التاريخ: آذار ١١, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
القوات النظامية تكثّف هجماتها وتقسّم الغوطة ثلاثة أجزاء
بيروت، لندن – «الحياة»، أ ف ب 
عزلت القوات النظامية السورية مدينة دوما عن بقية الغوطة الشرقية قرب دمشق أمس، إثر إحرازها مزيداً من التقدم ضيّقت من خلاله الخناق أكثر على الفصائل المعارضة والمدنيين المحاصرين في هذه المنطقة. وبعزلها مدينة دوما، تمكنت القوات النظامية وفق «المرصد السوري لحقوق الإنسان» من تقسيم الغوطة ثلاثة أجزاء هي: دوما ومحيطها شمالاً، حرستا غرباً، وبقية المدن والبلدات التي تمتد من الوسط إلى الجنوب. وتُعد الغوطة أحدى بوابات دمشق وتشكل منذ عام 2012 معقل الفصائل المعارضة قرب العاصمة ما جعلها هدفاً دائماً لقوات النظام. وفي إطار عملية عسكرية برية بعد حملة قصف عنيف، سيطرت قوات النظام أخيراً على أكثر من نصف مساحة الغوطة. وكانت الفصائل المعارضة شنّت خلال اليومين الماضيين، وفق «المرصد»، هجمات مضادة ضد قوات النظام تمكنت خلالها من عرقلة تقدمه وإن بشكل محدود قبل أن يستعيد زمام الأمور أمس.

وتدور اشتباكات عنيفة أيضاً بين قوات النظام وفصيل «فيلق الرحمن» في محيط بلدة مديرا غرباً وقرب بلدات حمورية وسقبا وافتيريس جنوباً. وأورد التلفزيون السوري الرسمي أن «الجيش يكثف عملياته (...) ويتقدم على ثلاثة محاور رئيسية هي مديرا ومسرابا وسقبا». علماً بأن بلدة مديرا تعد الأخيرة التي تفصل القوات النظامية والجماعات المتحالفة معها عن إدارة المركبات المتصلة بالعاصمة دمشق.

وأفاد «المرصد» بأن العمليات العسكرية استمرت أمس في اتجاه إدارة المركبات، حيث تمكنت قوات النظام من تحقيق تقدم في المنطقة، ضمن هجومها المستمرّ للوصول إلى المنطقة. ويمكّنها هذا التقدّم من قطع الطريق الواصل بين القسم الشمالي من غوطة دمشق الشرقية الذي يضم كل من دوما وحرستا ومزارع الريحان عن القسم الجنوبي من الغوطة. كما أن تقدّم قوات النظام في المزارع الواصلة بين دوما وحرستا، مكّنها من عزل إحدى المدينتين عن الأخرى، ورصد ما تبقى من منطقة بشكل ناري، وبذلك تكون قوات النظام عزلت دوما عن حرستا وعزلتهما معاً في الوقت ذاته عن بقية الغوطة الشرقية، وفق «المرصد». وقال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن إن قوات النظام تمكنت من عزل دوما بعد سيطرتها على الطريق الذي يربطها بحرستا غرباً وعلى مدينة مسرابا إلى الجنوب منها»، موضحاً أن «بعزل دوما، تمكنت قوات النظام من تقطيع أوصال الغوطة الشرقية».

وتواجه سيارات الإسعاف التي تذهب لإخلاء الجرحى، صعوبة في العودة إلى المستشفيات جراء القصف. وأفاد «المرصد» بأن «ثلاثين غارة جوية استهدفت دوما كما انهالت عليها عشرات القذائف الصاروخية». ومن شأن هذا التقدم أن يضيق الخناق أكثر على الفصائل المعارضة كما على 400 ألف مدني محاصرين منذ العام 2013.

