التاريخ: أيار ٢٠, ٢٠١٩
المصدر: جريدة النهار اللبنانية
النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية - فريد الخازن
كلام كثير يقال حول قانون انتخاب جديد يصحح الخلل الذي احدثه قانون 1992 ويعيد التوازن السياسي والتمثيلي الى العملية الانتخابية، بعد الشرخ الكبير الذي احدثته الانتخابات النيابية الاخيرة. وكالعادة يتضمن الكلام من المواقف السياسية المتشنجة والعنتريات المعهودة ما يكفي لتحويل النقاش مبارزات علنية بين فرسان الحلبة السياسية. وفي الكلام أيضاً من الاوهام والاحلام ما يكفي لجعل النظام الانتخابي وكأنه عصا سحرية قادرة على اصلاح النظام السياسي وايجاد الحلول لجميع المشاكل العالقة قبل الحرب وبعدها. 

الواقع انه ليس هناك نظام انتخابي مثالي يتلاءم مع كل الانظمة السياسية او مع اي مجتمع من مجتمعات الدول المعاصرة. كما انه ليس هناك معيار مثالي لنظام انتخابي على المستوى العالمي. المعيار الوحيد هو معيار التنافس السياسي الحر في ظل نظام ديموقراطي فاعل يؤمن المداورة في السلطة. 

النظم الانتخابية الفاعلة هي تلك التي تتناسب مع واقع البلد المجتمعي ومع اوضاعه السياسية وطموحات شعبه المستقبلية. من هنا، فان لكل نظام انتخابي وظيفة تمثيلية واخرى سياسية. واهدافاً اخرى يحدد اطرها المشترع. وهي اهداف يجب ان تعكس ارادة الشعب واولوياته. 

وظائف النظام الانتخابي 

من المفيد الاشارة اولاً الى الوظائف التمثيلية والسياسية التي يؤمنها قانون الانتخاب في الانظمة الديموقراطية، والتمييز بين المجتمعات المتجانسة وغير المتجانسة، كما هي الحال في لبنان. 
هذه الوظائف هي الآتية: 

1-    تأمين التمثيل الصحيح، وهو التمثيل الذي يربط المرشح (او النائب) بالناخب، اي بالقاعدة الشعبية على مستوى الدائرة الانتخابية التي يمثلها النائب في المجلس النيابي. والتمثيل الصحيح يقتضي أيضاً تمكين الناخبين من محاسبة ممثليهم (تأييداً او معارضة) وذلك من خلال منحهم القدرة على التأثير على العملية الانتخابية في انتخابات تجري بانتظام، وبحسب روزنامة زمنية محددة.

2-    تأمين التمثيل السياسي الصحيح بحيث لا يتحول النظام الانتخابي ادارة سياسية او ادارية لضرب قوى سياسية معينة او تحجيمها وصولاً الى الغائها. وهذا يعني تأمين حد ادنى من فرص الترشيح والتمثيل للقوى السياسية المتعددة. 

3-    تسهيل آلية الحكم الديموقراطي وتفعيلها، وذلك من خلال اعتماد نظام انتخابي يشجع على قيام تحالفات سياسية او كتل نيابية تساعد على تفعيل العمل السياسي البرلماني على اساس تنافس القوى السياسية بين الحكم والمعارضة، وعلى اساس برامج واهداف واضحة.

4-    تحقيق الاستقرار السياسي. وهذا يعني عملياً عدم تحويل التنافس السياسي تشرذماً بين القوى السياسية يحول دون تأمين الاستقرار الداخلي لتسيير شؤون الدولة على اساس اكثرية حاكمة واقلية معارضة تسعى بدورها الى الوصول الى السلطة بالوسائل السلمية.

5-    تجديد الحياة السياسية، من خلال تجديد النخب السياسية وتجديد طروحاتها، بحيث لا تقتصر فقط على مسائل انتخابية يغلب عليها الطابع الظرفي والموقت. 

الا ان وظيفة التمثيل تأخذ اهمية قصوى في المجتمعات غير المتجانسة، اي تلك التي توجد فيها انقسامات داخلية (اثنية، عرقية، طائفية، ثقافية، الخ)، وهي انقسامات ذات طابع غير اقتصادي (او طبقي)، فيكون للنظام الانتخابي وظائف اخرى، اهمها: 

1-    تأمين تمثيل المجموعات التي يتألف منها المجتمع وليس فقط الافراد. نظام الديموقراطية العددية على النموذج البريطاني الكلاسيكي (Westminster System) لا يفي بالغرض التمثيلي المطلوب. لان الاكثرية ستظل دائماً في السلطة والاقلية ستظل دائماً خارجها. والمثل الواضح في هذا المجال هو مفاعيل النظام الانتخابي في بريطانيا وايرلندا الشمالية. ففي بريطانيا يؤمن النظام القائم الاستقرار والمداورة الشرعية في السلطة، في حين ان النظام نفسه المتبع في ايرلندا الشمالية، حيث الانقسام بين البروتستانت والكاثوليك، انتج حرباً اهلية. 

