التاريخ: تشرين الثاني ٦, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
القضاء الفرنسي يلاحق 3 من أبرز رجال النظام السوري
باريس – أرليت خوري؛ لندن، موسكو - «الحياة»
وجهت باريس أمس ضربة موجعة إلى النظام السوري، بإصدارها مذكرات توقيف بحق ثلاثة من أبرز رجاله، في وقت سعت طهران إلى إظهار تناغمها مع موسكو في شأن التعاطي مع الملف السوري في مواجهة ضغوط غربية لتحريك التسوية السياسية وسحب القوات الإيرانية.

وكُشف أمس عن إصدار القضاء الفرنسي مذكرات توقيف دولية في حق مدير مكتب الأمن الوطني السوري علي مملوك، ورئيس جهاز الاستخبارات في سلاح الجو جميل حسن، ومدير فرع الجهاز في باب توما عبد السلام محمود، بتهم عدة، بينها «ارتكاب جرائم حرب».

وتأتي الخطوة تلبية لطلب من النيابة العامة التي فتحت العام ٢٠١٥ تحقيقاً حول اعتقال أب وابنه يحملان جنسية مزدوجة سورية- فرنسية، هما مازن وباتريك دباغ في سورية، وانقطاع المعلومات عنهما منذ العام ٢٠١٣.

ومملوك من أهم مستشاري الرئيس بشار الأسد، فيما كانت ألمانيا أصدرت مذكرة اعتقال في حق حسن، أما محمود، فقال محاميان إنه يدير منشأة احتجاز في مطار المزة العسكري.

ونقلت صحيفة «لوموند» الفرنسية عن مصادر قضائية، أن معلومات أفادت بوفاة مازن وباتريك الصيف الماضي بعد اعتقالهما من جانب عناصر في جهاز الاستخبارات التابع لسلاح الجو السوري، وإيداعهما سجن المزة.

وكان شقيق وعم المفقوديْن عبيدة دباغ ومنظمات حقوقية، رفعوا دعوى أمام النيابة العامة التي حققت ووجهت إلى مملوك وحسن ومحمود تهم «التواطؤ في أعمال عنف، وجرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية».

وقال محاميان لأسرة دباغ إن الأسرة حصلت على وثائق من سورية في تموز (يوليو) الماضي، تشير إلى أن مازن توفي وهو مسجون في تشرين الثاني (نوفمبر) العام الماضي، بينما توفي باتريك في كانون الثاني (يناير) 2014. ووصف عبيدة دباغ مذكرات التوقيف بـ «انتصار أولي وبداية حقبة من العدالة والمحاسبة على الجرائم بحق الإنسانية المرتكبة في سورية».

وقالت ثلاث جماعات حقوقية، وهي الفيديرالية الدولية لحقوق الإنسان، والرابطة الفرنسية لحقوق الإنسان، والمركز السوري للإعلام وحرية التعبير في بيان، إن مذكرات الاعتقال صدرت في 8 الشهر الماضي. وأوضحت المحامية كليمانس بكتارت والمحامي باتريك بودوان في بيان مشترك: «مذكرات الاعتقال الدولية تثبت أن جدار الإفلات من العقاب الذي يحيط بالمسؤولين السوريين على أعلى مستوى، يمكن أن يتحطم فعلاً».

وقال المصدر القضائي إن ممثلي الادعاء في باريس فتحوا فعلاً تحقيقاً في اختفاء الرجلين، ووجدوا أن مسؤولي الاستخبارات السورية داهموا منزلهما في دمشق.

واستناداً إلى مذكرات التوقيف، يتعذر على الأشخاص الثلاثة السفر، خصوصاً إلى أوروبا، بعدما صدرت على أساس ما يسمى بـ «الصلاحية الكونية» التي تجيز ملاحقة مرتكبي جرائم خطرة، حتى إذا كانت مرتكبة خارج التراب الوطني.

إلى ذلك، التقى الموفد الروسي إلى سورية ألكساندر لافرينتيف في طهران أمس، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني، الذي سعى الى إظهار التناغم بين البلدين «سياسياً وميدانياً». ونقل بيان روسي عن لافرينتيف، أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين كلّفه تقديم تقرير إلى طهران في شأن القمة الروسية- التركية- الفرنسية- الألمانية التي استضافتها إسطنبول الشهر الماضي.

ونقلت وسائل إعلام إيرانية تأكيد شمخاني أن «دعم الحكومة السورية والتعاون لمحاربة الإرهاب وتوفير الآليات السياسية لتحديد مصير هذا البلد، هي أهدافٌ تم التوصل من خلالها إلى نجاحات سياسية وميدانية في سورية». ورأى أن «التعاون والتنسيق بين إيران وروسيا وسورية عامل رئيس لإيجاد التفوق الميداني». وتطرق إلى نشر روسيا منظومة «أس 300» الصاروخية المتطورة في سورية، مستبعداً تأثير «الإجراءات السلبية» الإسرائيلية «على التعاون بين البلدين».

من جانبه، اعتبر الناطق باسم الائتلاف السوري المعارض أنس العبدة، أن زيارة الموفد الروسي «غير مستغربه بين حلفاء ضمن زيارات دورية»، وقال لـ «الحياة»: «ربما تركز هذه الزيارة على موضوع العملية السياسية وتشكيل اللجنة الدستورية. لكن مستوى توقعاتنا متدن. ننتظر حتى نلتمس الجدية من الروس، بما يؤدي إلى نتائج عملية، وليس الاستمرار في التسويف».

ميدانياً، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان اندلاع اقتتال بين عناصر من «هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقاً)، وتنظيم «حراس الدين» الموالي لتنظيم «القاعدة»، قرب المنطقة المنزوعة السلاح في ريف محافظة إدلب (شمال غربي سورية). لكن مصدراً قيادياً في المعارضة السورية اعتبر أن هذه الاشتباكات «إيجابية» بالنسبة الى الاتفاق الروسي- التركي، وقال لـ «الحياة»: «إذا ظل الصراع محصوراً بين الهيئة وحراس الدين، سيكون أثره إيجابياً لإضعاف الطرفين».