التاريخ: تشرين الأول ٨, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الحوار يستجمع المواصفات وكل التسويات عالقة الترقيات سقطت... ووعد بجلسة للنفايات
بان كي - مون يحضّ الزعماء اللبنانيين على وضع خلافاتهم جانباً
حال الاستغراق الفائض في ملف المواصفات الرئاسية الذي تحول غطاء للسير على قارعة أزمة الفراغ الرئاسي دون استكمال ثلاثية جلسات الحوار في مجلس النواب، فتجنب رئيس المجلس مزيداً من "العصف الفكري" وألغى اليوم الثالث الذي كان مقرراً اليوم مرحّلاً الجلسة المقبلة الى ما بعد عودته من رحلته الى رومانيا وجنيف الاسبوع المقبل، وحدد موعداً جديداً للحوار في 26 تشرين الاول الجاري.

واذا كان رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط أجمل خلاصة مأزق الحوار بقوله "لا نستطيع أن ننتخب رئيساً من دون سلة متكاملة"، ملمحاً الى الانقسام العمودي بين فريقي 14 آذار و8 آذار ليس في حوار المواصفات فحسب بل في كل الملفات المتصلة بالازمة الرئاسية والسياسية كلاً، فإن الملفات التي كانت عالقة على ضفاف الحوار مثل تسوية الترقيات العسكرية وانعقاد مجلس الوزراء لم تجد سبيلاً واضحاً الى المخارج، اذ بدت تسوية الترقيات كأنها سقطت نهائياً، في حين برزت ملامح حلحلة في امكان عقد جلسة لمجلس الوزراء تخصص لملف معالجة النفايات حصراً ولكن لم يبت هذا الاتجاه بعد.

وعلمت "النهار" أن جلسة الحوار النيابي الختامية أمس أقفلت على أوراق خطية قدمها أقطاب الحوار وضمنوها تصوراتهم لمواصفات الرئيس الجديد للجمهورية بناء على اقتراح من رئيس مجلس النواب نبيه بري. وبعد ملاحظات من أصحاب الاوراق قرر الرئيس بري الاستغناء عن الجلسة التي كانت مقررة اليوم كي ينصرف الى جوجلة الافكار الواردة في الاوراق واستخلاص قواسم مشتركة منها وتحديد ما هو موضع تباين كي يعود المتحاورون في 26 من الجاري الى مناقشتها. واسترعى الانتباه موقف بري الذي أدلى به أمس تعقيباً على موقف رئيس كتلة "المستقبل" الرئيس فؤاد السنيورة عن أولوية إنتخاب رئيس جديد للجمهورية، فقال رئيس المجلس إن هذا البند له الاولوية ولا يتقدم عليه أي بند آخر. وأبلغ أحد المتحاورين "النهار" أن ثمة عناصر لافتة في موقف "التيار الوطني الحر" وقد أدلى به النائب ابرهيم كنعان نيابة عن العماد ميشال عون الذي تغيّب لأسباب صحية. وفي هذا الموقف أن المطلوب الرجوع الى الناس لتقدير الأحجام ولا مانع من إجراء الانتخابات الرئاسية قبل الانتخابات النيابية. واعتبرت مصادر المشاركين من 14 آذار في الحوار أن إرجاء الحوار كان لـ"أسباب تقنية"، ودعت الى انتظار نهاية مرحلة القواسم المشتركة "كي نذهب الى مرحلة المرشحين الذين تنطبق عليهم المواصفات والوقوف على برامجهم ليتم اختيار أحدهم على هذا الاساس".

وأوضح الرئيس نجيب ميقاتي "أن الاجواء ايجابية وقد حصل تقدم كبير بين الجلسة الأولى وجلسة اليوم، ولكن لا يمكننا ان ننتظر نتائج سريعة لأن المسار طويل". وسئل عن ارتباط تأجيل الحوار بتعطل جلسات مجلس الوزراء، فأجاب: "لا يجوز أن نخلط الامور بعضها بالبعض، فطاولة الحوار لديها مهمة محددة، والحكومة نتمنى ان تأخذ دورها، وجميعنا ندعم الرئيس سلام في مهماته ودوره كرئيس لمجلس الوزراء".