2-    تأمين مساحة التقاء وطني بين المجموعات التي يتألف منها المجتمع، بحيث لا يشكل النظام الانتخابي سبباً لتعميق الانقسامات الداخلية، سواء في الشأن السياسي او في شؤون ومسائل غير سياسية. 

حجم الدوائر الانتخابية ومفاعيلها السياسية 

الجدل حول قانون الانتخاب، في محوره الاساس، يدور حول مسألة حجم الدائرة الانتخابية. اما نظام الاقتراع، على اهميته لما له من تأثير على النتائج اضافة الى مفاعيل سياسية اخرى، فهو لم يعطَ الاهمية المطلوبة في الجدل السياسي العام. 

يمكن التمييز بين اربعة احجام للدوائر الانتخابية: الدائرة الفردية (او الصغرى) حيث يمثل فيها الناخبون بنائب واحد، الدائرة المتوسطة حيث يكون عدد المقاعد لا يتجاوز الستة او السبعة، الدائرة الكبرى حيث يتراوح عدد المقاعد بين سبعة (او ثمانية) وخمسة عشر او عشرين مقعداً. 

في قانون 1992 ضربت عدد المقاعد ارقاماً قياسية وصلت فيها في محافظة الشمال الى 28 مقعداً، وفي محافظتي الجنوب والنبطية الى 23 مقعداً. واخيراً الدائرة الانتخابية الواحدة حيث يتم الانتخاب على مستوى البلاد ككل. 

الدائرة الفردية 
ميزة الدائرة الفردية انها الاكثر تمثيلاً للمواطنين على مستوى الدائرة الانتخابية، وهي الدائرة المعتمدة في عدد كبير من الدول ذات الانظمة الديموقراطية، ومنها فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، اوستراليا وسواها. وهي تؤمن التمثيل المناطقي الصحيح وتجعل المواطنين قادرين على محاسبة النائب وعلى التأثير في مجرى الانتخابات في شكل مباشر وفاعل. وغالباً ما تنشأ معرفة شخصية بين المرشحين والمهتمين بالشأن السياسي. 

وفي الدائرة الصغرى، يكون التركيز عادةً على الشؤون التي تهم الناخبين من سكان الدائرة، وهي غالباً ما تكون شؤوناً محلية ذات طابع خدماتي، اكثر منها مسائل ذات طابع وطني عام. وفي ظل غياب الاحزاب والتيارات السياسية الناشطة، قد يأخذ التمثيل منحىً ضيقاً او عائلياً. وقد يشبه في بعض اوجهه التمثيل والانتخاب على مستوى البلديات. 

الدائرة المتوسطة 
تؤمن الدائرة المتوسطة نسبة عالية من التمثيل الصحيح، وتمكن المواطنين من محاسبة ممثليهم في المجلس النيابي في شكل فاعل. الا ان الدائرة المتوسطة تمتاز عن الدائرة الصغرى لجهة تأمين هامش اوسع من العمل السياسي على المستوى الوطني العام، بعيداً عن المصالح الفئوية الضيقة، الطائفية والمناطقية والعائلية. 

وما يميز الدائرة المتوسطة عن سواها من تقسيمات الدوائر الانتخابية انها تجمع بين وظيفتين اساسيتين في مجتمع متنوع كالمجتمع اللبناني: وظيفة الاختلاط الطائفي والسياسي من جهة، ووظيفة التمثيل المتوازن للطوائف والمناطق من جهة ثانية. 

قانون انتخاب 1960 بقاعدته الاساسية، اي القضاء كدائرة انتخابية، هو الاقرب الى الدائرة المتوسطة. ولقد جرت اربع دورات انتخابية حسب قانون 1960 الذي وضع في عهد الرئيس فؤاد شهاب (1960، 1964، 1968، 1972). وعلى رغم الشوائب والتجاوزات التي رافقت تلك الانتخابات، فقد امن قانون 1960 تمثيلاً سياسياً ومناطقياً وطائفياً مقبولاً، واوجد تنافساً سياسياً بين الحكم والمعارضة. وقد استطاعت المعارضة في انتخابات 1968 تحقيق انتصار انتخابي كان من نتائجه خسارة الشهابيين في الانتخابات الرئاسية عام 1970. كما انه في ظل قانون 1960 برزت تكتلات سياسية فاعلة اضافة الى بروز احزاب سياسية كان لها وجود قوي في مجلس النواب. الاعتراض المبدئي على قانون 1960 كان حول عدم وجود مناصفة بين عدد النواب المسيحيين والمسلمين. وقد اقرت المناصفة في الوثيقة الدستورية عام 1976، الا انها لم تنفذ بسبب غياب العملية الانتخابية خلال سنوات الحرب. 

