التاريخ: تموز ١٣, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
الأمم المتحدة تدعو إلى حل سياسي يوقف التدهور الاقتصادي في غزة
غزة - فتحي صبّاح 
حذر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (يو أن دي بي) من تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة في شكل كامل نتيجة الحصار والقيود المفروضة على الحركة والوصول الى المصادر الطبيعية والحروب المتكررة.

وقدم البرنامج في تقرير بعنوان «الانتعاش الاقتصادي في قطاع غزة» أصدره أمس، تحليلاً للتحديات الرئيسة التي لا تزال تهيمن على بيئة الأعمال في قطاع غزة بعد ثلاثة أعوام على العدوان غير المسبوق الذي شنته اسرائيل على القطاع صيف عام 2014.

وشدد الممثل الخاص للمدير العام لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي روبيرتو فالنت خلال إطلاق التقرير أمس، على أنه «يجب ألا يُنظر إلى غزة على أنها عبء إنساني، بل يجب التركيز على إمكاناتها التنموية التي يقودها سكانها المبدعون والصامدون». وأشار الى أن «نسبة البطالة من العمل في قطاع غزة من أعلى النسب في العالم، وتصل الى نحو 60 في المئة في صفوف الشباب».

وجاء التقرير لمناسبة مرور ثلاث سنوات على العدوان الاسرائيلي الذي أسفر عن استشهاد نحو 2200 فلسطيني، وجرح حوالى 11 ألفاً آخرين، وتدمير ما يقارب 170 ألف وحدة سكنية، وتدمير نحو 500 منشأة اقتصادية، فضلاً عن المدارس والمساجد وغيرها.

وشدد التقرير على أنه «ما لم يتم العمل على حل سياسي يوقف التدهور الاقتصادي والمعيشي الحاصل في غزة، فإن أي دعم من المجتمع الدولي سيبقى عاجزاً عن تلبية التوقعات المنوطة به، وسيكون بمثابة إسعاف أولي بلا تأثير مستدام».

كما جاء التقرير في وقت يصل فيه التيار الكهربائي الى منازل الغزيين ساعتين الى ثلاث ساعات يومياً، فيما تتفاقم أزمات المياه، والصرف الصحي والبنى التحتية، وعدم توافر تحويلات للمرضى لتلقي العلاج في مستشفيات خارج القطاع، ونقص الأدوية، واغلاق المعابر أمام حركة الأفراد، وآخرها أزمة الانترنت الذي لا يصل الى منازل الغزيين إلا في حال وصل التيار الكهربائي.

وعن الأضرار المترتبة عن التدهور الاقتصادي في القطاع، اعتبر التقرير أن «التكلفة الإنسانية لهذا الوضع يتحملها أصحاب الأعمال والعمال والنساء والأطفال وسكان القطاع».

وأشار التقرير إلى «سوء الأحوال المعيشية واستمرار معاناة سكان القطاع وحدهم من دون الكهرباء والماء وخدمات الصحة والصرف الصحي وغيرها».

وجاء تقرير البرنامج غداة اصدار منظمات تابعة للأمم المتحدة تعمل في القطاع تقريراً يتناول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية أكدت خلاله أن القطاع لن يكون قابلاً للحياة والعيش فيه بعد نحو عامين.

وأشار تقرير البرنامج الى «بطء عملية اعادة الإعمار ونقص التمويل، فيما لا يزال معظم المنشآت الاقتصادية المدمرة في قطاعي الزراعة والصناعة على حاله وينتظر إعادة الإعمار والتأهيل التي تقدر بحوالى 3.1 بليون دولار»، ولا تزال ستة آلاف اسرة (حوالى 36 الف شخص) تنتظر اعادة اعمار منازلها المدمرة كليا إبان العدوان الأخير.

وقال التقرير إن «اقتصاد غزة عانى من ركود شديد خلال الأعوام العشرة الماضية، مع معدل نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي خلال العقد الماضي لا يتجاوز 1.44 في المئة، بينما ازداد عدد سكان قطاع غزة بنسبة 38.4 في المئة خلال الفترة الزمنية ذاتها».

