التاريخ: تموز ٢, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
عملية استباقية نوعية للجيش في عرسال: مداهمة مسلحين سوريين يعدون لتفجيرات
واصلت مخابرات الجيش اللبناني تحقيقاتها مع 337 سورياً أوقفوا خلال مداهمة الفوج المجوقل مخيمي «النور» و «القارية» في بلدة عرسال الحدودية فجر أول من أمس، فيما تفقد قائد الجيش العماد جوزف عون العسكريين الجرحى الذين أصيبوا خلال العمليات العسكرية في عرسال، واطلع على أوضاعهم الصحية وحاجاتهم المختلفة والمعالجات الطبية لهم، منوهاً بتضحياتهم وشجاعتهم، ومتمنياً لهم الشفاء العاجل.

وقال مصدر أمني رفيع لـ «الحياة» إن «بين الموقوفين 31 مطلوباً (معظمهم تابع لداعش) بتهم إرهابية، متورطون مع الانتحاريين الأربعة الذين فجروا أنفسهم خلال مداهمة المخيّمين». ووصف المصدر «هؤلاء الانتحاريين بأنهم من أخطر عناصر الإرهابيين في الجرود، هم انغماسيون كانوا يحضرون لشن هجمات على مستوى تكتيكي خلال الأعمال العسكرية ولديهم المعلومات الأساسية حول الأماكن التي كانت مستهدفة في الداخل اللبناني». وتركّز التحقيقات مع «المشتبه بهم الموقوفين على معرفة المخططات التفجيرية والأماكن».

وأكد أن «كل ما يُقال عن اتجاه قاطني مخيم القارية لمبايعة أحد قادة داعش أميراً على المخيم الذي دخل إليه منذ أسابيع اختراعات»، مشيراً إلى أن «الموقوفين المطلوبين لم يعلنوا حتى الآن خلال التحقيقات معهم عن تلك الأماكن».

وعن أي رد فعل لخلايا إرهابية عنقودية لمشتبه بهم فارين نتيجة كشف المخطّط، رجّح المصدر أن لا تكون لتلك الخلايا القدرة على التحرك، فداعش وغيره من التنظيمات لم تعد تجد بيئة حاضنة لها لا في عرسال ولا في غيرها من المناطق وهو ما يُعقّد عمل المجموعات الإرهابية ويُسهل عملية رصدها وتفكيكها».

وعن المخاوف من لجوء عناصر من تنظيم «داعش» المهزومين في العراق وسورية إلى لبنان، لم يستبعد المصدر «إمكان وصول بعضهم كأفراد إلى لبنان أو إلى أي بلد آخر، خصوصاً إذا توافرت لهم مساعدة من مجموعات تؤيّدهم». لكنه أكد أن «الجيش والقوى الأمنية أخذت كل احتياطاتها لمواجهة لجوء محتمل لعناصر داعش الفارين من سورية والعراق».

في سياق آخر، أعلنت قيادة الجيش - مديرية التوجيه أن السوري أحمد خالد دياب (مواليد 1989) الملقب بـ «أحمد أبو السيك» الذي أوقف قبل يومين لانتمائه إلى المجموعات الإرهابية اعترف بأنه «أطلق النار على العقيد الشهيد نورالدين الجمل (أثناء «غزوة» مسلحي داعش وجبهة النصرة على عرسال في 2 آب/أغسطس 2014)».

الصراف: الجيش في جاهزية لمواجهة الإرهاب 

تواصلت أمس، ردود الفعل السياسية المنوهة بإنجاز الجيش اللبناني في جرود عرسال. وأكد وزير الدفاع يعقوب الصرّاف «جاهزية الجيش الدائمة في مواجهة الإرهاب»، مشدداً على أن «ما حصل في عرسال يؤكد ترجمة خطاب القسم لرئيس الجمهورية والبيان الوزاري».

واستغرب الصرّاف خلال زيارته منفذية عكار في الحزب «السوري القومي الاجتماعي» في عكار أن «تكون المخيمات التي هي على أرض لبنانية وتحت رعاية دولية وهيئات إنسانية، مكاناً ليتوغّل في داخلها الإرهابيون». وقال إن «حقوق النازح تعنينا كثيراً ورعايته واجب علينا، لكننا سنقف بالمرصاد لأي عمل إرهابي أو أمني أو فتنوي يصدع وحدتنا الوطنية وعيشنا المشترك».

