التاريخ: آب ١٢, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
سيناريوات مستقبل «الحشد الشعبي» العراقي
تجمع قوى سياسية عراقية مختلفة على أن مستقبل «الحشد الشعبي» سيكون محور نقاش متواصل خلال المرحلة المقبلة. وتسرب معلومات وسيناريوات توصف بأنها «خطيرة»، تراوح بين حل هذه القوات وتسريحها بالتعاون مع المرجع علي السيستاني، وفرزها وإبعاد بعض فصائلها وإلحاقها بالجيش.

وكشف هجوم غامض تعرض له فصيل معروف باسم «سيد الشهداء» ويصنف بين الفصائل الموالية لإيران، عند الحدود العراقية- السورية، أزمة كبيرة داخل منظومة «الحشد» قد تؤدي إلى اتخاذ إجراءات فصل المجموعات «غير الملتزمة» أوامر القيادة.

وعلى رغم تأكيد هذا الفصيل تعرضه لقصف جوي أميركي مرة، ثم الحديث عن هجوم مزدوج شنته طائرات أميركية ومسلحون تابعون لـ «داعش»، فإن المسألة الأساسية تتعلق بمكان مسلحيه، هل كانوا داخل الحدود العراقية أم السورية، والطريقة التي وصلوا فيها إلى ذلك المكان القريب من معسكر التنف الذي تتخذه القوات الأميركية قاعدة أساسية.

وعزّز نفي قيادة «الحشد الشعبي» -الذي وقّعه رئيسها فالح الفياض وهو مستشار الأمن الوطني- وقوعَ الهجوم على أي من الفصائل، فرضية «تسلل» مسلحي «سيد الشهداء» عبر الأراضي السورية إلى تلك النقطة الحدودية، وأنهم كانوا مع مستشارين إيرانيين.

وفوراً طُرحت في الأوساط السياسية مشكلة ما يطلق عليها اسم «الفصائل الولائية» داخل «الحشد»، أي تلك التي تدين بالولاء إلى إيران، مثل منظمة «بدر» و «العصائب» و «كتائب حزب الله» و «النجباء» و «سيد الشهداء» و «الإمام علي»، التي تقاتل في سورية مع القوات النظامية، وفي العراق في إطار «الحشد الشعبي»، في ضوء إعلان الحكومة رفضها مشاركة أي فصيل في عمليات خارج الحدود.

وكان الزعيم الشيعي مقتدى الصدر دعا إلى دمج فصائل «الحشد» بالقوات المسلحة، ما يمهّد لحل «الهيئة» التي يقودها أبو مهدي المهندس وهادي العامري وقيس الخزعلي، وتعد رئاسة الفياض شكلية. لكن المهندس رد على الصدر قائلاً: «من يريد حلّ الحشد عليه حمل رغبته معه إلى القبر»، فيما نفى رئيس الوزراء نيته حلّ هذه القوات.

وتقول مصادر قريبة من الصدر إنه يريد إشراك السيستاني، وهو صاحب فتوى «الجهاد الكفائي»، في تسوية قضية «الحشد الشعبي»، وحاول دفع بعض قادته إلى سؤال المرجع لبيان رأيه في الموضوع لكن لم تتم الاستجابة.

وعلى رغم أن خيار حلّ الحشد مطلب أطراف عدة، بينها قوى سنية، فإن هذا الخيار يهدّد باندلاع صراع داخلي كبير، بسبب رفض الفصائل المقربة من إيران، التي تفضل إبقاء الوضع على ما هو عليه وتطويره لتحويل الحشد إلى مؤسسة شبيهة بـ «الحرس الثوري».

ولفصائل «الحشد» المذكورة نفوذ واسع النطاق في مختلف المدن العراقية، تحاول ترجمته سياسياً، وتنسجم بذلك مع نظرية نائب رئيس الجمهورية نوري المالكي الذي يدعو إلى حكومة غالبية قد يشكّل «الحشد» جوهرها وشعارها الانتخابي.

ويقترح بعض الآراء تجميد «الحشد» وتحويله «قوة احتياط» بدل حلّه، مع بقاء هيكليات قيادته وجزء من مرتبات مسلحيه، وهو أمر يرفضه المقربون من طهران. وهذا السيناريو مطروح للنقاش في محاولة لإيجاد معايير لفرز فصائل الحشد، وعدم السماح لها بالقتال في الخارج، وإخراج غير الملتزمة، أي إبعاد حوالى 20 فصيلاً يضطلعون بمهمات قتالية في سورية.

ويطرح هذا السيناريو احتمال تغيير قادة «الحشد» الحالية لمصلحة الجيش أو جهاز مكافحة الإرهاب، تطبيقاً لقانون أقرّه البرلمان وينصّ على أن تنطبق هيكلية المؤسسة العسكرية على هذه القوات.

السيستاني يدعو إلى «عدم الإكراه والقسر»

حذر المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني من تفاقم المشاكل الأمنية «إذا لم يتحسن التعايش الاجتماعي والثقافي»، مشيراً الى أن «الإجبار والقسر والإكراه لا تقود إلا الى العنف»، فيما دعا رجل الدين صدر الدين القبانجي الى «منافسة حرة» في الانتخابات المقبلة.

وقال ممثل المرجعية في كربلاء عبد المهدي الكربلائي في خطبة الجمعة امس إن «الاختلاف في الأديان يفرز مجموعة تحديات وأخطار ومشاكل، خصوصاً إذا كان أتباع هذه الديانات يعيشون في وطن واحد أو شعوب متجاورة بينها علاقات متعددة».

وأضاف أن «مشاكل أمنية ستتولد إذا لم نحسن التعايش الاجتماعي والثقافي، والإسلام لم يهمل هذه المسألة»، وأكد أن «الاختلاف قدر نعيشه الى يوم القيامة والله يحكم بين العباد، أما الإجبار والقسر والإكراه فلا يقود إلا الى العنف».

وشدد على «ضرورة التعايش السلمي المبني على إرادة الشرع والتعامل العادل بين الجميع وفق قاعدة لا تَظلِمون ولا تُظلَمون».
وقال ان «اسس التعايش وحدة الأصل الإنساني، وحفظ الدماء والأعراض والأموال، وإقامة العدل والقسط في الحكم بين الجميع».

إلى ذلك، دعا القبانجي الى «المنافسة الحرة في الانتخابات المقبلة»، منتقداً «هيمنة الأحزاب الكبيرة»، وقال إن «افتتاح المعبر الحدودي بين العراق والأردن دليل على هزيمة الإرهاب».

ودعا الى «انتخاب الأصلح والابتعاد عن المحاصصة السياسية»، لافتاً الى ان «زيارة عدد من وزراء خارجية دول المنطقة العراق في غضون الأسبوع الماضي دليل على استقراره سياسياً وعودته الى موقعه في الخريطة العربية». وتابع ان «273 نائباً ووزيرين ونائب رئيس الجمهورية لم يكشفوا ذممهم المالية».

من جهة أخرى، دعا المرجع محمد مهدي الخالصي رجال الدين كافة إلى التحرك مع الناس «حتى تتحقق مطالبهم المشروعة في العدل والإنصاف، وقال:»أيها المسؤولون اخشوا غضب الله عليكم ان لم تخشوا الناس، لأن الله حرم الظلم على نفسه ولم يبحه لمخلوقاته، فأصحاب المناصب والعناوين الدينية من الأحزاب إن لم يؤدوا حقوقهم وواجباتهم ويحققوا للشعب مطالبهم فإن غضب الله عليهم آتٍ لا محال».