التاريخ: أيار ٣٠, ٢٠١٧
المصدر: جريدة الحياة
معركة الحدود العراقية - السورية «قاسية ومعقدة»
خسر «داعش» الكثير الأراضي التي سيطر عليها في الأنبار ونينوى، لكنه ما زال يتحكم بمعظم الحدود العراقية- السورية التي ألغاها عام 2014، وستكون استعادة هذه المناطق الشاسعة ميدان معارك قاسية ومعقدة بسبب تعدد القوى التي تسعى إلى السيطرة عليها.

وأكد قائد «الحشد الشعبي» هادي العامري السيطرة على قرية تارو، شمال غربي ناحية القحطانية في محاذاة جبل سنجار القريب من الحدود السورية. وقال إن «قواتنا تتمركز الآن في قرية أم جريص، واقتربت من قرية أم الذيبان عند أقصى غرب القحطانية التي تبعد عن الحدود نحو 14 كيلومتراً». وأضاف: «سنبدأ غداً (اليوم) عملية تطهير الحدود باتجاه قضاء القائم، غرب محافظة الأنبار (300 كيلومتر جنوباً)».

وتتلاقى خريطة تحرك «الحشد» مع تحركات من الجانب السوري، حيث كانت قوات نظامية حاولت في 18 الجاري السيطرة على معبر التنف الذي يتحكم به «الجيش السوري الحر» وفصائل أخرى، وهو قريب من المثلث الحدودي العراقي- السوري- الأردني، ويقابله من الجانب العراقي معبر الوليد الذي مازال «داعش» يسيطر عليه.

وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أمس، معلومات عن غارات أميركية على القوات السورية وإلقاء منشورات تحذرها من التقدم في اتجاه منطقة «التنف» وفيه معسكر للمستشارين الأميركيين الذين يشرفون على تدريب مجموعات مناهضة للنظام.

وتعمل القوات الأميركية لتنفيذ عقد أبرمته الحكومة العراقية مع شركات أمنية لتأمين الطريق البري الذي يربط بغداد بالحدود الأردنية- السورية ويتفرع على الجانبين في منطقة الرطبة القريبة من المثلث الحدودي، وتسعى إلى أن تكون الحدود في هذه المنطقة تحت سيطرة جماعات محلية موالية لها. وتدرب عراقيين في 3 معسكرات رئيسية في الأنبار هي، عين الأسد والحبانية والرطبة، كي تسد الطريق على «الحشد الشعبي»، الذي تدربه إيران وتمنحه أسلحة، وتمنعه من الوصول إلى هذه المنطقة.

وتبعد القرى التي وصلت اليها قوات «الحشد» أمس قرابة 250 كيلومتراً شمال مدينة القائم التي يسيطر عليها من الجانب السوري «داعش». وأعلن العامري أن قواته تسعى إلى الزحف جنوباً للقاء القوات السورية في منطقة القائم التي باتت هدفاً استراتيجياً لقوى مختلفة.

وليس بعيداً من هذه الخريطة تسعى قوات كردية، مدعومة أميركياً للسيطرة على الثلث الأخير من الحدود العراقية– السورية، حيث معبر ربيعة- اليعربية على رغم الخلافات بين واشنطن وأنقرة. وتنتشر في هذا الموقع الإستراتيجي قبيلة شمر العربية المعروفة التي أعلن عدد من زعمائها أخيراً رفضهم بقاء الأكراد في مناطقهم، فيما تربط شيوخ علاقات وثيقة مع إقليم كردستان إلى درجة المطالبة بضم «ربيعة» إلى الإقليم.

وكان الشيخ فواز الجربا، أحد شيوخ عشيرة شمر(مقرب من الحشد الشعبي)، قال في تصريحات نقلتها وكالة «أن آر تي» الجمعة، إن دور قوات «البيشمركة» في ناحية «ربيعة» انتهى، ودعاها إلى الخروج من هذه المناطق، مشيراً إلى أن أهلها المنخرطين في «الحشد» مستعدون لمسك الملف الأمني، ورد عليه الناطق باسم عشائر نينوى الشيخ مزاحم الحويت قائلاً إن «العشائر العربية في نينوى ترفض خروج القوات الكردية من الأراضي التي حررتها وقدمت فيها بحاراً من الدماء»، محذراً من أن «من يحاول الاقتراب من البيشمركة والإساءة إليها سيعامل معاملة الدواعش».