الترقيات... سقطت؟
وفي ما يتعلق بالترقيات، علمت "النهار" ان رئيس "تيار المردة" النائب سليمان فرنجية طالب بإقرار تسوية الترقيات لما لها من انعكاسات مسهلة لامور أخرى. وسانده تباعاً كل من النائب وليد جنبلاط ورئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان. كما ان الرئيس بري أوضح انه تحدث مطولاً في هذا الموضوع مع رئيس الوزراء. وأشار سلام من جهته الى انه حريص على التوافق العريض، موضحاً ان موضوع الترقيات غير مرتبط بمجلس الوزراء بل بمرسوم يصدر عن وزير الدفاع ويوقعه الوزراء الـ 24. عندئذ وقف النائب ابرهيم كنعان وقال إنه سيغادر الجلسة إذا استمر عرض الموضوع، مشيراً الى أن "التيار الوطني الحر" غير معنيّ به. وغادر كنعان الجلسة الى حين إنتهاء المداخلات على هذا الصعيد. كما برز اتجاه الى احتمال نقل مكان الحوار الى عين التينة اذ اوضح النائب الكتائبي ايلي ماروني ان الرئيس بري استجاب هذا الطلب "لكي لا نعطل وسط بيروت".

أما في ما يتعلق بعقد جلسة لمجلس الوزراء، فتلقى الرئيس سلام اشارات ايجابية الى امكان عقدها على ان تكون مخصصة للنفايات فقط، وسط تعهد من جميع الاطراف لحضورها بإستثناء "التيار الوطني الحر" الذي لن يكون غيابه حجر عثرة أمام ما ستتخذه الحكومة كما نقل عن اوساط "حزب الله". وعلمت "النهار" ان توقيت دعوة الرئيس سلام الى عقد الجلسة مرهون بنتائج المشاورات التي يجريها مع وزيري الداخلية والزراعة نهاد المشنوق وأكرم شهيّب وما إذا كان الامر يتطلب العودة الى مجلس الوزراء لاتخاذ قرارات.

وفي مؤشر واضح لانسداد الافق أمام تسوية الترقيات العسكرية، أكد مصدر قريب من الرابية لـ"النهار" ان تسوية الترقيات سقطت وان العماد عون لم يطلب تسوية أصلاً بل طالب بحل قانوني، مشدداً على مبدأ التعيين، "علماً انه يعرف جيداً منذ البداية انهم يماطلون كي نصل الى 15 تشرين الاول تاريخ تسريح العميد شامل روكز". واضاف المصدر ان "التسوية التي سوقوها أصبحت خلفنا وبالتالي لا تفعيل لعمل الحكومة خارج الآلية المتفق عليها اي الاتفاق المرن وتحقيق الشركة ولا تشريع للضرورة".

مخصصات لبنان
الى ذلك، كشفت مصادر وزارية لـ"النهار" أنه في ضوء الانزعاج الذي أبداه الرئيس سلام في نيويورك الاسبوع الماضي من تلكؤ المجتمع الدولي في تنفيذ إلتزاماته حيال لبنان وخصوصاً دفع المستحقات المالية التي تقررت في نيويورك وبروكسيل والمانيا والكويت كي يتحمّل لبنان أعباء اللجوء السوري والتي لم يصل منها إلا النزر اليسير، بادر الامين العام للامم المتحدة بان كي - مون الى تأليف لجنة طوارئ مصغّرة لمتابعة مصير المخصصات للبنان. وعليه من المتوقع أن يأتي في الايام المقبلة الى بيروت موفدون دوليون لمتابعة البحث مع الرئيس سلام في شأن ما يجب أن تقدمه الدول المانحة للبنان.

بان كي - مون يحضّ الزعماء اللبنانيين على وضع خلافاتهم جانباً: البلاد لا يمكنها تحمّل تأخير إضافي في انتخاب رئيس للجمهورية

نيويورك - علي بردى
حض الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون، في أحدث تقرير له عن تنفيذ القرار 1559، الزعماء اللبنانيين على الوحدة ووضع خلافاتهم الحزبية والسياسية جانباً من أجل "التعامل بفاعلية مع التحديات المتصاعدة" التي يواجهها لبنان، الذي "لا يمكنه تحمل أي تأخير إضافي" في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، داعياً النواب اللبنانيين الى "القيام بواجباتهم بمسؤولية" عبّر المشاركة في الجلسات لانتخاب الرئيس. وإذ ندد بـ"تورط حزب الله وعناصر لبنانية أخرى" في القتال في سوريا، عبر عن "قلقه" من التقارير عن مشاركة هؤلاء في القتال في العراق واليمن.

