التاريخ: آذار ٢٧, ٢٠١٥
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
لبنان: الحدث اليمني وشهادة السنيورة: تفاعلات ساخنة تختبر الحوار
دعوات غربية متجدّدة لانتخاب رئيس وبرلمان
بدا الحدث اليمني الذي تمثل بقيادة المملكة العربية السعودية حملة عسكرية جوية على التمدد الحوثي بمثابة اختبار جديد طارئ للوضع الداخلي في لبنان، إذ ترددت أصداء هذا الحدث وتداعياته على نحو فوري، عاكسة ملامح الانقسام السياسي الحاد بين الافرقاء الاساسيين على خلفية ارتباط الواقع اللبناني بالامتدادات الاقليمية المباشرة وغير المباشرة. وعلى دقة هذا الاختبار وحساسيته، تشير المعطيات الجدية الى ان تداعياته لن تبلغ حدود التأثير سلبا على الحوار بين تيار "المستقبل" و"حزب الله " الذي ستشكل جولته التاسعة المقررة في الثاني من نيسان المقبل امتحانا اضافيا لاستمراره، علما ان هذه الجولة ستتسم بأهمية مزدوجة كونها ستأتي على وقع الانقسام حيال الحدث اليمني وكذلك عقب الهزة العنيفة التي أحدثتها شهادة الرئيس فؤاد السنيورة امام المحكمة الخاصة بلبنان من خلال ما نقله عن الرئيس رفيق الحريري عن تعرضه لمحاولات اغتيال من "حزب الله " علما ان السنيورة رفض لاحقا توجيه أي اتهام الى الحزب قبل ان تلفظ المحكمة حكمها.
 
أما الانقسام حيال الحدث اليمني، فبدا ان من أول مفاعيله محاصرة حكومة الرئيس تمام سلام. وعلمت "النهار" ان الجلسة العادية لمجلس الوزراء امس "نأت تماما عن تطورات اليمن" على حد تعبير مصادر وزارية قالت "إن الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان أملت عدم الدخول في الجدل حول أمر انقسمت حياله المواقف فور حدوثه". وفي هذا السياق أوضحت مصادر الرئيس سلام لـ"النهار" أن الموقف من الحدث اليمني سيعلنه الرئيس سلام في القمة العربية في شرم الشيخ التي ستنطلق غدا وتستمر يومين من خلال كلمة يلقيها باسم لبنان. وسعى وزير الخارجية جبران باسيل من جانبه الى الحفاظ على موقف متوازن، فأعلن في كلمته امام اجتماع وزراء الخارجية العرب امس في شرم الشيخ ان "لبنان ينطلق من ثابتة هي ان يسير في ما يتفق عليه العرب، أما ما يختلفون عليه، فاننا من خلال النأي بالنفس نمتنع عنه". كما وازن بين رفض ضمني للتعرض للشرعية الدستورية في اي دولة عربية والدعوة الى حلول سياسية لا عسكرية فيها.

أما على المستوى السياسي، فبرز التأييد الفوري للعملية السعودية من الرئيس سعد الحريري اولا الذي وصف قرار العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالتدخل في اليمن بأنه "قرار سليم وشجاع وصائب لحماية شعب اليمن"، لافتا الى ان احدا في العالم العربي "ليس ضد ايران ولكن ضد الاعمال التي تقوم بها في كل انحاء العالم العربي". نافيا عن الصراع الطابع المذهبي. وشدد، على الصعيد اللبناني، على استكمال الحوار متمنيا عدم تأثر لبنان بما يحصل في اليمن. وكان الحريري زار اول من امس أنقرة والتقى الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ورئيس الوزراء أحمد داود أوغلو.

كذلك أكد رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط وقوفه الى جانب المملكة العربية السعودية "كون أحداث اليمن تشكل تهديدا لأمنها القومي وأمن الخليج ومصالح اللبنانيين الذين يعملون في هذه البلاد". ووصف النائب مروان حمادة العملية السعودية بأنها تعبير عن "نفاد الصبر العربي والدولي من التجاوزات الايرانية"، مشددا على ضرورة قيام تحالف واسع "يمنع تحقيق أحلام الفاشية الفارسية".

