التاريخ: تموز ١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
الحريري يتمسك بصلاحياته ويذكّر بتضحياته وعون يتعهد ترتيب العلاقة مع جعجع
رؤساء الحكومة السابقون يلتقون الحريري دعماً لصلاحياته
بيروت - وليد شقير 
أجمعت مصادر قيادية في «التيار الوطني الحر» وحزب «القوات اللبنانية» و «الحزب التقدمي الاشتراكي» لـ «الحياة»، على أن اجتماع رئيسي الجمهورية ميشال عون وحكومة تصريف الأعمال المكلف تأليف الحكومة الجديدة سعد الحريري لم يتطرقا خلال اجتماعهما الخميس الماضي إلى أي تصــــور جديد للتشكيلة الحكومية، وعلى أن الحريري لم يحمل معه إلى عون أي اقتراح جديد لبنية الحكومة العتيدة، لأن اجتماعهما اقتصر على البحث في سبل تهدئة الأجواء السياسية المتوترة التي نجمت عن الخلافات حول أحجام التمثيل الوزاري للفرقاء الرئيسيين فيها. وهناك من يقول إنهما تداولا في بعض التفاصيل من دون حسم أي أمر.

وفي وقت رأت مصادر «التيار الحر» أن البحث بين الرجلين كان في العموميات حول عقد التأليف، ذكرت مصادر «القوات» أنهما تطرقا إلى ترسيخ التهدئة الإعلامية من دون الاتفاق على سبل تفكيك العقد التي تؤخر الولادة الحكومية، بينما أكدت مصادر «الاشتراكي» أن لا تقدم ملموساً بعد في انتظار اتصالات الأيام المقبلة، في ظل سفر الحريري بدءاً من اليوم لقضاء بضعة أيام قد تمتد أسبوعاً مع العائلة، كما بات معروفاً.

تترافق هذه الانطباعات المحلية مع قول مصادر ديبلوماسية غربية لـ «الحياة»:»نسمع المسؤولين كافة يتحدثون عن وجوب الإسراع في إنجاز الحكومة من أجل الانكباب على معالجة الاقتصاد، والبدء في الإفادة من قرارات مؤتمر «سيدر» للنهوض بالاقتصاد وتنفيذ الإصلاحات، لكننا لا نرى تصرفاً يتطابق مع هذا الكلام. وإذا كانت القيادات اللبنانية تقر بحراجة الوضع الاقتصادي فإن تأخير الحكومة يعاكس الحرص على معالجته». ويرسم بعض الديبلومسيين الغربيين الذين التقتهم «الحياة» علامات الاستغراب إزاء عدم انسجام الأطراف المسؤولة مع ضرورة التقاط فرصة الدعم الدولي الذي أتاحه المجتمع الدولي للبنان.

الأعراف وتساهل الحريري

وعن اجتماع الرئيسين عون والحريري كشفت مصادر مواكبة لاتصالات حلحلة العقد لـ «الحياة» أن الحريري تناول خلاله العلاقة بينهما وأثار ما يطرحه قياديون في «التيار الحر» من انتقادات وملاحظات حول دور الرئيس المكلف في التأليف، وإيحائهم بأن طرحه لحصة «القوات» التي يرفضها «التيار» ليس من اختصاصه (أو من صلاحياته) أن يتبناها. وأوضحت المصادر أن الحريري تحدث عن أجواء توحي بأن التسوية القائمة بينهما والتي أدت لانتخاب العماد عون رئيساً تهتز، وأكد أنه متمسك بها لأنها أمنت الاستقرار في البلد. كما أثار معه البيان الصادر عن مكتب عون الثلثاء الماضي والذي تناول صلاحيات الرئاسة في تأليف الحكومة وفق الدستور والأعراف وتمسكه بعرف تسمية نائب رئيس الحكومة «التي لن يتغاضى عنها». وأشارت المصادر إلى أن الحريري طرح ملاحظاته انطلاقاً من قناعته التي عاد وصرح بها عند انتهاء اجتماعه بعون، بأنه لا يعترف إلا بعرف واحد هو توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف، ويعتبر أن الأمور الأخرى خاضعة للتوافق السياسي وفق الظروف، وليست عرفاً. كما شدد على أنه لن يتنازل عن صلاحياته في التأليف، لافتاً إلى أنه تحمل الكثير من الانتقادات نتيجة التسوية التي عقدها على الرئاسة وقدم تضحيات كثيرة لأن همه صون الاستقرار وإنقاذ البلد مما هو فيه، وهناك مواقف صدرت في الأيام الأخيرة تشدد على عدم المس بصلاحيات الرئيس المكلف في تأليف الحكومة، وهو أمر «يجب أن نكون متفاهمين عليه»، وأنه لن يتساهل حيال الطروحات والمطالب التي يقترحها رئيس «التيار الحر» الوزير جبران باسيل.

