التاريخ: أيار ١١, ٢٠١٩
المصدر: جريدة الحياة
في "الفيصل" علي حرب: المسلم الفرنسي يستغل فضاء الحرية في فرنسا لكي يفرض طقوسه
الرياض - «الحياة»
أوضح المفكر اللبناني علي حرب أن الخطر على المسلم في فرنسا لايتأتّى من كره المسلمين أو الخوف منهم، بل في كون المسلم الفرنسي، الهارب من فقر بلده وجور حكومته، يغلب هويته الدينية على هويته الفرنسية، ويحاول استغلال فضاء الحرية في فرنسا لكي يفرض طقوسه الدينية على مجتمع تعلم وخرج بأكثريته من الفلك الديني.

ويرفض علي حرب الإرهاب الذي يمارسه الضحايا في فرنسا وسواها، مشيرا إلى أنه ليس من مصلحة اليهود تحول المحرقة إلى طقس ديني يفرض على المجتمع الفرنسي. ويقترح في مقالة نشرتها مجلة «الفيصل» في عددها الجديد، أن تُدرج المحرقة في كتب التاريخ، بحيث تدرّس مع سواها من المحارق والمجازر، فتاريخ البشرية ليس مشرّفاً في هذا الخصوص، إذ هو تاريخ الإبادات. ولا يبرأ اليهود من ذلك.

في حين ترى الباحثة التونسية الدكتورة ناجية الوريمي، في حوار العدد (أجرته الباحثة اللبنانية ريتا فرج) أن على المؤسسات الدينية التخلي عن دورها التقليدي في تثبيت رؤية رسمية أحادية للدين، لتتكفل في المقابل بوظائف تستجيب لقيم التحديث السياسي والثقافي، كما تقول بالحاجة إلى تأويلات تخلص وعي المؤمنين من سلطة تأويلات ماضية، وتؤكد أن الأزمة التي نعيش اليوم ليس الدين سببها إنما تمثله المنغلق، وتشدد على التفكيك بصفته عملية ضروية، تحدد ما يمكن أن يتواصل وما يجب أن يحفظ في المتاحف.

العدد الجديد من الفيصل، تضمن باقة من المواضيع المتنوعة، إضافة إلى المقالات والنصوص الإبداعية. وحمل ملف العدد عنوان «الفلسفة: فضاء حر للعقل»، وكانت فكرته انطلقت من إقرار السعودية تدريس الفلسفة في مناهجها العامة، لكن مواد الملف طافت بقضايا الفلسفة وإشكالاتها عربيا وعالميا وعلاقتها بالفنون والشعر والآداب، متطرقة إلى مأزق الفلسفة في العالم العربي، وأدوارها في المجهودات التربوية والمؤسسية لتشكيل واستنبات حس نقدي لدى الناشئة وفي الفكر العربي عامة، إلى بقائها، أي الفلسفة، كما يرى بعض الباحثين، مجرد درس في الجامعة أو المدرسة، ولم تتحول إلى رؤى فلسفية في إمكانها الإسهام في تطهير المجتمع العربي من جرثومة التخلف وتغييب العقل. شارك في الملف: نور الدين آفاية، ومراد وهبة، والزواوي بعورة، ومحمد علي شمس الدين، ورشيد الخديري، وشتيوي الغيثي، ودانييل كوفمان، وحسن حماد، وحسن يوسف، وعبد المجيد زراقط، وميسون صقر وسواهم.

ويكتب حسن حنفي عن الثقافة العربية والنص المقدس، موضحا أنه ما أكثر الاتهامات التى وُجهت إلى إعادة بناء الثقافة العربية دون الاعتماد على حجة القول: قال فلان، وقال علان. فالقول ليس حجة نظراً لتضارب الأقوال وسوء تأويلها. فالعقل ليس ضد النقل. والبرهان ليس ضد القول. والثقافة المستقلة المعتمدة على ذاتها خير من الثقافة المعتمدة على غيرها».

في باب «دراسات» يناقش الشاعر شاكر لعيبي إمكانية قراءة الفن الإسلامي من وجهة نظر سوسيولوجية، على أنه ممارسة اجتماعية في شروط إنسانية متغيّرة. ويتأمل أحمد الصغير أشكال الشعر النسوي في الإمارات، عبر عدد من الأسماء البارزة.

ويواصل فيصل دراج كتابة شظايا من سيرته الذاتية، إذ يكتب: «رأيت في جبرا التواضع الأنيق وجمالية التسامح والاحتفاء بمسرات الحياة البسيطة، حال مطر يهمي في الربيع، وأنثى جميلة العينين تلتفت إلى الوراء. أذكر الدكتور إحسان، اليوم، عجوزاً نبيلاً جالساً في شرفة ضيقة في عمّان، بشوشاً علا وجهه التعب، يترجم خفقان عينيه ما لا يريد قوله، وقد اطمأن إلى وصف غريب: «أنا جوّال في جغرافيا المعرفة، نظرت هنا وهناك سريعاً، وانتظرت لحظة موائمة لم تأتِ». سألته: ما معنى الشاعر عند معين بسيسو، فأجاب: «الشعر نور العالم من دونه تصبح البشرية عمياء»، وأكمل: «الشاعر حامل الحقيقة يمقتها الجلاّدون والمتكسّبون والعملاء، هو صوت الشعب النقي ورفيق المطر وأنيس حقول البرتقال....».