وقدم التقرير بعض التوصيات، وشدد على أنه «يتوجب أن يزيد نمو الناتج المحلي الإجمالي من أجل تقليل نسبة البطالة، التي وصلت حالياً الى 40.6 في المئة بين السكان، وتحسين ظروفهم المعيشية». كما شدد على أن التغلب على التحديات الواردة في التقرير «يعتمد على حل المعوقات السياسية التي تشكل سبباً جذرياً خلف أزمة قطاع غزة».

وقدم التقرير رؤية للتنمية المستدامة من خلال «التقدم في جهود التعافي وإعادة الإعمار»، داعياً إلى «اتخاذ خطوات ضرورية من أجل إبطاء وقف الانحدار الحاصل في اقتصاد غزة، وإلا ستكون غزة مكاناً لا يصلح للعيش بحلول عام 2020».

يذكر أن هناك مؤشرات ودراسات تشير الى أن عدد سكان القطاع سيصبح نحو ثلاثة ملايين فلسطيني عام 2030، وخمسة ملايين عام 2050، على مساحة القطاع البالغة 365 كيلومتراً مربعاً، ما يعني انفجاراً سكانياً قد يؤدي الى انفجارات أخرى لا أحد يعلم مداها.

وكان منسق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية والتنمية في الأراضي الفلسطينية المحتلة روبرت بايبر قال في مقابلة مع وكالة «رويترز» اول من امس: «عموما نشهد عملية تراجع للتنمية بحركة بطيئة في قطاع غزة». وأضاف: «كل المؤشرات، من الطاقة إلى المياه إلى الرعاية الصحية إلى التوظيف إلى الفقر إلى انعدام الأمن الغذائي، يتراجع. وأهل غزة يمرون الآن بعملية تراجع التنمية هذه بالحركة البطيئة منذ عشر سنوات». وتابع: «أرى أن هذه العملية اللاإنسانية والظالمة بشكل غير عادي تخنق بالتدريج مليوني مدني في غزة لا يشكلون فعلاً تهديداً لأحد».

وسئل عمن يتسبب في خنق القطاع، فقال: «الكل يحاول»، مشيراً الى الخلافات السياسية الداخلية بين الفلسطينيين، والسياسات الأمنية الإسرائيلية، والتطورات الإقليمية، وقال: «تلك هي الرسالة في هذا التقرير. الرسالة الأساسية: على أحد ما أن يأخذ خطوة للوراء ويضع مصالح المدنيين على رأس الأولويات على سبيل التغيير». وأضاف: «نتحدث عن عدم صلاحية غزة للعيش. عندما تصل بك الأمور إلى ساعتين من الكهرباء كل يوم، وتكون لديك معدلات بطالة تبلغ 60 في المئة بين الشباب... فإن معيار عدم الصلاحية للعيش تم تجاوزه منذ فترة طويلة».

ورأى سبلاً يمكن بها تحقيق تحسن سريع من دون خطر كبير على الأمن الإسرائيلي، ومن ذلك توسعة منطقة صيد الأسماك قبالة ساحل غزة إلى 20 ميلاً بحرياً من ستة أميال حالياً. كذلك ستتحقق فائدة من تسهيل حركة نقل البضائع، بما في ذلك مضخات المياه والمصاعد والأخشاب والصلب والكابلات وغيرها من الأدوات الكهربائية.

واعتبر أن تحسين خدمات الصحة والتعليم والصرف الصحي وكذلك النمو في غزة، ضروري أيضاً بالنسبة الى اسرائيل. وقال: «في وسائل الإعلام وأوساط الجمعيات الأهلية، بل في وزارة الدفاع، ستجد إسرائيليين كثيرين يراعون حقوق الآخرين سيسلمون أولاً بأن المسار الحالي يهدد أمن إسرائيل وأن استقرار غزة وازدهارها... مفيد أيضاً لأمن إسرائيل».