التاريخ: أيلول ١١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
السيناريو الإيراني يتقدم في العراق لكن... اللعبة لم تنتهِ بعد!
موناليزا فريحة 
رفض المرجع الشيعي الأعلى في العراق، علي السيستاني، أمس الاثنين، تأييد شخصيات تسلمت السلطة في السنوات السابقة لمنصب رئاسة الوزراء، وهو ما سارع كثر الى اعتباره المسمار الاخير في نعش رئيس الوزراء حيدر العبادي، وذلك بعد مطالبة زعيمي تكتلي "سائرون" مقتدى الصدر و"الفتح" اياه بالاستقالة السبت.

سادت بلبلة في العراق اليوم بعد تصريح النائب عن "تحالف سائرون" صباح الساعدي، بلبلة في العراق اليوم مع قوله إن السيستاني وضع فيتو على عدد من السياسيين لموقع رئاسة الوزراء. وسمى تحديداً هادي العامري ونوري المالكي وحيدر العبادي وفالح فياض وطارق نجم.

وأثار هذا التصريح تساؤلات وشكوكاً وخصوصاً أنه ليس مألوفا أن تطلق المرجعية مواقف مباشرة كهذه. الا ان مصدراً مقرباً من المرجعية أًصدر بياناً اكد فيه أن "هذا الخبر غير دقيق"، وأن"ترشيح رئيس مجلس الوزراء إنما هو من صلاحيات الكتلة الأكبر بموجب الدستور وليس للآخرين رفض مرشحها".

ومضت المرجعية في شرح موقفها، مؤكدة انها ذكرت لمختلف الأطراف التي تواصلت معها بصورة مباشرة أو غير مباشرة أنها لا تؤيد رئيس الوزراء المقبل إذا اختير من السياسيين، الذين كانوا في السلطة في السنوات الماضية بلا فرق بين الحزبيين منهما والمستقلين، لأنّ معظم الشعب لم يعد لديه أمل في أي من هؤلاء في تحقيق ما يصبو إليه من تحسين الأوضاع ومكافحة الفساد.

ودعا المصدر باسم المرجعية الى اختيار وجه جديد يعرف بالكفاءة والنزاهة والشجاعة والحزم والتزام النقاط، التي طرحت في خطبة الجمعة، في اشارة الى مطالبة السيستاني بمعايير جديدة في تشمية رئيس الوزراء. وحذر من أنه في ما عدا ذلك ستستمر المرجعية على نهجها في "مقاطعة المسؤولين الحكوميين، (وهو ما تفعله منذ سبع سنوات) كما أنها ستبقى صوتا للمحرومين تدافع عن حقوقهم وفق ما يتيسر لها".

وبغض النظر ما اذا كان السيستاني سمى الشخصيات التي يضع عليها فيتو أم لا، فان موقفه هذا بعتبر ضربة قوية جديدة للعبادي، ومعه لحزب الدعوة الذي حكم العراق سنوات، كما أنه يعقد أيضاً جهود الكتل السياسية المتنافسة في تشكيل حكومة ائتلافية بانتظارها تحديات امنية واقتصادية جمة.

وخرجت هذه المواقف الى العلن بعد أسبوع من التظاهرات في البصرة احتجاجاً على الوضع المعيشي وشهدت أعمال عنف سقط فيها 12 قتيلاً وإضرمت النار في عدد من المباني الحكومية والقنصلية الإيرانية في المدينة الغنية بالنفط.

ولم تستعد المدينة الجنوبية هدوءها الا بعد اعلان خلط أوراق التحالفات السياسية في بغداد مجدداً نتيجة إعلان منافسي العبادي نيتهم تشكيل الحكومة المقبلة من دونه. و سبق للصدر والعامري ان اعلنا التحالف مرة اولى منتصف تموز.

ويقول المحلل السياسي العراقي مصطفى حبيب أن تظاهرات البصرة هي نتيجة النزاع الشرس بين تكتلين شيعيين، وهما تكتل حيدر العبادي – مقتدى الصدر وتكتل هادي العامري-نوري المالكي، لتشكيل التكتل الاوسع الذي يحق له اختيار رئيس الوزراء. وهو كان نزاعاً واضحاً بين الرغبتين الايرانية والاميركية. وفيما غابت فرص تقديم تنازلات من أي جانب للتوصل الى حلول وسط، كان النزاع حتمياً وحصل من خلال متظاهرين رأوا لامبالاة السياسيين حيال وضعهم السيئ واصرارهم على التنافس السياسي.

واعتبرت تلك الاحتجاجات تجاوزا للخط الاحمر، الامر الذي فرض  خلطاً جديداً للأوراق السياسية نتج عنه تحالف بين "تكتل سائرون" بزعامة الصدر و"تكتل الفتح" بزعامة العامري والذي يضم فصائل الحشد الشعبي المقربة من ايران.

ويقول حبيب إن هذا التحالف كان نتيجة حتمية لاصلاح الوضع قبل فوات الاوان، موضحاً أن الجانبين قدما تنازلات كبيرة، وقد اضطلع السيستاني بدور كبير في انهاء النزاع بينهما.

وليس خافياً في أن مثل هذا التحالف يتبنى وجهة النظر الايرانية للتحالف السياسي في العراق. ويضيق حبيب: "يمثل التحالف بين الصدر والعامري وجهة نظر ايرانية تعود الى شهرين. فأولوية ايران توحيد كل الاحزاب الشيعية بعد كل الانتخابات السابقة. وهذا مهم لايران، والمفاوضات تسير في هذا الاتجاه، إذ إن التحالفات الكبيرة الفائزة "النصر" و"سائرون" و"الفتح" و"الحكمة" و"دولة القانون" ستجلس معاً لتشكيل التكتل الاكبر".

ومع ذلك، يقول إن اللعبة لم تنته بعد في انتظار موقف واشنطن.