعهد «جمع شتات الدستوريين»
المنافسة تشتعل بين «حزب» نجل الرئيس و«حركة» رئيس الحكومة
تونس: المنجي السعيداني
اختتم حزب «المبادرة الدستورية» الذي يتزعمه كمال مرجان وزير الخارجية السابق في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي ووزير الوظيفة العمومية في حكومة يوسف الشاهد، مؤتمره التأسيسي الانتخابي، أمس، قبل أشهر من خوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المزمع إجراؤها نهاية السنة الحالية.

وشارك في المؤتمر نحو 450 عضواً يمثلون مختلف هياكل الحزب في مختلف مناطق تونس. وشهد المؤتمر حضور شخصيات سياسية وحكومية بينها الناطق باسم الحكومة إياد الدهماني والوزير المستشار لدى رئيس الحكومة كمال الحاج ساسي والأمين العام لـ«حركة النهضة» زياد العذاري والأمين العام السابق لحزب «التجمع الدستوري» المنحل عبد الرحيم الزواري.

وأكد مرجان خلال المؤتمر استعداد حزبه الجديد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، قائلاً إن «الحزب أعد مشروعاً يعتمد على الإيمان بالدولة الوطنية والسيادة والابتعاد عن لغة الإقصاء». ودعا إلى «استعادة التوازن بين الفئات والجهات»، معتبراً أن «تونس في حاجة إلى توافق وطني شامل».

وشدد على «دقة المرحلة السياسية والاجتماعية التي تمر بها تونس»، وانتقد الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحاكم أو التي تقف في صفوف المعارضة، معتبراً أنها «أضاعت فرصة استثمارية مهمة نتيجة خلافها حول نقطة واحدة في مشاورات وثيقة قرطاج 2، وهي إسقاط الحكومة، وغضت النظر عن 63 نقطة أخرى تهم الشأن الاقتصادي والاجتماعي».

في السياق ذاته، أشار القيادي في الحزب الجديد محمد الغرياني الذي كان آخر أمين عام لحزب «التجمع الدستوري» المنحل، إلى «استيعاب رموز النظام السابق منذ عهد الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة للتغيرات السياسية والاجتماعية الحاصلة». وقال إن «الحزب يسعى إلى جمع شتات العائلة الدستورية وحماية الوحدة الوطنية».

يذكر أن حزب «المبادرة الدستورية» تأسس منذ بداية سنة 2011 وحصل على الترخيص القانوني في أبريل (نيسان) من السنة نفسها، واعتمد طوال السنوات الماضية على سياسة مقربة من «النهضة» بزعامة راشد الغنوشي الذي أدلى قبل أيام بتصريح إعلامي أشار فيه إلى أن حزبه سيدعم ترشح مرجان في الانتخابات الرئاسية في حال لم يتقدم بمرشح يمثله. ويستعد «المبادرة» الممثل بـ4 نواب في البرلمان الحالي للمشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، أملاً في توسيع دائرة تمثيله.

المنافسة تشتعل بين «حزب» نجل الرئيس و«حركة» رئيس الحكومة

يتنافس حزب النداء، الذي يقوده حافظ قائد السبسي نجل الرئيس التونسي، مع حركة «تحيا تونس»، الحزب السياسي الجديد الذي أسسه رئيس الحكومة يوسف الشاهد، على ضم منذر الزنايدي وزير الصحة السابق في عهد بن علي لغايات انتخابية صرفة، كما يقول محللون سياسيون، على اعتبار أن عدداً كبيراً من الناخبين المحسوبين على النظام السابق لم يلتحقوا بعد بأي حزب من الأحزاب السياسية الكبيرة والمعروفة، وهو ما يجعلهم ورقة قد ترجح كفة المرشحين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقرر إجراؤها نهاية السنة الحالية.

أمام هذه المنافسة المشتعلة بين الحزبين، عبّر المنذر الزنايدي عن استغرابه مما سماه «حرص وإصرار بعض الماكينات على تغذية الصراعات وتأجيج الخلافات، والتصدي لكل محاولات الإصلاح»، في إشارة إلى ما تم تداوله خلال اليومين الأخيرين حول انضمامه إلى حركة «نداء تونس»، التي يتزعمها حافظ قائد السبسي.

وفيما أعلن سليم العزابي، المنسق العام لحركة «تحيا تونس»، تقدم المشاورات مع عدد من الشخصيات الوطنية للانضمام إلى الحزب الجديد ودعمه، موضحاً أن أبرزهم وزير الصحة السابق في نظام بن علي، أكد حزب النداء تقدم مشاوراته مع الوزير المذكور نفسه لتولي الأمانة العامة للحزب، خلفاً لسليم الرياحي، رجل الأعمال الملاحق قضائياً، الذي استقال من منصبه. وفي حال موافقته سيتسلم الزنايدي قيادة الحزب في هذه المرحلة الحساسة، التي تسبق المؤتمر الانتخابي المقرر مبدئياً يومي 2 و3 من مارس (آذار) المقبل.

في السياق ذاته، أكد العزابي مدير الديوان الرئاسي المستقيل والمنسق العام للحزب الجديد، وجود مشاورات متقدمة مع عدد من الأحزاب السياسية القريبة من حزبه من الناحية السياسية والآيديولوجية، وخص بالذكر حركة «مشروع تونس»، التي يتزعمها محسن مرزوق الأمين العام السابق المستقيل من حزب النداء، وحزب المبادرة بزعامة كمال مرجان وزير الخارجية السابق في نظام الرئيس السابق زين العابدين بن علي، وحزب البديل الذي يقوده مهدي جمعة رئيس الحكومة السابق.

على صعيد متصل، اعتبر مراقبون للشأن السياسي المحلي أن استقالة سليم الرياحي، الموجود حالياً خارج تونس لأسباب قضائية، جاءت رد فعل على الوعود التي تلقاها الزنايدي بتسلم منصب الأمانة العامة بدلاً منه. وفي هذا الشأن قال خليل الحناشي، المحلل السياسي التونسي، إن استقالة الرياحي «لم تكن مفاجئة»، معتبراً أنه تعرض لعملية «تحايل سياسي كبرى»، انتهت بانصهار حزبه الاتحاد الوطني الحر مع حزب نداء تونس، بهدف إسقاط حكومة يوسف الشاهد، عبر تجميع أكثر ما يمكن من النواب، بمن فيهم نواب «الوطني الحر» في البرلمان. غير أن نجاة حكومة الشاهد من هذه «المؤامرة» أضعفت موقف سليم الرياحي، الذي ما زالت تلاحقه قضايا فساد مالي، كما أدت إلى انسلاخ نواب حزب الوطني الحر المنحل من الكتلة البرلمانية لحزب النداء.

وبخصوص موقف حزب النداء من استقالة سليم الرياحي، عبرت هيئته السياسية عن تثمينها للقرار الجريء والمسؤول، الذي اتخذه الرياحي، والمتمثل في استقالته من مهمة الأمانة العامة، مغلّباً بذلك المصلحة العليا للحزب والبلاد على مصالحه الشخصية، مع بقاء أبواب الحزب مفتوحة له، ولكل الراغبين في الالتحاق بصفوفه من الكفاءات والشخصيات الوطنية، وهو ما اعتبر موافقة نهائية على تلك الاستقالة المنتظرة.