الدائرة الكبرى 
للدائرة الكبرى، كما للدوائر الاخرى، ايجابيات وسلبيات. مؤيدو الدائرة الكبرى ينطلقون من مسلمة تقول بأنه كلما كبر حجم الدائرة لجهة عدد الناخبين والمقاعد، كلما ازداد الاختلاط بين الطوائف، الامر الذي يساعد على الانصهار الوطني وتالياً على تحصين الوفاق الداخلي. وهذا يؤدي أيضاً الى تنامي الشأن الوطني على حساب الشأن المحلي بطروحاته الضيقة. 

و للدائرة الكبرى وظيفة اخرى، وهي نشوء تحالفات بين المرشحين من مختلف الطوائف والاتجاهات السياسية. وثمة قول أيضاً ان الدائرة الكبرى تساعد على نشوء احزاب سياسية ذات قاعدة وتوجه وطنيين، وتحد من الولاء الشخصي لمصلحة البرنامج الانتخابي. 

الا ان للدائرة الكبرى سلبيات عدة. اولى تلك السلبيات ان التمثيل لا يعكس دائماً اولويات المواطنين ولا يعبر عن ارادتهم، خصوصاً ان الناخبين لا يستطيعون ان يحاسبوا ممثليهم بالفاعلية ذاتها المتوافرة في الدوائر الاصغر حجماً. لكن السلبية الاهم في الدائرة الكبرى تكمن في ان التوازنات السياسية تصب في مصلحة المرشحين وفي شكل التحالفات السياسية وتالياً في تركيبة اللائحة. 

التجارب الانتخابية السابقة تدلّ بوضوح ان الزعيم الاقوى يأتي بمرشحين لا يتمتعون بقيمة تمثيلية. وهذا يعني عملياً سيطرة الزعيم الاقوى (او منافسه في حال وجوده) على الدائرة الانتخابية، وعدم الافساح في المجال لبروز قيادات جديدة، خصوصاً من طائفة الزعيم. يمكن الاشارة هنا الى امثلة عدة منذ 1943 الى اليوم. ففي جميع القوانين الانتخابية التي ارتكزت على الدائرة الكبرى (المحافظة، او وجود عدد مرتفع من نواب على مستوى القضاء) كان الزعيم الاكثر نفوذاً يأتي بمرشحين على لائحته يمثلون مصالحه الشخصية وليس مصالح الناخبين، سواء كانوا من طائفة المرشح او من سواها. في الجنوب مثلاً كان يتحكم باللائحة احمد الاسعد، وفي البقاع صبري حمادة وجوزف سكاف، وفي الشوف كمال جنبلاط وكميل شمعون، وفي بيروت بيار الجميل وصائب سلام، وفي الشمال رشيد كرامي وسليمان فرنجية، الخ... اما التحالفات او التكتلات التي قد تنشأ بسبب اتساع حجم الدائرة، فغالباً ما تتفكك داخل مجلس النواب. وهي ليست تكتلات منظمة، لها برامج وطروحات سياسية، كما هي الحال عادة في الانظمة الديموقراطية بل تجمعات انتخابية ظرفية. التكتل السياسي الاهم والانجح في الحياة السياسية اللبنانية منذ الاستقلال كان التكتّل الشهابي (النهج). اما سبب وجود التكتل، فليس مرده الى حجم الدائرة الانتخابية او النظام الانتخابي، بل يعود الى ارتباطه بالرئيس فؤاد شهاب ونهجه الوطني العام. اما في ما يخص الاختلاط وتغليب التوجه الوطني، فالدائرة الكبرى لا تؤمّن الاختلاط المبني على التمثيل الصحيح، ذلك ان ممثلي الطوائف يختارهم الزعيم الاقوى وليس المجموعات الشعبية التي يمثلها النائب في المجلس. اما التوجه الوطني فيعود الى موقع الزعيم الوطني والى الدور الذي يريد ان يلعبه في السياسة العامة للبلاد، وليس لان حجم الدائرة في ذاته يُنتج توجهات وطنية حقيقية تتجلى بالافعال والممارسة السياسية وليس فقط بالاقوال والشعارات. اما الاعتدال في المواقف والطروحات، فهو موجود في زمن السلم كيفما كان حجم الدائرة، وما دامت الطوائف غير مستهدفة. لكن، في زمن الازمات الحادة، كما في عام 1958 و1969 واندلاع الحرب عام 1975، فيعود الجميع الى مواقعهم الاساسية، فيحل التطرف مكان الاعتدال بغض النظر عن حجم الدائرة وعن اية اعتبارات، محلية كانت ام وطنية، انتخابية أم غير انتخابية. تبقى الاشارة الى عامل سلبي آخر له موقعه المؤثر في الدائرة الكبرى: عامل المال وصفقات "شراء المقاعد" سواء بهدف الكسب المادي من جانب رئيس اللائحة او بهدف تمويل المعركة الانتخابية. ففي الدوائر الانتخابية حيث العصبية الطائفية او العائلية ضعيفة يُؤتى بالمرشح رجل الاعمال المليونير، ليسد الفراغ، وفي بعض الاحيان يُؤتى به من خارج الدائرة. ولقد برز هذا "التقليد" قبل الاستقلال، واستمر في جميع الدورات الانتخابية. والامثلة عديدة داخل جميع الطوائف اللبنانية، وفي عدد كبير من الدوائر الانتخابية. 