وفي تقريره نصف السنوي الثاني والعشرين عن التقدم المحرز في القرار 1559، والذي يتألف من 49 فقرة في 11 صفحة ويعده الموفد الخاص لتنفيذ القرار تيري رود - لارسن، عبر الأمين العام بان كي - مون عن "خيبته المستمرة" حيال عدم تطبيق ما تبقى من مندرجات القرار، على رغم أن لبنان "لا يزال يواجه تحديات لاستقراره وأمنه، أكان داخلياً أو على طول حدوده مع سوريا، من الإرهاب والجماعات المتطرفة وتهريب الأسلحة". وكذلك عبر عن "قلق متزايد من أثر الفراغ المتواصل في منصب رئيس الجمهورية على العمل الفعلي لمؤسسات الدولة"، مشيداً بجهود رئيس الوزراء تمام سلام في "قيادته البلاد تحت ظروف عصيبة وتشجيعه عملية اتخاذ القرار الفاعل في مصلحة لبنان". وأكد أنه "من الحيوي أن يتوحد زعماء لبنان، ويضعوا جانباً خلافاتهم الحزبية والسياسية من أجل التعامل بفاعلية مع التحديات الأمنية والاقتصادية والإنسانية المتصاعدة التي تواجهها البلاد". وإذ أخذ علماً بـ"استمرار الاحتجاجات من المواطنين، الذين لديهم مطالب محقة بالخدمات العامة الأساسية والعمل الفاعل للحكومة"، شدد على أن لبنان "لا يمكنه تحمل أي تأخير إضافي في انتخاب رئيس جديد"، داعياً أعضاء مجلس النواب الى "القيام بواجباتهم بمسؤولية بما في ذلك حضور جلسات البرلمان لانتخاب رئيس جديد".

وذكر بأنه حذر مراراً من "انتشار الأسلحة على نطاق واسع خارج سلطة الدولة، معطوفاً على وجود ميليشيات مدججة بالسلاح، يقوض أمن المواطنين اللبنانيين"، مضيفاً أن "احتفاظ حزب الله بقدرات عسكرية معقدة وكبيرة خارج سلطة الحكومة اللبنانية لا يزال مبعث قلق بالغ، تحديداً لأنه يوجد جواً من الترهيب ويمثل تحدياً رئيسياً لسلامة المدنيين اللبنانيين ولاحتكار الحكومة الاستخدام المشروع للقوة". وطالب "حزب الله" وغيره من الأطراف المعنية بـ"عدم الانخراط في أي نشاط عسكري داخل لبنان أو خارجه، تمشياً مع متطلبات اتفاق الطائف والقرار 1559". وندد بـ"استمرار انتهاك سيادة لبنان، بما في ذلك الحوادث عبر الحدود التي أدت الى إصابة مدنيين وعناصر من القوات المسلحة الوطنية بجروح على الجانب اللبناني من الحدود بسبب أعمال الأطراف المتحاربة في سوريا". ورأى أن "مشاركة مواطنين لبنانيين في النزاع في سوريا ينتهك سياسة النأي بالنفس ومبادىء اعلان بعبدا، الذي وافقت عليه كل الأطراف اللبنانية في حزيران 2012"، لافتاً الى أن "تورط حزب الله وعناصر لبنانية أخرى في القتال في سوريا يعرض للخطر الجدي أمن لبنان واستقراره". وأبدى "قلقه أيضاً من التقارير عن تورط حزب الله وعناصر لبنانية أخرى في القتال في أماكن أخرى في المنطقة، بما في ذلك مثلاً العراق واليمن"، معتبراً أن ذلك "يعرض لبنان حتى لتهديدات أمنية أكبر".

وأشاد "بقوة بالجهود الدؤوبة والحثيثة للقوات المسلحة اللبنانية في حماية حدود لبنان، بالإضافة الى أمنه واستقراره"، موضحاً أن "الانتشار المتواصل للجيش اللبناني في مناطق الحدود الشرقية جوهري في صد المحاولات المتواصلة من الجماعات المتطرفة العنيفة، بما في ذلك جبهة النصرة والدولة الإسلامية - داعش للتسلل الى الأراضي اللبنانية". ولاحظ أن "أثر انتشار الأفواج الحدودية للجيش لا يزال يبعث الشعور الإيجابي عبر البلاد، ولا سيما في التجمعات السكانية القريبة من الحدود، وهي الأكثر عرضة لهجمات الجماعات المتطرفة". ورحب بـ"التعاون الجاري بين الأجهزة الأمنية المختلفة للدولة والقوى المسلحة اللبنانية، مما أدى الى إحراز تقدم اضافي في مكافحة الإرهاب في البلاد". وحض الحكومة والجيش على "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لمنع حزب الله والجماعات المسلحة الأخرى من الحصول على أسلحة وبناء قدرات شبه عسكرية خارج سلطة الدولة".

