 | | التاريخ: كانون الأول ١٠, ٢٠١١ | الكاتب: | المصدر: زوايا مغاربية |  | ينبغي مشاركة المحكمة الجنائية الدولية في محاكمة سيف الاسلام |
تمر ليبيا من مرحلة انتقالية لازالت لم تتضح معها طبيعة النظام السياسي، ولا شكل مختلف المؤسسات التي ستحكم البلاد مستقبلا، وقد بينت الطريقة التي تمت بها تصفية العقيد الليبي، وكيفية التمثيل به، أن المجتمع بات يغلب عليه طابع الانتقام، وزاد من صعوبة الوضع انتشار الأسلحة بمختلف أنواعها بين المواطنين، وطفت على السطح من جديد البنية القبلية كأحد محددات الانتماء، في خضم كل ذلك يعتقل سيف الإسلام القدافي، وهذه المرة ربما أدرك الثوار أنهم تسرعوا في قتل أبيه، وأخطئوا حينما نقلوا الصور البشعة لتصفيته إلى العالم، فقرروا أن يقدموه إلى المحاكمة. ولكن السؤال الذي يطرح اليوم هو هل تستطيع ليبيا أن تضمن لنجل العقيد اليوم محاكمة عادلة؟ إن الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ينص على أن “لكل إنسان الحق على قدم المساواة التامة مع الآخرين، في أن تنظر قضيته أمام محكمة مستقلة نزيهة نظرا عادلا علنيا للفصل في حقوقه والتزاماته وأية تهمة جنائية توجه إليه”، وقد فصل العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية شروط المحاكمة العادلة، وما أظن أن بلدا خرج لتوه من أزمة كتلك التي عاشتها ليبيا سيوفرها، إذ إن الطابع الانتقامي هو الذي سيهيمن، والتاريخ أكد غير ما مرة أن في مثل هذه الحالات تجسد عدالة المنتصر أكثر من أي شيء آخر. لقد ارتكب القدافي في حق شعبه، و في حق الكثير من الشعوب الأخرى، فظاعات لا مثيل لها، وفي الفترة الأخيرة من حكمه برزت صورة الإبن الذي اعتقد الكثيرون أنه لن يكون صورة طبق الأصل للزعيم، فإذا به يؤكد العكس، ولكن هذا لا يبيح أن تتحول العدالة إلى آلة انتقامية. إن استحضار المبادئ التي ينص عليها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية، الذي اعتبر “الناس جميعا سواء أمام القضاء ومن حق كل فرد لدى الفصل في أية تهمة جزائية توجه إليه أو في حقوقه والتزاماته في أية دعوى مدنية، أن تكون قضيته محل نظر منصف وعلني من قبل محكمة مختصة مستقلة حيادية منشأة بحكم القانون…” ناهيك عن مناقشة شهود الاتهام، والموافقة على استدعاء شهود النفي للحضور إلى الجلسات، مع إمكانية اللجوء إلى محكمة أعلى كي تراجع قرار إدانته والعقوبة التي صدرت في حقه. فهل ستقبل العدالة الليبية أن تحقق هذا؟ وبناء على ذلك فإن المحاكمة العادلة كانت ستكون ذات فائدة عظيمة لو سمح بتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية ، وفي هذه الحالة ستكون هي الهيئة التي لها قدرة على مناقشة الوقائع بشكل موضوعي، وتمكين المتهم من كافة حقوقه كإنسان، إن ليبيا ليست وحدها هي من أطاح بالقدافي، بل الكثير من دول العالم، والتي تدرك أكثر من غيرها أن الشعب الليبي في حاجة حقيقية أولا إلى تأهيل الموارد البشرية.
| |
|