ويبدو من هذا السجال أن فصائل «الحشد الشعبي» المدعوم إيرانياً تضع أهدافاً استراتيجية للتقدم في اتجاه معبر «ربيعة» الذي يعد خارج خريطة إقليم كردستان وخارج المناطق المتنازع عليها، وتستعين لذلك بقوات «حزب العمال الكردستاني» التي تتخذ مواقع في سنجار والمناطق السورية المحاذية، وتتعرض بدورها لقصف جوي كردي تكرر مرتين حتى الآن، ويتلاقى مع الهدف الأميركي القاضي بمنع «الحشد» من السيطرة على هذا الجزء من الحدود العراقية- السورية.

الجيش يواجه صعوبة في اختراق دفاعات «داعش»

نينوى – باسم فرنسيس 
أقرت مصادر ميدانية عراقية بصعوبة المعارك الجارية لفك عقدة دفاعات تنظيم «داعش» في آخر معاقله في الشطر الغربي من الموصل، فيما حققت قوات «الحشد الشعبي» مكاسب جديدة وسيطرت على مزيد من القرى قرب الحدود السورية.

وتتقدم القوات بحذر وبطء شديدين في الموصل من ثلاثة محاور، وتواجه مقاومة عنيفة في عمق أحياء الشفاء والزنجيلي والصحة لتضييق الخناق على التنظيم في المدينة القديمة، وسط تزايد الأخطار على حياة عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين.

وقال ضابط لـ «الحياة» إن «هناك محاولات لفتح مزيد من الممرات الآمنة لإخراج المدنيين الذين يحدون من قدرات قواتنا في توجيه ضربات موجعة لأهداف العدو الذي يجبرهم على البقاء وعدم المغادرة للاحتماء بهم وجعلهم دروعاً بشرية». وأضاف أن «داعش يعتمد أسلوبه التقليدي في الدفاع بالعربات المفخخة التي يقودها انتحاريون، ووحداته من القناصة التي ينشرها فوق أسطح المباني المكتظة، والمكامن التي ينصبها داخل الأزقة الضيقة، وكذلك العبوات الناسفة».

وأعلنت «خلية الإعلام الحربي» في بيان أمس «إلقاء طائرات عراقية ليلة الأحد - الاثنين آلاف المنشورات في الموصل القديمة وأحياء الزنجيلي والشفاء والصحة، تحض المواطنين على مغادرة منازلهم واللجوء إلى مناطق القوات الأمنية».

ووصل رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي أمس إلى الموصل «للاجتماع بالقادة العسكريين والاطلاع على سير العمليات»، على ما أفاد تلفزيون «العراقية» شبه الرسمي.

وأعلن القائد في قوات «جهاز مكافحة الإرهاب» الفريق الركن عبدالغني الأسدي أمس سيطرة قواته على نحو نصف حي الصحة المجاور لحي الزنجيلي من الجهة الغربية، وأضاف أن «المعارك عنيفة، وجميع من يقاتل من عناصر داعش أجانب ولا يوجد بينهم عنصر محلي»، لافتاً إلى «فتح ممر آمن من جهة حي الصحة لنقل المدنيين الذين يستهدفهم العدو في شكل مباشر». وفي المقابل رجح قائد «عمليات نينوى» اللواء الركن نجم الجبوري أن «المعركة ستحسم خلال أيام معدودة».

وقال وزير الدفاع الأميركي جيم ماتيس لقناة «سي بي أس» : «لا مفر من سقوط ضحايا مدنيين في الحرب على الإرهابيين في سورية والعراق، ونبذل كل ما في وسعنا لتفادي ذلك»، وزاد «لم نغير في قواعد شن الغارات الجوية التي تحدد الإجراءات الاحترازية الواجب اتخاذها لتفادي سقوط الضحايا».

وأعلن طيران الجيش أمس «توجيه ضربات موجعة دمرت مخزن أسلحة وأعتدة ومضافات تابعة لعصابات داعش الإرهابية في منطقتي البوير والزنازل، غرب بادوش (شمال الموصل)».

وفي تطور آخر أعلن «الحشد الشعبي» في بيان «تحرير قرية تارو شمال غربي ناحية القحطانية في محاذاة جبل سنجار القريب من الحدود العراقية– السورية، وكذلك وادي الميدار غرب الناحية، فضلاً عن السيطرة على مجمع الجزيرة السكني». وأضاف أن «قواتنا تتمركز الآن في قرية أم جريص عند الحدود العراقية السورية، واقتربت من قرية ام الذيبان أقصى غرب القحطانية التي تبعد عن الحدود السورية نحو 14 كلم».

وأفاد القيادي في «الحشد» هادي العامري، وهو زعيم منظمة «بدر» أن قواته «وصلت إلى قرية أم جريص وهي المنفذ الحدودي باتجاه سورية»، وأضاف: «غداً سنبدأ عملية تطهير الحدود انطلاقاً من القرية باتجاه قضاء القائم في محافظة الأنبار».