الدائرة الواحدة 
مؤيّدو اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة يقولون انها تساهم في صهر اللبنانيين في بوتقة وطنية واحدة، كما انها تساهم في توحيد الخطاب السياسي على المستوى الوطني، بدل ان يكون خطاباً ذا افق سياسي ضيق. كما ان اعتماد الدائرة الواحدة يؤدي الى قيام تكتلات واحزاب سياسية لاطائفية تتمتّع بقواعد شعبية واسعة. وهذا ما يشجّع على اعتماد البرامج الانتخابية وتفعيل عمل النظام البرلماني. وهناك من يقول ان الدائرة الواحدة تحرّر النائب من الاهتمام بالشأن الخدماتي الضيق، وتقضي على المحسوبيات و"الواسطة"، ما يساهم في تصحيح الممارسة السياسية ورفع مستوى الاداء السياسي العام. 

في مرحلة سابقة، طرحت الحركة الوطنية اعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة والاقتراع النسبي في اطار البرنامج المرحلي الذي اعلنه كمال جنبلاط في 18 آب 1975. الا ان هذا الطرح اشترط الغاء الطائفية السياسية، اي ان التمثيل النيابي يكون على اساس غير طائفي. والهدف من ذلك كان ايجاد آلية لتمثيل الاحزاب التي لها قواعد شعبية موزّعة على المناطق، وليس فقط ضمن دائرة انتخابية معيّنة. الواقع ان لبنان، في النصف الاول من السبعينات، شهد بروز احزاب سياسية ذات قواعد شعبية في غير منطقة وطائفة، ولو صغيرة نسبياً بالمقارنة مع القوى السياسية الاخرى. لا بل يمكن القول ان لبنان في منتصف السبعينات كان وصل الى اعلى درجة من العمل السياسي على المستوى الوطني منذ الاستقلال عام 1943. اجواء البلاد عامة كانت اكثر وطنية، باحزابها وبطروحاتها ونهج حكامها، وباختلاط مواطنيها في اماكن السكن والعمل وفي الحياة الاجتماعية عامة. اما اليوم، وبالمقارنة مع مرحلة ما قبل الحرب، فقد انحدر العمل السياسي الوطني، الحزبي وغير الحزبي، الى ادنى مستوياته. ان طرح الحركة الوطنية في حينه (وربما ليس من حيث توقيته وقد اتى بعد اندلاع الحرب) كان طرحاً منسجماً مع واقع حال البلاد، ولو جزئياً، خصوصاً من منظار الاحزاب والقوى التي كانت تشكّل الحركة الوطنية، وعلى رأسها كمال جنبلاط بما كان يتمتع من تأييد وطني يتجاوز الدعم الطائفي التقليدي للبيت الجنبلاطي. وكان الطرح متجانساً لجهة تقنية الاقتراع في الدائرة الواحدة، اي اعتماد التمثيل النسبي مع الغاء الطائفية السياسية، على عكس ما يُنادى به اليوم، وهو اعتماد النسبية والطائفية في آنٍ معاً. 

ان هدف التمثيل النسبي في البلدان التي تعتمده تأمين التمثيل السياسي بحسب نسبة التأييد الشعبي، وليس تأمين تمثيل المجموعات التي يتألّف منها المجتمع. ففي لبنان يعتبر التمثيل الطائفي شكلاً من اشكال التمثيل النسبي. من هنا صعوبة التزاوج بين النسبية السياسية والنسبية الطائفية بشكل يؤمن التمثيل الصحيح وبحسب النسب التي يحصل عليها الحزب الذي يفترض ان تكون قياداته وقواعده وطنية (اي غير مذهبية او طائفية) قبل اعتماد نظام الدائرة الواحدة وليس بعده. 

فالاحزاب الوطنية لا تصبح وطنية بالشعارات فقط، كما انها لا تُفرض وطنيتها بقانون، ولا هي تتحوّل الى الوطنية الصحيحة لان ثمة من قرّر بان طريق الوطنية الامثل هي الدائرة الانتخابية الواحدة. 

من الناحية التقنية، تتطلّب الدائرة الواحدة، على عكس الدوائر الانتخابية الاخرى، تحديد طريقة الاقتراع لتأمين التمثيل المطلوب بسبب ارتفاع عدد الناخبين والمرشحين. الاقتراع المعتمد عادة هو الاقتراع النسبي، تحدّد نسبه ونظمه بقانون. ونظام الدائرة الواحدة يتطلّب وجود احزاب سياسية فاعلة في الحياة السياسية وتتمتع بقواعد شعبية ذات انتشار واسع. 

