التاريخ: شباط ٦, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
تونس: «النداء» «يستميل» قياداته المنشقة تحضيراً للانتخابات المقبلة
سجن 4 في قضية «المدرسة القرآنية» لشبهات بتخريجها «متشددين»
تونس: المنجي السعيداني
أعلنت الهيئة السياسية لحزب النداء التونسي، التي يرأسها حافظ قائد السبسي نجل الرئيس الحالي، تشكيل «لجنة مصالحة وطنية»، تتكوّن من 9 قياديين من الحزب، مهّمتها القيام بالمشاورات اللازمة من أجل «الانفتاح على الشخصيات الوطنية، والمصالحة مع أبناء الحركة»، الذين غادروها استعداداً لعقد المؤتمر الانتخابي الأول للحزب، يومي 2 و3 مارس (آذار) المقبل.

وأوضحت الهيئة أن هذه اللجنة ستبقى مفتوحة أمام أعضاء المكتب التنفيذي الذين غادروها في السابق، وعبّروا عن استعدادهم للعودة إلى صفوف حزب النداء. 

وبهذا الخصوص، قال بوجمعة الرميلي، قيادي «النداء» لـ«الشرق الأوسط» إن حزبه «يعمل جاهداً على إنجاح المؤتمر المقبل، باعتباره محطة أساسية لخوض الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقررة نهاية السنة الحالية»، مؤكداً سعي الحزب إلى الانفتاح على الطاقات والمبادرات «حتى يبقى حزباً وسطياً مرجعيته حداثية، والعمل على انخراط شخصيات جديدة تؤمن بنفس المشروع السياسي، واستعادة المغادرين له، وتجاوز الخلافات السياسية».

وتضم قائمة المغادرين عدداً من القيادات السياسية، التي انشقت عن «النداء» وشكلت أحزاباً سياسية خاصة بها، ومن بينها محسن مرزوق الذي شغل منصب أمين عام حزب النداء، قبل أن يغادره بعد خلافه مع نجل الرئيس الحالي ليؤسس حزب «حركة مشروع تونس»، وسعيد العايدي الذي أسس حزب «بني وطني»، والطاهر بن حسين الذي أسس حزب «المستقبل»، ورضا بلحاج الذي أسس بدوره حزب «تونس أولاً»، قبل أن يعود إلى الصفوف الأولى لحزب النداء، علاوة على يوسف الشاهد الذي أسس حزب «تحيا تونس».

وكانت كتلة حركة نداء تونس في البرلمان قد شهدت موجة من الاستقالات، وهو ما نجم عنه تراجع عدد نوابها من 86 نائباً، بعد فوزها بالمرتبة الأولى في الانتخابات البرلمانية لسنة 2014، إلى 41 نائباً فحسب، وفق آخر تحيين لتركيبة الكتل البرلمانية. كما تخلت عن المرتبة الثانية وراء حركة النهضة (68 نائباً) لكتلة الائتلاف الوطني (44 نائباً)، وهي كتلة داعمة لرئيس الحكومة الحالي يوسف الشاهد.

واختار كثير من النواب الغاضبين الالتحاق بكتلة الائتلاف الوطني، وهو ما خلق تنافساً سياسياً قوياً بين حافظ قائد السبسي، نجل الرئيس التونسي الحالي، ويوسف الشاهد الذي جمّد حزب النداء عضويته، ولم يتخذ قراراً نهائياً بطرده من الحزب، على الرغم من أن جميع المراقبين يؤكدون أن حزب «تحيا تونس»، الذي أعلن عنه قبل أيام سيتولى زعامته الشاهد نفسه. وفي هذا السياق يرى بعض المراقبين للشأن السياسي المحلي أن حزب النداء قد يعمل من خلال لجنة المصالحة على استمالة رئيس الحكومة، واستعادته إلى صفوف الحزب.

على صعيد غير متصل، أعلن حسن عبد العزيز، المنسّق الوطني لجمعية «أولياء غاضبون» (جمعية مستقلة) أنهم يعتزمون تنظيم مظاهرة وطنية كبرى يوم السبت المقبل بهدف مواصلة الضغط على الحكومة واتحاد الشغل (نقابة العمال) من أجل إنقاذ السنة الدراسية الحالية والإنهاء الفوري لمقاطعة الامتحانات، في إشارة إلى أزمة التعليم الثانوي المستفحلة دون حل.

وأكد عبد العزيز أن الأولياء الذين خرجوا في مسيرة مليونية قبل أيام، سيعيدون الاحتجاج بنفس الوتيرة من أجل مصلحة التلاميذ الصغار، على حد قوله.