وقال وزير العدل أشرف ريفي لـ"النهار" إن العملية في اليمن أتت بعدما "تمادى الايراني في دعم المجموعات المسلحة، فكان لا بد من قرار يضع له حدا، فكان القرار الشجاع والمقدام الذي طوى صفحة التردد بعدما اعتبر الايراني الحلم العربي تخاذلا". ووصف ما جرى في اليمن بأنه "يعطينا أملا كبيرا في وضع حد لمرحلة من الذل والهوان ويضع حدا للغطرسة الايرانية". وأضاف: "على المستوى الداخلي، إنني أعتبر هذه اللحظة تاريخية وعلى كل منّا أن يعيد حسابه لحماية الوطن من لهيب المنطقة وذلك من خلال وقفة شجاعة لـ"حزب الله" بالانسحاب من سوريا وكل الساحات العربية والعودة الى الداخل اللبناني وترك الجيش اللبناني وحده يحمي الحدود وإذا اضطر الامر يجري استدعاء قوات من اليونيفيل وفقا لمنطوق القرار 1701 والعودة الى إعلان بعبدا لتحييد لبنان عن نيران الصراعات والاستجابة لقرارات المحكمة الدولية والاستمرار في الحوار لحماية البلد وصون أمنه واستقراره".

"حزب الله"
في المقابل ينتظر ان يحظى الحدث اليمني بالحيز الاوسع من كلمة متلفزة سيلقيها الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الثامنة والنصف مساء اليوم وذلك بعد بيان أصدره الحزب امس وندد فيه بما وصفه "بالعدوان السعودي الاميركي الذي يستهدف الشعب اليمني وجيشه الوطني ومنشآته الحيوية". وحذر من ان "هذه المغامرة التي تقودها السعودية تسير بالمنطقة نحو مزيد من التوترات والمخاطر".

وفي سياق ميداني يشن "حزب الله" والجيش السوري منذ الثلثاء الماضي هجوما معاكسا على مسلحي "جبهة النصرة" في جرود القلمون. وافادت معلومات ان هذا الهجوم أدى الى سيطرة الحزب والجيش السوري على سبع تلال في محيط فليطا.

كما استعاد الجيش السوري السيطرة على تلال الحمراء وشعبة الخشيعة الفاصلة بين جرود عرسال وفليطا بالقلمون. وتحدثت المعلومات عن مقتل ثلاثة من القادة الميدانيين في "حزب الله" في هذه المعارك.


السنيورة للمحكمة: كل الجهود لتحجيم الحريري فشلت النظام الأمني السوري كان يُضرم النار ويُطفئها

كلوديت سركيس
تستكمل غرفة الدرجة الاولى في المحكمة الخاصة بلبنان برئاسة القاضي ديفيد راي، الاستماع الى افادة الرئيس فؤاد السنيورة لاحقا في لايدشندام ليومين اضافيين لعدم انتهاء الاستجواب المضاد من محامي الدفاع انطوان قرقماز عن مصالح المتهم مصطفى بدر الدين.
 
في ضوء اسئلة قرقماز، أفاد السنيورة ان "حزب الله" لم يؤيد دائما حكومات الحريري، لكنه حرص على التعاون معه. واشار الى ان "النظام الامني السوري كان يضرم النار ويعمل على اطفائها. وليس سرا ان المحاولات كانت مستمرة بكل الوسائل لتحجيم دور الحريري حتى 2004. وخلال ولاية المسؤول الامني السوري غازي كنعان في لبنان، جرت محاولات عدة لضرب الحريري الذي اختصر موقفه في تصريحه قبل فترة من اغتياله، قائلا في شأن قانون الانتخاب: "كيفما لعبوا في الدوائر سننجح". وهذا النجاح كان سيتحقق لانه لا يمكنهم التلاعب بأصوات الناخبين. وكل الجهود التي بذلها النظام الامني لتحجيم الحريري لم تنفع".