الدائرة الواحدة في المبدأ والتطبيق 
منطق الدائرة الواحدة ينطلق من فرضية تقول ان توحيد الوطن يتم من طريق توحيد النظام الانتخابي، بحيث تتداخل مصالح اللبنانيين، ناخبين ومرشحين، فيتغلب المنحى الوطني الشامل على المنحى الطائفي التجزيئي. وهكذا يتمّ توحيد الخطاب السياسي اللبناني وتقريب الناس الى بعضها البعض، على اساس طروحات سياسية وطنية. 

السؤال المطروح هنا هو الآتي: هل ان توحيد المجتمع المنقسم يأتي من خلال اعتماد نظام انتخابي معيّن، ام انه يأتي من خلال الممارسة السياسية الديموقراطية الصحيحة وبناء مؤسسات الدولة واستعادة ثقة المواطن باداء الدولة وسلوك اركانها؟ وهل ان المطلوب واقعياً عملية صهر للبنانيين ام تقريب تطلعاتهم واولوياتهم وخياراتهم المتباينة في المسائل السياسية وغير السياسية المهمة، وصولاً الى توحيدها على اساس الديموقراطية الصحيحة، في ظل دولة سيدة ترعى شؤونها القوانين وتلتزم حقوق الانسان؟ 

ان عملية صهر المجتمع المركّب على اسس غير توافقية وبطرق غير ديموقراطية، كما كانت الحال في يوغوسلافيا السابقة وفي الاتحاد السوفياتي سابقاً، لا تحدّ من النزاعات بل تزيدها تفاقماً وتحولها نزاعات عنفيّة بعد انهيار الغطاء السياسي والعسكري الذي تؤمنه الدولة السلطوية. 

قبل التطرّق الى مدى امكان تطبيق الدائرة الواحدة في لبنان، يجب الاشارة الى وجوب توافر شرطين اساسيين لتأمين المردود الايجابي للنظام الانتخابي حسب الدائرة الواحدة. 

اولاً: وجود مؤسسات حكومية قادرة على تنظيم الانتخابات النيابية وتأمين حسن سيرها، خصوصاً ان الاقتراع النسبي على مستوى البلاد ككل يتطلب تنظيماً لوجستياً دقيقاً ومعقداً لاحتساب عدد الاصوات، كما يتطلب نسبة عالية جداً من النزاهة والاحتراف في ادارة العملية الانتخابية لانتخاب 128 نائباً في يوم واحد.

ثانياً: وجود ممارسة ديموقراطية سليمة ومستوى عال من الشفافية السياسية في عمل مؤسسات الدولة، وعلى مستوى اركانها، وبين القوى السياسية الحزبية وغير الحزبية. ذلك ان الخلل، في حال حصوله، يكون ضرره اكبر في الدائرة الواحدة منه في دوائر انتخابية اصغر حجماً. 

من المفيد استعراض تجارب الدول التي اعتمدت نظام الدائرة الواحدة والاقتراع النسبي. 

من الدول ذات النظام الديموقراطي الفاعل، دولتان فقط تعتمدان اليوم الدائرة الواحدة والاقتراع النسبي. هاتان الدولتان هما هولندا واسرائيل. 

ان اعتماد الدائرة الواحدة يتم في دول تمتاز بالخصائص الآتية:

1-    الدول التي اعتمدت الدائرة الواحدة هي مجتمعات متجانسة قبل اعتماد نظام الدائرة الواحدة وبعده. والتجانس هنا يعني ان الانقسامات الاساسية داخل المجتمع هي سياسية - ايديولوجية بين يسار ويمين ووسط، وهي منظمة في احزاب سياسية قائمة، وان كانت تلك الاحزاب تعكس في قاعدتها الشعبية انقسامات داخلية غير سياسية، كما هي الحال الاسرائيلية. ولم يأتِ اعتماد الدائرة الواحدة بهدف التوحيد، بل بهدف توسيع قاعدة التمثيل الحزبي.

2-    الدول التي اتّبعت نظام الدائرة الواحدة تتمتع باحزاب سياسية عريقة في تقاليدها وجذورها في العمل السياسي المؤسساتي وفي المجتمع. وهي احزاب لها قواعدها الشعبية الوطنية وولاءاتها المتينة، كما ان لها طروحات سياسية او ايديولوجية واضحة. هذا فضلاً عن امتلاكها تنظيماً قوياً ومؤسسات حزبية سياسية وغير سياسية تشكّل العمود الفقري لعمل الحزب على المستوى الوطني، وتؤمن استمراريته بعد غياب المؤسّس او القائد التاريخي.

