التاريخ: تشرين الثاني ١٤, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
الكرملين لم يحدد بعد موعداً جديداً لـ «مؤتمر الحوار السوري» والرياض تستضيف المعارضة بعد أيام
أعلنت السعودية انها ستستضيف اجتماعاً موسعاً للمعارضة السورية في الرياض بين 22 و24 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. وأوضح بيان بثته «وكالة الأنباء السعودية» أمس، أن الاستضافة تأتي «انطلاقاً من سياسة السعودية الداعمة لجهود إحلال السلام ومواجهة الإرهاب، واستجابة لطلب المعارضة السورية بهدف التقريب بين أطرافها ومنصاتها وتوحيد وفدها المفاوض لاستئناف المفاوضات المباشرة في جنيف تحت إشراف الأمم المتحدة».

على خلفية تباينات بينهما حول مؤتمر موسع للسلام تسعى موسكو إلى عقده لمناقشة مستقبل التسوية في سورية بعد «داعش»، استقبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين نظيره التركي رجب طيب أردوغان أمس في مدينة سوتشي على البحر الأسود، لاستكمال مناقشة تسوية النزاع وعملية عسكرية مرتقبة ضد الأكراد في عفرين شمالاً وصفقة نظام «أس 400» الصاروخي. واستبق أردوغان اللقاء بدعوته أميركا وروسيا إلى سحب قواتهما من سورية. فيما أعلنت إيران أن وجودها في سورية «مشروع» وأنها باقية ما بعد «داعش». ويأتي لقاء بوتين وأردوغان في أعقاب تفاهمات روسية- أميركية تقضي بانسحاب القوات الإيرانية وحلفائها من جنوب غربي سورية على الحدود مع إسرائيل.

وأعرب بوتين، في بداية اللقاء مع أردوغان، عن ارتياحه لتطور العلاقات مع أنقرة، قائلاً: «نعمل في الواقع على كل محاور التعاون... ولدينا العادة الحسنة التي تقضي بمناقشة مواضيع الساعة بطريقة عملانية».

وقال بوتين: «يمكن اعتبار أن العلاقات بين روسيا وتركيا عادت تقريباً إلى وضعها الطبيعي»، مشيراً إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين زاد في الأشهر التسعة الأولى من هذا العام بنسبة 38 في المئة. وصرح أردوغان: «أنا على اقتناع بأن لقاءنا اليوم سيكون فعالاً جداً». وزاد: «اللقاءات الكثيرة... تعطي زخماً لتطور علاقاتنا الثنائية»، مشيراً إلى تنامي التعاون السياسي والعسكري والاقتصادي والتجاري.

وقال الناطق باسم الكرملين ديميتري بيسكوف إن موضوع النقاش الرئيسي هو الوضع في سورية، ومناطق «خفض التوتر» ومتابعة التسوية السياسية، إضافة إلى البحث في تفاصيل صفقة شراء أنقرة نظام «إس- 400» للدفاع الصاروخي. كما يريد أردوغان البحث في عملية عسكرية تركية محتملة في منطقة عفرين شمال سورية لطرد عناصر «وحدات حماية الشعب الكردية»، وهي قضية حساسة تحتل أولوية في سلم اهتمامات الرئيس التركي الذي قال أمس: «لا يمكن تركيا تجاهل التهديد من جانب مدينة عفرين، ونحن مضطرون لاتخاذ الإجراءات المطلوبة ضد القوات الكردية».

والتقى أردوغان وبوتين في أيلول (سبتمبر) الماضي في أنقرة، واتفقا على منطقة خفض توتر في إدلب شمال سورية. ومنذ ذلك الحين، اقترحت روسيا جمع كل القوى السياسية السورية، للتوصل إلى تسوية سياسية للنزاع، لكن فصائل المعارضة وعواصم غربية أعربت عن شكوكها في مؤتمر سلام برعاية موسكو ودعت إلى «عدم الالتفاف» على مسار جنيف. كما تحفظت أنقرة بدورها عن الفكرة بسبب دعوة موسكو أكراد سورية. ووصف أردوغان أمس، هذه الدعوة بأنها «غير مقبولة»، وقال إنه سيناقش الأمر مع بوتين.

وقال الخبير الروسي أليكسي مالاشينكو، إن «روسيا في وضع بالغ الصعوبة في سورية، لا تستطيع بكل بساطة السماح لنفسها بخسارة حلفاء أو حتى شركاء»، موضحاً أن بوتين وأردوغان «يحتاج كل منهما إلى الآخر» في هذا النزاع. وكان أردوغان قال أمس إن من لا يعتقدون بجدوى الحل العسكري للصراع في سورية عليهم أن يسحبوا قواتهم، وجاءت تصريحاته تعليقاً على إعلان بوتين ونظيره الأميركي دونالد ترامب أنه «لا حل عسكرياً للصراع في سورية». وقال أردوغان للصحافيين قبل أن يتوجه إلى سوتشي: «يصعب عليّ فهم هذه التعليقات. إذا كان الحل العسكري غير مطروح، فإن على هؤلاء الذين يقولون ذلك سحب قواتهم».