ورأى أن «ما جرى يؤكد الاحتضان الرسمي والمدني والشعبي من مختلف الأفرقاء الداعم للجيش ما يعني أن الإرهاب لن يدخل بسهولة إلى أراضينا، والجيش مستعد دائماً لتقديم الدماء من دون أي حساب عندما يتعلق الأمر بأمن الوطن والمواطنين». ولفت إلى أنه «عندما نبهنا الى ضرورة الانتباه الى موضوع النازحين والمخيمات قامت علينا الدنيا ونعتونا باللاإنسانية، لا يزايدن علينا أحد بعاطفتنا تجاه شعبنا السوري ولكن أمننا وسيادتنا من الحقوق المقدسة».

جنبلاط : لتوفير الدعم السياسي واللوجستي

وحيا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط في تصريح «الجيش على تضحياته المتواصلة في مختلف الاتجاهات». وقال: «في الوقت الذي تتصاعد فيه المصاعب والتحديات والمخاطر من كل حدب وصوب، برزت العملية الأمنية النوعية التي قام بها الجيش في جرود عرسال حيث أجهض مخططاً إرهابياً كبيراً كان يستهدف استقرار لبنان وأمنه». وأضاف: «هذه الخطوة الجبارة تؤكد ضرورة توفير كل مستلزمات الدعم السياسي واللوجستي للجيش ولسائر الأجهزة الأمنية الرسمية لكي تقوم بالمهمات الصعبة الملقاة على عاتقها وتحافظ على الأمن وتعطي الطمأنينة للبنانيين».

وحيا رئيس الحزب «الديموقراطي اللبناني» الوزير طلال ارسلان «الجيش على العملية». وقال: «كلنا مع الجيش، وداعمون له ونعتبر أن دوره هو حماية الداخل اللبناني بالتكامل والتنسيق مع المقاومة في هذا البلد لحفظ أمننا الداخلي ولبنان من انعكاسات ما يحصل في المنطقة على الساحة اللبنانية».

ونوه عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق بـ «تضحيات الجيش التي تلاقت مع تضحيات المقاومة. وجدد «تهنئة حزب الله للجيش بعظيم الإنجاز النوعي في مواجهة أوكار ومقار داعش والنصرة في جرود عرسال»، معتبراً أن «هذا الإنجاز النوعي والبطولي حمى اللبنانيين من عمليات إرهابية من سيارات مفخخة وانتحاريين، وبفضل جهود الجيش والمقاومة نستأصل كل مقار داعش والنصرة داخل الأراضي اللبنانية».

«عصبة الأنصار» و «حماس» تسلمان المطلوب خالد السيد إلى الأمن العام

سلمت «عصبة الأنصار» الإسلامية وحركة «حماس» في مخيم عين الحلوة خالد مسعد الملقب بـ «خالد السيد» إلى حاجز استخبارات الجيش لجهة حسبة صيدا على طريق الجنوب التي سلمته بدورها إلى الأمن العام لتنقله قوة منها في شعبة الاستقصاء والمعلومات في الجنوب، إلى المديرية العامة بيروت، وسط حراسة مشددة، بعد مطالبة السلطات اللبنانية بتسليمه.

وكان مسعد ارتبط اسمه بخلية إرهابية تابعة لتنظيم «داعش» كانت تعد لعمليات انتحارية وانغماسية واغتيالات في شهر رمضان، كما ورد في بيان للأمن العام نشر في 9 حزيران (يونيو) الماضي. وكانت مهمته تقضي بتجهيز 4 عبوات ناسفة بعد أن يتم تصنيعها في منزله، وإحداها كانت ستفجر في طرابلس، واثنتان في النبطية، والرابعة في محلة الرحاب في ضاحية بيروت الجنوبية.

61 موقوفاً من مطلقي النار ابتهاجاً

تمكّنت القطعات المعنية في قوى الأمن الداخلي، بنتيجة للتحريات والاستقصاءات، من «توقيف 61 شخصاً من بين المجرمين الـ79 مطلقي النار الذين نشرت أسماؤهم أول من أمس إثر صدور نتائج الامتحانات الرسمية لشهادة «البروفيه»، وفق بيان صادر أمس عن «المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي - شعبة العلاقات العامة».

وتوافرت لدى القطعات المعنية في قوى الأمن وفق البيان «مجموعة جديدة من أسماء مطلقي النار ليرتفع عددهم إلى 190 حتى الآن، وهم إضافة الى ما تم الإعلان عنهم سابقاً: أحمد مصطفى الجزار، خالد محمد سيف ملقب أبو سلوم، حسين فياض سيف، أحمد نبيل ابو شاكر، محسن نبيل ابو شاكر، غانم نعيم فاعور، عيسى نعيم فاعور، محمد حسن فاعور، علي وليد شيخه (فلسطيني)، جمال سمير علي (فلسطيني)، أحمد محمد العلي، علي حسين سعد».

