التاريخ: أيلول ١٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
«الوفد» على أعتاب مئويته: القادة التاريخيون يواجهون المعاصرين
القاهرة – رحاب عليوة
في أحد شوارع محافظة الجيزة وعلى بعد أمتار من مبنى حي العمرانية، تتصدر صورة ضخمة للنائب محمد فؤاد أحد المباني، حيث مقر النائب الذي يستقبل شكاوى أهالي الدائرة، وفي المبنى ذاته مقر آخر لحزب «الوفد» افتتحه النائب نفسه قبل 5 أعوام اثناء انضمامه الى لحزب مطلع عام 2013.

أهالي الضاحية الشعبية غالبيتهم لا يعلمون شيئاً عن الأزمة بين النائب وقيادات حزب «الوفد» التي ظهرت أخيراً الى العلن، مسفرة عن فصله من الحزب واستقالة عدد من النواب تضامناً معه، إذ ما يعنيهم في الأساس وفق ما قاله عامل في مطعم مجاور لمقر النائب ويدعى عمرو رمضان (30 سنة) أنهم بمجرد ما يلجأون إليه طلباً للمساعدة يلبيهم.

وكان رئيس «الوفد» المستشار بهاء الدين أبو شقة أصدر قراراً مساء أول من أمس بإقالة فؤاد من الحزب، بعد أيام من قرار تجميد عضويته وإحالته على التحقيق تزامناً مع تنصل الحزب من مشروع قانون يعده النائب لـ «الأحوال الشخصية» (تنظيم أمور الطلاق والرؤية)، وأعقب القرار تقديم لجنة الحزب في العمرانية استقالتها تضامناً مع النائب، وكان رئيس لجنة التنمية المحلية النائب أحمد السجيني قدم استقالته بعد قرار تجميد عضوية فؤاد، كما تقدم 6 من أعضائه الشبان بالاستقالة، في وقت سعت قيادات في الحزب وشخصيات عامة على رأسها الأمين العام للجامعة العربية السابق عمرو موسى إلى التوسط لإنهاء الأزمة لكن من دون فائدة، إذ تصاعدت وتيرتها، ونوه أبو شقة بإطلاقه مؤتمراً صحافياً للإعلان عن ملابسات القرارات الأخيرة بـ «المستندات».

واللافت أن أبو شقة الذي تبنى فور توليه رئاسة الحزب مبادرة «لمّ الشمل» لعودة المفصولين من الحزب إثر أزمات داخلية على مر سنوات، سرعان ما نشبت أزمة تهدد تماسك الحزب وقوته في الفترة المقبلة، وأقر السكرتير العام للحزب هاني سري الدين بذلك، إذ أفاد في بيان أول من أمس، بأن «الأزمة الحالية وتداعياتها المختلفة على الحزب، لا شك ستلقي بآثارها وتبعاتها على مستقبل الحزب شئنا أم أبينا...»، علماً أن «الوفد» يحتفل بمرور 100 عام على تأسيسه في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل.

والخلافات بين فؤاد وأبو شقة ليست وليدة اليوم، وذات طابع صراع أجيال، وفق نائب رئيس لجنة الحزب في العمرانية سابقاً عصام شعبان، إذ تعود إلى انتخابات رئاسة «الوفد» في آذار (مارس) الماضي عندما وقف فؤاد وهو أحد أنشط النواب في الحزب وممن نالوا شهرة واسعة وسطوة، على رغم أنه ليس «وفدياً» تاريخياً (انضم للحزب 2013) خلف القيادي «الوفدي» حسام الخولي دعماً لضخ دماء شابة في رئاسة الحزب، وقال شعبان لـ «الحياة»: «لم نكن نريد قيادة للحزب تجاوزت الـ80 سنة».

وانفجرت الأزمة الأخيرة إثر مقال نشره النائب على صفحته الرسمية على «فايسبوك» يهاجم فيه أبو شقة تحت عنوان «كلمني شكراً»، إثر مطالبة أبو شقة فؤاد بإلغاء اللقاءات المجتمعية كافة التي يجريها حول قانون «الأحوال الشخصية»، وجاء فيه: «أردت أن أذكر الرجل الذي نجح بحنكة في الإطاحة بمنافسيه في الانتخابات أن يعي جيداً أن الرصانة تحتم علينا التعامل مع المنافسين والخصوم بسياسة الاحتواء كما أن الحكمة تقتضي أن نكون أكثر إيماناً في دعواتنا، فليس من المعقول أن ندعو إلى عودة الطيور المهاجرة ونرتب لهجرة طيور أخرى».

وفي السياق ذاته، أشار أبو شقة خلال بيان إقالة فؤاد من الحزب أنه بصدد إبلاغ رئيس البرلمان بتلك الإقالة، في إشارة إلى تغيير النائب الصفة التي انتخب على أساسها، ما يهدد النائب بإسقاط عضويته في البرلمان، لكن عملياً من المستبعد أن يتأثر النائب بعد إقالته من الوفد، إذ يتطلب تجميد عضويته موافقة 50 في المئة من النواب، وسبق أن استقال نواب من أحزابهم من دون إسقاط عضوية أي منهم.