3-    الخارطة الحزبية في البلدان التي تعتمد الدائرة الواحدة تتألف عادة من حزبين (او تكتلين) اساسيين يشكّلان مجتمعَيْن اكثرية برلمانية، ويحتلان ما لا يقل عن 50 او 60 في المئة من المقاعد النيابية. الاحزاب الاخرى تكون اصغر حجماً تمثل اتجاهات سياسية مختلفة. وهي عادة ما تتحالف مع احد الحزبين الرئيسيين في تشكيل الحكومة. هذه ليست قاعدة جامدة، انما هي توجه سياسي عام في تشكيل التحالفات السياسية.

4-    الدائرة الواحدة هي عادة متّبعة وفاعلة في البلدان ذات الانظمة البرلمانية الصرف (بالمقارنة مع النظام الرئاسي او النظام المختلط)، وحيث الدولة مركزية موحدة، اي غير مركبة. فالحزب الذي يتمتّع باكثرية عددية في البرلمان يحكم بالتحالف مع احزاب اخرى، والاحزاب الاخرى تعارض. 

على رغم توافر البنية التحتية الادارية والسياسية لانتخابات الدائرة الواحدة في البلدان التي اعتمدتها، فانها تسعى الى جعل النظام الانتخابي اقل نسبية، وذلك نظرا الى التشرذم السياسي الكبير الذي تشهده. وهذا يعني عمليا غياب الاكثرية المطلوبة في البرلمان لاي حزب من الاحزاب الرئيسة لكي يتمكن الحزب من الوصول الى الحكم وتأليف الحكومة من دون ان يكون مجبرا على ان يتحالف مع احزاب صغيرة راديكالية، كما هي الحال في اسرائيل منذ منتصف الثمانينات. ففي بعض الاحيان، يتحكم الحزب الاقلوي بالتركيبة الوزارية ويفرض طروحاته، عوض ان يكون الحزب الاكثري هو الحزب الحاكم، كما هي القاعدة في النظام الديموقراطي. 

بالمقارنة مع تجارب الدول الاخرى، والشروط المطلوبة لانجاح العملية الانتخابية على مستوى الدائرة الواحدة، نرى صعوبة اعتماد هذا الخيار في ضوء واقع الحال اللبنانية اليوم. ففي لبنان الذي لا يتوافر فيه الحد الادنى من الشروط المطلوبة لادارة انتخابات الدائرة الواحدة في شكل سليم تصبح المسألة بالغة التعقيد. ففي لبنان ما بعد الحرب، حيث الاستقرار ما يزال طري العود، كما يقول بعض المسؤولين، وحيث الدولة ما تزال قاصرة تحاول جاهدة بلوغ سن الرشد، كما يقول البعض الآخر، وحيث الثقة الشعبية بالاداء السياسي للحكم متدنية جدا، في لبنان كهذا، تطرح انتخابات الدائرة الواحدة مشاكل كبيرة، ولن يكون تجاوزها بالامر السهل فعندما يستحيل ادارة انتخابات رئاسة تنافسية بين 128 ناخبا في البرلمان فهل يمكن ادارة انتخابات على مستوى لبنان دائرة واحدة؟ وعندما يستحيل تنظيم انتخابات بلدية، لأي سبب من الاسباب، فكيف يمكن اجراء انتخابات ينتخب فيها الناخب في الجنوب مرشحا في الشمال، والناخب في البقاع مرشحا في بيروت، الخ؟ 

من المسلم به ان الاحزاب السياسية في لبنان التسعينات، هي اكثر طائفية ومذهبية من مرحلة ما قبل الحرب. وقد لا يكون هناك اي حزب يمكن ان يتمتع بقاعدة شعبية تتجاوز العشرة في المئة على المستوى الوطني العام. والتكتلات السياسية غير الحزبية ليست افضل حالا. فقياسا بمرحلة ما قبل الحرب، يمكن القول ان التكتلات السياسية اليوم محدودة التأثير والفاعلية، هذا فضلا عن غياب الطروحات والبرامج، لا بل غياب الحياة السياسية برمتها. 

ازاء واقع كهذا، نتساءل: من اين سيؤتى بالاحزاب الوطنية، وما الذي سيجعل الاحزاب وطنية عندما يكون لبنان دائرة انتخابية واحدة؟ الجواب، ان الاحزاب القائمة ستتوسع لتشمل تحالفات انتخابية ظرفية في احسن الاحوال، والاحزاب الجديدة التي قد تنشأ ستكون احزابا على قياس رجالاتها وقواعدها المحلية، الطائفية والمناطقية. فقد ينشئ هذا الزعيم او ذاك في هذه المنطقة او تلك حزبا كما كانت الحال في لبنان ما قبل الحرب، حتى بالنسبة الى احزاب تدّعي محاربة الاقطاعية وتنادي بالتقدمية والتحرر. فاذا كانت الاحزاب العقيدية المنظمة تحولت احزابا طائفية وعائلية ومناطقية، بعد اكثر من نصف قرن من العمل السياسي على المستوى الوطني وقبل مرحلة الحرب، واذا كانت الاحزاب ذات القواعد الطائفية والمذهبية فشلت في استقطاب قواعدها الطبيعية لا بل اصبحت منبوذة في بعض الاحيان، فكم بالحري بالنسبة لاحزاب ستنشأ اليوم، ولبنان في ذروة تشرذمه المذهبي وليس فقط الطائفي، والدولة في ذروة غيابها السياسي، واركانها في ذروة خلافاتهم حول مسائل الحكم والسياسة كافة؟ 