وتنشر «الفيصل» أجزاءً من حوار مع الكاتب النيجيري وول سوينكا، الذي يتطرق إلى راهن نيجيريا وجنوب إفريقيا، وما يتشابك مع هذا الراهن من جشع وشهوة للسلطة، وظهور طبقة جديدة من أصحاب البلايين. كما يتحدث سوينكا عن الأصولية.

ويكتب تركي الحمد: «ليس بالعلم وحده يحيا الإنسان. ويرى أن المشكلة ليست في تعدد الحقائق ومصادرها ومناهج الوصول إليها، إنما تكمن حين تتداخل هذه المناهج، فيحاول إثبات حقيقة دينية أو فلسفية، لدى المؤمن بها، مثلا من خلال منهج آخر لم يؤسس بداية لتعامل مع حقائق غير تجريبية».

وتنشر الفيصل مقالات لعدد من الكتاب: حاتم الصكر: إمكانات النوع واشتراطات النمط. مروة مختار: ستيوارت هول وتَشَكُّل الهوية الثقافية. زكي الميلاد: الفكر والكسل الفكري. لنا عبدالرحمن: المرأة والكتابة والاغتراب. محمد عبدالوهاب الشيباني: عندما ينقسم اتحاد الأدباء اليمنيين إلى جنوبي وشمالي. حكمت النوايسة: الزعيم: بين شاعر التَّمرِ وشاعرِ التمرُّد.

وفي باب «مدن» يكتب محمود الريماوي عن صوفيا «الأخضر حليفك في صوفيا لمقاومة جفاف الروح والمقاهي البيت الثاني للبلغار». وترسم أروى المهنا بورتريها بالكلمات للشاعر الأميركي الراحل مؤخرا ويليام ستانلي ميروين الذي قال: لا، للحروب التي تشنها بلده. وفي «فضاءات» يتأمل منعم الفقير قصة مجنون ليلى، التي أثارة حفيظة السياسة. وفي الباب نفسه يقرأ عبد الزهرة زكي الأشعار المترجمة للشاعر مارك ستراند التي قام بها الشاعر والمترجم عبد الوهاب أبو زيد. في «ثقافات» يكتب الروائي الأرجنتيني ريكاردو بيجليا عن بقايا الغرق: القراءة والإيمان في كون روبنسون كروزو(ترجمة أحمد عبد اللطيف). في الباب نفسه نطالع مقالا عن «المعتمد الأدبي: من كتلة حصرية إلى وهم استبدادي» لوليم ميتشل(ترجمة ربيع ردمان).

وفي «ميديا»: استطلاع حول تأثير سناب شات الواسع في المجتمع السعودي، الذي تحول إلى سجال(هدى الدغفق). وفي «تحقيقات»: بيروت، دبي؛ من يلهم من؟(محمد حجيري). في «كتب» نطالع مقالات حول عدد من الكتب الجديدة: يسري عبدالله: «ورد الجليد» لأحمد الخميسي. محمد جازم: النص والنص الموازي لحسن الحازمي. عواض العصيمي: «الكتابة على جهاز آيفون» لعبدالرحمن الشهري. رضا عطية: «لا أراني» لأحمد الشهاوي. حسونة المصباحي: «الحياة كما لم تحدث» لشوقي بزيع. لحسن أحمامة: «الذات والعالم» لصدوق نور الدين. نجم عبدالله كاظم: «هل تشتري ثيابي»؟ لبلقيس الملحم. عبدالرحيم رجراحي: «القراءة رافعةً رأسها» لعبدالسلام بنعبد العالي.

في باب «فنون» تترجم الكاتبة والفنانة المصرية نورا أمين دراسة بعنوان «حركات التناسج: الرقص والجسدانية في أزمنة السفر والهجرة. من كتاب لمجموعة من الكتاب الألمان، وفي الدراسة يتساءل المؤلف: «هل جسد الراقص اليوم هو أيضا فضاء عمومي تتداخل فيه ثقافات وممارسات الحركة المختلفة، والتقنيات الجسدية وخبرات الجسد - تداخل يتسم بالتلازم اللامتزامن متعدد الإيقاع والصوت واللغة والمنمط صوتيا - التي تظل أنماطه تنتج دوما اختلافات واحتكاكات»؟

في «مسرح» يحاور أحمد الطراونة المسرحي غنام غنام، الذي يرى أن الفعل المسرحي إعادة تحيين الفكرة، وتحيين الأسئلة، وتحيين الخسارات، لتظل هاجسنا اليومي. وفي «تشكيل» حوار مع الفنانة السورية نورعسلية (سامر اسماعيل). وفي باب «نصوص»: عاشور الطويبي والهنوف الدغيشم وهدى حمد وفاطمة عبدالحميد ومحمود قرني وعلي عبدالله خليفة.

أما كتاب الفيصل فجاء بعنوان «الدين والإعلام: في سوسيولوجيا التحولات الدينية» للباحث المغربي رشيد جرموني.