وردا على سؤال، تحدث السنيورة عن معارضة الحريري وسواه انتخاب اميل لحود رئيسا للجمهورية، "وايد التمديد للرئيس الياس الهراوي لانه كان الخيار الاقل ضررا، فاعتبر لحود ان هناك من اضاع عليه ثلاث سنوات في رئاسة الجمهورية". ورد سبب معارضته وصول لحود الى "عدم ارتياحه للتعامل معه لاختلاف العقلية والاساليب بين الشخصيتين. وأؤكد ان الحريري لم يدخر وسيلة لإيجاد وسيلة للتعاون مع لحود خدمة للبنان، ولكن بدون جدوى. وجميع المؤشرات الامنية والاقتصادية كانت تؤشر الى التحول من نظام مدني بالطريقة التي كان يتصرف بها لحود، وتعديل الدستور للتمديد ليس العامل الاساسي لإصدار القرار 1559 المرتبط بعلاقة الاسد بالدول الكبرى".

وبسؤال لقرقماز، افاد الشاهد ان "لبنان بلد طائفي، وكل زعيم او قائد فيه له كلمته في تعيين الموظفين الاساسيين في الادارة. ولم تكن هذه العملية حكرا على الحريري نظرا الى آلية التعيين المحكومة بمرسوم. وكثر من الموظفين كانوا يأخذون رضى السوري في هذا السياق لتعيينهم".

وانتقلت اسئلة الدفاع الى مناقشة الدين العام وتصاعده من عام 1992 الى عام 2004 من ثلاثة مليارات دولار الى 36 مليارا وصولا الى معدل الفائدة على الدين المقترض. ودخل النقاش في عملية حسابية اقتصادية، مما حمل رئيس الغرفة على القول في نهايته قبل رفع الجلسة للاستراحة: "امضينا وقتا طويلا في دروس علم الاقتصاد"، بعدما سأل: "هل معدل الفائدة (على الدين العام) ذات صلة بالقرار الاتهامي؟". فأجابه الدفاع: "نحن نتحدث عن سياق الملف بعدما اعتبر الشاهد ان ثمة تحسنا ماليا وقتذاك". وقدم السنيورة شرحا في هذا المجال، مشيرا الى ان معدل الفوائد على الدين المقتطع بالعملتين اللبنانية والاجنبية كان يصل الى 28 في المئة بالليرة، وكان همنا العمل على خفضه ونجحنا في ذلك بالنسبة الى العملة اللبنانية والعملات الاجنبية".

وسأله: "ان معدل الفائدة كان يبلغ متوسطه 20 في المئة في تشرين الاول 2004 عند رحيل حكومة الحريري". فأجاب السنيورة: "في عالم المال لا تثار الامور بهذه الطريقة، فاذا تطلعت الى تركيبة الدين العام فان اكثر من ثلثه للفوائد، والثلث الثاني بسبب عجز الكهرباء والثلث الباقي بسبب العجز الشمولي، وان سندات الخزينة خاضعة لتبدل الاسعار. وكل فترة زمنية لها اسعارها. وقد انخفضت في عهد الحريري حتى 7 في المئة. وهذه الفوائد تختلف بحسب المدد والظروف في بلد مثل لبنان يتعرض لأزمات امنية وسياسية".

ورأى انه" لولا اعتماد شركة سوليدير لما كنا قادرين على توحيد بيروت. ولولا هذا المشروع الحيوي للبنان، الذي شكل خاصرته، لكانت بيروت مدمرة وغير موصولة ولا تزال مرتعا للموبقات والاجرام". واشار الى ان بيتر فيتزجيرالد اخبره ان عبثا حصل في مسرح الجريمة. وقال: "جرى نقل جميع السيارات منه. وصدرت اوامر بعد الانفجار بطمر الحفرة".