إلى ذلك، أفادت مواقع محسوبة على المعارضة بأن الفصائل الناشطة في منطقة القلمون الشرقي بريف دمشق، تمكنت أمس من من قطع الأوتوستراد الدولي دمشق– بغداد، الذي يمر بمحاذاة المنطقة. كما قصفت الفصائل بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ مطار الضمير العسكري بريف دمشق، الذي يُعد مركزاً لإدارة عمليات قوات النظام في الغوطة الشرقية. يأتي هذا عقب أيام من انطلاق حملة عسكرية كبيرة لقوات النظام بدعم جوي روسي، على قرى الغوطة وبلداتها أسفرت عن مقتل أكثر من ألف مدني حتى الآن.

فتى سوري «يتحدى» القصف بتسجيلات مصوّرة من أنقاض الغوطة

بيروت – رويترز 
وسط غارات جوية لا تهدأ على الغوطة الشرقية تحدى صبي سوري عمره 15 سنة القصف وأخذ يصوّر ما تبقى من جيب المعارضة المدمر.
فيما يتصاعد الدخان في الخلفية، يتحدث محمد نجم أمام الكاميرا وكأنه مراسل حربي شاب لكنه مجرد مراهق يلتقط المشاهد في وضع تصوير الصور الذاتية (سيلفي) في واحدة من أكثر المناطق سخونة في الحرب الأهلية السورية.

وبالإضافة إلى مقاطع الفيديو التي تظهر الدمار الذي لحق بآخر جيب للمعارضة المسلحة قرب دمشق، يجري نجم مقابلات مع شباب محاصرين بسبب الصراع.

وفي فيديو نشره الأربعاء، انضم إلى نجم صبي أصغر سناً يُدعى سليم يروي كيف كان يركض داخل منزله للإفلات من ضربة جوية.

وقال سليم عبر هاتف نجم المحمول في شارع مغطى بالأنقاض: «كنا نلعب أنا وأختي... فجأة جاء صاروخ وما وعيت على شي»، وأضاف: «فقت (عدت للوعي) لقيت حالي بالطبية (المركز الطبي) ودروني (أبلغوني) إنو استشهدت أختي وعمرها تسع سنين. راح بيتنا وراح كل الحارة».

وبعد سنوات من حصار المنطقة، قالت منظمة «أطباء بلا حدود» إن الجيش السوري قصف المنطقة على مدار الساعة تقريباً خلال الأسبوعين الماضيين، ما أسفر عن مقتل ما يربو على ألف شخص.

واستعادت القوات النظامية السيطرة على نصف الغوطة تقريباً، وباتت المعارضة لا تسيطر الآن سوى على مجموعة بلدات كثيفة السكان حيث يعيش المدنيون في ملاجئ تحت الأرض في انتظار شاحنات المساعدات. وقال نجم لـ «رويترز» في رسائل على وسائل التواصل الاجتماعي «تتعرض الغوطة للقصف كل يوم بلا رحمة».

وكان نجم حذراً من نشر تفاصيل عن حياته قبل الحرب أو مكان وجوده حالياً بالضبط من أجل سلامته. وتظهر صوره على وسائل التواصل الاجتماعي ملفوفة بالعلم السوري.

وفي منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي، انتقد نجم الرئيس السوري بشار الأسد والتدخل الروسي في الحرب.

ويتهم نجم في أحد منشوراته الأسد والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بسرقة طفولة الصغار في الغوطة، مع سماع دوي الانفجارات في سماء المنطقة.

وتعتبر دمشق وموسكو أن الهجوم ضروري لمنع مسلحي المعارضة من قصف العاصمة وإنهاء حكم «المتشددين الإسلاميين» للمدنيين في المنطقة، وتقولان إنهما تحاولان تجنب إسقاط ضحايا من المدنيين وتتهمان المعارضة بمنع المدنيين من مغادرة الغوطة، الأمر الذي تنفيه المعارضة.

ويواجه المدنيون معضلة مزمنة، فإما المخاطرة بالخروج للحصول على إمدادات أو البقاء في الداخل.

وتقول فتاة في التسجيل المصور وهي تقف إلى جوار نجم: «المدنيون في الغوطة يعيشون في ملاجئ تحت الأرض غير مجهزة صحياً ولا خدمياً بسبب القصف».

وينتهي الفيديو بتصوير نجم سبعة أطفال مختلفين يقول كل منهم: «أنقذوا الغوطة!»