يذكر أن نقابات التعليم الثانوي تطالب بمراجعة القيمة الماليّة للمنح الخصوصية، المتعلقة بمنحة العودة المدرسية، ومنحة الامتحانات الوطنية، ومنحة العمل الدوري، وتفعيل الاتفاق القاضي بتصنيف مهنة مدرسي التعليم الثانوي والإعدادي بجميع رتبهم ضمن الأعمال الشاقة والمرهقة، بما يسمح لهم بالتقاعد الاختياري في سنّ 55، و30 سنة عمل. لكن وزارة التربية رفضت هذه المطالب، وهددت في المقابل بالاقتطاع من رواتب الأساتذة تحت ذريعة «العمل غير المنجز».

سجن 4 في قضية «المدرسة القرآنية» لشبهات بتخريجها «متشددين»

أصدر قاضي التحقيق في المحكمة الابتدائية بسيدي بوزيد (وسط تونس) أربع بطاقات إيداع بالسجن ضد المشتبه بهم في قضية مدرسة دينية مقامة بشكل مخالف للقانون، كُشف عنها قبل أيام بمنطقة ريفية قريبة من مدينة الرقاب بولاية (محافظة) سيدي بوزيد، وحامت حولها شبهات بكونها فضاء لتخريج متشددين.

وشملت عملية الإيداع بالسجن صاحب «المدرسة القرآنية» الذي صدرت بحقه مذكرة توقيف لزواجه على خلاف الصيغ القانونية (زواج عرفي)، ومذكرة ثانية بتهمة الاتجار بالبشر. كما أصدر القضاء التونسي بطاقة إيداع بالسجن ضد المرأة المتزوجة عرفياً من صاحب المدرسة، علاوة على بطاقة رابعة ضد أحد العاملين بهذه المؤسسة غير القانونية، وذلك نتيجة اعتدائه على طفل دون السادسة عشرة من عمره.

وكشفت أحدث التحقيقات الأمنية والقضائية التي أجريت في هذه القضية أن الحساب البنكي لصاحب المدرسة يحوي ما لا يقل عن مليوني دينار تونسي (نحو 630 ألف دولار). وأشارت مصادر أمنية تونسية إلى أن عدداً من المشرفين على هذه المدرسة، التي صدر أمر حكومي بإغلاقها منذ سنة 2015، ينتمون إلى ما يُعرف بجماعة «الدعوة والتبليغ». ولئن عُرفت هذه الجماعة بتعاملها السلمي مع السلطة القائمة والمجتمع، فإن خبراء مختصين في الجماعات المتشددة حذروا من مخاطر انتقال بعض أفرادها إلى تيارات متطرفة.

وفي الإطار ذاته، كشفت «هيئة مكافحة الاتجار بالأشخاص»، وهي هيئة حكومية، عن تفاصيل وُصفت بأنها «مرعبة» تعرض لها الأطفال في المدرسة الدينية. ونقلت وكالة الأنباء الألمانية عن الهيئة قولها في مؤتمر صحافي في العاصمة التونسية إن الأطفال الذين كانوا في المدرسة كانوا يلبسون عباءات أفغانية ولا يقوون على المشي وتعرض أحدهم إلى خلع في الكتف، فيما تعرض آخرون لاعتداءات بدنية. ووصفت الهيئة المدرسة بـ«ثكنة» تجنيد للمتشددين. وقالت روضة العبيدي، رئيسة الهيئة، في تصريح إلى وكالة الأنباء الألمانية، إنه من الواضح «أن الأطفال كان يجري التحضير لاستغلالهم. لن نستبق التحقيقات. لكن يوجد خطر على هؤلاء الأشخاص وعلى البلاد».

وضمت المدرسة 42 طفلا من بينهم 33 أعمارهم تقل عن 15 عاماً، وجميعهم منقطعون عن الدراسة. وقالت العبيدي: «يتم تشغيلهم في كل شيء. الفلاحة والبناء والتنظيف. وهم غير واعين بمفهوم الزمن والوقت. يعيشون في حالة رثة». وتابعت: «الوضع مخيف ومريع...المدرسة عبارة عن ثكنة. ليس لديها برامج تعليم ولا تدرّس شيئا».

وكان يوسف الشاهد، رئيس الحكومة، قد قرر إعفاء والي (محافظ) سيدي بوزيد، ومسؤول محلي (معتمد) في مدينة الرقاب، من مهامهما نتيجة «اللامبالاة» تجاه هذه المدرسة. كما تقرر إحالة أربعة إطارات يعملون في الجهة على التحقيق، إلى جانب ثلاثة مسؤولين أمنيين بجهة سيدي بوزيد، وذلك بسبب رفض تطبيق القانون، وغلق المدرسة القرآنية منذ سنة 2015.