التاريخ: تموز ١٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
انتخابات مصر على الابواب... قرارات غير شعبية أضرت بشعبية السيسي!
القاهرة- ياسر خليل
على مسافة أشهر من الانتخابات الرئاسية المقررة في مصر بين الثامن من شباط والثامن من أيار 2018، تزايد الحديث عن شعبية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بعد قرارات غير شعبية أدت إلى رفع مستويات الأسعار بنسب غير مسبوقة، وفي خضم السجال المستمر في شأن جزيرتي تيران وصنافيرة.

لا استطلاعات رأي حديثة موثوقة عن مستوى التأييد للسيسي. ويعتمد مواطنون كثر على انطباعاتهم الشخصية، وعلى ما يبثه الإعلام المصري، ومواقع التواصل الاجتماعي. 

وتختلف آراء الباحثين والخبراء المصريين في شأن تأثير هذه القرارات على شعبية السيسي الذي يعتبر مرشحاً أكيداً للانتخابات.

ويلفت محمد محمود نجيب، أستاذ علم النفس السياسي بجامعة حلوان الى تأثر المصريين بالقرارات التي اتخذت أخيرا. ويقول ل"النهار": "في الأشهر الأخيرة قفزنا قفزات مرعبة، تؤثر في الحياة اليومية للمواطنين، وهذا يؤثر على شعبية الرئيس. فمع أن جزءاً من القرارات التي يتخذها السيسي فيها جانب كبير من الصحة، يبدو أن الطموح للانجاز، والزخم لتحقيق الأهداف لدى الرئيس السيسي، كبيرة جدا، وهذا تحليلي الشخصي من خلال متابعتي الدقيقة له".

وأضاف أن "الرئيس يقفز هذه القفزات، مع شعب منهك اقتصاديا منذ سنوات. وحتى في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، كانت الأحوال الاقتصادية لقطاع كبير من المصريين، صعبة للغاية".

وفي رأي أستاذ علم النفس السياسي أن الوضع الاقتصادي سيضعف الاقبال على المشاركة في الانتخابات، لا الرئاسية فحسب، ولكن أيضاً الانتخابات المحلية وغيرها، لأنهم تضرروا في لقمة عيشهم. وقال: "عندما يشارك الناس في الانتخابات ، يفعلون ذلك من أجل أن يروا تحولاً إيجابياً في حياتهم، فلماذا يخرجون من منازلهم، ويتوجهون الى اللجان الانتخابية، ويقفون طوابير طويلة في الشمس أو البرد، ويتحملون ذلك مجددا، وقد تأثرت حياتهم بصورة كبيرة".

وعلى الرغم من أن الأستاذ الجامعي، يرى أن السيسي قد حقق نجاحات وقفزات كبيرة في فترة وجيزة، إلا أنه يؤكد أن "شعبيته على المحك"، و"الرئيس يريد إنجاز أمور تحتاج إلى عشرات السنين، في أشهر عدة. يمكنني أن أشبه المواطن المصري حاليا، بأنه إنسان تجرى له عمليات جراحية دون مخدر".

ومن جهته، يقول وحيد عبد المجيد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية ل"النهار" "إن أي حديث عن شعبية الرئيس دون وجود استطلاعات موثوقة للرأي العام، هو عبارة عن انطباعات شخصية، ولا يمكن أن يبنى عليه تحليل علمي للواقع".

وأوضح الخبير البارز أن "المجال العام أصبح مغلقا"، و ليس واقعياً الحديث عما يجري في الانتخابات الرئاسية المقبلة، ومن سيتنافس عليها. وقال: "هذا يشبه أنك تسأل عمن سيمثلون فريق النادي الأهلي في مصر، أو فريق النجمة في لبنان، دون وجود ملعب من الأساس (لإقامة المباراة عليه)".

مؤشرات الرأي العام

ويقول ل"النهار" الدكتور فتحي الشرقاوي، نائب رئيس جامعة عين شمس: "المعروف دوليا أنه لا يجوز الحديث عن مؤشرات الرأي العام، إلا بموجب أرقام فعلية صادرة عن مراجع معنية، والعالم العربي وليست ثمة مراكز بحثية متخصصة في دراسة الرأي العام بالمعايير العالمية، وربما يمكن الاعتماد على تحليل محتوى وسائل الإعلام، المكتوبة، والمسموعة، والمرئية، بطرق علمية. أما خلاف ذلك فمن يتحدث عن تلك المؤشرات، فهو يريد أن يسقط وجهة نظره على الواقع، أو أنه متآمر".

ويضيف الشرقاوي الذي تولى في السابق منصب رئيس وحدة الرأي العام في جامعته: "في العالم العربي لدينا هوة كبيرة جدا، نحن نعمم من الجزء للكل. على سبيل المثال لو أصدر الرئيس قرارا نراه جيدا، فنحن راضون عنه تماما، وإذا أصدر قرارا نراه سيئا فنحن ساخطون عليه بشكل مجمل".

تمهيد لانفراجات

ويقول الأستاذ الجامعي: "الذين يؤيدون حكم الرئيس السيسي -وهم كثر في اعتقادي الشخصي- يرون في الضغوطات الناتجة عن الإصلاحات الحالية، مرحلة لمزيد من الإنفراجات القريبة، ويتمسكون بالإنجازات الضخمة جدا جدا التي حققها الرئيس، كمؤشر إيجابي، ليس للسكوت على الوضع الحالي، والصبر عليه، ولكن كخطوة لمستقبل أفضل. أما أعداء مصر بالداخل والخارج، فيرون عكس ذلك تماما، ويروجون بكل السبل أن شعبية الرئيس اهتزت، وهم لا يستطيعون تقديم دليل واحد مقنع على ادعائهم".

ويقول الشرقاوي إن " حالة الغضب بين المواطنين، نتيجة القرارات الاقتصادية أو السياسية، يمكن أن تعالج من خلال المصارحة".

ويتفق نجيب وعبد المجيد مع الشرقاوي على وجوب مصارحة الحكومة المواطنين، وان تشرح لهم الأوضاع، وأسباب اتخاذها لإجراءات اقتصادية وسياسية مؤلمة.

مع ذلك، يقول عارفون للسيسي إنه شخصية تتسم تتسم بالعناد والإصرار على فعل ما يراه هو صحيحا. ورغم اهتمامه بردود فعل الشارع المصري على قراراته، ومتابعته للتقارير التي ترفع إليه حول مدى رضا الناس عن سياساته، وقراءتها بعين رجل استخبارات حربية سابق، إلا أنه لا يتراجع حتى لو اضطر للتضحية بقدر من شعبيته، لأنه يثق بأنه سيسترده بعد تحقيق أهدافه، والتي ترمي إلى إصلاحات اقتصادية جذرية، وليس مسكنات مؤقتة لاقتصاد مصاب بأمراض مزمنة.