التاريخ: آذار ٣, ٢٠١٨
المصدر: جريدة الحياة
تهديد أميركي- أوروبي بـ «محاسبة» دمشق بعد عملية الغوطة و«الكيماوي»
باريس، لندن – «الحياة»، أ ف ب 
أكّدت الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ضرورة «محاسبة» النظام السوري في حال إثبات حصول هجمات كيماوية جديدة أدّت إلى مقتل مدنيين في سورية، إضافة إلى مسؤوليته في التدهور المتواصل للوضع الإنساني في غوطة دمشق الشرقية وعدم التزام دمشق وقف النار.

وتقاطعت المواقف الأميركية- الأوروبية أمس، في اتصالين أجراهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع كل من نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل. أتى ذلك فيما تواصل الولايات المتحدة جهودها في مجلس الأمن لتشكيل لجنة تحقيق دولية جديدة في استخدام سلاح كيماوي في سورية.

وتعهّد ماكرون وترامب بـ «ردّ حازم مشترك» إذا ما تم التأكد من قيام النظام السوري بشنّ هجمات كيماوية جديدة، وفق ما جاء في بيان صادر عن قصر الرئاسة الفرنسية (أليزيه)، عقب اتصال هاتفي بين الزعيمين. وأكد البيان أن ماكرون وترامب اتفقا خلال المحادثات على «عدم التسامح مع الإفلات من العقاب» في أي استخدام جديد لأسلحة كيماوية في سورية، مضيفاً أنه «في حال إثبات استخدام أسلحة كيماوية أدت إلى مقتل مدنيين، فسيكون هناك رد حازم بالتنسيق مع حلفائنا الأميركيين».

واتفقت مركل مع ترامب على وجوب «محاسبة» النظام السوري على الهجمات وعمليات القصف على المدنيين في الغوطة الشرقية المحاصرة قرب دمشق، وفق ما أعلنت المستشارية الألمانية في بيان أمس، وجاء فيه أن الزعيمين اعتبرا خلال مكالمة هاتفية جرت أول من أمس، أن النظام السوري «يجب أن يحاسب» على التدهور المتواصل للوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وهذا ينطبق على استخدام نظام (الرئيس بشار) الأسد أسلحة كيماوية كما على الهجمات على المدنيين وتجميد المساعدة الإنسانية.

ودعا كلٌ من مركل وترامب إلى «وقف مشاركة موسكو في عمليات القصف على الغوطة الشرقية وحض نظام بشار الأسد على وقف العمليات العسكرية ضد مناطق المدنيين». كما حضّ المسؤولان موسكو وطهران ودمشق على تطبيق «فوري» لقرار مجلس الأمن الذي نص على وقف نار «من دون تأخير» في سورية.

أتى ذلك بعد دعوة واشنطن مجلس الأمن إلى تشكيل لجنة جديدة للتحقيق في استخدام الكيماوي في سورية، إثر تقارير عن تعرّض غوطة دمشق الشرقية لهجمات بغاز الكلور.

واجتمع ديبلوماسيون في الأمم المتحدة أول من أمس، للبحث في مشروع قرار قدّمته البعثة الأميركية الأربعاء، بعيد أيام على إعلان «المرصد السوري لحقوق الإنسان» وطبيب أن طفلاً توفي و13 شخصاً على الأقل واجهوا صعوبات في التنفس في بلدة في الغوطة إثر تعرّضها إلى قصف من قوات النظام. وذكرت مصادر أن روسيا لم تحضر الاجتماع.

ويدعو مشروع القرار الأميركي إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية تحت اسم «آلية التحقيق الأممية المستقلة» (يونيمي) تكون مدة تفويضها سنة واحدة ومهمتها «تحديد المسؤولين عن شن هجمات بالسلاح الكيماوي في سورية». وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إنها تأمل طرحه على التصويت الأسبوع المقبل، غير أن ديبلوماسياً في المنظمة الدولية استبعد موافقة روسيا على مشروع القرار الأميركي أو أن تسمح بتمريره.

وقالت هايلي للصحفيين: «عندما طرح الروس الآلية الخاصة بهم لم تجد من يساندها، ولهذا نتقدم بأخرى نعمل عليها منذ تم القضاء على آلية التحقيق المشتركة»، وزادت: «لقد أخذنا في الحسبان أموراً معينة ظن (الروس) أنها مشكلة، لكن إذا لم يريدوا آلية على الإطلاق فسيستخدمون حق النقض (الفيتو) ضدها».

 تلويح بـردّ أميركي - فرنسي حازم على استخدام «الكيماوي»

باريس، جنيف – رندة تقي الدين، «الحياة» 
صعّدت الدول الغربية لهجتها إزاء دمشق، وبرز تهديد أميركي- ألماني- فرنسي أمس، بـ «محاسبة» نظام الرئيس السوري بشار الأسد نتيجة الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية المحاصرة، إضافة إلى استخدام أسلحة كيماوية. وعاد هذا الملف إلى الواجهة مع دعوة الولايات المتحدة مجلس الأمن إلى إنشاء لجنة تحقيق دولية جديدة مهمتها «تحديد المسؤولين عن شن هجمات بالسلاح الكيماوي في سورية».