وإذ كرر انتقاداته للانتهاكات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية، أكد أنه "من المهم صون أمن لبنان واستقراره ووحدته في سياق المناخ الهش اقليمياً ومحلياً".

"بدنا نحاسب" تُقدّم إخباراً عن الفساد و"طلعت ريحتكم" تباغت سلام فجراً بتظاهرة

توزع الحراك في الشارع امس بين قصر العدل قرب المتحف ومنزل رئيس الحكومة تمام سلام في المصيطبة. ونفذت حملة "بدنا نحاسب" اعتصاماً امام قصر العدل للمطالبة بمحاسبة المفسدين فيما نظمت "طلعت ريحتكم" وغيرها من الحملات تظاهرة فجراً انطلقت من الكولا الى المصيطبة لمطالبة سلام بعقد جلسة طارئة للحكومة لمعالجة ازمة النفايات.

"من قصر العدل الى المصيطبة"
قبل انطلاق تظاهرة اليوم من ساحة الشهداء الى ساحة النجمة، نفذت الحملات المشاركة في الحراك تحركات مفاجئة توزعت بين منزل سلام وقصر العدل ووزارة البيئة.
فأمام مخفر قصر العدل نفذ عدد من شبان حملة "بدنا نحاسب"، مرددين هتافاتهم التقليدية " بدنا نحاسب، وليسقط حكم الازعر، و14 و8 عملوا البلد دكانة"، ورفعوا لافتات تدعو الى محاسبة الفساد والاهدار في المؤسسات العامة، خصوصاً بعد النقاش الحاد والاشكال في لجنة الطاقة النيابية وما تضمنه من اتهامات متبادلة بين نواب "التيار الوطني الحر" و"المستقبل" حول الاهدار في وزارة الطاقة والموارد المائية والكهربائية، وحمل المعتصمون ملفات تتعلق بـ"حصول معمل سبلين على الكهرباء من معمل الجية مباشرة دون رسوم، وملاحقات باتهامات السرقة في الكهرباء، والتي أثيرت في لجنة الاشغال العامة، و" التحقيق في ادعاء مستشار وزير الطاقة الذي حصل في خلال احدى الحلقات الاذاعية "، والذي أشار خلاله الى ان "هناك اطرافا واشخاصا يستهدفون مؤسسة كهرباء لبنان بهدف تدميرها وافلاسها للوصول الى بيعها من القطاع الخاص بأسعار زهيدة".

وفي ظل اجراءات أمنية مشددةـ طالب المعتصمون التوجه الى مكاتب المدعي العام التمييزي سمير حمود، والمدعي العام المالي علي ابرهيم، ونقيب المحامين جورج جريج.

وسريعاً استجيب لطلبهم، اذ سارع أحد ضباط قوى الأمن الداخلي الى القول ان القاضي حمود "يرحب بمن يريد زيارته في مكتبه، على ان يكون الوفد مؤلفاً من 5 أشخاص فقط"، لكن المعتصمين اصروا على حضور جميع المشاركين في التحرك وبعد أخذ ورد تمكّن عدد كبير منهم من لقاء حمود.

أما حملة "طلعت ريحتكم" فنفذت تحركاً مباغتاً الرابعة فجر أمس ونظمت تظاهرة جابت شوارع بيروت انطلاقاً من منطقة الكولا وصولاً الى منزل سلام بهدف "إيقاظه من نومه ودعوته الى عقد جلسة طارئة لمجلس الوزراء ببند واحد هو "ملف النفايات" لإقرار المراسيم المطلوبة لحل الأزمة".

وتحت شعار "الكوليرا جايي، صار بدها جلسة"، سار المتظاهرون الذين ارتدوا قمصاناً بيضاً من الكولا الى رياض الصلح وصولاً الى المصيطبة، ثم عادوا الى اللعازرية وتوقفوا قبالة وزارة البيئة. وكانت صامتة وبالزي الأبيض وبكمامات طبية.

وبحسب بيان صادر عن المشاركين في التحرك، فإن "طلعت ريحتكم" و"الشعب يريد" و"من أجل الجمهورية"، و"جايي التغيير" وغيرها، تطالب "بعقد الجلسة في أقصى سرعة لان الأزمة (النفايات) بدأت تأخذ منحى خطيراً مع هطول الأمطار".
ودعا البيان المجموعات كافة الى المشاركة في التظاهرة المقررة اليوم في ساحة النجمة إنطلاقاً من مدخل جريدة "النهار".