بعض التفاصيل

وإذ أوضحت المصادر أن الرئيس عون أكد للحريري بدوره تمسكه بالتسوية، لم تتوافر معطيات عن رد فعله حول مسألة الصلاحيات. وأضافت المصادر أن الحريري تناول عقدتي اعتراض عون و «التيار الحر» على تمثيل «القوات» (بأربع وزارات بينها حقيبة سيادية) معتبراً أن مطالبها ليست مضخمة وأنه لا يجوز أن تتعرقل الحكومة بسبب ذلك طالما هناك نية للحفاظ على التسوية التي هي شريكة فيها، إضافة إلى أنها حققت نجاحاً ملحوظاً في الانتخابات النيابية طالما المقياس هو الأحجام التي أفرزتها هذه الانتخابات. وعلمت «الحياة» أن الحريري أشار إلى أنه لا يمكن تشكيل حكومة من من دون «القوات» كفريق حليف، وأن رد عون كان أنه سيسعى هو إلى إيجاد حل مع «القوات».

وقالت المصادر إن الحريري كرر لعون ما سبق أن قاله له حين قدم له تصوره لأحجام التمثيل في الحكومة الثلاثينية، عن أن ما يطالب به رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط بحق تسمية الوزراء الدروز الثلاثة منطقي ومعقول بعد الانتحابات ولا يستأهل الخلاف على مقعد وزاري أن يقود إلى التفريط بالتعاون معه، خصوصا أنه أبلغ الجميع أنه لن يدخل الحكومة إذا لم يكن له الوزراء الدروز الثلاثة. وذكرت المصادر المواكبة التي اطلعت على بعض ما دار بين عون والحريري أن الأخير دعا إلى تغليب التوجه نحو قيام حكومة متوازنة في التمثيل وفقاً للأحجام الطبيعية. ومع أن معطيات أوساط حزبية ذكرت أنهما لم يتطرقا إلى تفاصيل التشكيلة الحكومية، قالت المصادر المواكبة لجهود حلحلة العقد إن الرئيس عون طرح مسألة تمثيل النواب السنة من خارج «تيار المستقبل» مقترحاً اسم النائب فيصل كرامي، وأن الحريري رد مشترطاً أن يكون ذلك من حصة الرئيس عون المسيحية بحيث يسمي هو بديلاً من الوزير السادس من حصته وزيراً مسيحياً، وأن توزير كرامي في هذه الحال يعني حصول رئيس «تيار المردة» على وزيرين إضافة إلى الوزير يوسف فنيانوس الذي سيحصل على حقيبة وزارة الأشغال، باعتبار أن كرامي في كتلة واحدة مع فرنجية. وحيال تكرار الرئيس عون المطالبة بإيجاد حل لعقدة تمثيل الوزير طلال أرسلان تردد أن الحريري سأل لماذا لا يسمى وزير درزي رابع يكون من حصة الرئيس المسيحية، كما حصل مع توزير كرامي حين تنازل رئيس البرلمان نبيه بري عن وزير شيعي لمصلحة كرامي في حكومة الرئيس نجيب ميقاتي عام 2011، لكن عون رأى أن التمثيل الدرزي بهذه الصيغة يفقده قيمته.