إلى ذلك، قال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين أمس، إن الضربات الجوية على الغوطة الشرقية في سورية وقصف مقاتلي المعارضة دمشق «يشكلان على الأرجح جرائم حرب تنبغي إحالتها إلى المحكمة» الجنائية. وأنهت «هدنة الساعات الخمس» يومها الرابع أمس، من دون تسجيل خروج أي مدني من الغوطة الشرقية عبر معبر مخيّم الوافدين، وفق ما أفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». إلا أن وكالة الإعلام الروسية نقلت أمس عن مسؤول عسكري روسي قوله إنه تم إجلاء طفلين من الغوطة ليل الخميس- الجمعة، من دون أن تقدّم مزيداً من التفاصيل.

وبرزت المواقف الأميركية- الأوروبية التصعيدية أمس، في اتصالين أجراهما الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع كل من نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون والمستشارة الألمانية أنغيلا مركل، إذ تعهّد ماكرون وترامب بـ «ردّ حازم مشترك» إذا ما تم تأكيد قيام النظام السوري بشنّ هجمات كيماوية جديدة، وفق ما جاء في بيان صادر عن قصر الرئاسة الفرنسية. وقرر الرئيسان العمل معاً لتنفيذ القرار 2401 من أجل وقف القتال وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية وإخراج الجرحى والمرضى. كما أكّد الرئيسان ضرورة ممارسة روسيا «من دون إبهام» أقصى الضغط على نظام دمشق كي يعرب بوضوح عن التزامه بقرار مجلس الأمن. كما اتفقت مركل مع ترامب على وجوب «محاسبة» النظام السوري على «التدهور المتواصل للوضع الإنساني في الغوطة الشرقية، وهذا ينطبق على استخدام نظام الأسد أسلحة كيماوية، كما على الهجمات على المدنيين وتجميد المساعدة الإنسانية».

وسألت «الحياة» مصدراً فرنسياً بارزاً متابعاً الملف، إذا ما كان التصعيد يعني أن ضربة أميركية- فرنسية على سورية أصبحت محتمة، فأجاب بأن «المشكلة تكمن في إيجاد البراهين لاستخدام النظام السلاح الكيماوي»، مضيفاً: «والسؤال هو ما إذا كانت هناك رغبة سياسية أميركية في القيام بضربة».

إلى ذلك، كشف مصدر أن وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان وجه سلسلة من «الطلبات» حول سورية إلى نظيره الروسي سيرغي لافروف خلال زيارته الأخيرة موسكو، خصوصاً في شأن السماح بإيصال المساعدات الإنسانية وتمديد وقف النار ومراقبة الهدنة، إضافة إلى مسألة السلاح الكيمياوي. وأضاف المصدر أن الردّ الروسي شابه غموضٌ مع وعود باستمرار مناقشة هذه المسائل.

ولفت المصدر إلى خلاف فرنسي- روسي حيال الدور الإيراني في المنطقة، إذ اعتبر لافروف أن إيران تلعب دور الاستقرار وينبغي التوقف عن إدانتها، في حين اعتبر لودريان أن نشاطات إيران في سورية والمنطقة إضافة إلى برنامجها للصواريخ الباليستية يشكلان تهديداً خطيراً، وأنه ينبغي العمل معاً على وقف هذه التهديدات. واتفق لودريان على إجراء محادثات هاتفية مع لافروف فور عودة الوزير الفرنسي من إيران الأسبوع المقبل.

في غضون ذلك، قال مفوّض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان الأمير زيد بن رعد الحسين أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف أمس، إن «على مرتكبي الجرائم في سورية أن يعلموا أنه يتم تحديد هوياتهم وأن ملفات تُعَد بهدف محاكمتهم جنائياً في المستقبل». وأضاف خلال جلسة مناقشة عاجلة في شأن الغوطة الشرقية بطلب من بريطانيا: «ينبغي أن تحال سورية على المحكمة الجنائية الدولية. محاولة عرقلة سير العدالة وحماية المجرمين أمر مشين».

وقدّمت بريطانيا إلى المجلس مشروع قرار يطالب بتطبيق قرار وقف النار الذي أقره مجلس الأمن، كما يدعو مجلس حقوق الإنسان ومفوضية التحقيق الدولي المستقل حول سورية إلى «فتح تحقيق شامل ومستقل في شكل طارئ حول الأحداث الأخيرة في الغوطة الشرقية».

وأكد مندوب الكويت الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف السفير جمال الغنيم، دعم بلاده الدائم مشروع القرار الذي تقدمت به بريطانيا. وقال الغنيم إن الكويت نسقت مع بريطانيا في الدعوة إلى هذا النقاش العاجل الذي شهده المجلس، بحكم عضويتها في مجموعة العمل الخاصة بسورية في الأمم المتحدة، فضلاً عن ثوابت الكويت في دعم الملفات الإنسانية. وأوضح أن القرار لا يدين فقط كل الانتهاكات التي يتعرض لها الشعب السوري في شكل منهجي واسع النطاق، بما في ذلك استخدام الأسلحة المحظورة دولياً ضد المدنيين العزل، بل يحمِّل جميع الأطراف المعنية مسؤولية كاملة عن تطبيق القرار رقم 2401.