التاريخ: شباط ٩, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
«الولاية الخامسة» لبوتفليقة «تقسّم» المشهد الإعلامي في الجزائر
الجزائر: بوعلام غمراسة
ينقسم المشهد الإعلامي في الجزائر، حيال رئاسية 18 أبريل (نيسان) المقبل، إلى فريقين. أحدهما يؤيد ولاية خامسة متوقعة للرئيس عبد العزيز بوتفليقة، والثاني يعارضها بشدة، ويلتف حول خصم السلطة الجديد، اللواء المتقاعد علي غديري، الذي ترشح للانتخاب.

ففي الصف الأول تقف ماكينة الإعلام الحكومي وراء الرئيس بوتفليقة، وتروج يوميا لـ«إنجازاته»، وتخصص مساحة واسعة لنشاط الوزراء في الميدان، وهي طريقة غير مباشرة لإبراز مشروعات الولاية الرابعة (2014 - 2019). فيما يفتح التلفزيون الحكومي بقنواته الثلاث (إحداها بالفرنسية) نشراته بخطب الرئيس وتهانيه وتعازيه إلى الرؤساء والملوك في العالم، ثم ينتقل إلى التعاطي مع أنشطة كل الأحزاب الموالية للرئيس، وخاصة «جبهة التحرير الوطني» (أغلبية)، و«التجمع الوطني الديمقراطي»، الذي يقوده رئيس الوزراء أحمد أويحيى. وغالبا ما يغلب على هذه الأنشطة، مناشدات يومية للرئيس بالترشح ومطالبات بـ«الاستمرارية» في الحكم.

وما يلفت الانتباه في هذه الحملة الإعلامية «التحضيرية» أن التلفزيون ووكالة الأنباء والإذاعات الحكومية، بمواقعها الإلكترونية، تفرد حيزا كبيرا للنشاط اليومي المكثف للفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش ونائب وزير الدفاع، الذي لا يفوت أي فرصة إلا ويشيد بالرئيس و«إنجازاته في مجال السلم الذي جاء بفضل القضاء على الإرهاب». وغالبا ما يلمح الضابط العسكري النافذ إلى أنه سينحاز للرئيس إن رغب في فترة حكم جديدة. وهذا الموقف تعرفه الطبقة السياسية جيدا، «موالاة» ومعارضة، وتدرك بأن الطرف الذي يميل له قايد صالح، بما يمثله من وزن مادي، يصبح هو الأقوى.

في غضون ذلك، تشهد تصريحات ومواقف المعارضة، المعادية لـ«الولاية الخامسة»، مقاطعة من طرف الإعلام الحكومي، إذ لا يوجد أي حظ لمرشحين معارضين في المواد الإعلامية بالقنوات التلفزيونية ولا الإذاعية ولا حتى وكالة الأنباء، وخاصة الإسلامي عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الذي وعد أنصاره بـ«فوز ساحق في حال بقي الجيش على الحياد، وفي حال لم تزور الحكومة النتائج». 

وأيضا اللواء المتقاعد علي غديري، مدير الموظفين بوزارة الدفاع سابقا، الذي يواجه «تجاهلا» من الإعلام الرسمي، ومن الإعلام الخاص المقرب من الحكومة، مثل قناة «النهار»، والصحيفة التي تحمل نفس العنوان، وصحيفة «الشروق اليومي»، التي نشرت منذ أيام قليلة بالصفحة الأولى، وبالبنط العريض، مقالا بعنوان «بوتفليقة.. مرشح الإجماع». كما كتبت بنفس الصفحة: «هل غديري مرشح ديكتاتور؟»، وكان ذلك بمثابة انحياز صريح وواضح لطرف في المعترك الانتخابي. 

ويواجه «مجمع الشروق» الإعلامي، بفضائياته الثلاث وصحيفته وموقعه الإلكتروني الإخباري، ضائقة مالية خانقة. وقد اتهم مالكه الحكومة بـ«محاولة قتل المجمع بسبب وشاية كاذبة»، ومع ذلك لا يخفي دعمه للرئيس منذ وصوله الحكم قبل 20 عاما. 

وطوال الأسبوع الماضي ظل غديري يشتكي من «مضايقات وعراقيل» في عملية التأشير على تواقيع الأشخاص (مطالب بجمع 60 ألف إمضاء من 25 ولاية على الأقل)، وهو شرط يضعه قانون الانتخابات ضمن شروط أخرى لقبول ملف الترشح. كما احتج على منعه من مغادرة «إقامته الانتخابية» بالعاصمة الأربعاء الماضي للمشاركة في تشييع عبد المالك قنازية، الوزير المنتدب للدفاع سابقا. 

ولم يجد غديري وطاقمه الانتخابي إلا شبكة التواصل الاجتماعي، وبعض الصحف المستقلة لنقل تذمره. ومن هذه الصحف «ليبرتيه»، الناطقة بالفرنسية والمملوكة لرجل الأعمال الكبير يسعد ربراب، الذي يشتكي بدوره من «عراقيل حكومية» تستهدف، حسبه، مشروعاته الاستثمارية.