التاريخ: تموز ١١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
76 حالة "معنّفة" تتابعها جمعية الحركة القانونية
مالفي لـ"النهار": قصص ضحايا العنف في لبنان مسيئة
روزيت فاضل 
منذ إنطلاق عملها في آذار، تواصلت 76 حالة كانت عرضة لانتهاكات "مهينة" وطويلة الأمد للحقوق الإنسانية مع جمعية الحركة القانونية في لبنان. في مكتبها في الأشرفية، حديث مطول لحالات عانت اساليب عدة من التهميش المعنوي او المادي أو الإثنين معاً.

ماذا تقدم هذه الجمعية لهذه الفئات المهمشة؟ ذكرت المديرة التنفيذية للجمعية أنتونيا مالفي في حديث لـ"النهار" أننا "نصبو الى الوصول الى العدالة للفئات الأكثر تهميشاً والأكثر عرضة للإنتهاكات ومنها من خلال ممارسات عنفية مثل العنف الجنسي والجندري".

وشددت على أننا "نوفر لهم الحماية وفرصة الحصول عبر برامجنا على تقديم المشورة القانونية والتمثيل القضائي من مجموعة محامين مع إمكانية تحمل الجمعية النفقات المالية لهذه الموارد القانونية".

لا يتوقف عمل الجمعية، وفقاً لمالفي، على دورها بل "عملت على تشكيل تحالف يضمها الى جانب كل من التجمع النسائي الديموقراطي والمبادرة النسوية الأورومتوسطية ومنظمة "كير" الدولية في لبنان".

ولفتت الى أن "دورنا لا يقتصر على مساعدة اللبنانيين الأكثر تهميشاً ومنهم النساء والفتيات، بل يشمل أيضاً الدعم القانوني للراغبين بممارسة العلاقات الجنسية مع الجنس الواحد رجالاً وإناثاً والمتحولين جنسياً مع التشديد على الدفاع عند الحاجة عن أي انتهاكات تطال مدبرات المنازل الأجانب العاملات في لبنان".

قبل التطرق الى واقع كل من هذه الفئة المهمشة وطرق الدفاع عنها، أكدت مالفي انني "شعرت بالدهشة عند سماعي قصص الضحايا، الذين تعرضوا للعنف ومنه العنف الجنسي في لبنان"، مشيرة الى أن "هذا الشعور تملكني رغم أنني منخرطة في هذا المجال منذ 20 عاماً، ومن المتابعين لهذه القضايا في بلدان تعاني نزاعات حادة مثل الصومال والسودان وسواهما". وقالت: "ينخر المجتمع واقع اللامساواة بين الجنسين يليه التمييز العنصري والعرقي، وهو يقارب، وفقاً للحالات التي تابعناها، مفهوم العبودية".

وعرضت لواقع الـ76 حالة المهمشة حيث توزعت النسب الى %66 إناث، %34 ذكور: %3 منهم أطفال، %79 منهم بالغين، %19 منهم قضايا تمييز عنصري، %75 منهم قضايا أحوال شخصية و10% قضايا عمل جبري وعبودية". أين بدأ العمل الميداني؟ قالت: "تقدم الجمعية خدماتها في ثلاث مناطق رئيسية هي جبل لبنان، الشمال وعكار، وجاء هذا الاختيار على أساس دراسة قام بها التحالف الذي ننتمي إليه، وقد وجدنا أن الحاجة للخدمات في هذه المناطق مرتفعة بسبب واقعها الهش".

ماذا قدمت الجمعية للنساء والفتيات مثلاً قالت: "يهمني أن أشدد على ضرورة عملنا لتفعيل دور المرأة اللبنانية ومشاركتها في الحياة السياسية. نتمسك ايضاً بأهمية إعداد المحقق او الشرطي، رجلاً كان أم إمرأة، من خلال تنظيم ورش تدريبية توجيهية على المهارات المطلوبة لمقاربة الضحية و الطرائق السليمة للتواصل معها وسواها".

من الأمثلة لحالة تهميش انثى مثلاً، وفرت لنا الجمعية قصة "لما" (اسم مستعار) وهي أم لبنانية عانت مع زوجها وابنها البالغ تسع سنوات وهم من مكتومي القيد، وهذا حال العائلة من زمن الجد الأكبر، الذي لم يقم بتسجيل زواجه وأولاده وهم ورثوا هذا الإهمال عنه.

لا حاجة للقول أنها حرمت حقوقها وأبرزها حق الدراسة، ما اضطرها للتعلم في مؤسسة اجتماعية على القراءة و الكتابة. مارس أهل زوج "لما" العنف اللفظي والجسدي، ما اضطرها لمغادرة البيت. رفعت الجمعية قضية "لما" وربحت نفقة على زوجها اضافة إلى دعوى حضانة إبنها مع الإشارة إلى أن الجمعية تتابع الآن دعوة إهمال قيد مولود للحصول على جنسيتها اللبنانية.

ورداً على سؤال عن كيفية الوصول الى هذه الفئات المهمشة او كسر الصمت في المجتمعات المنغلقة على ذاتها قالت: "يمكن ان نعالج حالة تلو الأخرى في بعض المجتمعات. كما يمكن أن نختار أي من العامة في البلد ليشكل الدافع الأساسي لتشجيع المهمشين على كسر الصمت ضد العنف. كما نهتم بتنظيم لقاءات ضمن مجموعات من ست سيدات لبنانيات وغير لبنانيات في المناطق للبحث في التحديات التي يواجهنها في الوصول إلى النظام القضائي".

وشددت ايضاً على أننا "نوفر الموارد القانونية لمدبرات المنازل العاملات في لبنان والآتيات من اثيوبيا، غانا، سريلانكا والفيليبين"، مشيرة الى ان "الغالبية الساحقة للحالات، التي وردتنا ضمن الـ 76 حالة نسائية، كشفت ان ارباب عملهن لبنانيون وهم رفضوا دفع رواتبهن، مع الاشارة ان عدداً منهن تعرضن لعنف معنوي وجسدي وصل أحياناً الى حد الاغتصاب او الى تقييد بعضهن بالسلاسل وهذا نضعه في خانة العبودية الحديثة".

من النماذج على هذه الحالات، وفقاً للجمعية، حالة "هيلينا" (اسم مستعار) إمرأة إثيوبية جاءت إلى لبنان للعمل، وتعرضت للإهانة اللفظية من كفيلها الذي أجبرها على تنظيف بيوت عدة في آن واحد. التجأت الى مركز الشرطة القريب من منطقة عملها، الذي بادر بالإتصال بالكفيل لإصطحابها. قام الأخير بضربها بشدة مهدداً بتعنيفها بوحشية في اليوم التالي.

بعد هروبها من هذا الحجيم، عملت في بيت آخر تعرضت فيه الى اغتصاب متكرر من رب المنزل... تواصلت الجمعية مع "هيلينا" وتقدمت بشكوى للنيابة العامة بجريمة الاغتصاب والاستغلال الجنسي.