عملية استباقية نوعية للجيش في عرسال: مداهمة مسلحين سوريين يعدون لتفجيرات

آخر تحديث: السبت، ١ يوليو/ تموز ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش) بيروت - «الحياة» 
كشفت العملية المباغتة التي نفذها الفوج المجوقل في الجيش اللبناني في ساعات الصباح الأولى أمس، في مخيمين للاجئين السوريين في بلدة عرسال الحدودية عن حجم الاختراق الحاصل للمدنيين السوريين من قبل مسلحين إرهابيين، وهي جنبت لبنان في الوقت نفسه اعتداءات إرهابية كان يجري الإعداد لها في الخفاء.

واذا كانت الأجهزة الأمنية تقر بمعرفتها أن أحد المخيمين اللذين داهمتهما يحتمي فيه مسلحون من تنظيم «داعش» (مخيم القارية) والمخيم الثاني (النوَر) يحتمي فيه مسلحون من «جبهة النصرة»، فإن ما فاجأ القوة المداهمة إصرار مسلحين مطلوبين على تفجير انفسهم ولو كلف الأمر قتل عائلاتهم. وعلمت «الحياة» من مصادر أمنية مواكبة لعملية المداهمة التي حصلت أن مفاوضات حصلت مع انتحاريين واستمرت لدقائق بأن يترك الانتحاري العائلات الموجودة حوله تغادر المكان إذا أصر على تفجير نفسه فنجحت مع بعضهم وفشلت مع آخرين. وأدت التفجيرات الانتحارية الى مقتل خمسة لاجئين واصابة 4 لاجئين سوريين بجروح ونقلوا الى مستشفى الرحمة.

وكانت قوة من الفوج المجوقل داهمت في الخامسة والنصف صباحاً مخيم النوَر (نسبة الى قاطنيه وهم من النوَر الرحل) ويقع شرق عرسال بناء على معلومات أمنية توافرت عن تحضير أحزمة ناسفة داخل خيم معينة لتفجيرها في مواقع لم يكشف عنها، وأن الذين يعدون هذه الأحزمة يتخذون من المدنيين غطاء لعملهم. وقالت المصادر إن القوة لم تتوقع أن يقدم أحد الموجودين في الخيمة على تفجير نفسه بحزام ناسف كان يزنر نفسه به ما أدى الى مقتل طفلة هي من أقاربه. وتحول جسد الانتحاري أشلاء وأصيب 3 عسكريين بجروح خطرة.

وقالت المصادر إن التفجيرات الانتحارية حصلت تدريجاً، 3 منها في مخيم النوَر وتفجير واحد في مخيم قارية ما أدى الى إصابة 4 عسكريين آخرين خلال المداهمة نتيجة رمي قنبلة يدوية باتجاههم. وأشارت الى أن انتحاريين اثنين فاوضتهما القوة المداهمة لترك عائلتيهما تخرجان من الخيمة إذا أصرا على تفجير نفسيهما، لافتة الى أن أحد الانتحاريين كان يحمل الحزام الناسف بيده لحظة تفجيره. وتوزع جرحى الجيش على 4 مستشفيات، 3 منها في بيروت وواحدة في البقاع.

وذكرت المصادر الأمنية أنها كانت تعلم بوجود أسلحة فردية داخل مخيمات للاجئين السوريين في عرسال، لكنها لم تكن تتوقع وجود مواد تصنع منها المواد التفجيرية (نترات أمونيوم)، لافتة الى أن المسلحين الانتحاريين بدا أنهم فوجئوا بالمداهمات وأصابهم الإرتباك نظراً الى أن المخيم كان مطوقاً من الجيش فأصروا على تفجير أنفسهم.

وتبين خلال المداهمة وجود عبوات ناسفة معدة للتفجير فتم تفجيرها في أماكنها من قبل خبير عسكري إضافة الى قيام سلاح الهندسة في الجيش بتفجير عبوات أخرى مزروعة على شكل شبكة.

واستمرت العملية الأمنية حتى السابعة صباحاً وبلغ عدد الموقوفين لدى قوة الجبش 337 موقوفاً بينهم مسنون وفتية وأشارت المصادر الأمنية الى أن بينهم 30 مطلوباً بتهم ارهابية والتعدي على الجيش. ويتوقع اخلاء سراح من لا علاقة له بأي أمر أمني. ومن خلال الكشف على جثث الانتحاريين التي نقلها الجيش للتعرف الى اصحابها، تمكن من معرفة هوية أثنين: عبد الله الزراعي وهو مطلوب للأجهزة الأمنية وملقب باسم «أبو عبيدة الشامي» والثاني هو السوري خلدون حلواني.