وبعد سوتشي سيتوجه أردوغان إلى الكويت وقطر. ويضم الوفد التركي وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو، ورئيس هيئة الأركان العامة للجيش التركي خلوصي أكار، ورئيس الاستخبارات الوطنية حقان فيدان.

إلى ذلك، أفادت الخارجية الإيرانية بأن وجود إيران العسكري في سورية «مشروع» وأنها ستستمر بعد هزيمة «داعش». وقال الناطق باسم الوزارة، بهرام قاسمي أمس، إن «الوجود العسكري الإيراني في سورية، جاء بناءً على طلب من الحكومة السورية». وأضاف قاسمي أنه «في حال القضاء على داعش في شكل كامل، فنحن مستمرون في سورية، وسنواصل تعاوننا مع (الحكومة السورية) في أشكال مختلفة». ولم يحدد المسؤول الإيراني أشكال هذا التعاون.

ميدانياً، تواصلت العمليات العسكرية بين القوات النظامية وحلفائها و «داعش» في البوكمال شرق سورية. وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» إن قوات «الحشد الشعبي» العراقية وقوات «حزب الله» اللبناني و «الحرس الثوري الإيراني» والقوات النظامية تراجعت من محيط البوكمال. وترواح تلك القوات مكانها في انتظار وصول تعزيزات من القوات النظامية بقيادة العميد سهيل الحسن المعروف بلقب «النمر»، للبدء بهجوم جديد، في محاولة لإنهاء وجود «داعش» في البوكمال. وكانت قوات «الحشد الشعبي» و «حزب الله» و «الحرس الثوري» تكبدت خسائر فادحة أجبرتها على الانسحاب من البوكمال، بسبب نصب «داعش» كمائن ومفخخات باغتت القوات السورية وحلفاءها.

الكرملين لم يحدد بعد موعداً جديداً لـ «مؤتمر الحوار السوري»

قال يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إنه لم يتم حتى الآن تحديد موعد لعقد «مؤتمر الحوار الوطني السوري»، الذي دعت موسكو كل الأطراف السورية للمشاركة فيه لبحث مستقبل التسوية السياسية ما بعد «داعش».

وأجاب أوشاكوف بعدما سأله الصحافيون أمس عن تحديد موعد المؤتمر بقوله: «ليس بعد».

وكان بوتين قد أطلق مبادرة لعقد مؤتمر سلام موسع للسوريين في مدينة سوتشي الروسية الشهر الجاري. وأوضح وزير الخارجية سيرغي لافروف أن المؤتمر يهدف إلى توسيع دائرة المشاركين في عملية التسوية السورية.

وفي البداية تقرر عقد المؤتمر في 18 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري، ونشرت الخارجية الروسية قائمة بالمدعوين تضم 33 منظمة.

إلا أن الفصائل الرئيسية في المعارضة السورية رفضت المقترح، محذرة من أنه «التفاف» على مسار جنيف، ودعت أن تكون كل جهود السلام في سورية في إطار الأمم المتحدة لا الراعي الروسي.

وأعلن أوشاكوف الأسبوع الماضي عن تأجيل المؤتمر، في حين رجح مصدر في المعارضة السورية لوكالة «نوفوستي» الروسية، أن ينعقد المؤتمر في بداية كانون الأول (ديسمبر) المقبل.

بدوره، أعلن المركز الروسي للمصالحة في سورية عن ارتفاع عدد الأحزاب والمنظمات والشخصيات السورية الراغبة في المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني. وقدم «حزب البعث» الحاكم قائمة بمرشحيه عن محافظة حمص، كما تحددت أسماء المرشحين للمشاركة في المؤتمر عن منطقتي عفرين وشهبا.

بالإضافة إلى ذلك، تحدد مرشحون عن منطقة إدلب لتخفيف التوتر، بينهم ممثلو مختلف الأحزاب والإدارة المحلية ورجال الدين المقيمين في محافظتي إدلب وحماة.

يذكر أن أهداف المؤتمر تتمثل في إطلاق عملية سياسية شاملة في البلاد، ودعم المصالحة والبدء بإجراء إصلاحات سياسية. ومن المتوقع أن يبحث المؤتمر، في حال عقده، مسائل محاربة الإرهاب والحفاظ على وحدة أراضي سورية وسيادتها، وإعادة إعمار ما خربته الحرب من البنية التحتية، وإعادة اللاجئين إلى ديارهم، إضافة إلى إنشاء لجنة لصياغة دستور جديد.