اما في ما يخص مسألة التمثيل الصحيح وتجديد النخب السياسية، فان الدائرة الواحدة هي السلاح الافعل لضرب التمثيل الصحيح وتجميد آلية التغيير. فالتمثيل يقرره السياسي الاقوى، واللوائح الحزبية تشكلها القيادات النافذة، فيكون ارتهانها لرئيس الحزب - الزعيم شبه مطلق. والسؤال هو: كيف سيتم اختيار المرشحين، وبحسب اي معيار، طالما ان الجامع بين الاحزاب اللبنانية هو غياب الممارسة الديموقراطية والسيطرة المطلقة لرئيس الحزب؟ افلا يكون من الافضل اعطاء فرصة لاولئك المرشحين الذين يتمتعون بقواعد شعبية في دوائرهم الانتخابية للوصول الى البرلمان، بدل ان نجعل الجميع رهائن في يد محتكري التمثيل النيابي؟ وهكذا نكون قد انتقلنا من الاقطاعية الطائفية المعهودة الى "اقطاعية وطنية" جديدة. 

تبقى الاشارة الى عامل المال، فبحسب تقديرنا، قد يكون المال في الدائرة الواحدة الناخب الاكبر وقد تسجل بورصة شراء المقاعد على اللائحة القوية ارقاما قياسية، سواء لجهة العدد او لجهة ثمن المقاعد، وذلك لسبب تقني بسيط، وهو ان عملية شراء مقعد او اكثر على اللائحة في لبنان دائرة انتخابية واحدة تفوق كلفتها عملية الشراء على مستوى الدائرة الاصغر. 

النظام الانتخابي الانسب وشروطه 

في ضوء واقع حال السياسة اللبنانية في المرحلة الراهنة، نعتقد ان النظام الانتخابي الافضل هو النظام الذي يوفّق بين صحة التمثيل على المستويين المناطقي والطائفي والاختلاط الطائفي والسياسي. 

الاولوية هي للتمثيل الصحيح، ذلك انه عندما يتأمن التمثيل الصحيح تتأمن الوحدة الوطنية وليس العكس، اي ان النظام الانتخابي الذي يفتقد الى التمثيل المتوازن، لا يوحد اللبنانيين فحسب، بل يؤسس لنزاعات مستقبلية وفي الاطار عينه، ليس المطلوب قانونا انتخابيا يزيد في التشرذمات الداخلية. كما ليس المطلوب قانونا انتخابيا يؤدي الى تشرذمات مبطنة تحت ستار التوحيد، ذلك ان هذه التشرذمات هي اكثر ايذاء من التشرذمات المضبوطة سياسيا، وذات الضرر المحدود. المطلوب ان تصبح الوحدة الوطنية واقعا معاشا، بدل ان تكون وحدة وطنية مصطنعة او مضغوطة. وهذا الهدف يتحقق من خلال ممارسات الحكم واهله، ووجود دولة المؤسسات ودولة القانون والقدرة على اتخاذ القرار الحر. 

اما في ما عدا ذلك فان اي نظام انتخابي ايا يكن شكله ومضمونه لن يكون الاداة الاساسية في توحيد البلاد. والسبب بسيط: الانقسامات داخل المجتمع اللبناني لم تنشأ بسبب القوانين الانتخابية، لا قبل الاستقلال ولا بعده ولا قبل سنوات الحرب ولا بعدها. كما ان حروب لبنان الداخلية والخارجية لم تندلع بسبب قانون الانتخاب، ولم تنته بسبب اعتماد قانون انتخاب جديد. الانتخابات التي احدثت شرخا حقيقيا على المستوى الوطني كانت انتخابات 1992. اما الانتخابات السابقة التي ادت الى ازمات سياسية في الاربعينات والخمسينات، عكست الانقسام بين الحكم والمعارضة، وليس على المستوى الوطني العام. 

لقد اندلعت الحرب عام 1975، وسبقتها الازمات السياسية والنزاعات العسكرية منذ عام 1969 ليس بسبب النظام الانتخابي، ولا بسبب الانتخابات النيابية (او الرئاسية) بل لاسباب ارتبطت بالوجود الفلسطيني المسلح وطبيعة عمل المنظمات الفلسطينية في لبنان. الخلاف الداخلي تمحور حول هذا الامر، والازمة الوزارية التي دامت سبعة اشهر عام 1969 والتي لم تنته الا بعد توقيع اتفاق القاهرة، لم تكن مرتبطة لا من قريب ولا من بعيد بأي شأن انتخابي داخلي. ان بروز المقاومة الفلسطينية بعد حرب 1967، كما بروز الناصرية في الخمسينات، قلبا المعادلات السياسية في المنطقة رأسا على عقب وأديا الى ازمات سياسية وعسكرية، ليس فقط في لبنان بل في غير دولة عربية. 