وأشارت المصادر الى أن مداهمة أمس، كانت نتيجة تقاطع معلومات على خلفية توقيفات سابقة، عن عمليات تفجير ستحصل قريباً.

وحرص «اتحاد الجمعيات الإغاثية والتنموية» على تأكيد أن الاتحاد كان يتجنب «مخيم النوَر في عمله الإغاثي تماماً لعلمنا بوجود عناصر مشبوهة فيه». وطالب الاتحاد في بيان «الأجهزة الأمنية بترك من اعتقل ممن ليس عليه أي تهمة موثقة لأنه لا تزر وازرة وزر أخرى وأن تراعى قواعد المعاملة الانسانية في التحقيق معهم».

قيادة الجيش

وكانت قيادة الجيش – مديرية التوجيه أوضحت ما حصل على الشكل الآتي: «فجر اليوم (أمس) وأثناء قيام قوّة من الجيش بتفتيش مخيم النور العائد للنازحين السوريين في بلدة عرسال، أقدم انتحاري على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف أمام إحدى الدوريات المداهمة ما أدّى إلى مقتله وإصابة ثلاثة عسكريين بجروح غير خطرة. وفي وقت لاحق أقدم ثلاثة انتحاريين آخرين على تفجير أنفسهم من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما فجّر الإرهابيون عبوة ناسفة، فيما ضبطت قوى الجيش أربع عبوات ناسفة معدّة للتفجير، عمل الخبير العسكري على تفجيرها فوراً في أمكنتها».

وأضافت: «وخلال قيام قوّة أخرى من الجيش بعملية تفتيش في مخيم القارية التابع للنازحين السوريين في المنطقة نفسها، أقدم أحد الإرهابيين على تفجير نفسه بواسطة حزام ناسف من دون وقوع إصابات في صفوف العسكريين، كما أقدم إرهابي آخر على رمي قنبلة يدوية باتجاه إحدى الدوريات ما أدّى إلى إصابة أربعة عسكريين بجروح طفيفة».

وأشار في بيان لاحق الى «أن أحد الانتحاريين أقدم على تفجير نفسه وسط أفراد عائلة نازحة ما أدى الى وفاة فتاة تنتمي الى هذه العائلة».

وأشار مصدر أمني الى «الحياة» أن والد الطفلة أقام لها عزاء وجرى دفنها.

ردود منوة بإنجاز الجيش

وأثارت عملية الجيش ردود فعل إيجابية على المستوى السياسي، فأثنى وزير الدولة لشؤون مكافحة الفساد نقولا تويني «على الجهود الجبارة التي يقوم بها الجيش ودوره الوطني في الحفاظ على الأمن»، معتبراً أن ما قام به في منطقة عرسال «جنب البلاد عملاً تخريبياً وإجرامياً كان سيطاول الأبرياء من المواطنين العزل». وثمن «الدور الطليعي الذي يؤديه ضباط وأفراد المؤسسة العسكرية في الدفاع عن الوطن وحمايته من الأخطار المحدقة بوطننا»، مؤكداً أن «الالتفاف الوطني والشعبي حول الجيش الذي هو ضمانة لبنان».

وهنأ رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان الجيش على «العملية النوعية التي نفذها في عرسال في إنجاز استباقي أثبت قدرة الجيش العالية على ردع العدوان التكفيري بما يكشف حال التأهب والجاهزية التي يتمتع بها جيشنا الوطني وسهره على حفظ الأمن وتجنيب الوطن جرائم ومجازر العصابات التكفيرية لو حصلت لا سمح الله لأدخلتنا في كوارث لا تحمد عقباها».

وهنأ «حزب الله» الجيش «قيادة وضباطاً وجنوداً، على العملية الناجحة التي نفذها أبطاله في منطقة جرود عرسال، وأسفرت عن إلقاء القبض على عدد كبير من الإرهابيين المتسترين باللاجئين السوريين في تلك المنطقة»، معلناً «تضامنه مع الجنود الجرحى». ورأى أنها تأتي استكمالاً للجهود التي تبذلها الأجهزة الأمنية اللبنانية للتعامل مع التهديد الإرهابي والقضاء على المجموعات الإرهابية المتغلغلة في العديد من الأماكن، كما تتكامل مع عمليات المقاومين على الحدود الشرقية لمنع الإرهابيين من التغلغل في الأراضي اللبنانية وطردهم منها». ودعا إلى «توحيد الجهود وتنسيقها أكثر لسدّ كل الثغرات التي يمكن أن يتسرب منها الإرهابيون، ولحماية لبنان وأهله من الأخطار الكبيرة التي تستهدفه».