التاريخ: كانون ثاني ٧, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الشرق الأوسط
البشير يقيل وزير الصحة والشرطة السودانية تفرق بالقوة «موكب التنحي»
وزير العمل يعلن عن مظاهرة موالية للحكومة الأربعاء المقبل
لندن: مصطفى سري الخرطوم: {الشرق الأوسط}
أطلقت الشرطة السودانية، أمس، الغاز المسيل للدموع على مئات المتظاهرين وسط شوارع الخرطوم وضواحيها، وأيضاً في مدينة ود مدني جنوب العاصمة السودانية، إثر اندلاع مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين، وحدوث اعتقالات في صفوف أساتذة جامعة الخرطوم، وعدد من الصحافيين، بينهم مراسل جريدة «الشرق الأوسط» الزميل أحمد يونس، الذي جرى اعتقاله لبضع ساعات، تعرض خلالها لمعاملة قاسية من قبل قوات الأمن، قبل أن يتم إطلاق سراحه لاحقاً.

وخرج المتظاهرون ظهر أمس في عدد من أحياء العاصمة السودانية، استجابة للدعوة التي وجهها أمس تجمع المهنيين والقوى السياسية للتوجه إلى القصر الرئاسي، وأطلقوا عليها «موكب التنحي». لكن قوات الشرطة واجهت المحتجين بالغاز المسيل للدموع، فبدأت عمليات كر وفر وسط السوق العربي القريب من القصر. كما تظاهرت أعداد أخرى من المحتجين في أحياء «دوار القندول وبري، وامتداد ناصر شرق الخرطوم، والسجانة والديم، وفي دوار أبو حمامة، الواقع جنوب العاصمة».

وسارت حشود من الرجال والنساء معا وسط شوارع العاصمة، وهم يهتفون «حرية... حرية»، و«سلمية... سلمية... سلمية ضد الحرامية»، قبل إطلاق الغاز المسيل للدموع عليهم. كما أكد شهود عيان أن قوات الأمن منعت أساتذة ومحاضرين في جامعة الخرطوم من الخروج للانضمام للاحتجاجات، وألقت القبض على ثمانية منهم على الأقل.

وقال شاهد عيان إن «الوجود الأمني لم يكن بالكثافة التي شهدتها الأيام الماضية، خاصة وسط الخرطوم. لكن الشرطة تعاملت بعنف مع المتظاهرين، وأطلقت الغاز المسيل للدموع بكثافة»، موضحا أن أغلب عمليات الكر والفر وأضخمها جرت في ضاحية بري. وخلال ذلك كان «تجمع المهنيين» يواصل دعواته في مواقع التواصل الاجتماعي للمتظاهرين بأن ينظموا صفوفهم مرة أخرى، قصد التوجه إلى القصر الرئاسي كما هو مخطط له.

وتزامنت مظاهرات أمس مع إعلان الحكومة إعادة فتح المدارس الابتدائية والعليا، بعد أن أغلقتها مع بداية المظاهرات في التاسع عشر من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، والتي لم تتوقف حتى حدود أمس.

وفي مدينة عطبرة، الواقعة شمال البلاد، خرجت مظاهرات أخرى قبيل زيارة سيقوم بها الرئيس السوداني عمر البشير اليوم إلى هذه المدينة، التي انطلقت منها شرارة الاحتجاجات التي دخلت أسبوعها الثالث. لكن الشرطة فرقت المتظاهرين بالغاز المسيل للدموع، فيما سيطرت قوة عسكرية من الجيش على ساحة الميدان القريب من معسكر الجيش، منعاً لاعتصام المتظاهرين.

أما في مدينة ود مدني، عاصمة ولاية الجزيرة جنوب العاصمة السودانية، فقد شهدت هي الأخرى مظاهرة ضخمة. إلا أن الشرطة تعاملت بعنف مع المتظاهرين، وأطلقت عليهم الغاز المسيل للدموع، لكن لم يتم تحديد عدد الإصابات وسط المتظاهرين.

ويشهد السودان تحرّكات احتجاجية منذ 19 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، عقب قرار الحكومة رفع سعر الخبز، لكنّها سرعان ما تحوّلت إلى احتجاجات ضدّ الرئيس عمر البشير. وقد أكدت السلطات أن 19 شخصاً قتلوا حتى الآن منذ بدء التحركات. لكنّ منظّمة العفو الدولية أحصت حتى الآن مقتل 37 متظاهراً برصاص قوات الأمن السودانية، فيما دعت الأمم المتحدة إلى تحقيق مستقل في التطورات.

وبالتزامن مع احتجاجات أمس، أعلن وزير العمل السوداني بحر إدريس، المتمرد السابق في إقليم دارفور، عن مظاهرة الأربعاء المقبل موالية للحكومة في الساحة الخضراء وسط الخرطوم. وقال إدريس في حديث للصحافيين إن المظاهرة تعبّر عن «خيارات الشعب السوداني في الحوار الوطني ومعالجة الأزمة الحالية»، وذلك حسب تقرير بثته وكالة الصحافة الفرنسية أمس.

وستكون المظاهرة المقررة الأربعاء هي الأولى الموالية للحكومة، منذ انطلاق حركة الاحتجاجات المعارضة لها الشهر الماضي.

من جانبه، صرح الرئيس عمر البشير فجر أمس أن حكومته استطاعت، رغم الحصار والعقوبات ودعم التمرد، المحافظة على البلاد. وقال «أنا لست ديكتاتورياً، ولو ذهبت إلى أي مكان فسيتحشد المواطنون لاستقبالي»، داعياً الذين يطالبون بتغييره إلى الانتظار حتى عام 2020، موعد إجراء الانتخابات التي يسعى إلى تجديد ولايته الثالثة، رغم رفض المعارضة ومجموعة من الأحزاب المتحالفة معه.

بالموازاة مع ذلك، أعفى الرئيس عمر البشير وزير الصحّة محمد أبو زيد مصطفى من منصبه، إثر الارتفاع في أسعار الأدوية بحسب ما أفادت وكالة الأنباء الرسمية السودانية، مشيرة إلى تعيين الخير النور في المنصب بدلاً منه. كما طالب البشير الأحد الفائت الشرطة بالامتناع عن استخدام القوة المفرطة ضد المتظاهرين بعد مقتل 19 شخصاً، بينهم عنصران أمنيان بحسب السلطات السودانية.

ويواجه الاقتصاد السوداني صعوبات جمة، خصوصاً بسبب النقص في العملات الأجنبية، رغم أنّ الولايات المتحدة رفعت في أكتوبر (تشرين الأول) 2017 الحصار الاقتصادي، الذي كان مفروضاً على السودان منذ عشرين عاما. كما تراجعت قيمة الجنيه السوداني جراء شح العملات الأجنبية في بنك السودان المركزي، وبلغت نسبة التضخم 70 في المائة، جراء فقدان 70 في المائة من عائدات النفط. في وقت تشهد فيه مدن عدة نقصاً في إمدادات الخبز والوقود. فيما لا يزال نقص العملات الأجنبية يؤثر في استيراد بعض الأدوية.