التاريخ: آذار ١٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
في مخابئ الغوطة ... ينتظرون القنبلة التالية في رعب
بيروت – رويترز 
في الوقت الذي تتغلغل فيه القوات النظامية السورية في عمق الغوطة الشرقية المحاصرة تحت القصف المتواصل، تكتظ الأدوار السفلية في المباني بالمدنيين من سكان المنطقة الذين تقدر الأمم المتحدة عددهم بنحو 400 ألف قابعين في الظلام تحت سيل القنابل المنهمر. وتحت أسقف منبعجة تنتشر فيها الشروخ من شدة الضربات الجوية السابقة، يعلق سوريون ملاءات لتقسيم المساحة لأسر بأكملها. وقال رجل في مخبأ بمدينة دوما أكبر المراكز العمرانية في الغوطة «نحن في الغوطة الشرقية ومضطهدين، والقصف علينا من فوق ومن جميع أنواع الأسلحة، وهذا البيت هو السادس عشر الذي ننتقل إليه... ولا يصلح حتى ليضع فيه أحد دجاجاً»، فيما أشار آخر إلى أن 300 شخص يختبئون من الملجأ من دون حمام. وقال الرئيس السوري بشار الأسد وروسيا أقوى حلفائه، إن الهجوم على الغوطة ضروري للقضاء على حكم مقاتلين للمدنيين في الجيب ولمنع إطلاق قذائف المورتر على دمشق القريبة. غير أن شدة الهجوم، الذي يقول «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إنه تسبب في مقتل 1160 شخصاً في ثلاثة أسابيع، قوبلت بالتنديد من دول غربية وأطلقت نداءات من وكالات تابعة للأمم المتحدة تطالب بهدنة إنسانية. وبدأ الهجوم بعملية قصف من أعنف ما شهدته الحرب الأهلية باستخدام الطائرات وطائرات الهليكوبتر والمدفعية تلقي بسيل شبه متواصل من الصواريخ والقنابل والقذائف. وبعد أن بدأ تساقط القنابل قبل ثلاثة أسابيع خاف الناس من مغادرة المخابئ، ولو للبحث عن شيء من إمدادات الطعام القليلة الباقية.

والمخبأ يقع في دورين سفليين تحت الأرض وامتلأ عن آخره بالناس، وانتشر فيه الأطفال الصغار يثرثرون ويلعبون في ممرات أشبه بالمتاهة بين الملاءات المعلقة. أما داخل غرف الملاءات فكانت مراتب وبطاطين تنتشر على الأرض حيث يحاول البعض النوم، فيما جلس رجل في أحد الأركان في انتظار وصول رجال الإسعاف لعلاج الجراح التي أصيب بها في هجوم سابق.

ويساعد الأطفال الصغار في غسل الصحون بشطف الأطباق المصنوعة من صلب لا يصدأ بمياه غير نظيفة من وعاء صغير، ففي مثل هذه الظروف تتزايد صعوبة الحفاظ على النظافة العامة. وكثيرون من القابعين في مخابئ دوما فروا من مناطق أخرى في الغوطة وبعضهم تكرر فراره هربا من الخطوط الأمامية المتغيرة. وفي الأيام الأخيرة وصل عشرات الآلاف إلى المدينة فراراً من التقدم السريع الذي أحرزته قوات النظان السوري.

وفوق الرؤوس ظهرت في السقف أسياخ الصلب في الشروخ الكبيرة والتواءات السقف الخرساني، الذي بدأ عليه أنه يوشك على السقوط فوق رؤوس سكان المخبأ المرعوبين عند أي انفجار جديد في الجوار.