ورأت المصادر أن العمل سيتركز في الأسبوع الطالع على لقاء الرئيس عون مع رئيس «القوات» سمير جعجع، خصوصاً أن الأول كان تلقف مبادرة الأخير بإرسال الوزير ملحم رياشي للقائه والذي نقل إليه تمسكه بتفاهم معراب والمصالحة المسيحية، وبعد تشديد الحريري على أن مطالب «القوات» منطقية. وقالت المصادر أن أمام عون وجعجع مهمة إعادة قراءة مضمون تفاهم معراب كزعيمين تعاهدا عليه منذ مطلع عام 2016. وقالت المصادر إن «القوات» منزعجة من خرق التهدئة في التراشق مع «التيار» بعد استجابة جعجع لتمني الحريري وقف السجالات بين الفريقين. وتلفت المصادر إلى أن «القوات» تعتبر أن الوزير باسيل والنائب الياس بو صعب يواصلان توجيه السهام إليها.

أما في شأن الحقائب التي يمكن أن تتولاها «القوات» فإن المصادر إياها تنقل عن قياديين فيها تأكيدهم أن ما يشاع عن رفض «حزب الله» توليها وزارة الدفاع يعاكس ما تبلغته من الرئيس بري قبل أسبوعين بأنه و «حزب الله» لا فيتو لديهما على توليها حقيبة الدفاع أو الخارجية خلافاً لما يشاع.

رؤساء الحكومة السابقون يلتقون الحريري دعماً لصلاحياته في تشكيلها

استدعى التعثر الذي يواجه ولادة الحكومة اللبنانية وما أطلقه من سجال حول صلاحيات التأليف عقد اجتماع عاجل لرؤساء الحكومة السابقين في منزل الرئيس المكلف تشكيلها سعد الحريري. وحضر الرؤساء نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام عصر أمس لدعم الحريري رداً على أطروحات تدعو إلى اقتراح رسالة من رئيس الجمهورية ميشال عون إلى المجلس النيابي لإبلاغه تعثر ولادة الحكومة بهدف سحب التأييد الذي حصل عليه الحريري من 111 نائباً كي يتولى المهمة. وأثارت هذه الفكرة التي طرحها نائب رئيس المجلس النيابي ايلي الفرزلي، وغيرها من المواقف، فضلاً عن تمسك الرئيس عون بأعراف تتعلق بالتأليف، حفيظة قيادات إسلامية، خصوصاً أن الدستور لا ينص على مهلة للرئيس المكلف كي ينجز تأليف الحكومة.

وكان مسار تأليف الحكومة مدار بحث أمس في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية ووزير الثقافة غطاس خوري الذي أوضح أنه «ناقش مع رئيس الجمهورية الأوضاع السياسية الراهنة وخصوصاً موضوع تأليف الحكومة الجديدة»، وأشار إلى «أن الاتصالات ستتكثف خلال الساعات القليلة المقبلة خصوصا بعد المشاورات التي تمت حول مسألة تشكيل الحكومة، بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف سعد الحريري». وتوقع «أن تتعزز المناخات السياسية الإيجابية من خلال مبادرات ستتم خلال اليومين المقبلين على أمل أن تصب في الإسراع في تشكيل الحكومة».

ودعا الرئيس نجيب ميقاتي «جميع المعنيين إلى الإسراع في تشكيل الحكومة والمبادرة فور تشكيلها، إلى إعلان خطة طوارئ لمواجهة التحديات والأخطار الداهمة، لا سيما على الصعد الاجتماعية والاقتصادية والمالية»، وحذّر من تكريس أعراف جديدة، لن تؤدي إلا إلى مزيد من التوترات التي لا طائل منها. وقال خلال رعايته حفل تخريج طلاب في طرابلس: «يبدو من مسار التطورات المرتبطة بتشكيل الحكومة، أن القيّمين على هذه العملية، غير مدركين، أو يتجاهلون المسار العام الانحداري الذي يشهده الواقع اللبناني، اقتصادياً ومالياً، وهم يتجاهلون عمداً الأخطار الداهمة، ويلعبون مجدداً لعبة الوقت أو عضّ الأصابع، لتحقيق مكاسب إضافية داخل الحكومة العتيدة».

