التاريخ: كانون ثاني ٧, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الحياة
تصاعد التوتر في العاصمة الليبية وتحذيرات من اندلاع مواجهات
روسيا تجدّد دعمها لحكومة «الوفاق»... والسراج يتلقى دعوة لزيارة موسكو
القاهرة: خالد محمود
تصاعد التوتر السياسي والأمني في العاصمة الليبية، أمس، وباتت طرابلس على صفيح ساخن، رغم الطقس شديد البرودة الذي يضرب البلاد، وذلك بعدما دخل فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة الوفاق الوطني التي يترأسها فائز السراج، في مناوشات إعلامية مع ميليشيات مسلحة، يفترض أنها تابعة للحكومة، التي تحظى بدعم من بعثة الأمم المتحدة.

وحذرت وزارة الداخلية في بيان مفاجئ، أصدرته مساء أول من أمس، مما وصفته بـ«محاولة العودة للمربع الأول، والدعوة لتحشيد قوات أو أفراد»، معتبرة أن «الغرض منها هو المساس بأمن سكان العاصمة طرابلس»، وأن «الأمر غير المقبول على الإطلاق، سيواجه بالشكل الملائم لمنع الفوضى، والتغول على حياة المواطنين بأسباب ظاهرها الحق وباطنها السراب»، على حد تعبيرها.

وتعهدت الوزارة بأنها «ستواصل عملها في العاصمة طرابلس وخارجها، وفقاً للخطط الأمنية المقررة»، التي قالت إن «نتائجها بدأت تتوالى، وتظهر للعلن، وعادت على المواطن بتحسن نسبي لكنه ملحوظ».

وفى رسالة لطمأنة الرأي العام المحلي، أعلنت الوزارة أنها «تطمئن كل سكان العاصمة وضواحيها بأن العمل الأمني والشرطي متواصل ولن يتوقف، وسيكون مساره التصاعدي، كماً وكيفاً، مهمة أساسية للوزارة ولكل أجهزتها ووحداتها وعناصرها».

في المقابل، وبعد ساعات فقط من بيان أغا، قالت قوة حماية طرابلس إنها «تتابع عن كثب كل التصريحات والمحاولات، التي تقوم بها الأطراف المؤدلجة، والمدعومة من قبل حكومات وتكتلات خارجية، هدفها الدخول بالبلاد في نفق مظلم بدايته وظاهره صراع على السلطة، ونهايته وباطنه تفتيت ما تبقى من معالم الدولة».

واعتبرت قوة حماية طرابلس أن ما يقوم به أغا منذ توليه مهامه «هو محاولة صريحة للزج بالعاصمة طرابلس، مرة أخرى، في حرب دموية، بعدما شهدته من راحة واستقرار بسواعد الأوفياء من قادة قوة حماية طرابلس، واضعين صوب أعينهم سيادة القانون، ودعم مؤسسات الدولة في اتجاه بناء الجيش والشرطة».

وشددت القوة على أنها «لن تبقى في صمت»، وتعهدت بأن «تضرب بيد من حديد كل من تسوّل له نفسه المساس بأمن واستقرار العاصمة»، قبل أن تنبه من وصفتهم بضعاف النفوس، ومن تقودهم أطماعهم وأجنداتهم الدولية بأنهم «لن يفلحوا في محاولاتهم، وسيقعون في شر ما دبّروا له... وإن عدتم عدنا».

وتأسست قوة حماية طرابلس في سبتمبر (أيلول) الماضي، بعدما أعلنت 4 ميليشيات مسلحة هي «كتيبة ثوار طرابلس» و«قوة الردع والتدخل المشترك أبو سليم»، و«كتيبة باب تاجوراء»، و«القوة الثامنة»، المعروفة بالنواصي عن تحالفها في بيان مشترك، وذلك عقب المواجهات التي دارت ضد عناصر من اللواء السابع، وخلفت مئات القتلى والجرحى، قبل أن تعلن حكومة السراج وبعثة الأمم المتحدة وقفاً لإطلاق النار، وإجراء ترتيبات أمنية جديدة.

لكن القوة الثامنة «النواصي»، أعلنت أمس في بيان مقتضب، أن بيان «قوة حماية طرابلس» لا يمثلها، ولا يمثل القوة، ووصفته بأنه «بيان مزور».

واحتدت نبرة أغا وزير داخلية السراج حيال ميليشيات طرابلس المسلحة، بعدما أصدرت السلطات الليبية مذكرات توقيف بحق 37 شخصاً، بينهم ليبيون ومتمرّدون تشاديون وسودانيون، يشتبه في تورّطهم في هجمات ضد منشآت نفطية وقاعدة عسكرية. ونشرت وسائل إعلام محلية، أخيراً، نسخاً من مذكرات التوقيف، انتشرت كذلك على شبكات التواصل الاجتماعي، وأكد مصدر في النيابة العامة لوكالة الصحافة الفرنسية صحّتها.

وشملت المذكرات، التي أصدرتها النيابة العامة الليبية، 22 متمرداً تشادياً و9 سودانيين و6 ليبيين، يشتبه في تورّطهم في هجمات مسلّحة عدة ضد منشآت نفطية في الشرق الليبي خلال العام الماضي، وضد قاعدة تمنهنت، الواقعة على بعد نحو 500 كيلومتر جنوب العاصمة طرابلس، حيث قتل أكثر من 140 شخصاً في مايو (أيار) 2017.

كما صدرت أيضاً مذكرات توقيف لعبد الحكيم بلحاج، الزعيم السابق للجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، وإبراهيم الجضران، القائد السابق لحرس المنشآت النفطية، الذي أصبح زعيم جماعة مسلّحة هاجم مقاتلوها منشآت نفطية في رأس لانوف والسدرة في شهر يونيو (حزيران) الماضي.

وتجاهل أمس فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، هذه التطورات. لكنه أعلن تلقيه دعوة رسمية لزيارة روسيا، خلال لقائه في طرابلس مع سفيرها الروسي لدى ليبيا إيفان مولوتكوف.

ونقل بيان لمكتب السراج عن إيفا أنه جدد دعم بلاده لحكومة السراج، مؤكداً تطلعه لتعزيز التعاون الثنائي، وتفعيل الاتفاقيات المبرمة بين البلدين، التي أكد السراج أيضاً حرص المجلس الرئاسي لحكومته على تفعيلها وتحديثها، معرباً عن تطلعه لعودة الشركات والاستثمارات الروسية للعمل مجدداً إلى ليبيا.

من جهة أخرى، أكد معاون آمر «كتيبة خالد بن الوليد» أن الكتيبة مستمرة في ملاحقتها الإرهابيين، وأن الدوريات مستمرة لتمشيط منطقة غدوة، الواقعة جنوب ليبيا بالكامل.

إلى ذلك، أعلنت البحرية الليبية أنها أنقدت أول من أمس طاقم سفينة بضائع، يتكون من 14 هندياً بعد جنوحها أثناء دخولها ميناء طرابلس الأربعاء الماضي، وذلك بسبب سوء الأحوال الجوية وارتفاع أمواج البحر.