كذلك لم يتم انهاء الحرب عام 1990 بالوسائل السياسية فقط ولم يكن للشأن الانتخابي اي دور محوري في اجتماعات الطائف عام 1989، ولا في مراحل التنفيذ اللاحقة. في شكل عام، لم يكن لمجلس النواب، كمؤسسة، اي دور مركزي سواء في تأجيج نار الحرب او في اطفائها. القرار بانهاء الحرب اتى ليس فقط من خارج المجلس، بل من خارج البلاد، والتزم به المجلس واعطاه الشرعية الدستورية المطلوبة. 

من المجدي الا نحمل قانون الانتخاب اوزارا لا يقدر على حملها، ولا هي اصلا من وظائفه. لقد نصت وثيقة الوفاق الوطني على وجوب اعتماد المحافظة دائرة انتخابية، لكن من دون الاشارة الى حجمها. الا انها تؤكد على وجوب مراعاة القواعد التي تضمن العيش المشترك وتأمين صحة التمثيل السياسي وفاعليته. هاتان القاعدتان تؤمنهما الدائرة المتوسطة، او اي شكل من اشكال التمثيل الذي ينطلق من قاعدة الدائرة المتوسطة وهي الخيار العملي الافضل في ظل الاوضاع القائمة اليوم. 

بموازاة القانون، تأتي مسألتان اساسيتان: تجانس المعايير التي ترعى القانون، والفترة الزمنية المطلوبة التي تفصل اعلان القانون عن يوم الاقتراع. المطلوب تجانس المعايير إن لجهة حجم الدائرة الانتخابية او لجهة طريقة الترشيح والاقتراع، لئلا يكون القانون الجديد اعادة لقانون 1992 الذي هو عمليا ثلاثة قوانين بانماط انتخابية مختلفة، وكأن الانتخابات تجري في ثلاثة بلدان مختلفة. ففي بيروت، كان الترشيح والانتخاب على مستوى المحافظة. في الجنوب والشمال كان الترشيح على مستوى القضاء والانتخاب على مستوى المحافظة. وفي جبل لبنان والبقاع اعتُمد قانون 1960. هذا فضلا عن دمج محافظتي النبطية والجنوب في دائرة انتخابية واحدة. 

ان توحيد البلاد وتحقيق الوفاق الوطني لا يتمان من خلال اعتماد معايير انتخابية انتقائية ايا تكن الاعتبارات والظروف. مسألة المهل هي الاخرى لا تقل اهمية عن مضمون القانون. كي تستقيم العملية الانتخابية وتحظى بالشرعية الشعبية، يجب اعلان القانون قبل فترة من الزمن لا تقل عن ستة اشهر كحد ادنى لاعطاء الوقت الكافي للمرشح والناخب للتحضير العملي لخوض انتخابات تنافسية منظمة. وهنا ايضا كانت تجربة عام 1992 الاسوأ ويجب الا تتكرر ثانية. ان توقيت اعلان قانون الانتخاب هو جزء مكمل للعملية الانتخابية الديموقراطية وليس اداة ضغط لتفريغ الانتخابات من مضمونها التمثيلي الصحيح. 

يبقى ان مصدر الخلل الاكبر في لبنان، او اي بلد من العالم، ليس شكل النظام الانتخابي بل غياب الانتخاب الحر والنزيه. من هنا، فان اي نظام انتخابي، مهما كان متوازنا ومقبولا في بلد توجه السلطة انتخاباته يكون كصب المياه النظيفة في وعاء بلا قعر. وهذا ما لا يجب حصوله في لبنان، خصوصا ان لبنان ليس من البلدان التي لم تشهد انتخابات تنافسية، كما هي الحال في معظم بلدان العالم الثالث، ومنها الدول العربية، بل ان لبنان هو من الدول التي عرفت الممارسة الديموقراطية - التنافسية على نواقصها وشوائبها. ولقد شكّلت الانتخابات النيابية في لبنان ما قبل الحرب، مدخلا الى التغيير السياسي سواء على المستوى الوطني العام او على مستوى الطائفية. والعبرة في التنفيذ: في التجديد الديموقراطي للحياة السياسية، وليس في التمديد بهدف تطبيع حالة الغيبوبة (Coma) السياسية المستشرية على غير صعيد. 

نستعيد في نهار من الأرشيف مقالاً كتبه فريد الخازن في "النهار" بتاريخ 13 تشرين الاول 1995، حمل عنوان "النظام الانتخابي في وظائفه ومفاعيله السياسية".

استاذ في الجامعة الأميركية
المصدر: أرشيف "النهار" 20 أيار 2019