وأضاف: «على رغم تحذير الرئيس المكلف (سعد الحريري) قبل أيام قليلة، من أن أزمة اقتصادية كبرى مقبلة على البلد، وأنه سيؤلف الحكومة قريباً لمواجهتها، إلا أن لا شيء ملموساً يوحي بتحرك استثنائي لتسريع عملية التشكيل، لتعزيز قدرة لبنان على الصمود أمام العواصف العاتية المقبلة، لا بل على العكس، عدنا نسمع طروحات واقتراحات تدل إلى نية واضحة في الانقلاب على اتفاق الطائف، والتوازنات التي أرساها، لا سيما في قضية تشكيل الحكومة ودور الرئيس المكلف».

وغرد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، معلقاً على عملية تشكيل الحكومة: «هل الوزارة مثل ها الطبخة، الست مصرة تعمل من البزري سوشي والشيف أنطوان عم بينصحها تطعميهن للبسينات. قولك الست عونية، لكن الشاف يبدو منطقياً. خلي يشكل هالوزارة وبتحمل مليفة وصبيدج وبلا سوشي هلق».

«إذا طلب مني»

إلى ذلك أكد نجاد عصام فارس «عدم سعيه لأي مركز نيابي أو وزاري، ولا نسعى لها، ولكن إذا طلب منا فنحن على استعداد للعمل مع الرئيس ميشال عون والرئيس سعد الحريري». وأسف خلال لقاء مع إعلاميي عكار في دارته في بينو «لما سمعه ورآه عن حال عكار لجهة الإهمال والحرمان، عكار التي نصف الجيش اللبناني منها، والعكاريون لهم حقوق مثل كل اللبنانيين، وفي حال عودتنا للعمل السياسي هذا الموضوع هو الذي يجبرني على أن أعمل في الشأن العام، لنكمل ما بدأه الرئيس عصام فارس».

وعن إمكان مشاركته هو أو والده، قال: «حتى الآن ليس هناك حديث بهذا الموضوع، وكما قلت لسنا هنا لنسعى، من أجل حكومة أو وزارة أو نيابة، والانتخابات الأخيرة واضحة، ما يهمنا لبنان وعكار التي تستأهل أكثر من ذلك».

وطالب عضو تكتل «​لبنان القوي​« ​ماريو عون​ «بأن يكون التمثيل الحكومي على أساس النسبية». واعتبر أن التكتل «يحق له ضعفا ​تكتل القوات​، لأنه يتألف من 30 نائباً بينما القوات من 15 نائباً، وإذا أراد القوات 3 وزراء من حقنا الحصول على 6 وزراء، إلا أننا اليوم بحاجة إلى حلول». ولفت إلى أن من المطروح حصول التيار الوطني على 7 وزراء عدا وزراء رئيس الجمهورية». وأكد أن «لا مانع من حصول القوات على حقيبة سيادية وحقيبة أساسية، ونحن بانتظار الوضع بعد عودة الرئيس المكلف من إجازته الخاصة».

«جعجع إلى القصر في أي لحظة»

واعتبر أمين سرّ تكتل «الجمهورية القوية» النائب السابق فادي كرم «أن المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس حزب «القوات» وإعلانه الهدنة، إضافة إلى المبادرات التي اُطلقت من الطرفين، فتحت صفحة جديدة يمكن أن تؤدي إلى تسهيل تشكيل الحكومة». وأوضح في تصريح أن «زيارة جعجع قصر بعبدا للقاء رئيس الجمهورية، يمكن أن تحصل في أي لحظة»، مشدداً على «أن الإيجابية في التعاطي ستترجم في حكومة فعلية وفقاً لمفهوم الشراكة».