التاريخ: حزيران ١٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
توقعات باستمرار نشاط «داعش» في البادية لسنوات
بيروت - أ ف ب
كثف تنظيم «داعش» في الأسابيع الأخيرة هجماته ضد مواقع قوات النظام السوري وحلفائه في البادية السورية، في عمليات متتالية، يرجح محللون أن تكون «غيضاً من فيض» ما يخطط له الإرهابيون في الفترة المقبلة.

على رغم الخسائر الميدانية الكبرى التي مني بها في سورية والعراق المجاور، لا يزال التنظيم المتطرف قادراً على التسلل وتوجيه ضربات موجعة لخصومه. وأسفرت هجمات مفاجئة نفذها منذ مطلع الشهر الجاري في البادية السورية عن مقتل العشرات من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.

وبعد ستة أشهر على طرده منها، تمكن مقاتلوه الجمعة وإثر سلسلة عمليات انتحارية من اقتحام مدينة البوكمال الحدودية مع العراق، وخاضوا فيها مواجهات عنيفة ضد قوات النظام وحلفائها لأيام قبل أن ينسحبوا منها الإثنين.

وقال الباحث في مركز عمران للدراسات، ومقره إسطنبول، نوار أوليفر: «عندما أعلن النظام السوري أو الحكومة العراقية أنهما تمكنا من دحر التنظيم، لم تكن تلك التصريحات دقيقة»، موضحاً أن النظام السوري بدعم من حلفائه: «تمكن من طرد التنظيم من دير الزور والبوكمال والميادين وتدمر، لكنه لم يتمكن من القضاء عليه في البادية، وهذه هي مشكلته الرئيسة اليوم».

وتُعد المناطق الصحراوية الأكثر مناسبة للإرهابيين للتواري عن الأنظار وشن هجماتهم، بعدما باتوا يسيطرون على نحو ثلاثة في المئة من الأراضي السورية فقط.

ويتبع «داعش» في شكل أساسي تكتيك التسلل ضد مواقع قوات النظام وحلفائها، قبل أن يشن عمليات انتحارية إن كان عبر العربات المفخخة أو «الانغماسيين». وأحياناً كثيرة، يشن هجمات متوازية على أكثر من جبهة لتشتيت خصومه.

وكثف التنظيم الإرهابي خلال الأسابيع الماضية من وتيرة عملياته بعد إجلاء المئات من مقاتلين من أحياء في جنوب العاصمة دمشق، كانوا يتحصنون فيها منذ عام 2015.

ووثق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الأسبوع الماضي مقتل العشرات من قوات النظام وحلفائها بينهم روساً وإيرانيين، جراء هجمات متفرقة للتنظيم في البادية وخصوصاً جنوب مدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الجنوب الشرقي.

وينظر مقاتلو التنظيم إلى هذه الهجمات على أنها «انتصار»، بينما يعملون على التخطيط لهجمات أخرى في الفترة المقبلة، وفق أوليفر الذي قال: «ستتواصل الهجمات انطلاقاً من الصحراء لتستهدف حقول وأنابيب النفط والطرق الرئيسة وحتى المعابر الحدودية، ما سيسبب صداعاً هائلاً لأي حكومة».

وفي شرق سورية، يتواجد «داعش» في البادية في جيب بين مدينة تدمر الأثرية (وسط) وجنوب البوكمال. كما في منطقة محدودة على الجهة المقابلة للبوكمال عند الضفة الشرقية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور إلى قسمين.

في العام الماضي، خسر التنظيم سيطرته على البوكمال والميادين إثر هجوم نفذته قوات النظام بدعم روسي وتمكنت بموجبه من السيطرة على الضفاف الغربية لنهر الفرات.

وبموجب هجوم منفصل بدعم من التحالف الدولي، طردت قوات سورية الديموقراطية (قسد) التنظيم من الضفاف الشرقية للفرات، حيث بات وجوده يقتصر على قرى محدودة. وتخوض تلك القوات معارك وإن كانت محدودة لطرده من تلك القرى الحدودية الأخيرة.

وتوقع الباحث في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط حسن حسن أن «يبقى شرق سورية وشمال شرقي العراق نقاط ضعف البلدين وحيث سيواصل التنظيم نشاطه لسنوات عدة مقبلة».

وقال: «يعرف التنظيم المنطقة جيداً وقد أنشأ بنية تحتية لتمرده وسط الصحراء والوديان وفي المناطق الريفية الممتدة من كركوك وديالى في العراق الى منطقة القلمون» في ريف دمشق.

ولا تستطيع حكومة البلدين، وفق حسن، «إدارة وضمان أمن هذه المناطق بطريقة مستدامة».

ولا يستبعد الناشط عمر أبو ليلى، المتحدر من دير الزور وجود تنسيق بين مقاتلي التنظيم على طرفي الحدود عبر «حركتهم الخفية في الصحراء وربما من خلال تنكرهم كسائقين محليين».

في سورية، شرح مدير «المرصد السوري» رامي عبدالرحمن أن «مسلحي داعش أكثر دراية بطبيعة البادية الجغرافية وتلالها من قوات النظام المنتشرة في نقاط متباعدة، وهو ما يجعل الأخيرة تعتمد بالدرجة الأولى على سلاح الجو في مواجهة التنظيم».

وبالإضافة إلى شرق البلاد، شكل هجوم «داعش» الأسبوع الماضي ضد قوات النظام في بادية محافظة السويداء جنوباً، مفاجأة جديدة ألقت الضوء على تواري الإرهابيون في منطقة تُعد من الأماكن القليلة التي بقيت إلى حد ما بمنأى عن المعارك والهجمات خلال سنوات النزاع.