بعد ذلك اعترض ممثل الادعاء غرايم كامرون على استناد الدفاع الى وثيقة من ويكيليكس لطرح اسئلة على الشاهد لانها وثائق مسربة. وطلب قرقماز قبولها بيّنة. فطلب راي اعداد مذكرات خطية من الافرقاء لبتها.

وعبّر السنيورة للغرفة عن "بالغ تقديري لعملكم الكبير لجلاء الحقيقة. واعتز بمجيئي امامكم واشكركم لاعطائي الفرصة لاقول كل الحقيقة من اجلها ومن اجل ما قام به الرئيس الحريري في سبيل لبنان وفك استتباعه عن سوريا ومواجهة العدو الاسرائيلي".

الكتاب الذي أتى على ذكره السنيورة في إفادته الثلثاء أمام الغرفة هو لوزير الدفاع السابق محسن دلول، وليس للوزير السابق الياس المر. فاقتضى التصويب.


دعوات غربية متجدّدة لانتخاب رئيس وبرلمان 
كيف طبّق لبنان السياسة الاوروبية للجوار؟

ر. ص.
اطلق الاتحاد الاوروبي التقارير الدورية التي تقوّم تطبيق سياسة الجوار في الدول المحيطة به ومن ضمنها لبنان. وقد اشار التقرير عن التقدم في سياسة الجوار محليا الى مجموعة تطورات مهمة، لافتا الى جهود الاصلاح ومعددا سلسلة توصيات للسنة الجديدة. ومما جاء في الجزء المخصص عن لبنان: "ان البلاد تواصل اظهار درجة عالية من المناعة في وجه التحديات والمخاطر الناجمة عن التقلبات في المنطقة. وقد شكّل دخول الازمة السورية عامها الخامس تحديا لاستقرار البلاد وضغطا متزايدا على المؤسسات اللبنانية والنشاطات الاقتصادية للبلاد، وكذلك توازنه الاجتماعي والبنى التحتية. وفي نهاية 2014، باتت البلاد تستضيف نحو 1,2 مليون لاجئ من سوريا والعراق، ما جعل لبنان الدولة التي تحتضن اعلى رقم من اللاجئين مقارنة بعدد السكان". وبحسب التقويم فان "الوضع الامني في لبنان يبقى هشاً في شكل مرتفع، وقد شهد تصعيدا في آب 2014 عندما بدأت مجموعات متطرفة انتشرت من سوريا بالاعتداء على القوى الامنية. واظهرت مؤسسات البلاد الامنية التزاما وتصميما على حفظ الاستقرار والامن في شكل مشترك".
 
وتطرق التقرير الى "الضغوط التي تعرضت لها المؤسسات عام 2014. فقد اثّر الفشل في انتخاب رئيس للجمهورية منذ ايار الماضي في عمل الحكومة وكذلك البرلمان. كما ان الانتخابات التشريعية التي كانت مقررة في تشرين الثاني الماضي تأجلت للمرة الثانية. وشكلت اعادة تمديد ولاية البرلمان رفضا لحق اللبنانيين في الانتخاب واختيار قيادتهم السياسية".

واذ لفت التقرير الى تقدم على مستوى حقوق الانسان والحريات الاساسية، وخصوصا حماية حقوق النساء والاولاد، تحدث عن تطبيق البلاد سياسة امنية ناجحة، معتبرا ان "الانجاز الاساس يمكن اعتباره في ان وحدة البلاد واستقرارها تمت المحافظة عليهما". وفي باب التوصيات للسنة المقبلة، أبرز التقرير مواصلة الحفاظ على السلام والاستقرار وتشجيع الاعتدال والحوار وكذلك التدابير المناهضة للراديكالية. كما شدد على تعزيز الاستجابة الوطنية لازمة اللاجئين السوريين(...) و"الاهم هو انتخاب رئيس جديد واجراء الانتخابات التشريعية في اقرب مدة ممكنة".