التاريخ: تشرين الأول ٩, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
معاقل المعارضة السابقة تعاني أوضاعاً صعبة ومنظمات الإغاثة عاجزة عن الوصول إليها
بيروت - أ ف ب 
يعاني عشرات الآلاف من السوريين في مناطق تمكنت قوات النظام السوري من السيطرة عليها خلال العام الحالي، من نقص في المساعدات الإنسانية، نتيجة عجز المنظمات الدولية والإغاثية عن الوصول إليهم.
ومع انتقال مناطق عدة الى أيدي قوات النظام، اضطرت منظمات الإغاثة الدولية الى وقف تقديم المساعدات نتيجة عدم حيازتها موافقة دمشق للعمل في نطاق سيطرتها. وحرم ذلك المدنيين الأكثر هشاشة من الاستفادة منها في ظل ظروف معيشية صعبة.

وقالت الناطقة باسم منظمة كير الدولية في سورية جويل بسول: «في المجمل، تأثر عشرات الآلاف من الناس نتيجة وقف المساعدات الإنسانية». وأوضحت: «عندما نتوقف عن العمل، فهذا يعني أن شركاءنا أيضاً توقفوا»، لافتة الى أنّهم وفرق عملهم «خشية من التوقيف أو الاعتقال، إما غادروا المنطقة أو ما زالوا فيها لكنهم لم يصرحوا عن عملهم».

ومع مرور أكثر من سبع سنوات على اندلاع النزاع في سورية، لا يزال أكثر من 13 مليون شخص في أنحاء البلاد في حاجة الى مساعدات إنسانية، وفق الأمم المتحدة.

وخلال سنوات الحرب، تم تقديم المساعدات الى ملايين السوريين عبر قناتين رئيسيتين: الأولى في دمشق، إذ عملت الأمم المتحدة وشركاؤها على إيصال المساعدات بعد الحصول على موافقات حكومية. والثانية في تركيا والأردن، اللتين شكلتا مقراً لمنظمات إنسانية عملت على تقديم المساعدات الى المدنيين في مناطق سيطرة الفصائل المعارضة من دون حيازة موافقة من دمشق. وتجمّد عمل المسار الثاني في المحافظات التي تقدمت إليها قوات النظام منذ نيسان (أبريل)، بعد هجمات واسعة أعقبتها اتفاقات إجلاء عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين المعارضين الى الشمال السوري. وخسرت الفصائل المعارضة العام الحالي، أبرز معاقلها في الغوطة الشرقية قرب دمشق وريف حمص الشمالي (وسط) ومحافظتي درعا والقنيطرة جنوباً.

وقال محمد الزعبي (29 عاماً) المقيم في بلدة المسيفرة في درعا: «توقفت المساعدات التي اعتادت المنظمات الدولية على تقديمها الى الجنوب في شكل كامل»، مضيفاً: «لم نكن نعلم أنها ستتوقف. حالياً، هناك نقص في الطحين والإمدادات الطبية والمستشفيات (الميدانية) عموماً أقفلت أبوابها بعد النقاط الطبية والعيادات الميدانية، ما يؤثر سلباً» على السكان.

وتبدو المنظمات اليوم عاجزة عن مواصلة عملها مع سيطرة قوات النظام على نحو ثلثي مساحة البلاد وفرار غالبية شركائها المحليين، وحاجتها الى موافقة مسبقة من دمشق، لم تكن في حاجة إليها خلال السنوات الماضية. وتؤكد لجنة الإنقاذ الدولية وسايف ذي شيلدرن ومرسي كور، أنها أوقفت برامج مساعدة لعشرات الآلاف من السكان في مناطق تمكن النظام من السيطرة عليها.

وقالت مديرة لجنة الإنقاذ في سورية لورين برامويل: «لا يُسمح لنا حالياً بالعمل في مناطق سيطرة الحكومة»، بعدما تمكنت في العام 2017 من الوصول الى 300 ألف شخص في جنوب سورية ودعم ست عيادات في الغوطة الشرقية. وتنتظر مؤسسة جفرا التي دأبت خلال سنوات على تقديم المساعدات الى اللاجئين الفلسطينيين في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، الرد على طلب تقدمت به الى السلطات لاستئناف عملها. وأكد مديرها وسام سباعنة، أن «الناس يبقون هم ذاتهم (في تلك المناطق). احتياجاتهم هي ذاتها لا بل ازدادت سوءاً».

وسيطرت قوات النظام السوري في أيار (مايو)، على المخيم بعد طرد تنظيم «داعش» منه. وتحول خلال سنوات النزاع رمزاً لمعاناة المدنيين وللحصار الخانق. ويخلو المخيم من قاطنيه حالياً بعد تعرضه لدمار كبير.

في مدينة تلبيسة في ريف حمص الشمالي، يشكو سامي (20 عاماً) من عدم وجود أي مرفق طبي. وقال: «قبل مجيء النظام، كان مستشفى واحد وثلاث نقاط طبية قيد الخدمة، لكنها حالياً أقفلت كلها كونها تحتاج ترخيصاً من الوزارات» المعنية.

ويقتصر تقديم المساعدات حالياً في المناطق التي استعادها النظام، على الهلال الأحمر العربي السوري ومنظمات محلية شريكة. ويُناط تقديم الخدمات الطبية بالمستشفيات الحكومية، في حال وجودها، والمستوصفات التابعة لها أو لمنظمات مرخصة.

ويقتصر نشاط المنظمات الدولية حالياً على محافظة إدلب (شمال غرب) التي لوّحت دمشق على مدى أسابيع بشن هجوم عليها قبل توصل روسيا وتركيا الى اتفاق جنب المنطقة الخيار العسكري. وقال مدير منظمة ميرسي كور في سورية أرنو كيمان: «السؤال الذي أطرحه على نفسي اليوم: هل سنرى تحسناً في إمكانية الوصول خلال الأشهر المقبلة، بعدما باتت الحكومة غير معرضة لأي تهديد وجودي وتكاد تربح الحرب عسكرياً؟». وأكد أن منظمته على تواصل مع الحكومة السورية لاستئناف عملها، على غرار معظم المنظمات الإنسانية الكبرى، الجميع يحاول».